فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة-فوكس حلب

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة

. سجلّات عقارية مؤقتة وأخرى موازية للسجلات الأصلية ودعاوى قضائية لم يبتّ فيها، إضافة لعقود ملكيات يخاف أصحابها في محافظة الرقة في كل مرة إبرازها خشية التهم التي يمكن إلصاقها […]

.

سجلّات عقارية مؤقتة وأخرى موازية للسجلات الأصلية ودعاوى قضائية لم يبتّ فيها، إضافة لعقود ملكيات يخاف أصحابها في محافظة الرقة في كل مرة إبرازها خشية التهم التي يمكن إلصاقها بهم، هذا إن استثنينا مشاكل متفاقمة منذ خمسينات وستينات القرن الماضي تخص الشأن العقاري، جميعها مشكلات تحاصر أهالي المدينة التي دمرّت بشكل شبه كامل وبنسبة قدرتها دراسات بنحو 80٪ من المنازل، وأكثر المدارس والمرافق والمؤسسات الخدمية دون توجه نحو إعادة إعمارها وتعويض سكانها ما زاد في مشكلات حصول السكان على حقوقهم و عجزهم عن إثبات ملكياتهم التي تعرض قسم منها للمصادرة والاستملاك.

منذ العام 2017 سيطرت قوات سوريا الديمقراطية، قسد، مدعومة بقوات التحالف الدولي، على مدينة الرقة وما تزال حتى كتابة هذا التحقيق. الإدارات التابعة لقسد والمدافعون عنها وفي كل مناسبة درجوا على نفي وجود أي انتهاك لحقوق الملكية في مناطق سيطرتها، رغم وجود دراسات وتقارير من مؤسسات وازنة تحدثت ووثقت مئات الانتهاكات خلال السنوات الأربع الماضية.

في هذا التحقيق نسلط الضوء على مدينة الرقة والتي يبرز فيها أنواع متعددة من الانتهاكات العقارية ولأسباب عديدة، تتحمل مسؤوليتها أطراف مختلفة.

سيتناول التحقيق هذه القضايا في الرقة من خلال المصادر المفتوحة، إضافةِ إلى المصادر الخاصة، عبر مقابلات في الرقة مع عاملين في الإدارة العقارية السابقة، إضافة لعاملين في الهياكل الإدارية للسلطة الحالية، وناشطين ومحامين وعاملين في السوق العقاري، وأخيراً من أهالي الرقة الذين تأثروا بالوضع ممن دُمرت بيوتهم ومحالهم ولم يحصلوا على أي تعويضات من أي جهة، أو قاموا بمعاملات عقارية حصلوا بموجبها على وثائق ملكية مشكوك في جدواها وقوتها القانونية، أو تمَّ الاستيلاء على ملكياتهم ومصادرتها دون مسوغ قانوني من سلطات الأمر الواقع. وتمَّ إخفاء أسمائهم جمعياً بناءً على طلبهم وحفاظاً على سلامتهم.

بمقاطعة التقارير التي تحدثت عن الانتهاكات العقارية في الرقة وما قدّمته المصادر الخاصة، يمكن القول إن آلاف المعاملات العقارية ما تزال غير مسجلة بالشكل الأنسب، وبتغير القوى السيطرة في كل مرّة وعدم اعتراف كل قوة بسابقتها ضاعت كثير من الحقوق التي شكلت مشكلات آنية دون حلول مجدية، ومشكلات مستقبلية. كذلك يظهر قصور واضح في التعامل مع هذه الملكيات، إضافة لتوثيق أكثر من 700 منزل في مدينة الرقة وحدها دون التطرق للقرى والبلدات التابعة لها. يقول من تحدثنا معهم إن الأرقام تزيد عن ذلك بأضعاف، لكن صعوبة الوصول وعدم وجود إحصائيات دقيقة والخوف من إبراز سندات الملكية، خاصة تلك المختومة بأختام داعش، وضياع قسم منها، ودمار ما قدّر متوسطه بنحو (٦ مباني في كل هكتار) من المدينة، كل ذلك يحول دون تقديم إحصائيات دقيقة ستظهر في حال توفر الحماية والاستقرار في المدينة.

