فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

تخفيض أسعار الكهرباء “من دهنو سقيلو”

ابراهيم ابو سيف

مع تخفيض سعر الكهرباء للمرة الثانية في مناطق الحكومة المؤقتة ما تزال الأسعار لا تتناسب مع دخل السكان في المنطقة، وتزيد عن مصدرها الأصلي في تركيا بنسبة كبيرة

خفّضت شركات الكهرباء في مناطق الحكومة المؤقتة، بريفي حلب الشمالي والشرقي، يوم أمس الاثنين 9 نيسان، أسعار الكهرباء للمرة الثانية في العام الحالي 2023.

وحُدّد سعر الكيلو واط المنزلي، بعد الانخفاض الأخير، بـ 3.2 ليرة تركية (17 سنت وفق سعر الصرف الحالي 19.29 لكل دولار)، عوضاً عن 3.45 (18 سنت)، والتجاري بـ 4 ليرات تركية (21سنت) عوضاً عن 4.45 (23 سنت). أما في مناطق حكومة الإنقاذ، فلم تخضع لأي تخفيض، إذ ما يزال سعر الكيلو الواط المنزلي محدداً بـ (20 سنت = 3.85 ليرة تركية)، والتجاري بـ (22  سنت=4.24 ليرة تركية).

ولا يتناسب السعر، حتى بعد تخفيضه، مع قدرة السكان في المنطقة على الاشتراك، في الوقت الذي يشهد قطاع الكهرباء ارتفاعاً كبيراً بالأسعار، يزيد عنه في تركيا، مصدر الكهرباء للشركات المزودة، بنسب كبيرة، إضافة لحرمان سكان المخيمات من الاشتراك بالكهرباء، وزيادة ساعات التقنين في مخالفات للعقود الموقعة، ودور المجالس المحلية، ما دفع سكان في أوقات متفرقة من العام الماضي والحالي للاحتجاج والتظاهر ضد واقع الكهرباء في المنطقة.

وكان المجلس المحلي في مدينة إعزاز وريفها قد أصدر بياناً طالب فيه شركة AK Energy بالالتزام بأسعار حددها، بناء على انخفاض سعر الكهرباء من المصادر والدعم المقدم، بـ 2.37 ليرة للكيلو واط المنزلي و 3.67 للتجاري، و 4 ليرات للصناعي، أو توحيد السعر لجميع الفئات بـ 2.63 ليرة تركية.

الشركات المخدمة 

يخدّم قطاع الكهرباء في مناطق الحكومة المؤقتة شركة AK Energy، والتي تأسست في ولاية كلس التركية في حزيران 2017، ووقعت أول عقودها في الشمال السوري مع المجلس المحلي بإعزاز في نيسان 2018، قبل أن تتطور خدماتها إلى مدن أخرى في آذار 2019 شملت الباب وبزاعة وقباسين، وتخدم اليوم إضافة لتلك المدن والبلدات كل من الراعي وجرابلس وتل أبيض ورأس العين.

والشركة السورية التركية للطاقة الكهربائية STE Energy التي كانت شركة تغذي المنطقة بالأمبيرات قبل أن تتحول لاحقاً في نيسان 2019 إلى استجرار الكهرباء من تركيا وتوزيعها على كل من مارع وأخترين في الشهر ذاته، وعفرين وجنديرس في كانون الثاني 2020. أما في مناطق حكومة الإنقاذ فتختص شركة Green Energy بتوزيع الكهرباء، وفق عقد مع الحكومة، منذ أيار 2021.

رحلة الارتفاع السعري للكهرباء

سبق القرار بالتخفيض الذي صدر يوم أمس، قراراً واحداً اتخذته الشركات في السادس من آذار الماضي بتعديل أسعار الكهرباء في مناطق الحكومة المؤقتة منذ تأسيسها في عام 2018. إذ حدد بموجبه سعر الكيلو الواط المنزلي بـ 3.45 ليرة تركية (18,25 سنت سعر الصرف في ذلك الوقت كان 18,9)، عوضاً عن 3.85 (20.3 سنت)، والتجاري بـ 4.45 ليرة (23.5 سنت)، عوضاً عن 5.25 ليرة  (27.7  سنت).

ما دون ذلك، رفعت شركات الكهرباء أسعار الكيلو واط المنزلي دورياً، من 85 قرشاً، إلى 1.15 ليرة، 2.20 ليرة، 2.45  ليرة، منذ تأسيسها وحتى حزيران 2022، ثم إلى 2.85 ليرة، وكان آخر ارتفاع في كانون الثاني 2023، إذ وصل سعر الكيلو واط المنزلي إلى 3.85 ليرة (20.5 سنت، سعر الصرف في ذلك الوقت 18.71).

تحدد دراسة أجراها مركز عمران “الزيادة السعرية على قطاع الكهرباء في مناطق الحكومة المؤقتة منذ وصولها وحتى حزيران 2022، بـ 188%، إذ ارتفع السعر من 85 قرشاً إلى 2.45 ليرة تركية”. ووصلت إلى 355% في بداية عام 2023 حين وصل سعر الكهرباء إلى 3.85 ليرة تركية، قبل أن تتراجع إلى نحو 280%وفق السعر الحالي.

