فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

من حملة التشجير الطوعي بريف حلب الغربي

قتل الغابات الحراجية في الشمال السوري مصدر تمويل للفصائل وأضرار على التربة والصحة العامة

فريق التحرير

المهندس أسامة (تم إخفاء كنيته لأسباب أمنية) قال إن مساحة حرش حارم نحو 400 هكتاراً تحوي ما يزيد عن 100 ألف شجرة موزعة على المواقع في المنطقة، معظمها من أشجار السنديان والبلوط والدلب التي يزيد عمرها عن 100 عام على الأقل.
ويقدر أسامة حجم الضرر في هذه الأحراش بـ 85% من المساحة الإجمالية، وهو ما يؤكده أبو محمد (أحد العاملين بقطع الأشجار) والذي قال إن الحرش الشرقي من حارم لم يعد فيه أي شجرة على الإطلاق. أما في الحرش الشمالي فبقيت بعض الأشجار في منطقة المخيمات الممتدة من طريق حارم وحتى رأس الحصن، بحسب سكان المدينة.

 

يمكن لهكتار واحد من الغابات أن يمتص نحو 22 طناً من ثاني أكسيد الكربون، كما أنه ينتج نحو 18 طناً من الأكسجين. و تمتص الغابات في العالم ما بين (1-3) مليار طن كربون سنوياً، وتحدثت دراسة لمنظمة الأغذية والزراعة “الفاو” عن أن إزالة الغابات في ثمانينيات القرن الماضي ربما كانت وحدها السبب في استمرار وجود ربع كمية غاز ثاني أكسيد الكربون بشرية المنشأ.

تصميم: عبد الله الخطيب
تصميم: عبد الله الخطيب

قتل الغابات في الشمال السوري

تبلغ المساحة الحراجية الكاملة في سوريا نحو 513 ألف هكتاراً (غابات طبيعية وصناعية)، حصة إدلب منها 13%، أي نحو (80 ألف هكتار)، تقسم إلى قسمين طبيعية 42 ألف هكتار، وصناعية 38 ألف هكتار، في حين تبلغ المساحة الحراجية في ريف حلب الغربي نحو 1300 هكتاراً. بحسب المهندس إياد خضر عبد العال رئيس دائرة الحراج في مديرية الزراعة بإدلب.

وتزيد عدد المواقع الحراجية في إدلب عن 45 موقعاً، تضم العديد من الأنواع الشجرية أهمها “الصنوبر البروتي والثمري والسنديان والسرو والبطم والكينا”، والصنوبر الحلبي في حلب، وتقدّر مساحة الغابات التي تعرضت للإزالة بكافة أنواعها (القطع الجائر –الحرائق –الرعي) بـ 60% من هذه المساحات، يقول عبد العال، علماً أن المنطقة كانت تضم ما يقارب 18.5 مليون شجرة قبل عام 2011.

أمثلة وتوضيحات

قطع الأشجار الحراجية بريف حلب الغربي
قطع الأشجار الحراجية بريف حلب الغربي

تعرض ما يزيد عن 70% من أحراش ريف حلب الموجودة في “كفر كرمين وكفر حلب، والكسيبية وجبل سمعان” للإزالة، بحسب المهندس عمر البدوي مدير الإرشاد الزراعي سابقاً في محافظة إدلب، وهو ما أكده تحقيق استقصائي لموقع العربي الجديد العام الماضي.

 

في المنطقة الممتدة بين أطراف جبل الزاوية بإدلب وريف حماه الشمالي تعرضت مساحات حراجية واسعة للإزالة، ففي حرش الهبيط الذي يقع على تلة الطويلة شمال شرق البلدة وتبلغ مساحته نحو هكتارين من أشجار السرو واللوز والزيتون، تعرضت مساحة منها للتلف بالحرائق والقطع الجائر، بحسب المهندس الزراعي عبد القادر العبدو، ومن التقيناهم من الأهالي. كذلك حرش القصابية الذي يقع بين قريتي عابدين والقصابية بريف خان شيخون، والذي تبلغ مساحته تسعة هكتارات من الكينا والسرو والصنوبر والبطن والسماق والزيتون.

حرش الهبيط بريف إدلب
حرش الهبيط بريف إدلب

وفي حرش كفرنبل والذي تبلغ مساحته نحو خمسة وثلاثين هكتاراً، لا توجد أرقام دقيقة لحجم الأضرار، إلّا أن المراقب الزراعي محمد الخليل وبعض أهالي المنطقة إضافة للصور توضح تضرر المكان بنسبة كبيرة تفوق نصف المساحة المزروعة.