مشاكل عقارية وقانونية ونزاعات قديمة

 يقدّر عدد سكان محافظة الرقة، شمال شرقي سوريا، وفق ما قدره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA UN) في أيار 2020 بنحو 353883 نسمة، بينهـم 95964 نسمة من النازحين.[1] ويزيد بنسبة الثلث عن الإحصائيات الرسمية قبل عام 2011 والتي قدرت عدد السكان بنحو 220 ألف نسمة.

كانت الرقة أول مركز محافظة يخرج عن سيطرة نظام الأسد في آذار 2013، حين سيطرت عليها فصائل عسكرية تتبع للمعارضة السورية لنحو تسعة أشهر حتى أعلنت “الدولة الإسلامية في الشام والعراق” (داعش) سيطرتها عليها وإعلانها عاصمة لها عام 2014، واستمرت في حكمها حتى أواخر عام 2017، حين دخلتها قوات قسد المدعومة من “التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب” بقيادة الولايات المتحدة، وتستمر بإدارتها حتى اليوم.

عانت الرقة مشكلات كبيرة، بالشأن العقاري وحقوق الملكية في الرقة قبل عام 2011، تراكمت عبر عقود من القصور القانوني والإداري والسياسي، وأهمها:

1-ضعف نظام التسجيل العقاري الذي لم يكن يغطي أكثر من 60% من الملكيات العقارية في المدن.[2] فرغم مرور نحو قرن على بدء عمليات التحديد والتحرير فإن نسبة “المناطق العقارية النهائية” 53%، أما الباقي فهي “مناطق عقارية مؤقتة” وبعضها غير محددة.[3]

2-تعدد أشكال الملكية وتفاوت مستويات قوتها القانونية ووضوحها على الأرض. فقبل عام 2011 كان ثلث سكان سوريا يعيشون في مناطق السكن العشوائي التي يضعف فيها التسجيل والاعتراف الرسمي. كما أصبحت الملكية على الشيوع مشكلة بحد ذاتها مع تأخر توسيع المخططات التنظيمية للمدن السورية.

3- تعدد المرجعيات العقارية، إذ سمح القانون لجهات مختلفة بمسك سجلات عقارية (السجل العقاري، السجل المؤقت في البلديات، الجمعيات السكنية، المؤسسة العامة للإسكان، مؤسسة الإسكان العسكرية، الكاتب بالعدل)[4]. ومع الزمن ظهرت هوة كبيرة بين السجلات العقارية الأساسية الموجودة في السجل العقاري والسجلات المؤقتة التي تمسك بها الجهات العامة وعدم إحالتها إلى قيود مديرية المصالح العقارية (السجل العقاري).[5]

4-كثرة المراسيم وتعديلات القوانين وتضاربها أحياناً وعدم وضوحها وتعدد الجهات المنوط بها تطبيقها. بالإضافة إلى استخدام نظام الأسد وسلطات الأمر الواقع الأخرى لحقوق الملكية في معاقبة الخصوم.

5-توجد في الرقة مظلوميات عقارية قديمة، فقد تأثرت الرقة مثل باقي المناطق السورية بقانون الإصلاح الزراعي في الخمسينات والستينات، الذي نزع ملكيات الأراضي من كبار الملاكين وأعاد توزيعها على صغار الفلاحين. وهو الموضوع الذي أُعيد طرحه بعد 2013 من أبناء وأحفاد المالكين التقليديين يطالبون بممتلكات آبائهم، مما يشكل سبباً إضافياً للنزاعات بين السكان.

