فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

في مخابر تحليل زيت الزيتون.. أكثر من نصف العينات غير مطابقة

حسن كنهر الحسين

تظهر التحاليل وما يتداوله سكان في إدلب تنامي ظاهرة غش زيت الزيتون بأساليب مختلفة، يصعب كشف بعضها ويسهل في أخرى، ما يؤدي إلى مشكلات قضائية واجتماعية

تنامت في الآونة الأخيرة المشكلات بين تجار زيت الزيتون والأهالي، فمنها ما وصل إلى جلسات “التشارع” ومنها ما تطور إلى شكاوى وصلت إلى القضاء، طرفاها الزبائن وتجار الزيتون.

السبب وراء هذه الخلافات يعود إلى تفاوت جودة الزيت الذي يبيعه التجار على أنه مكفول 100%، ليتبين فيما بعد أنه نتاج خلط مجموعة من الزيوت النباتية مثل زيت القطن أو دوار الشمس وغيرها من الزيوت الأخرى، وفي حالات أخرى يكون الحال أسوأ حيث يتبين أن الزيت مصنّع من خليط مجموعة من المكونات مثل زيت السلق وبعض المنكهات الإضافية.

تطور الخلاف بين عمر الرضوان وأحد تجار زيت الزيتون إلى تقديم شكوى بحق التاجر للقضاء، إذ رفض التاجر إعادة الزيت ورد ثمنه للرضوان بعد أن تمّ إثبات أن الزيت الذي قام بشرائه خليط لعدد من الزيوت والمواد الاصطناعية.

يقول “الرضوان”: اشتريت الزيت من التاجر على شرط أنه مكفول 100%، وبعد اختباره عبر تجميده تبين أنه مخلوط بمكونات أخرى، حيث تجمد القليل من زيت الزيتون داخل الكوب وبقيت المواد الأخرى سائلة، كما أن الطعم بدا مختلفاً بشكل كلي عن ذلك الطعم وقت شرائه”، وهو ما دفعه لإرجاعه للتاجر الذي بدوره رفض إعادته، لأن ذلك سيفتح عليه الباب من قبل العديد من الزبائن لإرجاع زيوتهم التي اشتروها، حسب قوله.

يضيف الرضوان “اقترحت على التاجر أن نقوم بتحليل الزيت في أحد المخابر، فإن كان مطابقاً للمواصفات أحتفظ به وأدفع تكلفة التحليل التي تتراوح نحو ست دولارات، ما إن كان غير ذلك فعلى التاجر أن يدفع التكلفة ويأخذ زيته ويعيد ما دفع له، لكنه رفض وهو ما دفعني لتقديم شكوى ضده للقضاء”.

نتيجة إختبار لعينة زيت زيتون من مخبر الحمزة في قرية كورين بأريحا
نتيجة إختبار لعينة زيت زيتون من مخبر الحمزة في قرية كورين بأريحا
نتيجة إختبار لعينة زيت زيتون من مخبر الحمزة في قرية كورين بأريحا
نتيجة إختبار لعينة زيت زيتون من مخبر الحمزة في قرية كورين بأريحا

تلقّت “المديرية العامة للتجارة والتموين” 11 شكوى خطية وخمس شكاوى إلكترونية، في عموم الشعب والأفرع التابعة لها، وقد تمت متابعتها فور تلقيها ومعالجتها أصولاً، حسبما ذكرت. كما قالت إنها تتابع عمليات الرقابة، وعند تلقّي الشكوى أو تشكيك بالزيت تقوم فرق الرقابة التموينية بسحب عينات وإرسالها للمخابر، ويُجرى عليها أكثر من تحليل للتأكد منها، وقد سحبت الفرق التموينية 42 عينة وخلال التحليل تبين وجود 31 عينة مخالفة و11 مطابقة.

يقول الدكتور محمد السليمان المدير العام للتجارة والتموين: نظّمت الرقابة التموينية أربعة ضبوط عدلية بسبب غش مادة زيت الزيتون، وخلال جلسات اللجنة القضائية مع أصحاب الصلة، تبيّن أن عملية الغش تتم بشكل مباشر عن طريق استيراد الزيت المغشوش، حيث إن دخول الزيت من عفرين متاح وكثير من أهالي مناطق شمال إدلب يشترونه من منطقة عفرين”.

وبحسب “السليمان” فإن المديرية تجري جولات على محال بيع زيت الزيتون وتسحب عينات عند الشك أو تلقي شكوى حول الزيت، وتحجز المادة لحين صدور نتيجة التحليل، فإن كانت مطابقة يسمح لصاحبها بمتابعة عمله وإن كانت مخالفة يحال للجنة القضائية المختصة للبت بالقضية”. تتراوح أسعار الزيت بين 70 دولاراً و90، ويعود فارق السعر، بحسب بعض التجار، لأن البعض لا يرغبون بالربح ويعتبرون الأمر مساعدة للأهالي، أو بحجة أنه زيت زيتون قديم ليتبين بعد شرائه من قبل الأهالي أنه زيت مخلوط أو مغشوش بشكل كامل.

