فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

النزوح وقلة المواد الأولية ينعكسان بشكل سلبي على دباغة الجلود في إدلب

حسن كنهر الحسين

اختار أحمد الشردوب مزرعة في ريف بلدة سلقين شمال إدلب، لينقل إليها أدواته الخاصة بـ دباغة الجلود والتي تمكن من إخراجها من مدينته معرة النعمان قبل أن يطالها القصف. المكان […]

اختار أحمد الشردوب مزرعة في ريف بلدة سلقين شمال إدلب، لينقل إليها أدواته الخاصة بـ دباغة الجلود والتي تمكن من إخراجها من مدينته معرة النعمان قبل أن يطالها القصف.

المكان المناسب بعيداً عن رفض الأهالي لوجود ورش لـ دباغة الجلود بالقرب من منازلهم بسبب الروائح الكريهة التي تصدرها، إضافة لنزوح أصحاب هذه الورش من مدن مثل معرة النعمان (مكاناً لعدد كبير من الورش التي اشتهرت في المدينة)، إضافة لقلة المواد الأولية وصعوبة تصريف المنتجات، كل ذلك تسبب بتراجع هذه المهنة خلال السنتين الأخيرتين.
يقول الشردوب: “إن نزوح المدينة انعكس بشكل سلبي على المهنة، إذ ضمت معرة النعمان عشرات الورش المختصة بـ دباغة الجلود وتصنيعها أو تصديرها”.
وتعود تلك الورش “لعوائل قديمة توارثت تلك المهنة وثابرت عليها منذ زمن بعيد، ومع سيطرة قوات الأسد على معرة النعمان ونزوح سكانها نحو مناطق الشمال وهجرة بعضهم إلى خارج البلاد، توقفت معظم تلك العائلات عن العمل في تلك المهنة”.
تناقصت أعداد الجلود التي تدخل ورشة الشردوب لدباغتها من أكثر من ألفي جلد يومياً إلى مئتي جلد، نتيجة ارتفاع سعر الأغنام وقلة الخراف المذبوحة والتي تعتبر المصدر الرئيس لهذه الصناعة، ناهيك عن صعوبة وصول الجلود من مناطق النظام نتيجة إغلاق المعابر التي كانت تزود المدابغ بمئات الجلود يومياً قادمة من محافظات حماة وحمص ومناطق الجزيرة، ومع توقف عملية الشحن توقفت غالبية المدابغ عن العمل نتيجة عدم توفر تلك الجلود، بحسب الشردوب.

ويضيف الشردوب “إن توقف حركة التصدير انعكس بشكل سلبي على المهنة حيث كانت الجلود المدبوغة تنقل إلى منطقة الراموسة في حلب تمهيداً لإعادة هيكلتها واستعمالها في المعاطف، وتصديرها لعدد من الدول في مقدمتها دول الخليج العربي وإيطاليا “.

تضاعف سعر الجلود لخمسة أضعاف نتيجة قلة العرض وارتفع سعره من ألف ليرة سورية للجلد الواحد لخمسة آلاف ليرة، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد المستخدمة في الدباغة وانقطاع غالبيتها من السوق المحلي نتيجة إدراجها ضمن المواد التي يمنع إدخالها إلى الشمال السوري، كونها مواد تدخل في صناعة الأسلحة ومعظمها مواد مستوردة من الصين وايطاليا ومسعرة بالدولار، مثل مادة “سلفيد الصوديوم” المعروف باسم الزرنيخ أو ما يسميه الدبّاغة بـ “الشبي”، وزيوت الدباغة وكروم الميتان والصباغ، ومع انقطاعها ارتفع سعرها لأكثر من عشرة أضعاف، حيث يساوي سعر كيس الشبي خمسين دولاراً وتعادل حسب سعر الصرف نحو مئة وخمسين ألف ليرة.

ارتفاع أسعار المنتجات الصوفية

أدى انخفاض عدد المدابغ وغلاء أسعار المواد لارتفاع أسعار منتجات الصوف الحالية كـ “بسط الصوف” و”العباءات” وغيرها من تلك المنتجات، حيث لجأ غالبية الأهالي لاقتناء المنتجات الصناعية بدلاً من منتجات الصوف غالية الثمن، لا سيما مع إقبال فصل الشتاء حيث يتزايد الإقبال على تلك المنتجات.

وبحسب عمار جميل أحد المختصين بتلك الصناعة وبيع منتجاتها “فإن سعر عباءة الصوف يتراوح بين مئة إلى ثلاثمئة دولار وذلك تبعاً لنوعية جلد الصوف المبطنة فيه، فبعض العباءات تحتاج لخمسة جلود وبعضها يحتاج لأكثر من عشرين جلداً من جلود الضأن حديثة الولادة حتى يتم إتمامها عن طريق توصيل تلك الجلود مع بعضها البعض بواسطة آليات خياطة خاصة بتلك الصناعة، ويعتبر ذلك النوع من أغلى الأنواع”.

يبلغ سعر جلد الصوف المدبوغ نحو خمسة عشر ألف ليرة سورية، أما العباءات الصناعية فيتراوح سعر الواحدة بين  الثلاثين والخمسين ألف، أما البسط الصناعية فيتراوح سعرها بين خمسة وعشرة آلاف ليرة وذلك تبعا لجودتها وحجمها، الأمر الذي دفع كثر للجوء للمنتجات الصناعية كبديل عن منتجات الصوف تفادياً لسعرها المرتفع.

تمر الجلود خلال دباغتها بعدة مراحل حيث يتم أولاً إزالة الزوائد اللحميّة الموجودة فيها ليسهل تنظيفها، ومن ثم يتم فرشه على الأرض وتمليح باطنه بالملح الصخري ولفه وإبقائه على تلك الحال لمدة ثلاثة أيام لمنع تلفه، وتكرر تلك العملية عدة مرات ليكتمل تخميره.

يتم بعدها غسل الجلد بالماء بشكلٍ جيّدٍ وينقع بمحلولٍ الماء والملح لمدة يومين على الأقل، ومن ثم يكشط وجه الجلد بآلة حادة تشبه السكين لتخليصه من الزوائد الحمية المتعلقة بشكل كامل ويتم إزالة الشعر أو الوبر الملتصق على الصوف عن طريق نفضه عدة مرات، وبعدها يترك الجلد تحت الشمس مع الانتباه إلى شدّ أطرافه من جميع الجهات وتكرر هذه العملية عدة مرات، ثم ينقع الجلد ضمن خليط من الملح والرماد المذاب بالماء لمدة يومين على الأقل ومن ثم يتم نشره مرة أخرى تحت أشعة الشمس مع مراعاة التقليب اليوميّ حتى يجفّ تماماً، ليتم ثنيه وتليينه إذ يمنحه النقع بالماء والملح قساوة غير مرغوبة، بعد تليينه بشكل جيد يتمّ عمل مخلوطِ شبيه بالعجينة مكون من القليل من الصودا والملح، ويضاف إليهما القليل من الطحين، ويدهن الجلد بهذه المادة، ثمّ يغطى الجلد بالورق لمدة شهر كامل وتكرّر هذه العمليّة على مراحل لثلاث مرّاتٍ، وبعدها يتمّ غسل الجلد وتنشيفه ليصبح صالحاً للاستعمال.