فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

هجوم على مركز مرعيان الطبي في إدلب

قتلت السيدة فاطمة الخطيب أم قاسم وتعرض طفلها لإصابة خطرة تسببت ببتر يده إثر تعرض منزلهما لقصف بعدة قذائف فجر يوم 8 أيلول/ سبتمبر 2021

  • مكان الضربة: إدلب –مرعيان 
  • موقع التأثير: مركز طبي
  • التاريخ: 8 أيلول/سبتمبر 2021
  • التوقيت: بين الساعة 5:40 والساعة 6:00 صباحاً بالتوقيت المحلي، وفقاً لإفادات الشهود، إبلاغات مراصد الطيران، إبلاغات على وسائل التواصل الاجتماعي
  • الضحايا: مقتل سيدة وإصابة طفلها، تم التحقق منهما من قبل فريق التحقيق
  • نوع الحادثة: قصف مدفعي متعدد استهدف نقطة طبية ومنزلاً سكنياً 
  • الذخائر المحددة: قذيفة واحدة على الأقل موجهة بالليزر من سلسلة 3OF-39 مع نظام مدفعية كراسنوبول 2K25
  • المسؤول المحتمل: نقطة عسكرية مشتركة في قرية بسقلا بريف إدلب الجنوبي تتبع لقوات الحكومة السورية والقوات الروسية

مقدمة:

قتلت السيدة فاطمة الخطيب أم قاسم وتعرض طفلها لإصابة خطرة تسببت ببتر يده إثر تعرض منزلهما لقصف بعدة قذائف فجر يوم 8 أيلول/ سبتمبر 2021.

استُهدف المنزل الطابقي بقذيفتين، تفصل بينهما دقائق قليلة، اخترقتا السقف الاسمنتي وتسببتا بدمار كبير في المبنى المكون من منزل سكني في طابقه العلوي ومركز طبي في الطابق الأرضي، تدمر بشكل كامل وخرج عن الخدمة.

نجا زوج السيدة فاطمة، وهو محمد الخطيب، مدير المركز الطبي في قرية مرعيان من الضربات بعد أن توجه إلى المسجد المجاور لأداء صلاة الفجر، وكذلك الطاقم الطبي لوجودهم في غرفة داخلية وتركهم للمكان بعد القذيفة الأولى، بينما قضت السيدة التي قال شهود عيان من أبناء المنطقة إنها رفضت الخروج من منزلها سابقاً مع حملات النزوح، وإنها بقيت في المكان رفقة الكوادر الطبية لعلاج المرضى من أبناء جبل الزاوية بعد أن استهدفت معظم النقاط الطبية في المنطقة وغابت الخدمات الطبية تماماً.

يقول أمين المستودع في نقطة مرعيان الطبية، مصطفى معن الخطيب، لفوكس حلب  إن قذيفتين استهدفتا المنزل والنقطة الطبية في الساعة 05:40 دقيقة أسفرتا عن مقتل السيدة فاطمة الخطيب وإصابة طفلها عبد الرحمن خطيب، إضافة لتدمير الطابق العلوي بالكامل وأجزاء كبيرة من النقطة الطبية في الطابق السفلي.

وأضاف الخطيب أن النقطة الطبية عبارة عن قسمين: إسعاف وعيادات، إضافة لصيدلية مجانية، يقوم عليها كادر مؤلف من طبيب وممرضين وفني تخدير وحارس ومستخدم، وتخدم النقطة الطبية نحو 25 قرية على مدار الساعة.

ونقطة مرعيان الطبية هي النقطة الطبية الوحيدة التي كانت ما تزال في الخدمة في منطقة جبل الزاوية بعد استهداف وإغلاق المستشفيات والنقاط الطبية في المنطقة.