يرجع محمد عيد المدني، مدير العلاقات العامة في شركة  AK Energy تلك الزيادات بارتفاع الأسعار من وزارة الطاقة التركية، باعتبارهم شركات خاصة غير مدعومة، إضافة للنسبة التي تتقاضاها المجالس المحلية والتي حددها بـ 4.5% من أرباح الشركة، كذلك ما يتم تقديمه من كهرباء للمساجد والمدارس والمرافق العامة.

دراسة مركز عمران أوضحت أن الفارق بين أسعار الكهرباء في إعزاز وتركيا، في حزيران 2022، كان 78٪، ففي الوقت الذي كان فيه سعر الكيلو واط المنزلي في إعزاز بـ 2.45 (14.8 سنت) ليرة، كان مثيله في تركيا يباع بـ 1.37 ليرة تركية (8 سنت)، أما في إدلب فوصل إلى 3 ليرات تركية ( 18 سنت).

أما اليوم، فتوضح تقارير منشورة أن سعر الكيلو واط المنزلي في تركيا نحو 1.74 ليرة تركية، بفارق 1.46 ليرة عنه في مناطق الحكومة المؤقتة بعد التخفيض الأخير، أي بنحو 84%.

يتساءل من تحدثنا معهم عن السبب في هذه الزيادة السعرية مقارنة بمصدرها الرئيس، علماً أنه وبحسب العقود الموقعة مع الشركتين المزودتين للكهرباء، يتم استخدام شبكات الكهرباء المحلية للتزويد بالكهرباء، وتتكفل المجالس المحلية ومديرية الأمن بتحمل مسؤولية حماية الشبكات الكهربائية. يزيد على ذلك ساعات التقنين التي تعتمدها الشركتان والمخالفة للعقد الموقع مع الأهالي بضمان وصول الكهرباء على مدار الساعة.

جميع هذه المخالفات، إضافة للزيادات السعرية دفعت سكان في المنطقة للتظاهر والاحتجاج في فترات مختلفة ضد شركات الكهرباء والمجالس المحلية لتحسين واقعها وأسعارها، علماً أن العقود الموقعة، بحسب دراسة مركز عمران، تمنح الشركات الحق في رفع الأسعار دون قدرة المجالس على الرد والنقض وتخفيضها لتتناسب مع قدرة المواطن.

بحساب بسيط، وفي معظم دول العالم، في تركيا على وجه الخصوص يدفع المواطن بشكل متوسط نحو 7.5% من دخله للحصول على خدمات الكهرباء بشكل كامل، إذ يبلغ متوسط الدخل للعامل التركي نحو 8 آلاف ليرة تركية، ومتوسط الفاتورة نحو 450 ليرة تركية.

أما في الشمال السوري، فيدفع المواطن مثل هذا المبلغ لاستهلاك يترواح بين 125 إلى 150 كيلو واط، وهو ما يعادل نحو ربع راتب موظف في هذه المناطق، والذي حدّد على سبيل المثال للمعلمين بـ 2100 ليرة تركية، فيما تقضم فاتورة الكهرباء ثلث راتب عامل مياومة.

كهرباء مدعومة 

لم يكن التخفيض الأخير حصيلة دراسة سعرية تناسب دخل المواطن في الشمال السوري، ولكنها أتت بعد دعم مقدّم للشركتين، بحسب محمد عيد المدني الذي قال إن الشركة لم تكن سابقاً تحصل على أي دعم خارجي، ومع توفر “شوية دعم” على حدّ قوله، عمدت الشركة إلى تخفيض الأسعار، دون أن يذكر لنا طبيعة وقيمة الدعم المقدم والجهة المانحة.

لا يشمل الدعم هذا، ولا وصول الكهرباء، المخيمات في المنطقة والتي يسكنها نحو 1.7 مليون شخص يتوزعون على 1293 مخيماً، يقول من تحثنا معهم إنه وبعد توقف الأمبيرات ودخول الشركات المزودة للكهرباء إلى المنطقة حرمنا من الكهرباء من جهتين، خاصة أن الأخيرة تمنع تركيب عدادات الكهرباء في المخيمات.

ويعتمد سكان هذه المخيمات على الطاقة الشمسية أو يشتركون فيما بينهم للحصول على الكهرباء عبر مولدات منزلية ما يزيد التكلفة ويرهق السكان.

يقدّر المتوسط الشهري لاستهلاك عائلة من الكهرباء في الشمال السوري نحو 150 كيلو واط منزلي، للخدمات الأساسية من الضوء والتبريد والغسيل فقط، ما يفرض عليهم دفع نحو 500 ليرة تركية في منطقة يعيش نحو 89% من سكانها تحت خط الفقر، و أكثر من 39% تحت خط الجوع، دون مراعاة لحاجتهم للخدمات الأساسية، ومنها الكهرباء التي يتحايل السكان منذ اثنتي عشرة سنة للحصول عليها.