فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الاتصالات في الشمال السوري.. خدمات منقوصة و محاولات إنعاش

سوسن الحسين

شركات مختلفة للاتصالات في شمال غربي سوريا، تتنوع خدماتها دون أن تكتمل، بين البحث عن التغطية والخوف من فقدان الرقم أو عدم القدرة على تفعيل التطبيقات الرئيسة.

يستبدل فراس عبد الجبار، موظف في واحدة من المنظمات، شريحة هاتفه خلال تنقله بين منطقة وأخرى في الشمال السوري، فطبيعة عمله القائمة على التنقل بين المدن والبلدات ألزمته بشراء أكثر من شريحة لتوفير خدمة الإنترنت والاتصالات التي يحتاجها.

في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي يستخدم فراس شريحة شبكة توركسل التركية، وفي مدينة إدلب يعتمد على شريحة سيريانا، أما في جسر الشغور فيلجأ إلى إحدى شرائح سيرياتيل أو MTN، ويترك شريحة إيلوكس ELUX إلى حين وصوله إلى ريف حلب الشمالي.

تتداخل شبكات الإنترنت المتوفرة في الشمال السوري فيما بينها أحياناً، لكن الوصول إلى شبكة جيدة يفرض عليك اعتماد الشريحة التي تتوافق مع الأبراج الموجودة فيها، خاصة وأن خدمة الإنترنت “ضعيفة” حتى مع استبدال الشرائح، إذ كثيراً ما ترى الباحثين عن الشبكة يحركون أيديهم يميناً أو شمالاً أو إلى الأعلى، يغيرون أماكنهم، يقتربون من الأبراج، لإرسال رسالة على واتس آب على سبيل المثال.

وتتوزع أبراج شبكة توركسل التركية في المناطق الحدودية من الشمال السوري وبالقرب من النقاط العسكرية التركية، ويحتاج الراغب بالحصول على خدماتها إلى بطاقة الحماية “الكيملك” التركية، أما شبكة إيلوكس فتغطي مساحة أوسع من المنطقة لكن عملاءها يشتكون من ارتفاع ثمن خطوطها وباقاتها.

وتوفر شبكة إيلوكس خدمة الإنترنت من الجيل الرابع 4G، عبر شريحة SIM تعمل على الأجهزة بدون جمركة، ويمكن تفعيل برامج التواصل عليها مثل واتس آب وتلغرام وغيرها من التطبيقات، كما توفر إمكاينة الاتصال عبر المكالمات الهاتفية، وتغطي مدينة إدلب إضافة إلى 75% من مناطق الشمال السوري حسب ما تعرف الشبكة عن نفسها، ويعمل الخط فيها عبر الشبكة التركية، ويفعل بالهوية الشخصية أو بجواز السفر.

شرائح اتصالات لبعض الشركات العاملة في الشمال السوري- تصوير: مصطفى الساروت
شرائح لبعض شركات الاتصالات العاملة في الشمال السوري- تصوير: مصطفى الساروت

لا تنحصر مشكلة شبكات الإنترنت بضعف التغطية، لكن ملكية الخط والقدرة على استرجاعه تمثل المشكلة الأكبر لعملاء هذه الشبكات، إذ يعتمد معظم سكان منطقة إدلب وما حولها على تفعيل أرقام (وهمية) لا تعمل على الشبكات إنما تعتمد على تنزيل تطبيقات افتراضية، من دون أي بيانات شخصية، كما أنها لتفعيل تطبيق واتس آب فقط.

تسمى هذه الأرقام بالسويدية أو الأمريكية أو البريطانية حسب البرنامج المثبت على الجهاز، وسرعان ما يتم فقدان تطبيق واتس آب المنصّب عليها نتيجة فقدان الرقم أو بيعه لمستفيد آخر. وعلى الرغم من توفير شبكة إيلوكس ميزة الكود لتفعيل التطبيقات، إلا أنها لم تضمن للعميل ملكية رقمه أو إنذاره قبل إيقاف خطه.

فقدت حنين السيد، ناشطة وصحفية سورية تقيم في عفرين بريف حلب الشمالي، رقمها الذي اشترته من شركة إيلوكس خلال زلزال السادس من شباط الماضي. تقول حنين العاملة في مجال الأمن والسلامة الرقمية إنها فقدت رقمها نهائياً بعد وصول إشعار لتنبيهها فيما إن كانت تحاول تغيير رمز التحقق السابق لحساباتها المؤمنة بإجراء التحقق بخطوتين.

تواصلت حنين مع مشتري رقمها الجديد و أبلغته أنها صاحبة الرقم وعرضت عليه تعويضه عن الثمن الذي دفعه مقابل إعادته لها، لكن العميل الجديد قال إنه سيبحث الأمر مع أخيه الذي اشترى الخط.

