ينتظر مستثمرون في حقل الطاقة الشمسية دورهم في تركيب العدادات من قبل شركة الكهرباء المشغلة في إدلب، ليدخلوا مجال الاستثمار معها مثل غيرهم من أصحاب مشاريع الطاقة الصغيرة الذين سبقوهم، في خطوة تعود بالفائدة على أصحاب هذه المشاريع والشركة دون أن تترك أثراً إيجابياً لتخفيض أسعار الكهرباء على المستفيدين في المنطقة.
وتعتمد الشركة المشغلّة للكهرباء green energy منذ دخولها إلى شمال غربي سوريا في عام 2021، على استجرار الطاقة الكهربائية من تركيا وبيعها للمشتركين، إضافة للاستفادة من الطاقة الشمسية بتغذية الشبكة عبر مشاريع استثمارية صغيرة، تسهم في تخفيف استيراد الطاقة من تركيا.
ناصر دياب، شاب عشريني من قرية كفر يحمول شمالي إدلب، كان أحد المستثمرين في مجال الطاقة الشمسية، وحظي بتوقيع عقد مع الشركة المشغلة لتزويدها بالكهرباء عبر مشروعه.
يقول ناصر إن مشروعه يتكون من 230 لوح طاقة شمسية قياس 230 واط، تنتج كميات مختلفة من الكهرباء، بحسب ساعات النهار وأحوال الطقس وفصول السنة، وتصل في وقت الذروة (الوقت الأمثل لإنتاج الكهرباء بين الساعة 11 صباحاً والساعة 2 بعد الظهر) إلى نحو 50 كيلو واط ساعي، وتقل في ساعات الصباح والمساء إلى نحو 15 كيلو واط ساعي.
ويضيف ناصر أن أفضل الأوقات إنتاجاً للطاقة الكهربائية، عند تعامد أشعة الشمس مع سطح ألواح الطاقة، حين تكون درجة الحرارة معتدلة.
يقدّر ناصر أرباحه بنحو 700 دولار شهرياً، بعد تغطية النفقات، وهو ما يفتح المجال أمام راغبين كثر بالاستثمار في مجال الطاقة الشمسية والذين زاد عددهم خلال الأشهر الأخيرة، يظهر ذلك تأخر الشركات بتركيب العدادات أو الاتفاق مع المستثمرين الجدد.
وتختلف تكاليف مشاريع الطاقة الشمسية تبعاً لحجمها وأنواع ألواح الطاقة الشمسية المستخدمة، يقول ناصر إن سعر لوح الطاقة الشمسية قياس 230 نحو 67 دولار (يباع كل واط بـ 29 سنت)، بينما تباع ألواح الطاقة المستعملة (وتسمى أوروبية) بنصف الثمن، وهي ما اعتمد عليه ناصر في مشروعه إذ بلغت تكلفة الألواح التي استخدمها نحو 8 آلاف دولار عوضاً عن أكثر من 15 ألف دولار كان عليه دفعها لشراء الألواح الجديدة.
يطلب من المستثمر للتعاقد مع الشركة تجهيز عوامل الحماية مثل مانع الصواعق وقواطع الحماية، إضافة لشراء “كابل” يوصل إلى المحول الرئيسي التابع للشركة التي تتكفل فقط بتركيب عداد ثنائي يوضع إلى جانب المحول، بحيث يستطيع صاحب المشروع استجرار الكهرباء في الاتجاهين عند الحاجة أو غياب الشمس ليلاً أو في الشتاء، كما يحسب العداد “الكيلو واط” التي يبيعها صاحب المشروع للشركة.
ويضيف ناصر أن الشركة المشغلة قدمت تسهيلات للمستثمرين بتزويدهم بالعدادات وعمليات الإرسال إلى المحولات التابعة للشركة إن كانت تبعد مسافة لا تزيد عن 300 متر، أما إن زادت المسافة عن ذلك فتفرض الشركة على المستثمر شراء محول خاص يصل سعره في مثل مشروع ناصر لنحو 4 آلاف دولار.
تشتري الشركة المشغلة إنتاج المشاريع الاستثمارية المخصصة لبيع الكهرباء، وتدفع لقاء ذلك 55% من قيمة البيع للمستفيد، يشرح ناصر أن “الشركة تبيع كل كيلو واط ساعي للمشترك المنزلي بـ 20 سنت، تكون حصته منها 11 سنت”، بينما تدفع نسبة 40% فقط للمستثمرين الذين يبيعون فائض الكهرباء من مشاريعهم المخصصة لعملهم، مثل أصحاب المعامل والآبار وغيرها من المشاريع، ويتقاضون بحسب النسبة 8 سنت عن كل كيلو واط.
