فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الزلزال وفوز الأرجنتين حدثان في آن معاً كيف عاشهما السوريون-فوكس حلب

الزلزال وفوز الأرجنتين حدثان في آن معاً.. كيف عاشهما السوريون

فراس محمد

“للوهلة الأولى لم أنتبه للتشققات التي حدثت داخل الجدران، إذ أنني في لحظة حدوث الهزة الأرضية، شعرت بالفزع وهرعت للإمساك ببواري المدفأة خوفاً من سقوطها وحرق المنزل”.

بعد تسجيل اللاعب الأرجنتيني غونزالو مونتيل هدف فوز بلاده في شِباك فرنسا، قفز مشجعو منتخب الأرجنتين فرحاً داخل مقهى في مدينة إدلب، لكن وفي خضم أجواء الفرح، عمَّ السكون المكان وتوقف الصخب لوهلة، حين شعر رواد المقهى بهزة أرضية ضربت المنطقة. 

هذا ما حدث ليلة مونديال كأس العالم الأخيرة، يوم الأحد 18 كانون الأول (ديسمبر) عند الساعة التاسعة وثلاث عشرة دقيقة مساءً، إذ شعر سكان الشمال السوري بهزة أرضية لعدة ثوانٍ وانتشر خبرها وصداها على وسائل التواصل الاجتماعي ليطمئن الآباء على أبنائهم والأقارب على ذويهم.

“الأرض تهتز وترقص فرحاً بفوز الأرجنتين بكأس العالم” بهذه الكلمات عبّر علي أبو حيدرة، في منشورٍ على فيسبوك، عن فرحه بفوز منتخب الأرجنتين بكأس العالم، وحاول كسر الخوف الذي يعيشه في قلبه على أسرته التي كانت في المنزل لحظة حدوث الهزة الأرضية، ثم سارع ليطمئن عليهم.

حسن، 25 عاماً، كان وزوجته داخل منزلهما، الذي يقع في الطابق الخامس بأحد أحياء مدينة إدلب، يقول: “عند حدوث الهزة، أصابنا الذهول والحيرة من الحركة الغريبة التي حصلت للمبنى، خاصة أننا نسكن في الطابق الأخير، وهو الأبعد عن الأرض والأكثر خطراً ورعباً عند كل هزة أرضية”.

أما بلال، 32 عاماً، من مدينة إعزاز شمالي حلب، فقد خرج من شقته بعد لحظات حدوث الهزة الأرضية، ليجد جميع سكان المبنى قد خرجوا أيضاً من شققهم وتجمعوا على الدرج خوفاً من هزات ارتدادية جديدة، يقول: “فجأة بدأت البناية تهتز بشكل سريع، وخلال ثوانٍ قليلة توقف الاهتزاز، خطر لي مباشرة الخروج من البيت مع عائلتي، خاصة أنني أقطن في الطابق الرابع، واحتمالية انهيار المبنى واردة جداً”.

الصورة أثناء المباراة النهائية لكأس العالم في مقهى بمدينة الدانا شمالي إدلب - فوكس حلب
الصورة أثناء المباراة النهائية لكأس العالم في مقهى بمدينة الدانا شمالي إدلب

تسببت الهزة الأرضية أيضاً بتشققات داخل جدران منزل أحمد هاشم بحري، من مدينة الأتارب غربي حلب، إذ يصف المشهد بقوله: “للوهلة الأولى لم أنتبه للتشققات التي حدثت داخل الجدران، إذ أنني في لحظة حدوث الهزة الأرضية، شعرت بالفزع وهرعت للإمساك ببواري المدفأة خوفاً من سقوطها وحرق المنزل، بعدها تحول الجو العام في المنزل إلى ضحك وأصبح أولادي وأحفادي يقلدون ردة فعلي حين فزعت، لكن إحدى بناتي رأت تشققات الجدران ونبهتني لها”. 

