تزايدت أعداد معامل إنتاج حجر الأنترلوك (بلاط الأرصفة والشوارع) من معمل واحد إلى عشرة معامل في العام الحالي، بعد توجّه المنظمات والجمعيات والجهات المسؤولة عن القطاع الخدمي في الشمال السوري إلى هذا النوع من الحجارة لرصف أرضيات وطرق المخيمات.
وشكّل الأنترلوك خياراً وحيداً جاء بالتوازي مع ضرورة إيجاد حلّ لمشكلة الطرق في المخيمات وما تسببه من صعوبات على حياة سكانها من تحوّلها إلى طرق طينية أو بقع لتجمع مياه الأمطار في الشتاء، إضافة للغبار الذي تتركه في الصيف، خاصة في المخيمات المستأجرة لفترات محدودة والمقامة على أراض زراعية يشترط أصحابها عدم تعبيد طرقاتها تجنباً لخسارة أراضيهم و تربتها الزراعية.
مخيم المدينة المنورة في بلدة باريشا، إحدى هذه المخيمات التي رصفت بحجارة الانترلوك قبل أشهر تلبية لشكاوى سكانه في إيجاد حل لطرقات المخيم الترابية، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء. يقول سكان في المخيم إن الطرق الرئيسة تتحوّل إلى سبخات من المياه والطين في كل عام، ما يصعّب وصول السكان إلى أعمالهم والأطفال إلى مدارسهم.
قوبلت محاولات الاستجابة لسكان المخيم باعتراض مالك الأرض على تعبيد الطرقات داخل أرضه التي كانت مخصصة للزراعة قبل استئجارها و تحويلها إلى مخيم بعقد مع منظمة تكفلت بدفع بدل الإيجار وتقوم بتجديده سنوياً، بحسب أحمد الخضر، مدير المخيم.
ويضيف الخضر “خلصنا إلى اتفاق مع صاحب الأرض برصف طرق المخيم بالأنترلوك عوضاً عن تعبيدها بالإسفلت لسهولة نزع الحجارة فور انتهاء مشروع الإيجار أو نقل المخيم من مكانه دون إحداث أضرار في الأرض الزراعية، عكس ما يتسبب به الإسفلت واستحالة نزعه مستقبلاً”.
من أصل 1504 مخيمات يوجد 300 مخيم مقام على أراض خاصة مستأجرة ومنظمة بعقود في مديرية شؤون المخيمات و 56 مخيماً مقاماً على أراض خاصة مشتركة من قبل المنظمات والجمعيات و 30 مخيماً مقاماً على أراض خاصة مستأجرة وغير موثقة في المديرية، بينما بنيت باقي المخيمات على أراض مملوكة للدولة، بحسب محمد الأحمد، معاون مدير مديرية شؤون المخيمات في إدلب.
الأحمد قال إن عدد المخيمات المرصوفة بالأنترلوك حتى الآن بلغت عشر مخيمات، وهناك مخيمات ما يزال العمل فيها جارياً ولكنه لم ينته بعد. ويضيف الأحمد “تشارك المديرية الجهات الداعمة بالمعلومات المتعلقة بتطوير البنى التحتية وتطوير الواقع الخدمي في المخيمات، ومنها تعبيد الطرق أو رصفها بالأنترلوك، وتركز في الوقت الحالي على الطرق الرئيسة المؤدية لتلك المخيمات”.
توسّع استخدام الأنترلوك على حساب الإسفلت جاء لأسباب عديدة أهمها ضمان عدم تضرر الأرض مستقبلاً، سهولة فكّه وتركيبه في مختلف الظروف المناخية، هذه المرونة في الفك والتركيب تمكّن من تركيب شبكات الصرف وإصلاحها في تعرضها للأعطال، بعكس الإسفلت الذي يرصف في فترات محددة من السنة ويحتاج إصلاح شبكات الصرف تحته إلى تكسير وكشط الزفت وإعادة تعبيده من جديد.
ضيق الطرق الفرعية سبب آخر أضافه القائمون على الخدمات العامة في المخيمات، إذ يمكن استخدام الأنترلوك في أي مكان مهما كانت مساحته، وهي ميزة لا توفرها شوارع الإسفلت.