ورفضت شركة green energy المشغلة للكهرباء في شمال غربي سوريا الرد على أسئلتنا بخصوص الآلية المعتمدة في البيع والشراء وتحديد النسب، بعد أسبوع من إرسال الأسئلة لها، بحجة “عدم توفر إمكانية للإدلاء بتصريح حول مشاريع الطاقة الشمسية في المنطقة”.
عدم وضوح آليات دفع النسب المئوية والتأخر بإبرام العقود وتركيب العدادات لم يمنع أشخاص جدد من الدخول في حقل استثمار الطاقة الشمسية، يقول ناصر إن عدداً من الأهالي عرضوا عليه مشاركتهم بمشروع جديد لكنه واجه مصاعب بإكماله بعد توقف شركة الكهرباء عن استقبال تراخيص جديدة لفترة زمنية بسبب تراكم الطلبات لديها على حد قوله.
مستثمرون آخرون حصلوا على التراخيص لكنهم ينتظرون دورهم بتركيب العدادات، يقول عبد الله درويش، صاحب مشروع للطاقة الشمسية في كفر نوران غربي حلب رفقة شريك آخر، إنه ما يزال، رغم تجهيز مشروعه، ينتظر أن تركب الشركة العداد اللازم لتوصيل الطاقة الكهربائية من مشروعه إلى شبكة الكهرباء الخاصة بالشركة، دون وجود وقت محدد، إذ انتظر عبد الرحمن من قرية كفر ناصح، بريف إدلب، أكثر من شهر ونصف الشهر لتركيب عداد خاص بمشروعه الذي ينتج نحو 110 كيلو واط ساعي في أوقات الذروة.
وتعدّ شركات الطاقة الشمسية من المشاريع الناجحة في شمالي غرب سوريا، إذ أفادت دراسة جدوى أعدها مختصون لمشروع ناصر وبناء على طلبه، أن المشروع سيغطي كامل تكلفته بعد عامين على أبعد تقدير، وأن المعدل الوسطي لأرباح مشروع بحجمه تتراوح بين 600 إلى 700 دولار شهرياً.
ولا يقتصر نجاح هذه المشاريع على الفائدة المادية للمستثمرين، لكنها تؤمن فرص عمل لأشخاص في المنطقة، سواء العاملين في الحراسة أو تنظيف ألواح الطاقة الشمسية، كذلك موردي التجهيزات والمعدات الكهربائية وبائعيها، وعمال الصيانة.
ويأمل المشتركون في شمال غربي سوريا أن تسهم هذه المشاريع واستجرار الكهرباء محلياً بتخفيض أسعار الكهرباء التي “لا تتناسبمع قدرتهم الشرائية”، بحسب أبو محمد أحد سكان مدينة إدلب، والتي تزيد أسعارها عن تركيا (البلد المزود للكهرباء) بنحو 84%، يدفع المواطن للحصول عليها أكثر من ربع راتبه، بحسب تقرير سابق لفوكس حلب.
آمال المواطنين تصطدم بأمنيات مستثمري الطاقة الشمسية، لما ستعكسه من انخفاض في أرباحهم وزيادة المدة اللازمة لتغطية نفقاتهم من جهة، وما يترتب عليهم من تكاليف أخرى لاحقة، مثل انتهاء العمر الافتراضي لألواح الطاقة الشمسية والحاجة لاستبدالها، خاصة وأن متوسط العمر الافتراضي للألواح بحسب من تحدثنا معهم من مستثمرين يبلغ نحو أربع سنوات، إضافة لصعوبة الاتفاق مع الشركة أو تخفيض النسب، بسبب زيادة عدد المشاريع وتوجه أشخاص جدد للاستثمار بها، كذلك طول مدة الموافقة، وغياب عقود الفروق السعرية مع الشركة، والتي تضمن، لتشجيع أصحاب الاستثمار والشركات على القيام بمشاريع الطاقة الشمسية، حصولهم على الأسعار المتفق عليها طوال مدة التعاقد بغض النظر عن سعر الكهرباء في السوق.
تحقق مشاريع الطاقة الشمسية، إن استثمرت بالشكل الصحيح، اكتفاء ذاتياً من الكهرباء وبأسعار تتناسب إلى حد أكبر مع المشتركين، إضافة لفرص عمل لمئات الأشخاص في عمليات التجهيز والتركيب والحماية والمراقبة والإشراف