فسَّرَ المهندس أنس الرحمون، الباحث في مجال المناخ والبيئة، سبب حدوث الزلزال بالضغط الذي تمارسه صفيحة الأرض التي تتوضع عليها بلاد الشام على صفيحة أرض الأناضول والفالق الفاصل بينهما، إذ أن الأخيرة تمتد من شمال سوريا غرباً إلى عموم المناطق التركية، وما يحدث هو عملية تفريغ للضغط تحدث خلال فترات زمنية، غير معروفة، على شكل هزات أرضية، حسب قوله.

وأضاف الرحمون: “الزلزال الذي تأثرت به مناطق الشمال السوري كان مركزه شمال شرقي الريحانية التركية بـ 6 كيلو متر وبلغت شدته 4.8 على مقياس ريختر (مقياس عالمي لقياس شدة الزلازل حول العالم) وبعمق 10 كيلو متر بباطن الأرض، ووصل تأثيره إلى عدة مدن سورية قريبة من تركيا”.

وتعليقاً على نزول بعض الأهالي إلى الشارع خوفاً من هزات ارتدادية جديدة، قال الرحمون: “الهزات الأرضية الارتدادية تكون عادة أخف من الزلزال الأصلي وربما تحصل الهزات الارتدادية بعد ساعة أو يوم أو أسبوع أحياناً بعد شهر”.

وعن احتمالية حدوث زلازل مستقبلية في الشمال السوري يرى الرحمون أن “المنطقة توضع على صفيحتان تضغطان وتتحركان بعكس عقارب الساعة، ووجود فالق بينهما أدى للعديد من الزلازل المدمرة وهي موجودة بأرشيف سوريا وضربت حلب ودمشق وبيروت، توضح لنا إمكانية حصول زلازل مدمرة على فترات زمنية متباعدة ربما كل مائة سنة أو أكثر”. 

وأضاف: “خلال السنوات الثلاث الماضية تعرض الشمال السوري وجنوب تركيا إلى نحو 7 زلازل متوسطة، وربما يكون التخوف أكبر من زلازل مدمرة بحسب علماء في منطقتي أزمير واسطنبول التركيتين التي ربما تصل فيها شدة الزلازل إلى 7 درجات على مقياس ريختر لكن دون معرفة النطاق الزمني”.

الصورة أثناء المباراة النهائية لكأس العالم في مقهى بمدينة الدانا شمالي إدلب1-فوكس حلب
الصورة أثناء المباراة النهائية لكأس العالم في مقهى بمدينة الدانا شمالي إدلب – فوكس حلب

تُعد مباني الهياكل الإطارية المبنية من كتلة خرسانية مسلحة بالفولاذ والحديد من أفضل المباني المقاومة للزلازل، ومعظم المباني في مناطق الشمال السوري تعتمد هذه الطريقة في البناء، ولكن يوجد بعض التجاوزات، بحسب الدكتور في الهندسة المدنية عباس الحاج علي العباس، ومن الأفضل الالتزام بعرض المخططات على نقابة المهندسين والالتزام بالمخطط بعد الموافقة عليها.

إذ أن المخاطر التي نجمت عن الحرب سببت تصدعات في المباني وباتت أقل مقاومة للزلازل، كما يوضح العباس، ومن الضروري إعادة صيانتها وإصلاحها بعد إجراء الدراسة المناسبة عليها من أجل تقويتها وتدعيمها وهذا ينطبق على العديد من البنى التحتية في المنطقة مثل الصرف الصحي وشبكات المياه والطرق.

لكن من شعروا بالهزة الأرضية ولم يقلقوا من تداعياتها، هم سكان المخيمات، إذ قال بلال أبو محمد، نازح يقطن في مخيم القلعة غربي سرمدا على الحدود السورية التركية: “منيح نحنا ساكنين بخيمة”، وهو لسان حال جميع ساكني الخيام بعدما شعروا بالهزة الأرضية.

ومن باب المزاح قال أبو محمد لصديقه: “كان الله في عون أهلنا في المدن والمباني الحجرية”.