فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

نقص المياه في المخيمات مشكلة تجدد مع أشهر الصيف وكمية المياه ذاتها

حسن كنهر الحسين

تتكرر مشكلة نقص المياه في المخيمات كل صيف، ما يفرض على سكانها أعباء مالية إضافية في الوقت الذي اتخذت فيه منظمات حلولاً فردية ساعدت الأهالي على تعويض النقص الحاصل

تدفع أم مصطفى، تسكن في مخيم بالقرب من بلدة أطمه بريف إدلب، خمساً وعشرين ليرة تركية يومياً لشراء ثلاثة براميل من الماء تستهلكها وعائلتها المكونة من ستة أشخاص في يوم واحد، خلال أشهر الصيف الحارة.

تقول أم مصطفى إن المياه تقضم ثلث راتب زوجها العامل في مجال الخياطة والذي يتقاضى نحو ألفي ليرة تركية شهرياً، وأن ما تحصل عليه من ماء مجاني عبر المنظمات كل ثلاثة أيام لا يكفيها سوى ليوم واحد على الأكثر.

وتتضاعف حاجة السكان إلى المياه خلال أشهر الصيف الثلاث وما يرافقها من موجات حر متتالية تزيد فيها درجة الحرارة عن 40 درجة مئوية، في الوقت الذي تبقي فيه المنظمات والجمعيات المعنية بتغذية مخيمات الشمال السوري بالمياه حصّة الفرد على حالها، والمحددة بنحو ثلاثين لتر يومياً لكل فرد.

تتكرر مشكلة نقص المياه على ساكني المخيمات مع بداية فصل الصيف من كل عام لا سيما شهري تموز وآب، إذ أن معظم الأهالي تتضاعف حاجتهم لاستخدام المياه في ظل موجات الحر المتتالية.

وتقول أم رياض، تقطن وعائلتها في مخيم الهدى التابع لبلدة دير حسان والذي تتكفل منظمة شفق بتزويده بالمياه، إن حصتها المحددة بثلاثين لتر يومياً عن كل فرد لا تغطي احتياجات عائلتها المكونة من ستة أشخاص، ما يضطرها لتعبئة خزان المياه خاصتها بحجم ثلاثة براميل ونصف البرميل يومياً، وتدفع لقاء ذلك ثلاثين ليرة تركية.

وتضيف أم رياض ” كل ثلاثة أيام والرابع ليجي دورنا في تعبئة المياه، و اضطر لملء الخزان مرتين على حسابي الشخصي أسبوعياً حتى يجي دورنا في التعبئة”. وتتابع ” الحرارة مرتفعة وقلب الخيمة نار والكمية ما بتكفي لاستحمام الأولاد فقط عدا عن الغسيل والجلي والشطف، وهو ما يدفعني لشراء الماء لتغطية النقص الكبير”.

طلبات السكان برفع كميات المياه المخصصة لهم قوبلت بالرفض من قبل المنظمات، يقول محمد السليم المقيم ضمن مخيم الرحمة شمالي مدينة الدانا إن “قلة المياه خلال فترة الحر التي تستهدف المنطقة دفعه مع عدد من قاطني المخيم لتقديم معروض طالبوا فيه المنظمة الداعمة بزيادة نسبة الفرد من المياه خلال شهري تموز وآب اللذان يعتبران لبة الصيف”.

ويضيف  السليم “وقع المعروض أكثر من خمسين شخصاً يقطنون المخيم وأرسلوه عبر قسم الشكاوى ليتم إبلاغنا بعد أيام قليلة عن طريق مدير المخيم بأنهم ملتزمون بمعايير دولية لا يمكن تغييرها، إضافة لعجزهم عن زيادة النسبة لا سيما أنهم ملتزمون بتغذية أكثر من مخيم بالماء”.

رفض المنظمة زيادة نسبة المياه المقدمة أجبر السليم ومعه سكان المخيم على شراء المياه عبر الصهاريج لتغطية نقص الماء، وهو ما حمّلهم مصاريف إضافية لا سيما بعد أن ارتفعت أسعار مياه الآبار لأكثر من ضعف ثمنها السابق.

يقول السليم ” الي عمنطالعوا من شغلنا مندفعو ثمن مياه، ما عنا خيار ثاني قلب الخيمة أشبه بالفرن والولاد عبيفطسوا من الشوب إذا ما رشينا الخيمة بالماء وكتينا على حالنا مي منموت نحنا والولاد”.

