فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

من مناقشة رسالة لأحد طلاب الدراسات العليا -موقع جامعة حلب الحرة

الدراسات العليا في الشمال السوري اختصاصات محددة وتكلفة مرتفعة

هاني العبدالله

في مسعى لتطوير التعليم العالي، افتتحت جامعات في الشمال السوري كلياتٍ وأقساماً للدراسات العليا وفق اختصاصاتٍ مختلفة، وسط تحدياتٍ كثيرة تواجه طلبة الدراسات العليا في تلك الجامعات، بينما ما تزال […]

في مسعى لتطوير التعليم العالي، افتتحت جامعات في الشمال السوري كلياتٍ وأقساماً للدراسات العليا وفق اختصاصاتٍ مختلفة، وسط تحدياتٍ كثيرة تواجه طلبة الدراسات العليا في تلك الجامعات، بينما ما تزال جامعات أخرى بريف حلب تفتقر إلى أقسام الماجستير والدكتوراه.

يوجد في ريف حلب نحو عشر جامعات، خمس منها فقط افتتحت كليات وأقساماً لطلاب الدراسات العليا وهي: جامعة حلب الحرة، الشام العالمية، الجامعة الدولية للعلوم والنهضة، أكاديمية باشاك شھیر للعلوم العربية والإسلامية، والزهراء.

تضييق على الطلبة

واجه طلاب الدراسات العليا في جامعات الشمال السوري صعوبات أثرت على تحصيلهم العلمي وحياتهم العملية، ما دفعت بعضهم للتفكير في التوقف عن الدراسة.

غياث دك، طالب دراسات عليا في قسم العلوم السياسية بجامعة الشام في مدينة اعزاز، عبّر عن استيائه من واقع طلبة الماجستير في الجامعة، في ظل الصعوبات الكثيرة التي تواجه الطلاب.

يقول غياث دك لفوكس حلب: “مضى على افتتاح نظام الدراسات العليا في جامعة الشام ثلاث سنوات ودخلنا في السنة الرابعة، وحتى الآن لم تتم مناقشة أي أطروحة ماجستير في الجامعة، وهذا يُفقد الجامعة قيمتها العلمية، والتي تقاس بعدد الأطروحات والأبحاث العلمية المسجلة لديها”.

وأضاف دك أن “الطلاب وصلوا لمرحلة من اليأس، وشعروا كأنهم ينحتون في الصخر بحثاً عن شهادة التخرج، وأصبحوا يظنون أن المدرسين في الجامعة لا يريدون تخريج أي طالب، كي لا يزاحموهم بعد التخرج على ساعات التدريس، وكأن طالب الدراسات العليا سينقص من راتب الدكتور، في حال تم تعيينه لاحقاً كمدرس بعد التخرج من الجامعة”، مشيراً الى أن “هناك عدم نزاهة في تقييم مواد العملي، وبعض الطلاب لا يحصلون على ما يستحقون”.

من جهته يقول مدير العلاقات العامة والإعلام في جامعة الشام، جاسم السيد، إن ” هناك نحو 250 طالباً في الدراسات العليا ضمن الجامعة، بينهم 50 طالباً يُحضّرون لمناقشة رسالة الماجستير، وخلال الأشهر الثلاثة القادمة ستتم مناقشة بعض الأطروحات في الجامعة”، لافتاً الى أنه “ليس هناك أقسام دكتوراه في جامعة الشام، بسبب عدم تخريج أي طالب ماجستير، لكن من الممكن أن يتم افتتاح أقسام الدكتوراه في العام القادم، عقب تخريج بعض طلبة الماجستير”.

في المقابل حصل ١٢٤ طالباً على شهادة الماجستير والدكتوراه في “جامعة حلب الحرة”، من أصل 43٧ طالب دراسات عليا يدرسون في الجامعة بمختلف التخصصات العلمية، كما تمت مناقشة أربع رسائل دكتوراه، وهناك أزيد من 32 طالباً من المسجلين على أطروحة الدكتوراه.

ضغط المواد مشكلة أخرى يعاني منها أغلب طلبة الماجستير، يقول غياث دك: “نعاني في كلية العلوم السياسية من إرهاق كبير بسبب كثافة المقررات في السنة التمهيدية، حيث تم تكليف الطالب المختص بعشر مواد، أما غير المختص، مثل خريجي الحقوق وعلم الاجتماع، تم تكليفهم أيضاً بخمس مواد في مبادئ علم السياسة، إلى جانب مادة لغة (تركية أو انكليزية)، وبالتالي أصبح لديهم 16 مادة في السنة الواحدة، إضافةً إلى سنة أخرى لإنجاز الأطروحة، علماً أن نظام الماجستير في معظم جامعات العالم، يتضمن خمس أو ست مواد في السنة التمهيدية، إلى جانب الرسالة البحثية”.