حرش كفرنبل بريف إدلب
حرش كفرنبل بريف إدلب

تزيد هذه النسبة عن 60% في حرش حاس شمال البلدة المسمى باسمها، وتبلغ مساحته أربعة هكتارات من السرو والصنوبر والكينا واللوز، بحسب المراقب الزراعي أحمد السليم، كذلك الأمر بالنسبة لحرش كفر رومه والذي تزيد مساحته عن تسعة هكتارات من السرو والسنديان، بحسب الناشط فادي الياسين.

حرش كفروما بريف إدلب
حرش كفروما بريف إدلب

بينما أزيلت أشجار حرش خان شيخون بالكامل، وتبلغ مساحته نحو مئة دونم بحسب محمد العبد الله (ناشط من أهالي المدينة) الذي أكد أنه لم يعد هناك أي أثر للحرش وخسر كامل أشجاره. وفقد حرش بنين بجبل الزاوية ثلاثة هكتارات من مساحته البالغة ستة هكتارات بالكامل، بحسب أبناء المنطقة والصور التي تم التقاطها للمكان، وأكده محمد الحسن (ناشط مدني في القرية).

تصميم: عبد الله الخطيب
تصميم: عبد الله الخطيب

جسر الشغور وحارم أكبر المواقع الحراجية الخاسرة

المهندس أسامة (تم إخفاء كنيته لأسباب أمنية) قال إن مساحة حرش حارم نحو 400 هكتاراً تحوي ما يزيد عن 100 ألف شجرة موزعة على المواقع في المنطقة، معظمها من أشجار السنديان والبلوط والدلب التي يزيد عمرها عن 100 عام على الأقل.

حرش حارم بريف إدلب
حرش حارم بريف إدلب

ويقدر أسامة حجم الضرر في هذه الأحراش بـ 85% من المساحة الإجمالية، وهو ما يؤكده أبو محمد (أحد العاملين بقطع الأشجار) والذي قال إن الحرش الشرقي من حارم لم يعد فيه أي شجرة على الإطلاق. أما في الحرش الشمالي فبقيت بعض الأشجار في منطقة المخيمات الممتدة من طريق حارم وحتى رأس الحصن، بحسب سكان المدينة.

في منطقة جسر الشغور حيث توجد أكبر محمية طبيعية من الغابات في إدلب، وتمتد هذه المواقع على جانبي نهر العاصي، تعرض أكثر من 75% منها للإزالة والتلف خلال السنوات الخمس الماضية.

تصميم: عبد الله الخطيب
تصميم: عبد الله الخطيب

الحرائق والقصف ودورها في إزالة الغابات الحراجية

وثق الدفاع المدني 640 حريقاً في منطقة جسر الشغور وحدها خلال الفترة الممتدة بين عامي 2012 -2018، وقدّرت مساحة الغابات الحراجية المتضررة بفعل الحرائق بـ 15 ألف هكتاراً، معظم هذه الحرائق جاءت بسبب القصف المكثف بالطائرات وقذائف المدفعية.

قصف جوي على حرش كفرنبل بريف إدلب
قصف جوي على حرش كفرنبل بريف إدلب

ويقول المهندس العبدو إن بين 85-90% من المساحات المتضررة في حرشي الهبيط والقصابية كان سببها القصف بقنابل الفوسفور والنابالم الحارق، وهو ما أكده الأهالي، في حين تبلغ نسبة الضرر بالحرائق بفعل القصف والحرائق الفردية نحو 50% من مساحة حرش كفرنبل، بحسب الخليل، و60% في حرشي حاس وكفر رومه بحسب السليم، وكامل حرش خان شيخون بحسب العبد الله، و50% من حرش بنين الذي تعرض لنحو 200 غارة بالطيران خلال السنوات الثمان الماضية، بحسب الحسن.

حرش بنين بريف إدلب
حرش بنين بريف إدلب

القطع الجائر السبب الرئيسي في إزالة الغابات

أدى القطع الجائر لفقدان نحو 20 ألف هكتار من مساحة الغابات المزروعة خلال العام 2018، زادت هذه النسبة في العامين الماضيين لتشمل أحراشاً بكاملها.

قطع الأشجار على الطريق الدولي لمدينة حلب
قطع الأشجار على الطريق الدولي لمدينة حلب

وبحسب ما أكده المراقبون الزراعيون والمهندسون المختصون أن نحو 60% من المساحات المتضررة تعرضت للتحطيب الجائر، يقول عبد العال إن القطع غير المنظم والتفحيم من أهم أسباب التعديات على المواقع الحراجية، في ظل ارتفاع أسعار الوقود للتدفئة وانقطاعها في كثير من الأحيان بسبب الظروف الأمنية.