المنهجية 

أجرى الأرشيف السوري تحقيقاً حول الحادثة اعتماداً على:

  • تحليل  إفادات الشهود من إعلاميين ومصورين وسكان في المنطقة 
  • حفظ، تحليل، والتحقق من 42 مقطع فيديو وصورة تم تحميلها على شبكات التواصل الاجتماعي تظهر موقع التأثير، آثار الدمار، الضحايا، الاستجابة الأولية.
  • تحليل 50 صورة ومقطع فيديو وفرها فريق فوكس حلب بزيارة موقع التأثير،  تظهر الدمار ومكان سقوط القذائف، بقايا القذائف (الشظايا)، دراسة الاتجاهات المحتملة لسقوطها، كذلك التأكد من التطابق بين المكان المستهدف الذي صوره فريق فوكس حلب  مع الصور والفيديوهات المحملة على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية.
  • تطابق المكان مع المعالم البارزة عبر صور الأقمار الصناعية، ورسم خرائط محتملة لمكان خروج القذائف بناء على جهة القذيفة، تحليل شهادات  المراصد، وتحديد الوقت بناء على الشهادات وأول البلاغات، وتحليل موقع الشمس في لقطات تظهر أوائل المستجيبين

كان هذا التحقيق خلاصة مراحل متعددة من التحليل للمصادر المتاحة زودت هذه المصادر فيما بينها، الفريق بمعلومات مرتبطة بتاريخ الحادثة، توقيتها، موقع التأثير، الإصابات، والأضرار الناجمة.

حول قرية مرعيان في جبل الزاوية 

تمثل قرية مرعيان بوابة قرى جبل الزاوية من الجهة الشمالية، وتتبع لناحية احسم منطقة أريحا، وهي عقدة مواصلات مهمة يتفرع عندها طريق جبل الزاوية باتجاه معرة النعمان وكفرنبل، المدينتين اللتين تسيطر عليهما قوات الحكومة السورية منذ بداية 2020.

وتقع قرية مرعيان، وقرى جبل الزاوية (نحو ثلاثة وثلاثين قرية) ضمن مناطق خفض التصعيد المطلة على الطريق الدولي M4، ويكشف جبل الزاوية مساحات واسعة على الطريقين M4,M5، وتسيطر عليها حكومة الإنقاذ.  وكانت هدنة قد وقعت في بداية آذار 2021  بين الجانبين الروسي والتركي في المنطقة، أفضت إلى وقف إطلاق النار وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الرئيسي.

لقطة شاشة توضح مناطق خفض التصعيد -المصدر فيديو قناة الجزيرة

ومنذ بداية أيار 2021، شهدت قرى جبل الزاوية تصعيداً كبيراً طال معظم هذه القرى، بالغارات الجوية والقذائف المدفعية ما أجبر قسماً من النازحين العائدين إلى المنطقة على النزوح من جديد.

في تقرير نشره مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، أورد فيه جدولاً حول الضربات التي طالت المنطقة خلال شهر أيار 2021، كانت حصة ريف إدلب الجنوبي منها عشر ضربات، ليرتفع العدد في شهر حزيران من العام نفسه إلى 36 ضربة بالقذائف المدفعية، وكان منسقو استجابة سوريا قد وثقوا خلال الفترة الممتدة بين الأول من حزيران والخامس والعشرين من تموز  2021 نحو 791 خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وقصف 19 منشأة خدمية وطبية ومخيمات ومدارس، ونزوح أزيد من أربعة آلاف شخص.

حول مركز مرعيان الطبي (المركز الطبي في جبل الزاوية)  في مرعيان -جبل الزاوية

مرّ مركز مرعيان الطبي بفترات نشاط تدرجّت من حيث الأهمية والاعتماد عليه والخدمات التي يقدمها، منذ تأسيسه حتى خروجه  عن الخدمة نتيجة القصف الذي طاله في 8 أيلول/سبتمبر 2021، ويعد من أوائل النقاط الطبية في جبل الزاوية وأقدمها، إذ تأسس عام 2012 بدعم من منظمة أورينت قبل أن يتوقف الدعم عنه في عام 2015.

يذكر تقرير مصوّر نشره راديو فرِش أن مركز مرعيان الطبي  غير مدعوم من أي جهة أو منظمة إنسانية، ويعمل فيه متطوعون حتى تاريخ الحادثة، ويستقبل يومياً بين (120-130) مريضاً، ويقدم الخدمات الإسعافية لأبناء جبل الزاوية.

ويضيف تقرير راديو فرِش أن المركز يضم طبيبًا وأربعة ممرضين، ويعتمد على دعم من متبرعين لتغطية النفقات، ويقدم خدمات إسعافية إضافة لعلاج اللشمانيا وصيدلية لتقديم الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة.