يُرجع “مركز كورين لتحليل زيت الزيتون” نشاط عملية تزوير الزيت إلى ارتفاع سعر زيت الزيتون خلال الأسابيع القليلة الماضية، يقول محمد حمزة زيبان أحد المختصين بتحليل زيت الزيتون في مركز كورين: إن المركز يحلّل بشكل يومي قرابة 50 عينة، وأكثر من 50 بالمئة من نتائج التحليل تصدر مخالفة، وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع الأعوام السابقة”.

وبحسب الزيبان، فإن معظم العينات المغشوشة التي تظهر من خلال التحليل تكون عبر خلط زيت الزيتون بالزيوت النباتية، لا سيما زيت القطن وبعض الزيوت النباتية الأخرى، التي تختلف سعرياً مع زيت الزيتون، حيث إن سعر تنكة الزيت النباتي تتراوح ما بين  18 و22 دولاراً، بينما سعر تنكة زيت الزيتون تجاوزت 90 دولاراً.

وفي الدرجة الثانية يأتي زيت البيرين المكرر، الذي كثر استخدامه أيضاً في عمليات التزوير خلال الفترة الأخيرة، نظراً لصعوبة تمييزه في المخابر، وذلك لانتمائه للمصدر ذاته الذي ينتج عنه زيت الزيتون. أما في الدرجة الثالثة فيتم خلط زيت الزيتون بزيت السلق بعد مزجه بمجموعة من الصبغات والمنكهات، إلا أن هذه الطريقة تراجعت خلال الأشهر القليلة الماضية نتيجة لسهولة كشفها.

نتيجة إختبار لعينة زيت زيتون من مخبر الحمزة في قرية كورين بأريحا
نتيجة إختبار لعينة زيت زيتون من مخبر الحمزة في قرية كورين بأريحا
نتيجة إختبار لعينة زيت زيتون من مخبر الحمزة في قرية كورين بأريحا
نتيجة إختبار لعينة زيت زيتون من مخبر الحمزة في قرية كورين بأريحا

يبلغ سعر تحليل العينة 150 ليرة تركية (نحو ست دولارات)، وتتم عملية التحليل عن طريق الماسح الضوئي الذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء، عبر أخذ ربع غرام من زيت الزيتون ووضعها على شريحة بعد إضافة مادة “سايكو هيكسان” ومن ثمّ توضع على صفيحة داخل جهاز التحليل، حيث تظهر جودة الزيت وفق نشرة مفصلة بناء على العناصر الموجودة ضمن العينة ومدى التزوير الذي طاله.

وقوع العديد من الأهالي ضحية لعمليات النصب بالزيت المغشوش دفع بالعديد منهم لتقديم شكاوى بحق بعض التجار لإرجاع ما اشتروه من زيت، لا سيما بعد اكتشاف تزويره أيضاً من قبل التموين ودوائر القضاء.

الحاج عبد الكريم الذي اشترى 10 تنكات بعد أن أخبره التاجر أنه زيت غير مغشوش، يقول “عبد الكريم” بعدما اشتريت الزيت أخذته للمخبر وبعد تحليله تبيّن أنه مغشوش، فحاولت إرجاعه للتاجر لكنّه رفض بالرغم من اطلاعه على نتيجة التحليل”. بعد أيام تمّ توقيف التاجر ذاته لدى القضاء نتيجة لعدد من الشكاوى التي قدّمت من قبل بعض الزبائن، وهو ما دفع الحاج عبد الكريم لتقديم شكوى مشابهة للتموين في محاولة منه لإرجاعه، حيث تحقق له ذلك وتمت إعادة المبلغ الذي دفعه بعد جملة من الإجراءات من قبل التموين.

بحسب مديرية التجارة والتموين فإنه في مثل هذه الحالات، يقوم الذين اشتروا الزيت بتقديم شكوى للرقابة التموينية وتعمل الأخيرة على سحب عينة من الزيت الموجود لديهم وعينة أخرى من زيت التاجر ومطابقة العينتين، وتحليلهما وعند وجود المخالفة يتم إرجاع الحق لصاحبة ومعاقبة التاجر الذي يمتهن غش الأهالي.

وتتراوح العقوبات بحسب اللجنة القضائية تبعاً لجسامة المخالفة حيث تبدأ من التنبيه إلى تنظيم ضبط، بحق التاجر ومن ثمّ حجز المادة بشكل كلي، وفرض غرامة مالية، وقد تصل العقوبة في أحيان كثيرة للسجن.