 

من يقوم بقطع الأشجار

يقول سليمان عدلة (رئيس دائرة زراعة حارم) إن “تجار الأزمات والحروب” هم من يقومون بعمليات القطع الجائر، بينما يلقي عبد العال بالمسؤولية على ملّاك الأراضي الذين يقومون بتكسير الأشجار لتحويل ما وصفها بـ “أملاك الدولة” وضمها إلى أراضيهم الزراعية، كذلك الرعي الجائر خاصة في الأحراش الصناعية للأشجار الحديثة.

القطع الجائر يمّول الفصائل المقاتلة في الشمال السوري

يقلل المهندس أسامة من السببين السابقين، ويرجع السبب الأهم لاستخدام الأموال الناتجة عن عملية التحطيب في تمويل الفصائل المقاتلة، خاصة وأن السلطة الحقيقية على المنطقة تقع بأيديهم لا بأيدي الأهالي، خاصة وأن هذه الأحراش تعتبر قواعد عسكرية لهم وتقع تحت حمايتهم، ويغيب فيها أي دور للشرطة الحرة أو المجالس المحلية.

حرش حارم بعد قطع أشجاره كافة
حرش حارم بعد قطع أشجاره كافة

يقول أسامة إن أحراش حارم وجسر الشغور تسيطر عليها فصائل الأوزبك، ويتم التحطيب بالتعاون معهم وتحت أعينهم وبموافقتهم، ويقومون بحماية التجار وعمال المياومة الذين يعتمدون عليهم.

الناشط فايز المحمد قال إن معظم هذه الأحراش “مناطق عسكرية” للفصائل، وتشكل تجارة رابحة بالنسبة للمكتب الاقتصادي لهيئة تحرير الشام في المنطقة وغيرها من الفصائل، والذين لم يكتفوا بقطع أشجار الأحراش بل قاموا بقطع الأشجار المثمرة في الأراضي التي تمت مصادرتها من السكان الغائبين عن قراهم، أو أولئك الذين يسكنون في مناطق النظام، وهو ما أكده سكان مدينة حارم الذين التقيناهم والذين اصطدموا مع الفصائل في أكثر من مرّة لمنع التحطيب دون جدوى، فأغلب القائمين على العملية هم قادة عسكريين وأمنيين من هيئة تحرير الشام وقادة من الأوزبك، والحجة الدائمة كانت في دفع رواتب من أسموهم بـ “المجاهدين”.

كيف يتم التحطيب

يقول أبو محمد (عامل مياومة في التحطيب منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات) إن الأمر يتم بالاتفاق مع عمال المياومة، خاصة سكان المخيمات، من قبل تجار معينين، ويشرح العملية: “نذهب في ساعات الفجر الأولى ضمن مجموعات تضم غالباَ سبعة أشخاص بسيارة التاجر، ترافقنا دائماً عناصر من الأوزبك لحمياتنا إلى منطقة الأحراش، ونقوم بالتحطيب بواسطة المناشير التي تعمل على الوقود، ومعدات بسيطة كالفؤوس، وتقوم العناصر التي ترافقنا بحماية المكان الذي نعمل فيه، وأحياناً يطلب منا الاختباء عند مرور فصائل أخرى”.

قطع الأشجار الحراجية بريف حلب الغربي
قطع الأشجار الحراجية بريف حلب الغربي

يتقاضى عامل المياومة ثلاثة آلاف ليرة سورية يومياً عن عمله الذي يستمر نحو ثلاث ساعات، حتى طلوع الشمس، ويتم قطع الأشجار من الجذع وتفريعها من الأغصان، إذ تقطع الورشة الواحدة نحو عشرين شجرة في الأماكن الجبلية البعيدة وأربعين شجرة في الأحراش القريبة من الطرق الرئيسية، متوسط وزن الواحدة منها نحو 400 كيلو غرام، بحسب ما يقول أبو محمد.

ملايين الدولارات

يضيف أبو محمد أن الفصائل تبيع الطن الواحد من الحطب بنحو (45 ألف ليرة = 70.3 دولار بحسب سعر الصرف الحالي)، وهو ما أكده التاجر أبو علي الذي قال إن الحطب يأتينا على شكل قواعد دون تقطيع نشتريها بحسب نوع الأشجار، وبمتوسط سعر 70 دولار للطن، ونبيعها للأهالي بعد تقطيعها بين (125-140 دولاراً).