وبعد عام 2011 وتحول الثورة الشعبية إلى صراع مسلح تعقدت المشاكل السابقة مع انهيار الإدارة الحكومية وتعدد الجهات المسيطرة على الأرض واختلاف أجنداتها، مما أفرز نتائج خطيرة ربما تكون ذات أثر مستمر على الاستقرار في سوريا مستقبلاً. ولأن الحياة لا تتوقف، ونظراً لحاجة السكان لمتابعة حياتهم فقد ظهرت أشكال مختلفة من هياكل الحكم المحلي والإدارات البديلة في المناطق السورية أنشأتها الجهات المسيطرة على الأرض، ومنها في الرقة التي تناوبت عليها عدة قوى أهمها تنظيم الدولة الإسلامية سابقاً وقسد حالياً. هاتان الجهتان تعاملتا مع المسألة العقارية أحياناً بحذر، ولكن حدثت في عهدهما انتهاكات مختلفة لحقوق الملكية من استيلاء ومصادرة وتدمير، بالإضافة إلى فوضى التسجيل والتوثيق التي نتج عنها فقدان الكثير من الأهالي لحقوقهم. فلنا أن نتصور إذا ما عاد نظام الأسد للسيطرة على الرقة وتعامل مع المسألة العقارية فيها كما تعامل معها في مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة كدوما التي نشر موقع فوكس حلب دراسة عنها،[6] فالنتيجة ستكون كارثية، لأنه رفض الاعتراف بكل عمليات البيع والتسجيل والوثائق التي صدرت عن الإدارة العقارية للمعارضة مما كان سبباً في ضياع حقوق الملكية لآلاف الأشخاص.

يدير شؤون الرقة منذ 2017 وحتى اليوم “مجلس الرقة المدني”[7] المعين من قِبل قسد، وهو تابع إدارياً لـ “الإدارة الذاتية فـي شـمال وشرق سوريا” ذراع قسد، وفـق تقسيمات إدارية استحدثتها الإدارة.

يشكل حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأذرعه العسكرية “وحدات حماية الشعب الكردية” (YPG) و”وحدات حماية المرأة” (YPJ)، العمود الفقري للـ “الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا”. ورغم الحديث عن انتخابات للمجالس والهيئات الموجودة في المنطقة إلا أنها في الحقيقة عينت تعينناً، مثل جميع أعضاء “المجلس التشريعي” في “مجلس الرقة المدني” على سبيل المثال. وتتركز السلطة الحقيقة في المنطقة بيد كوادر حزب  PYD، لذلك يمكن اعتباره المسؤول الأول عن كل ما يجري في المنطقة.

يقول نشطاء في الرقة بأن التركيبة العسكرية والسياسية والإدارية الموجودة حالياً ليست نتاجاً محلياً بل تقف خلفها قوى إقليمية ودولية.[8] يفسر ذلك، على سبيل المثال، وجود عاملين لا يجيدون العربية في إدارات المدينة وضعف تمثيل أهالي الرقة في المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية وغيابهم عن مراكز صنع القرار، كما أكد أحد أعضاء مجلس الرقة المدني، أنه رغم وجود أهل الرقة على رأس المسؤوليات ولكن ليس بيدهم سلطة حقيقة.[9]

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة٣-فوكس حلب

أنواع وأشكال انتهاكات حقوق الملكية في الرقة:

تأثرت حقوق الملكية في الرقة بعدة أنواع من الانتهاكات يمكن تصنيفها تحت ثلاثة عناوين رئيسة وهي:

أولاً الاستيلاء على الأملاك ومصادرتها من قبل القوى المسيطرة على الأرض، ثانياً تعدد الإدارات العقارية غير الحكومية في الرقة وفوضى التسجيل كسبب لضياع الحقوق، وأخيراً التدمير وعدم التعويض كانتهاك صارخ لحقوق الملكية في الرقة.

أولاً: الاستيلاء على الملكيات:
  • الملكيات الخاصة:

استولت قسد على ٧٠٧ منزلاً في مدينة الرقة وفق مصادر خاصة وتقارير رصدتها مؤسسات إعلامية ومنظمات تعنى بالشأن العقاري، جرى التأكد منها، بينما تحدثت تقارير أخرى عن أضعاف هذه الأرقام التي لم نستطع تأكيدها أو نفيها.

يقول أحد سكان الرقة في حديثه لموقع عين الشرق الأوسط البريطاني [10]  إن قوات سوريا الديمقراطية استولت على 25 شقة من أصل 64 شقة سكنية لمدنيين في حيه فقط، ويعرض التحقيق قصة مواطن مسيحي يعيش في مدينة حمص استولت قسد على بيته وأسكنت فيه عائلة أحد القضاة العاملين معها ولم تجد مطالبته ببيته نفعاً!