تضيف حنين أن أيقونة واتس آب على رقمها القديم كانت لصاحب محل الاتصالات نفسه وعلمت أنها ستكون عرضة للاستغلال، وهو ما حصل بعد تواصلها معه مرة أخرى وطلبه منها بطريقة “غير لبقة” على حد قولها، أن تكف عن التواصل مع صاحب الرقم، وأنه يطلب لإعادة خطها مبلغ 50 دولاراً علماً أن سعر الخط الجديد 18 دولاراً.

دون جدوى، كانت جميع المحاولات التي اتبعتها حنين للتواصل مع مراكز شركة إيلوكس الرئيسة في إدلب وسرمدا لحلّ المشكلة، ما دفعها لنشر ما حدث معها على صفحتها في فيسبوك لتؤكد التعليقات وجود حالات كثيرة مشابهة لعملاء آخرين.

من جهته قال محمود عليوي مندوب شركة إيلوكس في أطمه إن خسارة العملاء لأرقامهم ناتج عن الإهمال، وأكد أن خسارة الرقم لا تكون دون سبب، موضحاً أن لأرقام إيلوكس نوعين: خطوط 3G القديمة والتي يتسبب إهمال تعبئتها بالرصيد لأكثر من سنة بفقدانها، في حين لم تسجل أي خسارة لرقم في النوع الثاني 4G حتى الآن.

خدمة الزبائن في شركة إيلوكس أجابت عن أسئلتنا حول شكاوى العملاء من فقدان أرقامهم بأن “شركة إيلوكس تتبع نظام sestem يُتَّبَع في جميع شركات الاتصالات العالمية، ولا يتم إيقاف الخط إلا عند تجاوزه فترة سنة كاملة بدون إجراء أي عملية شحن رصيد

الصورة من مدينة إدلب- تصوير: مصطفى الساروت
الصورة من مدينة إدلب- تصوير: مصطفى الساروت

وتسبق عملية الإيقاف عملية إيقاف مؤقتة، تتيح للمستخدم إمكانية شحن الخط لتجديد فترة الصلاحية، وهذا الموضوع يقوم به سيرفر مخصص مبرمج دون التدخل من الموظفين، ولأن الخط يكون في حالة إيقاف مؤقت لا يمكن إنذار المستخدم عن طريق إشعار ولكن الشركة توضح بشكل دائم عبر معرفاتها التعليمات التي يجب أن تتبع للحفاظ على صلاحية الخط”.

تفنّد حنين رد الشركة، وتقول إن الشركة تستطيع إخطار العملاء في فترة الإيقاف المؤقت عبر خدمة واتس آب باعتباره ما يزال نشطاً، وتتساءل كيف كان بإمكان الشركة إرسال إشعارات بعدم الضغط على رابط تغيير رمز التحقق بخطوتين، في حالتها، ولم يكن بمقدورها إنذار العملاء بإيقاف خطهم.

وتضيف “إنها لا تعلم بوجود معرفات خاصة بشركة الاتصالات، علماً أنها تستخدم الحساب منذ أكثر من أربع سنوات، كما أنها من خلال مراجعة صفحة الشركة عبر فيسبوك لم تجد ما ينبه المستخدم إلى مراحل تعطيل الحساب إلا بعد شهر آذار، علماً أنّ حسابها تعطّل في التاسع عشر من شباط السابق”.

المشكلات والمخاوف التي يشكو منها عملاء شبكات الاتصال في الشمال السوري جعلت قسماً منهم يرحلون إلى المخدم الجديد سيريافون، الذي أعلن رسمياً عن عمله في منتصف شهر أيلول الجاري بعد انقضاء الفترة التجريبية، أملاً في تحسين خدماته مستقبلاً.

خلال أسبوعين من افتتاحها وصل عدد المشتركين في سيريا فون إلى ما نحو 12 ألف مشترك، إذ توفر الشبكة تغطية لـ 80% من مناطق إدلب وريفها وجزء من ريف حلب الغربي، ممتدةً من خربة الجوز غرباً مع تغطية كامل الطريق الدولي M4 وأجزاء من جبل الزاوية جنوبا وصولاً إلى أطمة وجنديرس شمالا، كما أنها أول شركة في المنطقة توفر سرعة إنترنت من الجيل الخامس 5G.

تقدم الشركة إضافة لخدمة الاتصالات والإنترنت حلولاً مالية رقمية من خلال خدمة المحفظة الإلكترونية، مثل تحويل رصيد من محفظة إلى أخرى، ودفع فاتورة الكهرباء، ويجري العمل على التشبيك مع جهات ومؤسسات خدمية مثل البنوك وشبكة الصرافين لجعل رصيد المحفظة مقبولاً لإجراء المعاملات المالية في المنطقة، بحسب المدير العام للشركة “سعيد قزة”.