وبحسبة بسيطة يجريها التاجر أبو علي فإنه وبحسب الإحصائيات فإن المبالغ التي حصلت عليها الفصائل من التحطيب الجائر تزيد عن 300 مليون دولار، باعتبار أن الهكتار الواحد يضم نحو 500 شجرة في المتوسط، وثمن الشجرة الواحدة نحو (30 دولاراً).

الأغصان والجذور للأهالي

هناك مساحات صغيرة من الأحراش الزراعية تعرضت للتحطيب من قبل الأهالي، دون التعاون مع الفصائل، يقول أسامة إنها حالات فردية لقطع شجرة للتدفئة أو بغرض البيع، غالباً ما يتم هذا الأمر سراً وسط مخاوف من المحاسبة والغرامات.

قطع الاشجار من قبل بعض الأهالي في مدينة حارم
قطع الاشجار من قبل بعض الأهالي في مدينة حارم

بينما يعتمد بعض الأهالي الذين يسكنون بالقرب من الأحراش على بقايا الأغصان التي يتركها عمال المياومة لتأمين احتياجاتهم من التدفئة في فصل الشتاء، أو كوقود للطهي.

للمخيمات دورها أيضاً

يقول المهندس البدوي إن نزوح السكان من مناطق الاشتباكات إلى مناطق أكثر أمناً أدى إلى إنشاء مخيمات عشوائية في المواقع الحراجية، وبالتالي ساهم في قطع الأشجار لإنشاء المخيمات، إضافة لقيام سكان المخيمات بالاحتطاب الجائر لاستخدامها في التدفئة ولأغراض الطهي. وبالتالي المساهمة في تدمير مساحات شاسعة من المواقع الحراجية.

مخيمات للنازحين في حرش حارم
مخيمات للنازحين في حرش حارم

قوانين رادعة لا تدخل حيز التنفيذ

يحدد القانون السوري، المعمول به في مناطق النظام، رقم /6/ لعام 2018 الخاص بالحراج وفي المادة 31 منه عقوبة من يتسبب بنشوب الحرائق بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة، وبالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من خمسمئة ألف إلى مليون ليرة سورية لكل من أقدم دون ترخيص مسبق على قلع أو قطع أو إتلاف أو تشويه الأشجار والشجيرات في حراج الدولة أو الإتيان بأي عمل يؤدي إلى إتلافها، في المادة (32)، وبالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر أو بالغرامة من خمسين ألفاً إلى مئة ألف ليرة سورية لكل من رعى حيواناً أو أطلقه في حراج الدولة خلافاً لأحكام هذا القانون في المادة (33).

في ريف إدلب الجنوبي قبل سيطرة هيئة تحرير الشام عليه في العام 2018، كانت الغرامة تصل إلى ثلاثة أضعاف سعر الحطب المقطوع، إلّا أن هذه الغرامة لم تنفذ ولم تحدّ من عمليات التحطيب الجائر.

من جهته يقول عبد العال إن وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ وبالتعاون مع مخافر الشرطة الحرة في المنطقة تقوم بتكثيف الدوريات الحراجية بالتعاون مع دائرة الزراعة والشعب الزراعية، خاصة في الفترة الممتدة بين أشهر شباط وأيار لمنع رعاة المواشي من الرعي في الأحراش، وتنظم بحقهم الضبوط والمخالفات، كذلك للأشخاص الذين يقطعون الأشجار، وتحدد القوانين العقوبة بمصادرة الأشجار المقطوعة والسيارة التي تحملها، وسجن المسؤول عنها لمدة خمسة عشر يوماً في المرة الأولى، وفي حال تكرار المخالفة تزيد هذه العقوبات. كذلك يتم نزع الحيازة عن الأراضي الحراجية التي تم ضمها إلى الأشخاص بموجب حكم قضائي.

ما تبقى من أشجار حرش حارم
ما تبقى من أشجار حرش حارم

سليمان عدلة قال إن المجلس المحلي في حارم لا يمتلك قوة تنفيذية لمنع القطع، تاركاً المسألة لـ “ضمير الأشخاص”، ويقتصر دور المجالس ووزارة الزراعة على بعض الحملات التوعوية.

