فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الإدارة التركية في الشمال السوري

زيادة أجور الموظفين شمالي حلب لا تنتشلهم من الضائقة المعيشية

حسين الخطيب

تراجعت القوة الشرائية لدى موظفي المناطق الخاضعة للإدارة التركية في الشمال السوري، وتوسعت الهوة بعد الزيادة المرتقبة لإخراجهم من دائرة الفقر المدقع بنسبة تزيد عن ستين بالمائة عما كانت عليه قبل أشهر

حصل عاملو القطاعات الحكومية المختلفة، في المناطق التي تدار من قبل الولايات التركية في الشمال السوري، على زيادة أجور شهرية وصلت إلى 45% من أساس الرواتب التي يتقاضونها بالليرة التركية.

الزيادة التي طبّقت على قطاعي الشرطة والأمن العام والمنتظر تطبيقها الشهر القادم على باقي القطاعات التعليمية والصحية والخدمات والقضاء والعاملين في المجالس المحلية، صدرت وفق تعليمات إلى فريق العمل الخاص بسوريا والتابع لرئاسة الجمهورية للشؤون الإدارية والمديرية العامة للشؤون الأمنية التركية، والذي يهدف إلى تهدئة الوضع وتطبيع الحياة في سوريا، وشملت مناطق (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام).

وبلغت نسبة الزيادة نحو  45%، إذ ارتفع راتب الشرطي من 2015 ليرة إلى 2915 ليرة تركية. ونصت قائمة تعديل الأجور الشهرية على زيادة  للموظفين ابتداءً من صفة رئيس المجلس المحلي الذي يحصل على 6900 ليرة تركية، عضو المجلس المحلي 4600، موظفين مكتبيين ومدخلي بيانات 2100، الموظف الفني 2850، المهندس 3200، السائق 2100، الحارس 2850، الخادمة 1900 ليرة تركية.

 وفي قطاع الصحة عدّلت رواتب الأطباء الخبراء إلى 12000، الأطباء الممارسين 8600، أطباء الأسنان 8600، الصيدلاني 5900، المساعدين الصحيين 3200، مساعد الممرض 2750 ليرة تركية.

 أما في قطاع التعليم فقد ارتفع راتب مدير المدرسة إلى 3200 ليرة تركية ونائب مدير المدرسة إلى 3000، والمدرس 2800، مسؤول الرياضة والشباب 2100 ليرة تركية، كما شمل رواتب العاملين في دائرة الإفتاء والشؤون الدينية حيث يحصل المفتي على 3500، نائب المفتي 3000، مدراء دورات القرآن 3000، مساعد 2900، مدرس قرآن 2500، الإمام والخطيب 2500، المراقب والمفتش 3000، المؤذن 1850 ليرة تركية.

وشملت الزيادة قطاع القضاء إذ ارتفع راتب المدعي العام إلى 7000، كاتب العدل 3800،  كذلك شملت الموظفين الجمركيين 3200، وضابط التفتيش 3500، ومدير الجمارك 4200، نائب مدير الجمارك 3900، وموظف إنقاذ 2900، ورئيس وحدة المنطقة 3500، ونائب رئيس وحدة المنطقة 3000، ومدير الفرع 2850 ليرة تركية.

ترافقت الزيادة مع تراجع القيمة الشرائية وسعر التصريف لليرة التركية مقارنة ببداية العام 2023، إذ يشتكي الموظفون من انخفاض أجورهم الشهرية وعدم توافقها مع أسعار المواد الأساسية ما شكل عجزاً في تغطية المصاريف الحياتية.

يقدّر من تحدثنا معهم نسبة الزيادة على المنتجات الغذائية الاستهلاكية والأدوية منذ بداية العام بين 100 إلى 200%، كذلك الوقود بأنواعه والغاز بنحو الضعف، إيجار المنازل بين 50 إلى 100%. يصف المستفيدين الزيادة بأنها “حبر على ورق”، إذ تتقاضى النسبة الأكبر منهم (القطاع التعليمي والأمني) رواتب تقل عن 3  آلاف ليرة تركية، ما يصنفهم تحت خط الفقر المدقع الذي حدده منسقو استجابة سوريا في الشهر الماضي بـ 5981 ليرة تركية.