جلبت قسد الآلاف من كوادرها والعاملين معها إلى الرقة، وتسعى لتؤمن مساكن لهم، يقول سكان في المدينة إن قسد تتصرف بالطريقة ذاتها التي تصرف به أسلافها ممن سيطروا على المدينة. وليس في الرقة وحدها بل في مختلف المناطق، إذ استولت قسد في محافظة الحسكة على ما لا يقل عن ٩٥٠ منزلاً، وعلى أكثر من ١٨٠٠ أرض زراعية.[11]

كما رصدت دراسة لمنظمة اليوم التالي (أواخر 2020) عـدة حـالات استيلاء علــى أملاك خاصة قامت بها سلطات الإدارة الذاتية أو عناصر حزب العمال الكردستاني، فقد أفاد أحد مواطني الرقة الغائبين في الخارج إلى استيلاء عناصر الحزب على منزله في المنطقة بقـوة الأمـر الواقع.[12]

تقارير حقوقية وإعلامية كثيرة تحدثت عن انتهاكات عقارية في المنطقة، فقبل أيام من صدور دراسة اليوم التالي، أصدرت “منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تقريراً مفصلاً،[13] وثقت فيه استيلاء “لواء الشمال الديمقراطي” التابع لقوات قسد على أكثر من 80 منزلاً تعسفياً في حي “مساكن الشرطة” في الرقة، بالإضافة إلى عمليات استيلاء أخرى طالت منازل في أحياء مختلفة من المدينة من قبل جهات منضوية في قسد. واعتماداً على مقابلات مع أصحاب العقارات المستولى عليها وعلى سؤال أحد عناصر قسد الذي يسكن أحد البيوت المغتصبة بالإضافة إلى سؤال “بلدية الشعب في الرقة”، فقد تأكدت واقعة استيلاء الفصيل العسكري على منطقة كاملة بما فيها من أملاك خاصة وعامة من مدارس وغيرها وتحويلها إلى مجمع عسكري لإسكان عناصره وعائلاتهم بحجة الضرورات العسكرية، ودون إذن أصحابها أو دفع بدلات إيجار لهم، وعند مراجعة أصحاب البيوت للجهات الإدارية التابعة للإدارة الذاتية من بلدية ومحاكم لم يحصلوا على أي نتيجة، وكان رد بلدية الشعب أن “كل ما يتعلق بقوات سوريا الديمقراطية ومؤسساتها لا نستطيع مناقشته أبداً”.[14]

هذا الرد يثبت أن هذه القوات هي المتحكم الفعلي بالمنطقة، وأن الإدارة الأمريكية تغض البصر عن انتهاكات هذه القوات التي استولت على المنازل في حي مساكن الشرطة وأسكنت فيها عناصر لواء الشمال التابع لها بعد أن جلبتهم للقتال في الرقة، فجميع عناصره وعائلاتهم ليسوا من أهل الرقة.

وعلى الرغم مما أثير حول اغتصاب منازل المدنيين في حي مساكن الشرطة وتحويلها إلى مجمع عسكري، فإن وفداً أميركياً زار المكان باعتباره موقعاً للواء الشمال يضم مقراته، وعلى هامش الزيارة جرى الحديث عن دعم لعوائل اللواء.[15] ودون أدنى إشارة للانتهاكات الحاصلة على حقوق ملكية مدنيين دون مسوغ قانوني.

واقعة الاستيلاء على منازل حي مساكن الشرطة سبقها عمليات مماثلة في منطقتي “السكن الشبابي” و”العمالي” في حي “الرميلة” الواقع شرق مدينة الرقة، حيث استولت “وحدات حماية الشعب” في عام 2019، على نحو 200 منزل يملكها أشخاص (نزحوا أو هاجروا للخارج)، وقامت بإسكان عناصرها فيها، وفي بعض الحالات أسكنت عائلات مُهجرة من منطقة عفرين، و مثل الحالة السابقة لم تجد نفعاً عودة بعض المالكين ومطالبتهم بمنازلهم رغم تقديمهم الوثائق القانونية التي تثبت ذلك.[16]