وتأتي أهمية مركز مرعيان الطبي من غياب المنشآت الطبية في جبل الزاوية، إذ يخدم المركز الوحيد أزيد من خمسين ألف شخص، وتبعد أقرب المراكز الصحية عن قرى جبل الزاوية، والموجودة في مدينة أريحا، ما يزيد عن عشر كيلومترات، بينما تبعد المشافي في إدلب نحو ثلاثين كيلو متراً.

تحديد الموقع الجغرافي لمركز مرعيان الصحي

يُظهر المحتوى البصري المنشور عبر الإنترنت والمرتبط بالقصف على مركز مرعيان الصحي معالم بارزة في محيط المركز، تتطابق هذه المعالم مع صور الأقمار الصناعية للموقع المستهدف، ما يؤكّد وقوع الهجوم.

تُظهر الصور ومقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت دماراً في بناء طابقي تحمل لافتة باسم مركز مرعيان الطبي، يجاوره عدة منازل ومسجد بالقرب من المنشأة الطبية. يمكن رؤية هذه المعالم بوضوح من صور الأقمار الصناعية التي تؤكد أن مركز مرعيان الطبي كان موقع التأثير.

ماذا حدث (ومتى)؟

نحو الساعة 5:42 من صباح يوم 8 سبتمبر 2021 بالتوقيت المحلي تعرض  بناء طابقي يتألف من منزل سكني ومركز طبي في قرية مرعيان بريف إدلب الجنوبي لقصف بقذيفة مدفعية من نوع كراسنوبول، تلاه استهداف آخر بعد دقائق للمكان ذاته، وعلى مسافة نحو متر واحد من القذيفة الأولى.

في تقرير مصور نشرته شبكة شام على صفحتها على موقع فيس بوك  يقول أحد شهود العيان إن الضربة الأولى حصلت عند الساعة  5:42 صباحاً بالتوقيت المحلي وتلاها استهداف آخر بعد عدة دقائق. نُشر أول بلاغ عن القصف على  المدينة عند الساعة 5:51 صباحاً. 

لقطة شاشة ﻷول بلاغ عن القصف على بلدة مرعيان المصدر: تويتر

وبعد نحو 38 دقيقة من الهجوم تم تداول أول إبلاغ عن القصف على النقطة الطبية على شبكة الانترنت عند الساعة 6:20 صباحاً.

تغريدة حول استهداف النقطة الطبية في بلدة مرعيان، المصدر: الصحفي ابراهيم خطيب

إضافة لذلك، يظهر فيديو نشره الصحفي أنس معراوي على صفحته في فيسبوك، في الساعة 7:02 بالتوقيت المحلي صباح يوم الحادثة، أي بعد ساعة وعشرين دقيقة من توقيت  الهجوم وصول أوائل المستجيبين إلى المكان، وتوضح اللقطات الحرائق التي تسببت بها القذائف والدمار الذي طال المنزل السكني في الطابق العلوي لمركز مرعيان الطبي.

لقطة من الطابق الأوّل (العلوي) تبيّن الأضرار والحرائق – المصدر:  فيديو نشره الصحفي أنس معراوي

بعد ساعات قليلة من توقيت الهجوم توجّه ناشطون ووسائل الإعلام إلى مكان الحادثة وبدؤوا بث تقارير مصورة وأخبار عن الضربات على المركز الطبي في مرعيان، كان من بين هذه التقارير ما نشره تلفزيون أورينت، وتلفزيون سوريا، إضافة لمواد نشرها إعلاميون وناشطون وصفحة الدفاع المدني.

ونقلت شبكة شام الإخبارية في فيديو نشرته بعد ساعات من الهجوم إفادة شاهد عيان من أبناء المنطقة، تحدث عن توقيت وقوع الحادثة  في الساعة 5:42 تلته قذيفة أخرى بعد دقائق، وتحدث عن إسعاف سيدة وطفلها في المكان ونقلهم إلى إدلب، قبل أن تلقى السيدة حتفها في المشفى. ويظهر في الفيديو، على حائط المنزل، اسم مركز مرعيان الطبي والدمار الكبير في المكان.