وللحدّ من مشكلة نقص المياه لجأت منظمات وجمعيات إلى اتخاذ إجراءات خلال أشهر الصيف تساعد السكان على توفير مياه تغطي قسماً أكبر من احتياجاتهم، إذ فعلت منظمة “iyd” نظام الطوارئ خلال أشهر الصيف، من خلال رفع مستحقات الفرد من المياه إلى ما بين أربعين وخمسة وأربعين لتراً بشكل يومي، وفق ما أفاد به إسماعيل القدح ، أحد مراقبي المياه التابعين للمنظمة في منطقة سلقين.

“منظمة nrc” اتبعت خطة أخرى تقضي بتخفيض كمية الفرد من المياه الى خمسة وعشرين لتراً خلال أشهر الشتاء نظرا لاستخدامها المحدود، وتعويض الكمية في فصل الصيف، من خلال رفع نصيب الفرد إلى خمسة وثلاثين لتراً للفرد الواحد، بحسب أحد العاملين مع المنظمة في مراقبة توزيع المياه.

يقول أحمد الخضر مدير مخيم الفاتح “تضخ المياه مرتين أسبوعياً من قبل منظمة الإحسان الداعمة الحالية للمياه، فيما يتم تعويض النقص من قبل الأهالي عن طريق شرائها”.  

اقتراحات الأهالي بإدخال منظمتين تتناوبان على دعم المخيمات لا سيما الكبيرة  منها بالماء قوبلت بالرفض أيضاً، سواء من قبل معظم المنظمات التي تشترط في عملها عدم وجود منظمة شريكة لها، أو من إدارة التنمية المسؤولة عن توزيع تلك المنظمات على مخيمات الشمال السوري بحجة وجود مخيمات غير مدعومة بالمياه حتى الآن.

جميع هذه الإجراءات لا تعدو كونها حلهاً مؤقتاً لا يسد احتياجات السكان من المياه، لذلك سعت منظمات أخرى لإيجاد حلول مستدامة وضعت حدّاً لمشكلة نقص المياه المتكررة في كل عام، عبر حفر آبار جوفية تضخ المياه إلى خزان حجري وتمديد اشتراكات مياه لسكانها.

مخيم باريشا المكفول من جمعية التعاون وجد في هذه الطريقة حلّاً لمشكلة المياه، إذ قامت الجمعية بتمديد اشتراكات مياه بالتعاون مع المنظمة المسؤولة عن توريد المياه إلى المساكن الموجودة ضمن قطاعات المخيم كافة، بعد أخذ الترخيص بحفر بئر مجاور للمخيم.

يقول القائمون عن المشروع إن” ذلك الإجراء جاء لحل مشكلة نقص المياه المتكرر كل عام، إضافة لمحدودية عدد الآبار الجوفية في المنطقة وبعدها عن مركز المخيم الأمر الذي شكل عائقاً لدى العديد من المنظمات لتزويده بالمياه”.

وتكفّلت الجمعية بحفر بئر جوفي في المخيم وزودته بالمعدات اللازمة، بينما تكفلت المنظمة الداعمة بتمديد الاشتراكات و صيانتها، إضافة لدفع التكلفة التشغيلية لاستخراج المياه ومراقبة توزيعها على الأهالي.

تفاقم مشكلة نقص المياه دفع منسقو استجابة سوريا إلى مناشدة المنظمات الإنسانية، وبشكل عاجل، إلى تحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية تجاه النازحين في مخيمات شمالي غرب سوريا التي يقطنها أكثر من مليون ونصف مليون مدني لمواجهة درجات الحرارة، من خلال زيادة كميات المياه والعمل على تبريد المخيمات.

ويشكو سكان أكثر من 811 مخيماً انعدام المياه، إضافة إلى انخفاض كمياتها في باقي المخيمات نتيجة تخفيض الدعم وارتفاع معدل استهلاك المياه، وفق “منسقو استجابة سوريا”.

القانون المتبع من المنظمات المسؤولة عن توزيع المياه و المستمد من أحد معايير “أسفير” العالمية التي تحدد حصة الفرد من المياه بخمسة وثلاثين لتراً، يصفه الأهالي بـ “غير المنصف”، إذ لا يمكن على حدّ قولهم تطبيقه داخل خيمة لا تقِ سكانها حرّ الصيف وبرد الشتاء.