فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الذهب في إدلب..  الأسعار محددة والصياغة “على كيف صاحب المحل”

محمد الأسمر

دفع عامر وهو شاب مقبل على الزواج اثنان وأربعين دولاراً ثمن الصياغة لقطعتي ذهب اشتراها لعروسه بمبلغ أربعمائة وعشرين دولاراً، يقول إن قيمة الصياغة بلغت ١٠٪ من قيمة الذهب، وهو […]

دفع عامر وهو شاب مقبل على الزواج اثنان وأربعين دولاراً ثمن الصياغة لقطعتي ذهب اشتراها لعروسه بمبلغ أربعمائة وعشرين دولاراً، يقول إن قيمة الصياغة بلغت ١٠٪ من قيمة الذهب، وهو ما اكتشفه بعد عودته إلى المنزل وحساب القيمة الفعلية للمصاغ، بعد أن خلت الفاتورة من تفاصيل توضيحية.

لا يخفي الصائغ أثناء عملية البيع أجرة الصياغة التي سيتقاضاها، ويشتري الصائغ الذهب بحسب التسعيرة اليومية ويضيف إليه قيمة التصنيع “الصياغة”، و تسمح جمعية الصاغة في إدلب بنسبة ربح تصل إلى 100% على قيمة الصياغة، بحسب مصعب الأسود مدير الجمعية.

يقول الأسود إنه وفي شهر شباط الماضي تأسست جمعية الصاغة في محافظة إدلب، بهدف تنظيم عمل سوق الذهب والإشراف على عمل الصاغة وتم انتخاب سبعة أعضاء لتمثيل الجمعية ورئيس لها.
تصدر الجمعية نشرة يومية بأسعار الذهب في إدلب، بحسب سعر الأونصة عالمياً، وتراقب سوق الذهب من ناحية العيار وفواتير البيع والشراء وتحدد نسبة ربح الصائغ.

وبلغ عدد الصاغة المرخصين في إدلب مئة وستين صائغاً، وقدمت الجمعية ترخيصها للجميع ضمن شروط مثل “الخبرة بالبيع والشراء، خبرة بمعرفة العيارات، امتلاكه معدات لوجستية دقيقة”.

يقول عامر إن تحديد الجمعية لنسبة الربح لا تحمي الزبون من الغبن، لأنه لا يعلم أساساً القيمة التي دفعها الصائغ كمصاغ للقطعة، وبالتالي هو مضطر للتسليم بكلام الصائغ ودفع المبلغ المطلوب.
ويضيف بما أن الجمعية تراقب سوق الذهب فمن السهل تحديد قيمة صياغة كل قطعة، وترك هامش ربح للبائع حتى لا يتعرض أي زبون للاستغلال، لاسيما أن سوق الذهب يعتبر من الأسواق المجهولة بالنسبة للزبون، وقد لا يدخله إلا مرة خلال عدة سنين.

جولة في السوق

مازن قوصرة يعمل في صياغة الذهب منذ خمسة عشر عاماً، يقول إنه لمس تغيرات كبيرة طرأت على أسواق الذهب خلال السنوات الأخيرة، إذ تحولت المهنة لتجارة أكثر منها حرفة، ساهم في ذلك تدهور قيمة الليرة السورية ورغبة بعض أصحاب رؤوس الأموال بالحفاظ على قيمة أموالهم بالذهب، ما دفعهم لافتتاح محال صياغة.

أحد محلات الذهب في مدينة إدلب.
أحد محلات الذهب في مدينة إدلب.

تختلف أجور الصياغة بين تاجر وآخر، بحسب القوصرة. ويرى أنه من الصعب إلزام التاجر بسعر صياغة محدد كما كان معمول قبل الثورة إذ كان يحدد سعر صياغة ثابت لكل غرام بحسب نوع القطعة، بينما يصعب تحديد السعر اليوم بسبب تعدد مصادر البضائع واختلاف تكاليف وصولها وصياغتها.

يميل كثير من الزبائن للحصول على الذهب المستعمل “الذهب الذي قام أصحابه ببيعه للصائغ والذي نظفه وأعاد عرضه دون أن يحرقه ويكسره كما كان متداولاً من قبل” بهدف توفير سعر الصياغة، إذ يشتري الصائغ الذهب المستعمل بسعر أقل من السعر الحقيقي ويبيعه بسعر الذهب دون إضافة أجور الصياغة، وهو ما وفر مبالغ جيدة على الزبائن وخاصة الراغبين بالتجارة، بحسب الصائغ إبراهيم العوض.