ونقل الصحفي محمد بلعاس، في فيديو نشره على صفحته في فيسبوك، إفادة أحد الشهود قال إن “المكان استهدف بقذيفتين موجهتين بالليزر من نوع كراسنوبول، وإن السيدة أم قاسم تقطن فوق المركز في الطابق العلوي الذي تم استهدافه، وإنها رفضت الخروج وبقيت مع الكوادر الطبية العاملة في المركز الذي يشغل الطابق السفلي من منزلها، مؤكداً أن عمر المركز نحو عشر سنوات”.

وليد أصلان، قائد قطاع أريحا للدفاع المدني، أكد، في فيديو نشرته قناة أورينت، قصف مركز مرعيان الطبي الذي يقدم الخدمات الإسعافية لسكان جبل الزاوية ومقتل السيدة فاطمة الخطيب وإصابة طفلها، وقال إن القصف المتواصل على المنطقة يجبر السكان على النزوح نحو الشمال.

وتحدث مراسل أورينت عن الدمار في موقع التأثير بقذائف ليزرية من نوع كراسنوبول، وتدمير النقطة الطبية وخروجها عن الخدمة.

منظومة الإحالة والإسعاف المركزية نشرت صوراً لنقل المصابين من المكان، وتحدثت عن قذائف كراسنوبول استهدفت مركز مرعيان الطبي، كذلك تحدث مراسل تلفزيون سوريا في فيديو من المكان عن سقوط أربعة قذائف كراسنوبول في مرعيان، قذيفتين منها سقطتا على مركز مرعيان الطبي، ونقل إفادة أحد الشهود يقطن في منزل يبعد عشرين متراً عن موقع التأثير قوله “في الساعة 5:42 دقيقة سقطت قذيفة على البناء الذي يضم المركز الطبي، توجهت إلى مكان القصف وحاولت إسعاف المصابين، كانت سيدة وطفلها قد تعرضا للإصابة، ونقلا إلى إدلب، وقضت السيدة بعد وصولها إلى المستشفى”.

وفي تقرير مكتوب نشره الدفاع المدني على موقعه حدد نوع القذائف بـ كراسنوبول وأكد على مقتل السيدة وإصابة طفلها.

من خلال الفيديوهات والصور؛ تحقق  فريق التحقيق من الضربات التي  طالت مركز مرعيان الطبي وخلص إلى:

  •  تطابق إحداثيات القصف مع مركز مرعيان الطبي، وحجم الدمار الكبير الذي طال المكان ما أخرج المركز عن الخدمة،
  • خلو المنطقة من أي مقرات عسكرية، إذ يحيط بالمركز عدد من منازل المدنيين إضافة لمسجد التقوى من الجهة الغربية،
  • تطابق الصور والفيديوهات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي مع مركز مرعيان الطبي.
  • التأكد من مقتل السيدة فاطمة الخطيب، وإصابة طفلها، إذ حصل فريق التحقيقات على صور حديثة للطفل الذي ما يزال في المشفى وهو يتلقى العلاج.

وخلص فريق التحقيق إلى إن قصفاً مدفعياً طال مبنى طابقياً يضم منزلاً سكنياً ومركزاً طبياً قد تعرض للقصف في 8 أيلول/سبتمبر 2021، أسفر عن مقتل سيدة وإصابة طفلها، وإخراج المركز الطبي الوحيد في جبل الزاوية عن الخدمة.

التوقيت:

أبلغ مرصد الأحرار للطيران عند الساعة 5:47 دقيقة على صفحته في تلغرام عن وجود طائرة استطلاع روسية تدور في أجواء احسم ومرعيان، وفي الساعة 06:05 دقائق تحدث عن وجود طائرات استطلاع تدور حول مكان سقوط الرمايات التي أبلغ عنها في الساعة 05:59 دقيقة وحددها بوصف “ليزرية”.