ضيق طرق مخيم الهدى في بلدة البردغلي بريف إدلب دفع المنظمة الداعمة له إلى الاعتماد على حجارة الأنترلوك لـ “وضع حد لسوء الطرقات وتجمع المياه”، بحسب أبو مروان، مدير المخيم.
يقول أبو مروان “ضيق شوارع المخيم الذي يحول دون إمكانية دخول الآليات لفرش الإسفلت ودحله، إضافة لعجز الأهالي عن ضبط أطفالهم لحين الانتهاء من العمل، دفع المنظمة إلى رصف الطرقات بحجارة الأنترلوك. هناك العديد من الورش ساهمت بإنهاء العمل على وجه السرعة دون الحاجة إلى تقييد حركة المخيم كما هو الحال بالنسبة للإسفلت”.
ويضيف أبو مروان أسباباً أخرى لاختيار الأنترلوك منها “الانسداد المتكرر لمجاري الصرف الصحي وأنابيب المياه، إذ أننا نستطيع في مثل تلك الحالات نزع الحجارة وإعادتها بعد إجراء عملية الإصلاح بخلاف الإسفلت”. كذلك ما تتمتع به حجارة الأنترلوك من “نفادية المياه إلى الطبقات السفلية بعكس الإسفلت الكتيم، خاصة عند عدم تنفيذ الميول بشكل دقيق ما يؤدي لشكل تجمعات مياه وتدفقها إلى داخل الخيام”.
تتفق مديرية شؤون المخيمات مع ما ذهب إليه أبو مروان، ويقول الأحمد إن توجهاً داخل المديرية يقضي باستخدام الأنترلوك في المشاريع الخدمية داخل المخيمات، لكنه يضيف أسباباً أخرى منها قلة التكلفة مقارنة بالإسفلت الذي يحتاج إلى صيانة شبكات الصرف والإنارة والهاتف قبل رصف الطرقات بالإسفلت والتي تحتاج قبل وضع الزفت إلى ثلاث طبقات من الرمل والبحص بآليات ومعدات كبيرة، إضافة للجمالية الهندسية التي يضفيها استخدام الأنترلوك على الأرضيات.
تتركز معظم معامل الأنترلوك في مدن الدانا وسرمدا وحزانو وسلقين وترمانين والتي تعتبر أكثر المناطق اكتظاظاً بمخيمات النازحين. و تعتمد في إنتاجها على “الرمل والبحص والاسمنت ومجموعة صبغات” معظم هذه المواد يحصل عليها من ريف حلب الشمالي، لا سيما مدينتي عفرين وجرابلس الغنيتان بالرمل والبحص النهري وغيرها من المواد الرئيسية الأخرى.
يقول أبو صبحي، مدير أحد معامل الأنترلوك في سلقين إن “سعر المتر المربع من الأنترلوك يتراوح بين 4 دولارات للمتر المربع الواحد بسماكة 6 سم، و4,25 دولار للمتر المربع الواحد بسماكة 8 سم”.
ويقدّر أبو صبحي “تكلفة شحنة الرمل 12 متراً من مدينة جرابلس لحين وصولها إلى معمله في سلقين 400 دولاراً، وسعر طن الرمل النهري الذي يستخدم في ملء الفراغات بين حجارة الأنترلوك بعد تركيبها يكلف نحو 25 دولاراً”.
ويرى من تحدثنا معهم من أصحاب معامل ومنفذي مشاريع أن أسعار الأنترلوك “مقبولة”، نظراً للضرائب المفروضة في المعابر الداخلية على المواد التي تدخل في صناعتها، إضافة لارتفاع أجور النقل واضطرار أصحاب الشاحنات لدفع الإتاوات للحواجز العسكرية المنتشرة على الطرقات.
إضافة لميزات استخدام حجارة الأنترلوك ودورها كحل لمشكلات رصف طرقات المخيم الضيقة أو في الأراضي الزراعية تقدّم هذه المعامل فرصة عمل للكثير من أبناء المنطقة، إذ يضم كل معمل بين 40 إلى 50 عاملاً، ضمن مهام مختلفة، ويتقاضى العامل بين 150 و 250 ليرة في اليوم الواحد، تبعاً لمهارته وطبيعة العمل الذي يقوم به.