كثافة المواد وغلاء الرسوم كان لها تبعاتٍ سلبية على كثيرٍ من الطلاب، ومنهم محمد المختار طالب في جامعة الزهراء، والذي بدأ بالتفكير في التوقف عن الدراسة، خاصةً أنه متزوج ولديه ثلاثة أطفال، لذا لم يعد قادراً على التوفيق بين الجامعة والعمل، لاسيما أن كثرة المقررات تضطره لتخصيص وقت طويل للدراسة، ما يؤثر على عمله ودخله”.

رسوم باهظة

اشتكى طلبة الدراسات العليا من غلاء الرسوم، والتي تصل إلى مبالغ وصفوها بـ “الكبيرة” لا يقدر الطالب في الشمال السوري على تحملها في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها المنطقة وندرة فرص العمل.

يقول محمد المختار: “أقساط دراسة الماجستير في جامعة الزهراء باهظة جداً، حيث أن القسط السنوي في الكليات النظرية كالتربية والاقتصاد والشريعة يبلغ 1800 دولاراً، بينما يبلغ 1900 دولاراً في كليات الهندسة، إضافةً إلى رسم حجز المقعد بـ 150 دولار، علماً أن أغلب دخل العمال والموظفين في الداخل السوري لا يتجاوز 800 ليرة تركية (أقل من ١٠٠ دولار)، أي أن تأمين القسط السنوي يتطلب راتب عمل لسنتين”.

وأضاف المختار لفوكس حلب أن “الأمر لا يتوقف عند القسط السنوي فقط، بل هناك تكاليف أخرى عند تحضير رسالة الماجستير، حيث نضطر لدفع مبالغ كبيرة لطباعة الأبحاث والتنقل من مكانٍ لآخر بحثاً عن المراجع اللازمة لإعداد الأطروحة، فضلاً عن التكاليف التي ندفعها للكتب والقرطاسية والسكن”.

بدوره عبّر وليد وهو طالب ماجستير في قسم الإرشاد الاجتماعي بجامعة النهضة، عن استيائه من ارتفاع تكلفة التسجيل على الدراسات العليا، حيث أن الرسم السنوي يبلغ ألف دولار أمريكي، إلى جانب 50 دولاراً رسوم تسجيل.

يضيف وليد: “نتعامل في الشمال السوري بالليرة التركية، فلماذا يطلبون منا دفع أقساط الجامعة بالدولار، وما يزيد المشكلة تعقيداً أن الليرة التركية تتراجع قيمتها بشكلٍ مستمر، وبالتالي التحويل إلى الدولار سيُكبدنا خسائر كبيرة”.

وتعد رسوم التسجيل على الماجستير في “جامعة حلب الحرة” أقل تكلفة مقارنةً بالجامعات السابقة، حيث يبلغ القسط السنوي للتسجيل 350 دولاراً أميركياً، إضافةً إلى 20 دولار رسوم التقدم للمفاضلة.

أما “جامعة الشام العالمية”، فتبلغ تكاليف التسجيل في الماجستير ضمن الأقسام النظرية 500 دولاراً، و700 دولاراً في الهندسات.

كذلك يعاني طلاب الماجستير في الشمال السوري، من ندرة المكتبات للحصول على مراجع تفيدهم في الأبحاث العلمية والأطروحات التي يقومون بإعدادها، ما يضطرهم للاعتماد على المراجع من الانترنت، والتي قد لا تكون دقيقة.

غياب الاعتراف المشكلة الأكبر

الاعتراف بالشهادات من أبرز هواجس طلاب الجامعات في المناطق المُحررة، على اعتبار أن الدول لا تعترف بالشهادات التي تصادق عليها “الحكومة السورية المؤقتة”، لتبقى اتفاقيات التعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية التركية بصيص أمل للطلاب.

ووقّعت وزارة التربية والتعليم في “الحكومة السورية المؤقتة”، اتفاقيات تعاون مع عدة جامعات تركية، أبرزها جامعتيّ كوتاهيا وماردين، تسمح بموجبها تلك الجامعات لطلاب “جامعة حلب الحرة” المتفوقين بمتابعة الدراسات العليا فيها.

يقول محمود المصطفى طالب ماجستير في كلية التربية بجامعة حلب الحرة: “غياب الاعتراف مشكلة كبيرة تؤرق الطلاب، لكن ليس لدينا بديل سوى إكمال الدراسة، على أمل الحصول على فرصة عمل في جامعات الداخل السوري”.

وأوضح المصطفى أن “اتفاقيات التعاون التي وقعتها جامعتنا مع بعض الجامعات التركية، ليس ذات أهمية كبيرة، لأنها تتيح لحملة الإجازات متابعة الدراسات العليا في جامعة ماردين على سبيل المثال، لكن إن حصل الخريج على ماجستير من تلك الجامعة وأراد إتمام الدكتوراه في جامعة أخرى، فلن يستطيع بسبب عدم الاعتراف بإجازته الجامعية الصادرة أصلاً عن جامعة حلب الحرة”، مضيفاً: “غياب الاعتراف المشكلة الأكبر للطلاب، فهم يعتقدون أن كل المبالغ التي دفعوها قد تذهب هباءً”.

