تعرّضت محاصيل في محافظة إدلب لضرر قدّر مزارعون ومهندسون زراعيون نسبته بنصف إنتاج حقولهم في العام الحالي، مرجعين السبب لأمطار شهر أيّار المتأخرة وزيادة معدّلاتها، إضافة لتفاوت درجات الحرارة والرطوبة وغياب الصقيع ما تسبّب بانتشار الأمراض الفطرية.
لأسباب عدّة وبنسب مختلفة قدّر سامر يسوف، مهندس زراعي يشرف على حقول زراعية في ريف إدلب، نسبة الضرر الذي طال المحاصيل في العام الحالي بين 30 إلى 70%، بمواسم أهمها الكمّون والبطاطا والحبة السوداء والخيار والقمح والفوم والبصل.
وطال الضرر بين 40 إلى 50% من محصول الكمون بحسب المهندس يسوف، أما محصول البطاطا فتضرر بنحو 30%، خاصة في الحقول المزروعة باكراً، إضافة لمحاصيل أخرى مثل حبة البركة التي تضررت في مرحلة لاحقة، بسبب الأمطار المتأخرة.
الخضار أقلّ المحاصيل التي تعرّضت للضرر بسبب الأمطار المتأخرة، باستثناء الخضار ذات الأوراق الحساسة لقطرات المطر والتي ينحلّ فيها جزء من الغبار الموجودة في الهواء وتؤثر على أوراقها، وأهمها موسم الخيار الذي قدّر المهندس يسوف أضراره في حقول غربي مدينة معرتمصرين وحقول أطمة وصلوه بنحو 70%، نتيجة السيول التي جرفت معظم مساطب زراعته وجرفتها.
الرطوبة الزائدة وتفاوت درجات الحرارة بسبب الأمطار المتأخرة شكّل بيئة مناسبة لانتشار الآفات الزراعية، مثل صدأ القمح، والأمراض الفطرية في حقول الفوم والبصل. يقول المهندس الزراعي مفيد العمر: “ارتفاع الرطوبة النسبية مع ارتفاع درجة الحرارة هي البيئة المناسبة لظهور ونمو الأمراض الفطرية مثل اللفحات على الخضار مثل البطاطا والبندورة والباذنجان والفليفلة وتسبب ظهور الأصداء والبياض الدقيقي على الحبوب مثل القمح والشعير”.
وتنوّعت أضرار المحاصيل الزراعية بين التلف أو سقوط الحبة من السنابل أو ضعف جودتها ما تسبب بتراجع قيمتها الشرائية، يقول أبو كريم، مزارع من بلدة زردنا، إن الكمون والفول أكثر المحاصيل التي نالها القدر الأكبر من الضرر نتيجة هذه الأمطار المتأخرة، خاصة ما حصد وكدّس منها فقد تعرض إلى تلف بشكل شبه كامل.
ويشرح أبو كريم أشكال الضرر الأخرى في الكمون بقوله “يتحول لون الحبة من الأخضر إلى الأسود وهذا ينعكس على السعر فينخفض سعر الكمون الأسود إلى النصف مقارنة بالأخضر، إضافة إلى أن قسماً كبيراً من الحب أسقطته حبات المطر على الأرض”. ويضيف أبو كريم أن تقليب الكمّون المحصود ومتابعته من قبل مزارعين قلّلت من الخسائر، لكن كميات كبيرة أصيبت بالعفن نتيجة الأمطار ما أدى إلى تلف المحصول.
والعفن، نوع من الفطريات يترك أثره على القش والحبوب مثل الكمون والفول والعدس يؤثر على جودتها وسعرها، يقدّر المهندس العمر هبوط السعر في العام الحالي بين 25 إلى 30٪، أما غير المحصودة فإن أضرارها تكون أقل كونها تجف بعد توقف الهطول نتيجة الحرارة والرياح.
غياب الصقيع سبب آخر للأضرار التي طالت محاصيل العام الحالي، يقول المهندس العمر “إن الصقيع ضروري جداً للتخفيف من الإصابة بالأمراض وقتل أمراض أخرى، إضافة لأهميته للأشجار المثمرة في مرحلة الارتباع، فالأشجار المثمرة وخاصةً اللوزيات لا تزهر حتى تتعرض لدرجة حرارة منخفضة دون الصفر”.
لم يطال الضرر معظم المحاصيل الزراعية إذ عادت الأمطار المتأخرة بالفائدة على المحاصيل غير الناضجة (الحمص الربعي، اليانسون) وغير القابلة للحصاد مثل الخضار والأشجار المثمرة (الزيتون)، بحسب المهندس العمر. وكانت معظم مدن وبلدات الشمال السوري قد شهدت في العام الحالي هطولات مطرية فاقت معدل هطول الأمطار التراكمي السنوي، إذ تجاوزت في شهر أيار الحالي حد 50 ملم، وهو ما لم يحدث منذ سنوات كثيرة سابقة، بحسب المهندس العمر.
لا يمكن حبس المطر ولكن يمكن التقليل من الأضرار الناتجة عنه وفق نصائح وإرشادات أجملها المهندسان العمر ويسوف بـ “رش المبيدات الوقائية للأمراض الفطرية مثل اللفحات والبياض الدقيقي وغيرها مما يصيب المحاصيل والأشجار المثمرة، وتقليب المحاصيل المحصودة لضمان جفافها وعدم إصابتها بالعفن”.
بعيداً عن تأثيرات المناخ يطالب مزارعون تعرّضوا لضرر محاصيلهم وزارة الزراعة والجهات والمنظمات المعنية بالوقوف إلى جانبهم وتمكينهم من إعادة زراعة حقولهم أملاً في تعويض جزء من خسارتهم.