لقطة شاشة من مرصد الأحرار

أول الإبلاغات جاءت عبر تغريدة لـ “أبو إبراهيم” في تويتر تحدث فيها، في الساعة 5:51 دقيقة من صباح 8 أيلول/سبتمبر عن رمايات على مرعيان في إدلب. كما نشر الصحفي إبراهيم الخطيب تغريدة في الساعة 06:20 تحدث فيها عن استهداف النقطة الطبية في قرية مرعيان. ونشرت صفحة مرعيان اليوم، في الساعة 06:21، خبراً عن مقتل سيدة وإصابة طفلها في الهجوم على المركز الصحي في مرعيان. 

توالت بعد ذلك البلاغات، ونشر صحفيون وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أخباراً عن الهجوم إضافة لإفادات الشهود عن توقيت الحادثة في الساعة 5:42 من 8 أيلول/سبتمبر 2021.

يؤكد شهود تزامن القصف مع الفجر وشروق الشمس، وبحسب موقع SunCalc فإن وقت شروق الشمس في يوم ومكان الحادثة هو 5:45، وهو ما يتطابق مع التوقيت الذي حددته الإفادات لوقوع القصف، بين الساعة الخامسة والسادسة صباحاً.

إضافة إلى ذلك؛ أشار شهود إلى تزامن القصف مع صلاة الفجر في منطقة إدلب،  والتي يُرفع أذانها في إدلب يوم 8 أيلول/سبتمبر في الساعة 4:40 وفقًا لموقع timesprayer.today، وهو ما يتطابق مع التوقيت الذي حددته الإفادات لوقوع القصف، بين الساعة الخامسة والسادسة صباحاً.

يتطابق توقيت نشر البلاغات الأولى عن الحادثة مع الإفادات التي أشارت إلى وقوعها بعد صلاة الفجر، كما تعزّز الظلال الظاهرة في مقاطع فيديو أوائل المستجيبين  ذلك، إذ تبيّن وقوع الضربات بين الساعة 5:40 والساعة 06:00 من 8 سبتمبر 2021.

الدمار 

تظهر فيديوهات وصور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة لفيديوهات وثقها فريق فوكس حلب وقدمها للأرشيف السوري الدمار الحاصل في المكان، إذ يوضح فجوتان في سقف المبنى الخارجي، وتضرراً في ألواح الطاقة الشمسية، إضافة لانهيار الواجهة الشمالية من المبنى بالكامل، وتشقق الجدران المقابلة لها، وخروج النوافذ والأبواب من مكانها، وتهدم سور الشرفة الخارجي، وشظايا في المكان.

وفي مركز مرعيان الطبي نلاحظ تشققاً في البناء وانهياراً في كتلته الجدارية، وسوره الخارجي، وتضرراً للكرفانات الخارجية، إضافة لأضرار مادية في الأدوات والمعدات والأدوية، وتشققات في جدرانه الخارجية.

السلاح المستخدم 

حصل الأرشيف السوري من فريق فوكس حلب على صور لبقايا السلاح المستخدم في الهجوم على نقطة مرعيان الطبية. نشرت العديد من الصفحات حول استهداف نقطة مرعيان الطبية بسلاح كراسنوبول، من بينها ما نشره الدفاع المدني السوري في مدينة إدلب في تقرير له.

تشبه قطعتا الذخيرة اللتان ظهرتا في الصورتين صورًا لبقايا أسلحة نظام كراسنوبول التي ورد أنه عُثر عليها في أوكرانيا في عام 2019 وشاركها السكرتير الصحفي لمكتب المدعي العام لأوكرانيا أندريه ليسينكو ومصادر أخرى. على وجه الخصوص، يبدو أن القاعدة المستديرة ذات البراغي الموضحة في صورة المدعي العام و “مولد الغاز الأساسيالأنبوبي يتطابقان بشكل مباشر مع البقايا التي شوهدت في الصور التي حصل عليها الأرشيف السوري.

مقارنة مرئية لبقايا مقذوفات كراسنوبول 3OF-39 قدمها السكرتير الصحفي لمكتب المدعي العام لأوكرانيا أندريه ليسينكو (في الأعلى) مع البقايا التي تم العثور عليها موضحة في الصور المقدمة إلى الأرشيف السوري (في الوسط) وصورة لبقايا المقذوفات، على الأرجح من ذخيرة كراسنوبول ، يتشاركها مختبر DFR التابع للمجلس الأطلسي (أسفل) (المصادر: مكتب المدعي العام لأوكرانيا ؛ فوكس حلب،  مختبر DFR التابع للمجلس الأطلسي).