بدوره أوضح مدير العلاقات العامة والإعلام في جامعة الشام، جاسم السيد، أن ” الاعتراف بشهادات الجامعة مقتصر فقط على الداخل السوري، فالجامعة مرخصة من الحكومة المؤقتة ومجلس التعليم العالي، لكن لا يوجد أحد من طلبة الدراسات العليا أكمل دراسة الدكتوراه في الخارج، بسبب عدم تخريج أي طالب ماجستير من الجامعة حتى الآن، أما حملة الإجازات من جامعة الشام، فقد أكمل الكثير منهم الدراسات العليا في الجامعات التركية، البعض تم قبوله، والبعض الأخرى رُفض بسبب عدم الاعتراف بشهادته”.

نقص في الكوادر

يشتكي طلاب الدراسات العليا، من نقص الكوادر التدريسية، ما تسبّب بغياب بعض التخصصات، يقول غياث دك طالب في جامعة الشام: “هناك طلاب أرادوا دخول تخصصات معينة، كتاريخ الفكر السياسي أو تاريخ سوريا المعاصر، وأنهوا السنة التمهيدية، لكن اضطروا عند تحضير الرسالة إلى التقيّد بتخصصاتٍ معينة، لعدم وجود مدرسين متخصصين للإشراف على رسالتهم”.

وتعتمد الجامعات في الشمال المحرر في تعيين الكوادر التدريسية، على مدرسين حاصلين مسبقاً على شهادات ماجستير أو دكتوراه من جامعات النظام أو جامعات خارج سوريا، إلا أن النقص الحاصل في الكوادر التدريسية دفع تلك الجامعات مؤخراً، الى الاتجاه لتعيين مدرسين من خريجي الدراسات العليا لديها.

وأصدرت “جامعة حلب الحرة” قراراً بتعيين الدكتور عبد السلام زكريا لينضم إلى هيئتها التدريسية في العام الحالي، بعد حصوله على درجة الدكتوراه في الاقتصاد (قسم الإدارة) من الجامعة ذاتها، ليكون أول دكتور معيّن في قسم الإدارة يحصل على شهادته من “جامعة حلب الحرة”.

وعبّر الطالب غياث دك عن استيائه من عدم تشجيع الجامعات في المناطق المحررة، على نشر الأبحاث وحضور المؤتمرات، مشيراً الى أن طالب الماجستير يسمى باحث، وهو مطالب بالتمكن من مواد البحث العلمي، لكن للأسف ليس هناك تشجيع للبحث العلمي، والكادر التدريسي غبر متمكن في هذا المجال”.

خمس جامعات تستقبل طلبة الدراسات العليا

تضم “جامعة حلب الحرة” عدة كليات للدراسات العليا: كلية الآداب والعلوم الإنسانية (اختصاص العلوم السامية)، كلية الهندسة الزراعية (اختصاص الاقتصاد الزراعي)، كلية العلوم (اختصاص الكيمياء التحليلية)، كلية الاقتصاد (اختصاص المحاسبة)، كلية الهندسة الميكانيكية (اختصاص هندسة الطاقة).

كما افتتحت “جامعة حلب الحرة” كلية الهندسة التقنية (اختصاص الهندسة البيئية)، كلية الهندسة الكهربائية والالكترونية (اختصاص الهندسة الالكترونية)، كلية الشريعة (اختصاص الفقه الإسلامي وأصوله)، كلية التربية (اختصاص المناهج وطرائق التدريس)، كلية الحقوق (اختصاص القانون التجاري)، كلية الهندسة المدنية (اختصاص الهندسة الطبوغرافية).

أما كليات الدراسات العليا في جامعة الزهراء، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية (اختصاص الفقه وأصوله – أصول الدين)، كلية التربية (اختصاص التربية الإسلامية – المناهج وطرائق التدريس – الإرشاد النفسي)، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية (اختصاص المحاسبة – إدارة الأعمال)، كلية الهندسة (اختصاص هندسة البرمجيات – هندسة الحاسوب والشبكات – الذكاء الاصطناعي)، كلية اللغة العربية (اختصاص الدراسات الأدبية – الدراسات اللغوية).

الجامعة الدولية للعلوم والنهضة تضم: كلية الإرشاد الإجتماعي، الحوكمة وبناء المؤسسات، الادارة الصحية، التخطيط الإقليمي.

جامعة الشام: كلية الشريعة والقانون، الآداب والعلوم الإنسانية (اختصاص اللغة الانكليزية)، الهندسة (اختصاص الهندسة المدنية، الكيميائية، المعلوماتية، الميكاترونيكس)، الاقتصاد والإدارة، التحكم والأتمتة، التجهيزات الطبية.

أكاديمية باشاك شھیر للعلوم العربية والإسلامية تضم، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الاقتصاد والادارة، التربية والعلوم الاجتماعية، العلوم السياسية، الشريعة والعلوم الإسلامية.