فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

حرائق الغابات في سوريا -إنترنيت

حرائق الغابات السورية تشعل حرباً على صفحات الفيس بوك

 محمود يوسف السويد

تستمر حرب المنشورات والتعليقات، وتصل حدود الخلاف لا الاختلاف الفكري، ويتراشق رواد وسائل التواصل الاجتماعي بالاتهامات التي تطورت لدرجة الإساءة والشتائم أحياناً، وهو ما أذكى نار حقد قد تتجاوز في سعيرها ما ستحدثه حرائق الغابات.

تشهد الغابات السورية في منطقة الجبال الساحلية الغربية، منذ أيام حرائق التهمت في طريقها عشرات الآلاف من الأشجار الحراجية، ويجمع سكان الشمال السوري على اتهام النظام السوري وميليشياته على افتعال هذه الحرائق، لتسهيل عملية قطع الأشجار ليصار لبيعها في السوق المحلية مع قدوم فصل الشتاء.

هذا الإجماع لم يظهر عندما قامت مديرية الدفاع المدني بإصدار بيان يتعلق بإبداء استعدادها المساهمة بإخماد تلك الحرائق في حال تم تأمين سلامة عناصرها من بطش النظام وقبضته العسكرية.

 

وجاء في البيان: “إن الآثار الناتجة عن تلك الحرائق لن تقتصر على منطقة بعينها، وقد تهدد تجمعات المدنيين هناك، وأن الدفاع المدني ينظر بألم للواقع الذي آل إليه حال العمل الإنساني في سوريا، وعجزنا عن القيام بدورنا الإنساني بسبب خوفنا على سلامة متطوعينا”.

كما أكد البيان على جهوزية الدفاع المدني بما يملكه من خبرات ومعدات لمساهمته في إخماد حرائق الغابات مع المطالبة بتقديم ضمانات تكفل سلامة العناصر المشاركة بالعمل، وإفساح المجال لهم لإخماد الحرائق وإنقاذ المدنيين.

هذا البيان أشعل حرائق من نوع آخر كان مسرحها صفحات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها الفيس بوك، حيث انقسم الناس بين مؤيد للقرار وما جاء فيه وداعماً له، وبين منتقد ومعارض وعاتب.

ورأى من أيد، في البيان لفتة تحمل معاني الإنسانية والشعور النبيل تجاه أبناء الوطن الواحد، ومنهم مصطفى العثمان الذي وجد فيه “موقفا مشرفاً للغاية وهو إنقاذ المدنية”. أيده في ذلك علي الحاج الذي رأى فيه “موقفا مشرف يصدر عن أناس شرفاء”.

 

كذلك ثمن مجلس إدارة تنسيقيات الثورة بيان الدفاع المدني وموقفه تجاه الحرائق المشتعلة قائلاً “إن الإنسانية لا تتجزأ وإن الدفاع المدني ومنذ البداية انحاز للإنسانية”.

واعتبره مجاهد ناعس بياناً سياسياً بامتياز، وأن علينا استغلال هذه المواقف، متسائلاً عن سبب التهكم الذي طال البيان.

في حين انتقد آخرون البيان وعارضوا ما جاء فيه، إذ اعتبر خالد مصطفى البيان “مفصولاً عن الواقع فالنظام يحرق المدنيين في مناطق المعارضة منذ عشر سنوات، واليوم تحت دعاوي الإنسانية سنطفئ نيرانهم، فالعين بالعين والسن بالسن” بحسب تعبيره.

وقلل حامد بعاج من جدوى البيان فهو “رسالة إنسانية لعالم مجرم ولذلك لن تصل أبدا”.

 

نجيب قره محمد انتقد التعليقات التي تدافع عن البيان وترى فيه إدانة للنظام السوري ورد عليهم بقوله “هل تعتقدون أن المجتمع الدولي الذي رعى إجرام النظام وأعطاه الضوء الأخضر لقتل شعبه، سيدين اليوم أسده السفاح ببيان الدفاع المدني”.

بينما طالب زياد قصقوص “الجهة مصدرة البيان بسحبه فوراً احتراماً لدماء الشهداء وتضحيات عناصر الدفاع المدني”.

 

بين متهم ومدافع، مؤيد ومعارض، برزت فئة ثالثة انتهجت سبيل التهكم في نقدها فهي لم تمل إلى أي من الرأيين صراحة وإن فهم من كلامها أنها لا تتفق مع ما جاء في البيان، محمد الحلاق في منشور له عبر حسابه الشخصي قال: “لك شفتوهن طلعوا يطفوها، أشو عليه خليهن يطالعوا بيان، وانتوا يا جماعة الدفاع إذا خايفين يوصل الحريق لجسر الشغور، فقبل ما يوصل بشوي ابقا اطلعوا بكير”.

 

أحمد البيوش هو الآخر لمز إلى البيان بطريقته: “سلة صحية، وسلة طبية، وسلة احتياجات غذائية وعدة مطبخ لجميع عناصر الأسد المتضررين بالحريق”.

 

وبرزت بعض دعوات التهدئة لما أثاره البيان من ردود فعل لدى أبناء الشمال السوري من مثل ما دعا إليه الشيخ فضل العكل عبر صفحته بأن الدفاع المدني اجتهدوا وقد يصيبوا وقد يخطؤوا، وأن واجب من يراه خطأ أن يتماشى معه ويحسن الصورة لدى الآخرين، حسب رأيه.

الزخم الذي أحدثه البيان وردود الأفعال حوله دفعت رائد الصالح مدير مؤسسة الدفاع المدني السوري ليخرج على العالم بتوضيح لما يقصده البيان في تسجيل صوتي نشر عبر مواقع التواصل المختلفة، وقامت راديو فرش بنشره عبر صفحتها الرسمية، ومما جاء فيه على لسان الصالح: “أن البيان انطلق من مبادئ الثورة، فالثورة لم تقم لإدلب فقط بل لكل سوريا، وللحفاظ عليها ارضاً وشعباً”

كما أكد الصالح في التسجيل أن العمل مستمر للسعي لمحاسبة النظام المجرم على ما ارتكبه من جرائم وانتهاكات بحق الشعب السوري.

حتى هذا التسجيل الصوتي لم يقنع الكثيرين وكذلك انقسم المتابعون بين مؤيد لما جاء فيه ومنتقد بشدة، وصلت أحياناً حد التخوين.

تستمر حرب المنشورات والتعليقات، وتصل حدود الخلاف لا الاختلاف الفكري، ويتراشق رواد وسائل التواصل الاجتماعي بالاتهامات التي تطورت لدرجة الإساءة والشتائم أحياناً، وهو ما أذكى نار حقد قد تتجاوز في سعيرها ما ستحدثه حرائق الغابات.

لم تطو صفحة البيان بعد وإن هدأت قليلاً، بانتظار حدث جديد قادم يعود ليشعل نيران التراشق الفيس بوكي هنا وهناك، لنشهد معها انقسامات جديدة، وحرب كلمات دون خسائر مادية كما عودتنا الحروب التقليدية.