يوفر سياق إضافي مزيدًا من الأدلة على استخدام قذيفة كراسنوبول في هذا الهجوم. إن وجود طائرات استطلاع فوق منطقة التأثير  يتوافق مع استخدام هذا النوع من الذخيرة – إذ أنه إحدى الطريقتين المستخدمتين لتوجيه قذائف كراسنوبول الموجهة بالليزر نحو هدفها – أفاد مرصد الأحرار للطيران في الساعة 5:47 بالتوقيت المحلي عبر قناته على تلغرام عن وجود طائرة استطلاع روسية تحلق في أجواء أحسم ومرعيان. في الساعة 06:05 بالتوقيت المحلي ، أفادت عن وجود طائرات استطلاع تحلق بالقرب من موقع السقوط في الساعة 05:59 بالتوقيت المحلي، ووصفت بأنها “ليزر”.

الجمع بين الأدلة الفنية والسياقية يقود الأرشيف السوري إلى التقييم بثقة عالية أن واحدة على الأقل من المقذوفات المستخدمة في الهجوم على مرعيان كانت عبارة عن قذيفة موجهة بالليزر من سلسلة 3OF-39 تُستخدم بالاقتران مع نظام المدفعية 2K25 Krasnopol. ومع ذلك ، نظرًا لمحدودية المعلومات المرئية الموجودة في الصور المتاحة للمخلفات (والتي يبدو أنها تظهر ذخيرة واحدة فقط) وعدد متغيرات 3OF-39 التي يستخدمها نظام الأسلحة الموجه 2K25 ، فإن الأرشيف السوري غير قادر على تحديد نوع كراسنوبول بشكل إيجابي، (بما في ذلك العيار) أو ما إذا كانت جميع الذخائر المستخدمة في الهجوم من هذا النوع والطراز.

القتلى والجرحى

أسفر الهجوم عن مقتل السيدة فاطمة الخطيب وإصابة طفلها ببتر في يده إضافة لإصابات خطرة أخرى، ودمار الواجهة الشمالية من المنزل بشكل كامل، وأضرار جسيمة في البناء، وتسببت القذيفتان بخروج المركز الطبي عن الخدمة.

المسؤول المحتمل 

وثّق فريق فوكس حلب مكان سقوط القذيفتين اللتين اخترقتا سقفاً اسمنتياً بسماكة تزيد عن 12 سنتميتراً قبل انفجارهما داخل الطابق العلوي من المنزل الذي يضم المركز الطبي.

أحدثت القذيفتان فجوتين بشكل بيضوي قطرهما نحو 40 سنتيمتراً، وبتحديد اتجاه الفجوتين يتبين سقوطهما في الجهة الشمالية نحو الغرب ما يدل على أن اتجاه الإطلاق في الجهة المعاكسة كان من الجنوب إلى الجنوب الشرقي.

دراسة للضرر الذي لحق بسطح المبنى وبلوح الطاقة الشمسيّة الذي يواجه الجنوب مع زاوية ميلان باتجاه الجنوب الشرقي وحيث تتجه الصورة إلى الشمال مع زاوية ميلان إلى الشمال الغربي حيث تشير الأسهم إلى الاتجاه المرجّح لسقوط القذائف على البناء من الجهة الجنوبيّة مع زاوية ميلان إلى الجنوب الشرقي من موقع التأثير

إضافة إلى ذلك، فإن انهيار الواجهة الشمالية للمبنى من الداخل، وامتداد الشظايا إلى السور الخارجي والكرفان التابع للمركز الطبي في فناء المركز لتصل إلى المبنى المقابل الشمالي الذي يبعد نحو 10 م، يؤكد ذلك على سقوط القذائف على سقف المبنى منطلقة من جهة الجنوب.