يقول من التقيناهم إن القطع يتم “على عينك يا تاجر”، دون أن يُسأل أصحاب المناشر وسيارات الحطب التي تمر من الحواجز وفي الطرقات العامة والتجار الذين يعرضون أطناناً منها في الساحات عن مصدرها، ولا تطال الضبوط سوى بعض الأفراد الباحثين لعائلاتهم عن الدفء، متسائلين عن قدرة الشرطة الحرة أو المجالس على مواجهة أي عنصر في فصيل مقاتل؟

لا تعويض للأشجار الحراجية

لا يمكن تعويض خسارة الأحراش التي تعرضت للإزالة في المنطقة، إلّا أن المهندس عبد العال يؤكد أن مديرية الزراعة وبعض المجالس المحلية بالتعاون مع المنظمات قامت بحملات تشجير في بعض المواقع، كما تعمل المديرية على تجهيز مشتل “بسليا”، وهو أحد مشتلين كانا يتبعان لمديرية الزراعة قبل عام 2011 في إدلب، وتبلغ مساحته 75 دونماً بطاقة إنتاجية تصل إلى مليون غرسة سنوياً، أما المشتل الثاني في سهل الروج والذي تبلغ مساحته 135 دونم بطاقة إنتاجية تصل إلى ثلاثة ملايين غرسة فلا مشاريع لإعادة تفعيله.

من جهته ناشد عدلة المنظمات الزراعية العاملة بتقديم الدعم اللازم، ويرى أن مثل هذه المشاريع تحتاج إلى مبالغ طائلة لا يمكن أن تغطيها المجالس المحلية بإمكانياتها المحدودة.

ولا يقل الجانب التوعوي عن إعادة الزراعة برأي المهندس الراعي الذي طالب مديريات الزراعة والمواقع الإعلامية بتنظيم حملات للحديث عن الأضرار التي تنجم عن إزالة الغابات والقطع الجائر، وتنفيذ عمليات التشجير الطوعي، ليبقى الأهم بوجهة نظر جميع من التقيناهم تفعيل المحاسبة وتشديد العقوبات على قاطعي الأشجار، أيّاً كانت صفتهم أو تبعيتهم.

أضرار على الحياة العامة والتربة

يقول المهندس عمر الراعي إن مخاطر إزالة الغابات كبيرة جداً وإن آثارها ستمتد لاحقاً إلى الحياة العامة بشكل كامل، إذ يتسبب فقدانها بانتشار الملوثات وغاز ثاني أكسد الكربون في الهواء كونها تمثل الرئة التي يتنفس منها السكان، مقدراً أن كل شجرة تنتج ما يكفي عشرة أشخاص من الأكسجين سنوياً.

كذلك ساهم قطع الأشجار في انجراف التربة، وذلك كون الأحراش تقع في مناطق جبلية ومع سقوط الأمطار وغياب ما يؤدي إلى تماسك التربة من غابات تشكلت الكثير من السيول التي جرفت معها كميات كبيرة من التربة، ما سيؤدي إلى أضرار كبيرة في تربة الأحراش والأراضي المجاورة لها.

ويؤدي قطع الأحراش إلى “تعطيل دورة المياه في الطبيعة” بحسب الراعي الذي قال إن المنطقة ستشهد ارتفاعاً بدرجات الحرارة نتيجة غياب الغطاء النباتي، وقلة في الأمطار (كون الغابات تعتبر جاذباً للهطولات المطرية)، ناهيك عن انتشار الغبار وزيادة حدة الرياح باعتبار أن هذه الأحراش كانت تمثل “مصدات طبيعية” للقرى والبلدات.

قطع الأشجار بريف حلب الغربي
قطع الأشجار بريف حلب الغربي

ويقول المهندس البدوي إن قطع الغابات أدى إلى فقدان التنوع الحيواني وهدد الكائنات الحية فيها، إذ دُمّرت الموائل الطبيعية للحيوانات والأصول الوراثية، وتآكلت وتسممت الترب الزراعية نتيجة استخدام المتفجرات، إضافة إلى تلوث المياه في أغلب مصادرها. كما تعرضت بعض الطيور والحيوانات النادرة للنهب والصيد الجائر، وبخاصة في المحميات الطبيعية كالغزلان والنسور والنعام، وغيرها، إضافة إلى انحسار الغطاء النباتي في الكثير من مناطق الغابات الطبيعية والمحميات؛ ما أدى إلى هجرة بعض الطيور وانقراضها، مساهماً في إحداث خلل في التنوع الحيوي. ومن الأنواع الحيوانية المهددة بالانقراض على سبيل المثال طائر أبو منجل الشمالي والقطقاط الاجتماعي والنعار السوري.

ملايين الأشجار المقطوعة في الشمال السوري تحتاج لعشرات السنين لإعادة زراعتها قبل فوات الأوان، يقول الراعي، خاصة وأن هذه المساحات لم تعد قابلة للزراعة إلّا إن تم سحب جذورها من الأرض، فعمليات التحطيب تكتفي بسوق وجذوع الأشجار، دون الجذور الأرضية وهي ما يمنع عودتها للنمو أو زراعتها ويؤدي إلى موت أي شتلات جديدة.