وفي تقرير صدر هذا الشهر (آب 2022)، فإن قوات أمنية وعسكرية تابعة لقسد استولت على نحو 400 عقار، أغلبها لنازحين من الرقة يعيشون في مناطق سيطرة النظام، بحجة أنهم عملاء للنظام، ليتبين أن أغلب هذه العقارات تعود لموظفين مدنيين في مؤسسات الدولة، كمؤسسة الماء والكهرباء، أو أعضاء النقابات. وأنه رغم زعم قسد أن ملكية هذه العقارات تعود لمؤسسات الدولة السورية، ولكن الحقيقة إن هذه التجمعات هي مشاريع منفذة ضمن برامج السكن الاجتماعي أو التعاوني (جمعيات)، كجمعية السكنالشبابي المؤلفة من 160 شقة شمال شرقي مدينة الرقة والتي استولت عليها قسد بشكل كامل، وجمعية مساكن الشرطة، ومساكن حوض الفرات في حي الدرعية غربي الرقة، التي تضم 80 شقة، بنيت في ثمانينات القرن الماضي لموظفي مؤسسة حوض الفرات التابعة لوزارة الري. وقد تمَّ تحويل تلك المواقع والعقارات إلى مقرات عسكرية أو أمنية، وأيضاً لإسكان بعض عوائل عناصر وقادة قسد.[17]

وقال مصدر في الجهاز القضائي للإدارة الذاتية، أن نحو 350 دعوى قضائية رفعها أصحاب العقارات المستولى عليها لاستعادتها. ولكن، تمت إحالة كل تلك القضايا إلى مكتب العلاقات العسكرية في الإدارة الذاتية رغم أنه جهة غير قضائية ويسيطر عليها كوادر الحزب (PYD)، الذين سارعوا إلى اتهام المدعين بالعمالة والتواصل مع جهات معادية لقسد، مما أغلق ملف العقارات المستولى عليها، وقد تعدى الأمر الجمعيات السكنية باستيلاء قسد على منازل كبيرة في الأحياء الراقية بالرقة، وحولتها إلى مساكن لضباطها أو مقرات أمنية أو عسكرية. [18]

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة٦-فوكس حلب

واستناداً إلى شهادات بعض المطلعين على سير الأمور من العاملين في الإدارة الذاتية، نستطيع القول بوجود عمليات استيلاء واسعة، فقد أفاد مصدر خاص من بلدية الشعب في الرقة/ لجنة العقارات، بأنّ عدد المنازل المُستولى عليها والتي رفع أصحابها شكاوى ضد جهات عسكرية تابعة لـ قسد، قد بلغ نحو 1200 منزلاً في عموم مدينة الرقة، وذلك ما بين أواخر عام 2019 وحتى حزيران 2020.[19] ولنا أن نتصور حجم عمليات الاستيلاء في ظل نزوح وموت الكثير من أصحاب المنازل والعقارات في الرقة، هذا عدا ما يجري في البلدات الأخرى في المحافظة، فقد ثبت وجود عمليات استيلاء مماثلة في مدينة الطبقة.[20]

كما وردت شهادات من مدينة الطبقة تتحدث عن استيلاء قسد ومصادرتها لعدد كبير من المنازل بالإضافة إلى أرض زراعية ومحلات تجارية، حولت بعضها لمقرات عسكرية وبعضها الآخر وزعته على عناصرها الذين أجروها للنازحين وتحصلوا على أجرتها.

نفى مظلوم عمر، الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في الطبقة، وجود قرارات بمصادرة أملاك الغائب أو الاستيلاء أو الانتفاع بأملاك الأهالي، وقال إن قسد قوات عسكرية ولا يمكنها التدخل في الأمور العقارية دون العودة إلى المجلس التنفيذي.[21] كما أكد حسن القصاب (ناشط من الرقة) أنه في بعض الحالات هناك غائبون أرسلوا وكالات لأقاربهم أو جيرانهم لكن قسد رفضتها وقامت بتأجير البيوت، وفي بعض الحالات قبلت بإخلاء البيوت وتسليمها لأصحابها، ولكنها كانت لا تلبس أن تعود وتستولي عليها مجدداً.[22]يقول من تحدثنا معهم إن قسد تستخدم الاستيلاء على المساكن والأراضي كعقوبة لخصومها السياسيين بتهم متنوعة أهمها “الدعشنة” الانتماء لتنظيم الدولة أو فصائل المعارضة السورية.[23] وتحت هذه الذريعة وضعت يدها على منازل داخل الرقة دون مسوغ قانوني، ووزعتها على أنصارها، كما قامت ما بين 2015- 2016 بتهجير سكان قرية كاملة بريف تل أبيض ووزعت أراضيهم على أنصارها لاستثمارها.[24]