لفهم أوضح قارنّا أسعار بعض المواد الغذائية في مدينة صوران بين بداية العام واليوم، وفق الجدول التالي بواحدة الكيلوغرام:

المادة السعر بداية 2023السعر نهاية 2023
الفروج2550
الأرز1424
الشعيرية48
اللبن 1017
اللحم170250
السمن النباتي4080
جرزة البقدونس13
البندورة 1522
الخيار1525
الخس37

يقول عبد الرحيم نجار، شرطي في مدينة صوران، إن راتبه بداية العام كان يشتري، على سبيل المثال، نحو 80 كيلو من الفروج، أما اليوم ومع الزيادة فقد تناقصت الكمية إلى 58 كيلو، وقس على ذلك باقي المواد الغذائية. وتحتاج عائلة مكونة من خمسة أشخاص إلى 7314 ليرة تركية للنجاة من خط الفقر، وهو مبلغ يزيد بأكثر من الضعف عما يتقاضاه الموظفون بعد الزيادة، في الوقت الذي زادت فيه نسبة التضخم في العام الحالي عن 74%، بحسب منسقو الاستجابة.

اسطوانة الغاز مثال آخر، بعيداً عن المواد الغذائية، يقول صالح العلي، مدرس في مدينة مارع شمالي حلب، إن راتبه بداية العام الحالي كان يشتري ثمانية اسطوانات ونصف اسطوانة، أما اليوم فلا يكفي لشراء سبع اسطوانات. يتحدث العلي عن “خلل في الزيادة”، يقول “خسر الموظف قيمة أسطوانة ونصف اسطوانة من الغاز خلال فترة لم تتجاوز عاماً واحداً، إذ  كانت تباع بنحو 225 ليرة تركية، بينما يبلغ سعرها اليوم 406 ليرات تركية”، مشيراً إلى “أن هذا الفارق كبير مقارنة مع الأجور التي يحصلون عليها”.

لا تعتبر الزيادة التي أقرتها الحكومة التركية للمناطق التي تديرها شمالي سوريا منصفة مقارنةً مع الموظف الحكومي في الداخل التركي رغم تقارب الأسعار، إذ يبلغ الحد الأدنى للأجور في تركيا نحو 15000 ألف ليرة تركية. وتختلف رواتب الموظفين الأتراك المنتدبين إلى شمالي سوريا (المنسقين) في مختلف القطاعات الصحية والتعليمية والأمنية وغيرها عن رواتب أقرانهم من السوريين بفارق يصل إلى عشرة أضعاف، إذ يتقاضى الطبيب التركي الذي يعمل في مشافي تابعة لوزارة الصحة التركية شمالي سوريا 120 ألف ليرة تركية في المقابل لا يحصل الطبيب السوري بعد الزيادة سوى على 12 ألف ليرة تركية.

المطالبات بتحسين رواتب الموظفين لا تجد أذناً مصغية، إذ يغيب دور الوزارات التابعة للحكومة المؤقتة والمجالس المحلية لصالح المندوبين من الحكومة التركية والذين يفرضون رؤيتهم على كامل القطاعات. ففي القطاع التعليمي كانت نقابة المعلمين الأحرار شمالي حلب قد أصدرت في وقت سابق بياناً يتحدث عن الأجور التي يجب أن يحصل عليها المعلمون شمالي سوريا من الدول المانحة في إطار تطبيع الحياة ودعم الاستقرار، والمقدرة بنحو 300 يورو ( نحو 9 آلاف و 375 ليرة تركية)، بينما لا يحصل المدرس بعد الزيادة سوى على 2800 ليرة تركية، فأين تصرف المبالغ المتبقية!

تمنع الحكومة التركية دعم المنظمات الإنسانية وتقديم المساعدات للمدرسين والموظفين إلا من خلال منظمات تابعة لها مثل الآفاد، كما لا تعامل الموظفين السوريين شمالي البلاد مثلما يعامل الموظف في الداخل التركي، ولا تعطيه حقه الذي يجب أن يحصل عليه من الدول المانحة بالدولار الأمريكي وإنما بالليرة التركية التي تشهد انعدام استقرار منذ سنوات، لتبقى كل محاولاتها في تطبيع الحياة غير مكتملة بعد ارتفاع نسب الفقر والجوع والبطالة، ما يهدد العمل في القطاعات كافة.