انخفض منسوب المياه في الآبار السطحية بمخيمات حارم وسلقين، ما قلل حصة مياه سكان المخيمات في تلك المناطق والتي تعتمد بشكل رئيسي على تلك الآبار في تغذيتها.
انخفاض مستوى المياه في الآبار السطحية أثر على آلية ضخ المياه، وبات استخراج نفس الكميات القديمة يحتاج لوقت مضاعف نتيجة انتظار العاملين على الآبار لساعات بين كل عمليتي ضخ، حتى تتجمع المياه في الخزانات الباطنية الموجودة في تلك الآبار.
يقول المهندس أنس الرحمون وهو باحث في الشؤون الجوية والطبيعية إن سبب جفاف غالبية الآبار الموجودة في تلك المنطقة يعود لتبعية الآبار لمجرى مائي جوفي حر ذي ضغط منخفض غير قابل لإعطاء الماء بشكل مستمر.
وأضاف إن تلك الآبار تعتمد في تغذيتها على تجميع المياه من المجاري الصغيرة، كما تعتبر الهطولات المطرية مورداً رئيسياً، لها وقد مررنا هذا العام بموسم شتوي ضعيف، كما أن الاستخدام الجائر لتلك الآبار ساهم بنفاد مخزونها وأدى لجفاف معظمها.
يتم تشغيل الآبار السطحية عبر متعهدين متعاقدين مع المنظمة الداعمة للمشروع، ويعمل المتعهد على إيصال المياه بشكل يومي لسكان المخيمات. وبحسب العاملين على تشغيل تلك الآبار فإن نصف الآبار البالغ عددها خمسة عشر بئراً جفت بشكل كامل، فيما انخفض إنتاج باقي الآبار لأكثر من 80% مقارنة مع إنتاجها السابق، حيث اعتادوا على تشغيلها بشكل مستمر لتغطي المخيمات، وبعد انخفاض المنسوب واعتماد الآبار على تجميع المياه باتت تعمل لمدة ساعة وتتوقف لثلاث ساعات بانتظار إعادة تجميع المياه داخلها من جديد.
تبلغ حصة الفرد الواحد من المياه في تلك المخيمات نحو ثلاثين ليتراً يومياً، في حين كان يأمل السكان بزيادة الكمية المخصصة لهم في فصل الصيف نتيجة زيادة الاستهلاك، لكن جفاف الآبار حال دون ذلك، بحسب فادي أبو عبدو وهو المتعهد المسؤول عن تزويد المخيمات بالمياه.
يقول فادي إنهم يضطرون لانتظار تجمع المياه في خزانات الآبار الباطنية لسحبها، أو ينقلون المياه من البلدات المجاورة عبر الصهاريج وهو ما أثر على حصة الفرد من المياه وأدى لتأخر وصولها في بعض الأوقات.
هيئة الإغاثة الإنسانية “”iyd، المنظمة المسؤولة عن تلك المخيمات وتغذيتها بالماء، أرجعت مسؤولية النقص الحاصل والتأخير في تسليم مستحقات المياه للمتعهد المشرف على عملية توزيع المياه بعد توقيعه عقداً مع المنظمة يتكفل من خلاله بسد احتياجات تلك المخيمات من الماء، وقالت إن العقد لا يمكن تعديله في الوقت الحالي وطالبت المتعهد بالبحث عن مصادر مائية بديلة.
يقول المهندس محمد الإسماعيل المدير التنفيذي للمشروع إن “لديهم خططاً بديلة في حال استمرت مشكلة تأمين المياه لسكان المخيمات، عبر توفير مصادر مياه جديدة وتنفيذ مشاريع مستدامة من خلال مد شبكات المياه من المصادر المائية المستدامة”.
جفاف الآبار فاقم معاناة سكان المخيمات في تلك المنطقة، لا سيما أن غالبيتهم كان بانتظار زيادة مخصصاته من الماء مع بداية فصل الصيف حيث تتضاعف حاجة الناس للمياه، وذلك ما دفع بعض العائلات لشراء صهاريج المياه من البلدات المجاورة بسعر مرتفع لتعويض النقص الحاصل.
يقول علي بركات مقيم في مخيم بسلقين” يتراوح سعر صهريج الماء سعة أربعة وعشرين برميلاً بين مئة ومئة وثلاثين ليرة تركية نتيجة بعد الآبار الخاصة عن المخيمات، وهو سعر مرتفع بالنسبة لسكان المخيمات، لكن الحاجة دفعتهم لاتباع هذه الطريقة، حيث عمد بعضهم لشراء خزانات الماء وتقاسم الصهريج فيما بينهم لتتوزع الكلفة على عدة عائلات.
يتشارك ماهر صويلح وهو نازح من سهل الغاب مع عدد من أقاربه في المخيم ل شراء صهريج المياه وتعويض النقص الحاصل في كمية المياه وتأخرها في بعض الأحيان.
يقول ماهر: “لا يملك سكان المخيمات خزانات تتسع لكامل الصهريج ما يدفعنا للتنسيق مع الجوار وتقاسمه فيما بيننا، وهو ما يخلق عقبات جديدة إذ يمكن أن أحتاج للمياه ولا يحتاجها جاري ما يجبرني على البحث عن بديل”.
انعكس جفاف الآبار الباطنية على ساعات العمل التي يقضيها عمال توزيع المياه في تلك المخيمات حيث ارتفعت ساعات العمل من ست ساعات إلى عشر ساعات في اليوم الواحد لتأمين وصول المياه لأكبر عدد من المستفيدين.
يقول إسماعيل العلي وهو عامل توزيع مياه إن انتظار تجمع المياه في الآبار زاد من ساعات العمل لدينا كما أننا مضطرون لانتظار وصول سيارات نقل المياه التي تذهب للتعبئة من القرى المجاورة حتى نستلمها ونقوم بتوزيعها على المخيمات”.
يأمل من التقيناهم من سكان تلك المخيمات أن تتعدل مشاريع المياه المغذية لمخيماتهم وتتحول لمشاريع مياه مستدامة على غرار المشروع الذي نفذته المنظمة في مخيمات حربنوش، وهو ما يضمن وصول المياه إلى خيامهم بشكل دوري ودون تعب.