فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

focusaleppo

صلاح زعتور.. معلم أحيا العِلم من تحت الركام

سحر زعتور

من خيمة النزوح إلى أنقاض مدرسته، يعود المعلم صلاح زعتور للمساهمة في إعداد جيل متعلم بين جدران مدرسته المهدّمة، ويُحيي حلم التعليم رغم المعوقات

في مدينة كفرنبل، حيث كان العلم والثقافة جزءًا من هوية أهلها، وُلد صلاح زعتور قبل أربعين عامًا. ترعرع بين أزقتها، وتلقى تعليمه في مدرسة كفرنبل الريفية، التي عاد إليها معلمًا بعد إنهاء دراسته الجامعية، ليقف في الصفوف ذاتها التي كان يومًا ما طالبًا فيها، وبين الأساتذة الذين شكلوا جزءًا من وعيه المعرفي والتربوي.

أحد صفوف المدرسة الريفيّة في مدينة كفرنبل بريف إدلب، آذار 2025- تصوير: سحر زعتور.
أحد صفوف المدرسة الريفيّة في مدينة كفرنبل، ريف إدلب، آذار 2025- تصوير: سحر زعتور.

قبل ست سنوات قطع النزوح مسيرة التعليم في المدينة، واضطر زعتور إلى مغادرة كفرنبل، متنقلًا مع عائلته بين مخيمات الشمال السوري، واستقر به الحال في مخيم قرب مدينة دركوش غربي إدلب.

لم يتخلَّ زعتور عن رسالته، فعمل مديرًا لمدرسة في المخيم لمدة أربع سنوات، محاولًا أن يعوض الأطفال المهجّرين عن مدارسهم المدمرة. رغم قسوة الحياة في الخيمة الصغيرة التي آوته رفقة زوجته وأطفاله الأربعة، لم تفارق ذاكرته كفرنبل ومدرستها، وظل حلم العودة وإحياء التعليم فيها يرافقه في كل خطوة. 

بعد سنوات من النزوح، جاءت اللحظة التي انتظرها بسقوط نظام الأسد، ليعود إلى مدينته رغم الدمار الذي طال كل شيء، حتى منزله الذي لم يعد يصلح للسكن.

واقع المدينة الصادم لم يحبطه، بل زاد من عزيمته. وقف بين جدران مدرسة كفرنبل الريفية مدركًا أن مهمته الحقيقية بدأت للتو. فقرر رفقة مجموعة من زملائه، إعادة فتح المدرسة، وبدأ العمل على استقطاب الأطفال العائدين، ليمنحهم فرصة التعليم، ولو في صفوف تفتقر إلى الأبواب والنوافذ والمقاعد.

بمساعدة الأهالي والدفاع المدني، نُظّفت الصفوف، وجُهزت الأرضيات بما تيسر،عائلات وفّرت “الحصر“، آخرون أحضروا “قطع إسفنج” للجلوس، فيما تبرع آخرون بـ “سبورات للكتابة”.

تلميذ في باحة المدرسة الريفيّة، كفرنبل، ريف إدلب، آذار 2025- تصوير: سحر زعتور.
تلميذ في باحة المدرسة الريفيّة في مدينة كفرنبل، ريف إدلب، آذار 2025- تصوير: سحر زعتور.
ترديد الشعار الصباحي في المدرسة الريفيّة، كفرنبل، ريف إدلب، آذار 2025- تصوير:  سحر زعتور.
ترديد الشعار الصباحي في المدرسة الريفيّة بمدينة كفرنبل، ريف إدلب، آذار 2025- تصوير: سحر زعتور.

 مع ذلك، ما تزال التحديات كبيرة، فـ المرافق الصحية غير متوفرة تقريبًا، لم يكن هناك سوى حمام واحد جرى تأهيله بعد جمع مبلغ من الأهالي، الكتب المدرسية شبه معدومة، والمعلمون قلة أمام العدد المتزايد من الطلاب في المدينة وماحولها.

يقول صلاح زعتور: “رغم الصعوبات وتدمير المدرسة، لكننا مستمرون بعملنا بشكل تطوعي بلا موارد، ومع ذلك، لدينا نحو 150 طالبًا وطالبة، والعدد يزداد يوميًا. حلمنا أن نعيد كفرنبل كما كانت، مدرسة تضج بالحياة، وأن نعيد بناءها لتصبح مؤهلة لاستقبال طلابها من جديد”.

صلاح زعتور معلم صمد في وجه الحرب والنزوح. وجدران المدرسة الشاهدة على الخراب تُعِدُّ داخلها أطفالًا يؤمنون بأن العلم هو الخطوة الصحيحة في طريق العودة إلى الحياة.

المعلم محمود العبي يشرح درس اللغة الإنكليزية في المدرسة الريفيّة بمدينة كفرنبل في ريف ادلب، آذار 2025- تصوير: سحر زعتور.
المعلم محمود العبي يشرح درس اللغة الإنكليزية في المدرسة الريفيّة بمدينة كفرنبل في ريف ادلب، آذار 2025- تصوير: سحر زعتور.
تلميذات تشاركن بالدروس داخل الصف في المدرسة الريفيّة بمدينة كفرنبل، ريف إدلب، آذار 2025- تصوير: سحر زعتور.
تلميذات تشاركن بالدروس داخل الصف في المدرسة الريفيّة بمدينة كفرنبل، ريف إدلب، آذار 2025- تصوير: سحر زعتور.