في دائرة نصف قطرها 20 كيلومتر أعدها فريق التحقيق، استطعنا تحديد خمسة نقاط محتملة للإطلاق، جميعها تسيطر عليها قوات النظام السوري أو ميليشيات تابعة له.
خريطة نشرتها صفحة Military Observer المراقب العسكري تظهر باللون الأحمر مناطق سيطرة النظام السوري وحلفائه، باللون الأخضر مناطق سيطرة المعارضة بتاريخ 13 سبتمبر 2021

لتقدير اتجاه القصف بشكل أدق، قام أحد مراسلي فوكس حلب  بزيارة مكان التأثير مرة أخرى في نيسان 2022، وقد لاحظ إزالة ألواح الطاقة الشمسية التي كانت على سطح المركز والتي كانت قد تضررت من القصف. حاول المراسل تحديد جهة سقوط القذائف لتساعد في تحديد مركز إطلاقها. قام المراسل باستخدام برنامج البوصلة على هاتفه المحمول ووضع هاتفه في اتجاه سقوط القذيفة التي اخترقت لوح الطاقة الشمسية وبحسب البوصلة فإن جهة سقوط القذيفة كان إلى الشمال إلى الشمال الغربي بدرجة ميلان 345 درجة، أي وبحسب القراءة فإن مركز إطلاق القذيفة يقع في الجنوب إلى الجنوب الشرقي بدرجة ميلان 165 (345-180=165) أي من جهة كفرنبل.

وبرسم خط لاتجاه القذيفة تم استثناء 4 مواقع من جهات الإطلاق المحتملة منها. ينفي اتجاه القذائف أن تكون قد أطلقت من مرابض معرة حرمة أو الدار الكبيرة، كذلك معرتماتر أو معرة النعمان، ويحصر زاوية الإطلاق في بسقلا وما حولها.

صورة من الأقمار الصناعيّة تبيّن موقع مربض مدفعيّة بسقلا حيث يبعد حوالي 14.7 كم إلى الجنوب -الجنوب الشرقي في زاوية ميلان 176 درجة من مركز مرعيان الطبي 

ويقع مربض بسقلا تحت إدارة مشتركة بين النظام السوري وروسيا، بحسب تقرير لـ سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، تحدث عن استهدافات مماثلة بقذائف كراسنوبول أطلقت من المربض ذاته خلال الأشهر الماضية على قرى وبلدات في جبل الزاوية.

تتمركز قوات الحكومة السورية على الحدود المتاخمة لإدلب، وفي المناطق كافة، لكن اتجاه القذائف من الجهة الجنوبية الشرقية يدل على سقوطها من أحد مرابض المدفعية المتموضعة في قرية بسقلا بريف إدلب الجنوبي، يؤكد ذلك مرصد محلي قال إن القذائف خرجت من مربض مدافع “أكاسياً” في بسقلا.

صورة أقمار صناعيّة لمرابض مدافع “أكاسيا” في بسقلا

خاتمة:

من خلال المعلومات المفصّلة أعلاه؛ استطاع الأرشيف السوري التأكيد على أن قصفاً استهدف نقطة لطبية ومنزلاً سكنياً في قرية مرعيان بريف إدلب الجنوبي بين الساعة 5:40 و الساعة 06:00 من يوم 8 أيلول /سبتمبر 2021، تسبب القصف بمقتل السيدة فاطمة الخطيب وإصابة طفلها عبد الرحمن، إضافة لتدمير المنزل والنقطة الطبية وخروج الأخيرة عن الخدمة. 

بسبب محدودية التحقيقات؛ فإن الأرشيف السوري غير قادر على تحديد نوع الصاروخ والجهة المسؤولة بشكل قاطع. ومع ذلك، تشير المعلومات والمواد والشهادات مفتوحة المصدر التي حصل عليها الأرشيف السوري إلى إطلاق قذيفة واحدة على الأقل من سلسلة 3OF-39 موجهة بالليزر تُستخدم جنبًا إلى جنب مع نظام مدفعية Krasnopol 2K25 من ثكنة عسكرية في قرية بسقلا حيث تشترك القوات السورية والروسية في السيطرة.  ما يرجّح هاتين الجهتين كمسؤولين محتملين عن هذه الحادثة

تم إجراء هذا التحقيق بالتعاون مع الأرشيف السوري والدفاع المدني السوري، مع مداخلات من خدمة أبحاث التسلح (ARES)، وهي منظمة أبحاث غير سياسية.