يقول قزة ” إن سيريا فون ولدت في بيئة اتصالات سيئة وبحاجة لتحسين من حيث الخدمات والأسعار وجودة الاتصال، هذا الواقع كان نواة ولادة سيريا فون التي تطمح لتوفير خدمات ممتازة بأسعار مدروسة”.

“بتول الحسين” موظفة ميدانية في إحدى المنظمات الإنسانية، عبرت عن رضاها بمعظم خدمات الشبكة مثل سرعة الانترنت العالية وميزة volte التي توفر اتصالات عالية الجودة، إضافة لخدمة الزبائن التي وصفتها بـ “الجيدة” من خلال ما رصدته أثناء زيارتها لمركز الشركة واهتمامهم براحة الزبائن وسرعة الرد على الاستفسارات من المراجعين وتلبية طلباتهم.

خلال زيارتنا لمركز  شبكة سيريافون بالقرب من دوار السبع بحرات في مدينة إدلب رصدنا مظاهر من الدقة والتنظيم في العمل، إذ يستقبلك موظفون بلباس موحد كل منهم يحمل بطاقة تعريفية باسمه، ضمن صالات استقبال مكيفة مزودة بشاشات إلكترونية يعرض عليها رقم دورك تجنباً للازدحام والخلافات.

من داخل شركة سيريا فون للإتصالات في مدية إدلب- تصوير: مصطفى الساروت
من داخل شركة سيريا فون للإتصالات في مدينة إدلب- تصوير: مصطفى الساروت

تقدّم مراكز الشركة جميع الخدمات من تفعيل الخطوط والرد على الاستفسارات، وتضمن بحسب “قزة” خصوصية العميل بحماية بياناته بنظام تشفير عالي الأمان موجود في سيرفرات للشركة لا يسمح لأي جهة بالوصول إليها.

“الحلو ما بيكمل” يقول من تحدثنا معهم ومنهم بتول التي تمنّت على الشركة استكمال الخدمات بتفعيل الكود الذي يتيح للمشتركين تفعيل تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي على خط الشركة، باعتبار هذه التطبيقات الأكثر استخداماً في المنطقة وصلة الوصل مع العالم الخارجي، وهو ما تقول الشركة إنها ستسعى لتحقيقه في مراحل لاحقة.

عدم تطبيق خدمة الكود ليس المشكلة الوحيدة التي انتقدت بها شركة سيريافون، إذ تساءل ناشطون ومنصات إعلامية عن المشغل الصيني الذي استوردته الشركة، وفيما إن كان سيترتب عليه مخاوف من التجسس ونقل البيانات، كذلك اتهم أشخاص الشركة باحتكار قطاع الاتصالات على غرار سيرياتل و MTN في مناطق النظام.

الرد على هذه الاتهامات والمخاوف جاء على لسان قزة الذي نفى احتكار سيريافون لقطاع الاتصالات، يقول “سيريا فون واحدة من عدة شركات موجودة ضمن الشمال السوري قامت منذ البداية بتقديم التراخيص اللازمة مثل سائر الشركات العاملة في الشمال السوري”.

وعن المشغل الصيني قال قزّة إن “استيراد اللوجستيات والبرمجيات كان من عدة دول وليس من الصين وحدها، وإن ذلك لم يكن خياراً بل كان محكوماً بالغرض والأسعار والإمكانيات”، مؤكداً أن “جميع الأمور التقنية والبرمجية تتم بخبرات محلية على أيدي تقنيين ذوي كفاءة عالية في الشمال السوري”.

تضمن الشركة للعميل حقه من خلال عقود واضحة المضمون ينظمها موظفو خدمة العملاء لضبط العلاقة ما بين العميل والشركة، كما تستقبل الشركة شكاوى المشتركين بطرق عدة، منها الموقع الإلكتروني للشركة أو زيارة مركزها في مدينة إدلب.

وللسؤال عن دور المديرية العامة للاتصالات في إلزام الأطراف قانونياً بمضمون العقود كجهة حكومية في حال ورود شكاوى من قبل أحد الأطراف فيما يخص شركة سيريا فون كونها الجهة الوحيدة التي تنظم عقوداً بين الطرفين، وعن مساعي المديرية لضمان حق المشتركين بخدمات الشبكات التركية في حال وجود شكاوى، توجهنا للمديرية بعدة أسئلة وامتنعت المديرية عن الرد.

يفكر فراس بشراء خط سيريا فون آملا أن يستغني عن استعمال باقي الشرائح وأن يحصل على خدمات مطابقة لما تم التصريح عنه، ولا يعلم إن كانت الشركة ستستمر بتقديم الخدمة بهذه الجودة كونها مازالت حديثة الدخول إلى قطاع الاتصالات.