ويقول إن أسواق الذهب مضبوطة بشكل دقيق من ناحية الوزن والعيار، لكن أسعار الصياغة تختلف بين محل وآخر، إذ تسمح الجمعية بهامش ربح يصل إلى 100%، تضاف لتكاليف القطعة كحد أقصى، ما يسمح للصائغ بمراعاة زبون دون آخر الأمر الذي يترك فروقاً قد يراها المشتري كبيرة.
تختلف تكاليف القطعة بحسب التصميم والوقت المطلوب لإنتاجها، فقد تتساوى قطعتين بالوزن، لكن تكون صياغة إحداها ضعف الأخرى بحسب العوض.

يخضع الذهب الموجود في مناطق إدلب لمراقبة الجمعية سواء كان تركياً أم محلياً ويتم مطابقتها مع العيارات المعمول بها، وقد تم ضبط كميات من الذهب المغشوش تم توزيعها في المنطقة بعيارات منخفضة، مخالفة للعيار الأساسي 21، وتم تحويل العاملين بها إلى القضاء.

تبحث إدارة الجمعية بأسباب المخالفة بالدرجة الأولى قبل أن يتم تحويل الصائغ للقضاء، وتحدد فيما إن كان الخطأ مقصوداً، وإن كان هناك تكرار للمخالفة في أكثر من قطعة، إضافة لعملية ترويج هذه القطع، ويتم بعدها اتخاذ الإجراء المناسب لكل حالة على حدة، والذي قد يبدأ بالإنذار ثم تكسير القطع المخالفة لمنع بيعها، أما في حالات الغش المتكرر يمكن أن يحال الصائغ للقضاء.

ويشرح الأسود العملية بقوله “قد نضبط قطعة ذهب لدى أحد الصاغة بعيار 20 بدلا من 21، وقد يجهل الصائغ هذه المسألة نتيجة دخول عشرات التجار على المهنة دون أن يملكوا دراية كافية بها، وفي هذه الحالة تكتفي الجمعية بتكسير القطعة لمنع تداولها في السوق ويقوم الصائغ بإعادتها للورشة لصهرها وتصنيعها من جديد دون إحالته للقضاء”.

تقوم الجمعية بجولات دورية مستمرة على محال الصاغة لمراقبة عملهم إضافة لعملها في استقبال شكاوى المواطنين للوقوف على أي مخالفة سواء بالوزن أو بالسعر والتعامل معها.

تراجع في الحركة الشرائية

انخفض تداول الحلي الذهبية بعد اعتماد إدلب على الليرة التركية، يقول القوصرة أثناء التعامل بالليرة السورية كانت تشهد الليرة تذبذباً مستمراً في الأسعار، ما أجبر البعض على تحويل أموالهم لقطع ذهبية للمحافظة على قيمتها، وهو ما دفع بعضهم للتجارة بالذهب عند احساسهم بإمكانية الربح، أما اليوم فقد تم تحديد سعر الذهب بالدولار وفروقات تصريف الليرة التركية باتت أقل بكثير ما انعكس بشكل سلبي على سوق الذهب، وانحصر غالبية زبائن السوق بالراغبين بالزواج والذين تتراوح الكمية التي يشترونها بين خمسة إلى خمسين غراماً.

تعتمد أسواق إدلب على الذهب التركي بنسبة 80%، والجزء المتبقي يتم تصنيعه داخلياً في حين انخفضت كمية الواردات من مناطق النظام بشكل كبير بعد إغلاق المعابر، تتواجد في إدلب نحو عشرة ورش مختصة بصياغة الذهب، وتنتج معظم المصاغ المعروف بـ “البلدي”، تكفى تلك الورش أسواق إدلب المحلية بمنتجاتها لكن السوق يحتاج لتصاميم وموديلات مختلفة تتطلب استيرادها من تركيا لتعذر صناعتها في هذه الورش، إذ تحتاج لمعدات حديثة في صناعتها بحسب أبو أحمد صاحب ورشة.

يعمل أبو أحمد في هذه المهنة منذ ثلاثين عاماً، ويقول إن كلفة صياغة كل قطعة مختلفة عن الأخرى، نتيجة انخفاض كلفة إنتاج بعضها مقارنة بأنواع أخرى تحتاج لوقت وجهد في صنعها، فكلفة تصنيع خاتم تبلغ نحو سبعة دولار ويبيعه الصائغ بين عشرة إلى خمسة عشر دولاراً.

يقول أبو أحمد إن الزبون قد يرى أن أسعار الصياغة مرتفعة لكنها متناسبة مع رأس المال الذي يستعمله الصائغ في تجارته، ويؤكد بأن أسعار الصياغة منخفضة أكثر من مناطق النظام الذي يسمح بنسبة ربح 300%.

يشرح أبو أحمد هذه المسألة بقوله إن سعر السوار بوزن اثني عشر غراماً يبلغ ستمئة دولار، وإذا ربح الصائغ ببيعها عشرة دولار فهو ربح زهيد لا يقارن بأي مجال عمل آخر.