فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

مهجَّرون بين فرحة النصر ومرارة الخيام

رهام علي

فرحة التحرير تختلط بواقع الأنقاض، حيث ينتظر المهجَّرون بين الخيام وعداً بإحياء ما اندثر

وسط أجواء الفرح بتحرير سوريا وعودة مهجرين إلى مدنهم وقراهم، يبقى وجه آخر للقصة، مهجَّرون يعيشون مرارة الانتظار في المخيمات ولن يستطيعوا العودة لقراهم المهدمة إلا بعد بنائها من جديد.

على أطراف مدينة كفر تخاريم غربي إدلب، يعيش سكان مخيم أهل العز. معظمهم مهجرون من ريف إدلب الجنوبي الشرقي، أبرزها قرية أبو الظهور. هذا المخيم كغيره من عشرات المخيمات، صار محطة لمن تركوا منازلهم وأحلامهم خلفهم.

لم تكتمل فرحة الحاجة أم أحمد، 75 عاماً، بسقوط نظام الأسد، فبعد يومين من خبر تحرير قريتها، توجهت لرؤية منزلها وأرضها التي هجرت منها قسراً، لكنها لم تكن كما تركتها قبل ست سنوات. تقول: “منزلي بلا سقف، وكل ما فيه سُرق، حتى الأشجار اقتلعت من جذورها وأُحرقت، قريتنا بأكملها أضحت أنقاضاً”. بعينين دامعتين تضيف أم أحمد: “لا أملك المال لإعادة بناء منزلي، أعيش الآن مع ابنتي التي تعيلني وأحفادي بعد وفاة والدهم”.

أم محمود، سبعينية أخرى، تسكن مع ابنتها الأرملة وأطفالها، زارت قريتها بعد التحرير. هي الأخرى لم تجد شيئاً مما تركته لا منزلاً ولا أشجاراً ولا أيّ أثر للحياة. تقول: “الشوارع أصبحت غريبة، كأنها مدينة أشباح مرت بها جيوش المغول”.

أما العم أبو زياد فيرى الأمور من زاوية مختلفة، معتبراً أن الحجر والشجر يمكن تعويضهما. يقول: “ما يهمنا هو كرامتنا والنصر الذي صنعناه بصبرنا ودمائنا. نحن من بنى هذه البيوت وزرع هذه الأرض، وسنعيدها كما كانت وأكثر”.

أثناء التجوال في المخيم، كان المشهد لافتاً: نساء، أطفال، وكبار سن يشكلون الغالبية، مع وجود نادر للشبان. عن ذلك تشرح إحدى السيدات: “معظم الشباب توزعوا في المدن المحررة لحراستها، وغالبية القسم الآخر يعملون في تركيا، ولا يستطيعون العودة إلا بشكل نهائي، إذ لا عمل هنا ولا بيت”.

مع نهاية الزيارة، ترك المخيم أثره العميق، ليس فقط بمشاهده بل بسؤال قاطنيه الذي تردد في كل خطوة: “هل ستساعدنا الدول والمنظمات في إعادة بناء ما تهدم؟”.

هذه الصور تنقل مشاعر متناقضة بين الفرح بتحرير الوطن والحزن على ما فقده النازحون. إنها دعوة للتفكير في مستقبل من عاشوا الحرب بكل أبعادها، ويأملون اليوم أن تكون الخيمة صفحة طويت إلى الأبد.