فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

“التيه” عنوان لنزوح آخر

بالقرب مني كان رجل كبير بالسن يتحدث عن بقاء زوجته في منزلهم، أخبرنا أنها أعطته هويته الشخصية وساعته القديمة وطلبت إليه الرحيل، هي ستبقى في منزلها ولن تخرج أبداً. سيدة أخرى كانت تقول إنها ستأخذ بعض الأشياء القليلة لرحلة قصيرة ستعود بعدها إلى منزلها، رجل يحاول أن يتحلى بالصبر وهو يقفل باب منزله ويمسح جدرانه بيديه، آخر يودع أطفاله وزوجته ويبكيهم بعد أن قرر البقاء للدفاع عن قريته، طلب منهم أن يسامحوه، بكى أطفاله وزوجته وبكينا جميعاً معهم، كنا نحتاج من يدفعنا للبكاء لوحنا له كأنه أحد أفراد أسرتنا، دعونا له ولمن معه بالحياة والصمود وخجلنا من أنفسنا ونزوحنا في وقت واحد

كفرنبل عين الثورة السورية

ليست كفرنبل في ذاكرتي وطناً واحداً وبيتاً وشارعاً قضيت فيه سنوات عمري، هي أوطان متداخلة وذكريات متشعبة. تهدي المدن لأصحابها استقرارهم في الوقت الذي أهدتني فيه كفرنبل رأساً شامخاً، أحاول جاهداً الخروج عن نمطية الأقوال الجاهزة، وأنتقي مفرداتي بعيداً عن الأيقونة وقبلة الأحرار.. كفرنبل كانت “بيت مونة الثورة” أضحك لما اقترفته بهذا التشبيه، أحاول مجدداً “كفرنبل..” لم أعد بحاجة لأكثر من ذلك، فتعريف المعرف إنكار، أرتاح لما وصلت إليه وأغلق عيني علهما ترقدان من لهيبهما

النزوح الثقيل على كبار السن في سوريا

أعداد كبيرة من كبار السن النازحين يتمنون في كل يوم لو أنهم ما خرجوا من قراهم، يعيدون تلك الكلمات مراراً في كل يوم، وهو ما يخالف النظرة السائدة السابقة بأن المتقدمين في السن يظهرون حرصاً أكبر على الحياة من الشبان

“ليث” الدفاع المدني في سراقب

شكل السادس عشر من تشرين الثاني ٢٠١١ يوماً مفصلياً في حياة ليث “الزوج والأب لخمسة أطفال”، يومها كانت المظلات تتساقط من السماء نحو المدينة، لم يكن السكان قد ألفوا ما يحدث قبل أن يدوي صوت انفجار هائل في سراقب، كانت المرة الأولى التي تستهدف فيها سراقب بالصواريخ المظلية، منازل كثيرة سويت بالأرض، أصوات هائلة وكميات من الردم والشظايا غطت الحي الذي تسكنه عائلته، عند وصوله إلى المكان كانت معالم المنزل المهدم قد تغيرت وتحول إلى حجارة متناثرة، والداه يمشيان فوق الأنقاض طمعاً في النجاة، قبل أن يصرخ قلب أمه باسم شقيقه الوحيد الصغير محمد، ساعات أمضاها ليث وهو ينقل الركام باحثاً عن أخيه يحفر بيديه العاريتين، وعند وصوله إليه وقبل وصوله إلى المشفى كان على ليث أن يشهد موت شقيقه الذي يحتضنه.

عيد حب السوريين في الشمال

الخوف من لفظ كلمة عيد الحب على وسائل التواصل الاجتماعي حرره سقوط طائرة مروحية لقوات النظام منذ ساعات في ريف حلب الغربي، كانت تلقي “براميل الموت” لا الحب على السكان الذين فقدوا كل شعور بالأمل خلال الأيام الماضية، غطى اللون الأحمر صفحات الفيس بوك، صممت صور لعيد حب على شكل قلب وسهم، كان السهم حرقة قلوب الأمهات والهدف مروحية اشتعلت بالنيران.

سلام الله على إدلب

في الحديث عن إدلب تتبدل المواقف في كل دقيقة، تارة أحب ترامب وأخرى أكرهه. للحظات أعشق أردوغان قبل أن أبدأ بشتمه وجيشه ونقاطه، تمر دقائق أكره فيها العالم بأكمله قبل أن أعيد ترتيب أفكاري، لا وقت للسياسة اليوم خلال امتحان الإنسانية، أطالب من أعرفهم بالنجاة من هذا السعار، أستعير لهم الآيات والأحاديث عن الهجرة، أتلو عليهم ما يعرفونه جيداً قبل أن يأتيني صوت أحدهم ليسألني إلى أين؟
أتوقف عن دور الداعية لأبحث عن حلول فردية، أرفع سماعة الهاتف لأتصل ببعض من أعرفهم من أصدقائي علنا نفعل شيئاً، أي شيء يوقف هذا الضجيج في عقولنا، ندخل في أحاديث جدلية وغالباً ما ننتهي بـ “بدها صبر”، أو “بيفرجا الله”.

“الزربة” عتبة حلب الأخيرة

ليست الطريق تلك هدفاً استراتيجياً سيمر من خلاله النهوض الاقتصادي كما يحلل الخبراء والكتاب، هي ليست أيضاً استعادة لطريق الحرير والتجارة، ذلك زمن مضى منذ قرون، بل هي إمعان في تحطيم ما تبقى من ذاكرتنا، لا مكان اليوم للطرق المستقيمة في الوصول إلى وجهتنا، علينا أن نلتف على الحياة نفسها كي ننزح من جديد، كذلك أن ننسى على أعتاب حلب ما حلمنا به يوماً، بعد أن باتت القرى التي لا يذكرها سوى أصحابها وبعض الحالمين ممن فرضت عليهم الحياة وجودهم فيها حديث الأخبار ووسائل الإعلام، لن يطول سوى أيام قبل أن تهمل من جديد.

“جسر الرئيس”..!

تلك ذاكرة مضت، تقول أمل، بعد أن سكنت الجسر وجوهاً جديدة للشبيحة وبعض عناصر النظام والمخبرين وبائعي المخدرات والحشيش، فوقوف أي فتاة على الجسر لتستعيد بعض ذاكرتها يجعل منها فريسة للمتحرشين وعديمي الأخلاق، هم لا يختبئون أو يخافون بل يمارسون أفعالهم “على عينك يا رئيس” أو “بعينك” يحملون زجاجات الكحول ويعترضون سبيل الجميع دون استثناء