  • الملكيات العامة:

في بداية سيطرة قسد على الرقة قام الأهالي بتعديات كثيرة على الأملاك العامة كالشوارع والحدائق وسرير نهر الفرات، فقاموا ببناء بيوت وأكشاك، ولكن البلدية أعادت ضبط الوضع نسبياً، مع بقاء أصحاب النفوذ يفعلون ما يريدون.[25]

ومن جهة أخرى سيطرت الإدارة الذاتية على كل الممتلكات العامة، باستثناء المباني والأراضي التي تستخدمها قسد كقواعـد عسكرية لها. وأصبحت اللجان التابعة للمجلس المدني في الرقة، هي المسؤولة عن الملكيات العامة في المدينة وبدأت التصرف بها لصالحها مما تسبب بضرر كبير للسـكان الذيـن كانـوا يستفيدون مـن تلـك الملكيات، فبعضهم كان يستأجرها بعقود دائمة، والبعض الآخر كان يسكنها علــى خلفيــة عمله فــي إحدى المؤسسات الحكومية فـي الرقـة.[26] وأصبحت لجنة الزراعة والري الموجودة في كل “مقاطعات” الإدارة الذاتية المسيطر على الأراضي الزراعيـة المملوكة للدولة السورية وتنظيم استثمارها كما تريد، الأمــر الــذي تسبب أيضاً بتضرر الكثير من المستفيدين السابقين مـن تلـك الممتلكات.[27]

سهّلت الإجراءات التي اتبعتها داعش، بطرد الكثير من قاطني العقارات السكنية المملوكة للمؤسسات الحكومية مهمة قسد في الاستيلاء عليها باعتبارها عقارات غيـر مشغولة.[28]

كذلك عمدت إلى الاستيلاء على مثل هذه العقارات، ونقلت إحدى الشبكات المحلية إن مكتب “العلاقات العسكرية” في (PYD) أبلغ في كانون الثاني 2021، نحو 24 عائلة تعيش في ثلاثة أبنية طابقية قرب مستشفى الفرات في الرقة، بضرورة إخلاء منازلها وتسليمها لـه خلال ثلاثة أيام، لأن ملكيتها تعود إلى الدولة السورية، على الرغم أن تلك العائلات النازحة تسكنها منذ سنوات، وأشارت الشبكة أن الحزب يريد الشقق لإسكان عناصر من “مجلس منبج العسكري” مع عائلاتهم.[29] مع العلم أن عناصر مجلس منبج التابعين لقسد من مدينة منبج بريف حلب، وقد جلبتهم قسد إلى الرقة للقتال في صفوفها.

ثانياً: الإدارة العقارية في الرقة بعد عام 2011: (تعدد الإدارات والقوانين كسبب لضياع الحقوق)

تداولت السيطرة على الرقة، خلال السنوات التسع الأخيرة، قوى متعددة وحالياً تتقاسم المحافظة ثلاث قوى (قسد، النظام، المعارضة السورية) تتحارب وتتصارع على الشرعية، هذا بالإضافة إلى نزوح نصف السكان الأصليين وقدوم نازحين جدد إلى المنطقة.

خلال هذه الفترة تمت آلاف البيوع العقارية، بالإضافة إلى التوسع العمراني، حتى أننا نستطيع القول أن مدينة الرقة تدمرت ويعاد بناؤها من جديد. كل ذلك والسجل العقاري الرسمي الذي يوثق حقوق الملكية متوقف عن العمل، بينما قامت سلطات الأمر الواقع التي سيطرت على المدينة بإنشاء سجلات موازية سجلت عليها آلاف البيوع ولكن هذه السلطات لا تعترف بعمل بعضها البعض. إضافة إلى لجوء السكان إلى طرق توثيق أخرى للحفاظ على حقوقهم رغم تفاوت قوتها القانونية.

نحن أمام كم هائل من التحديات ستواجهها أي سلطة شرعية ستقوم في المستقبل لتصحيح هذه الأوضاع، كما يعني آلاف عمليات البيوع المرشحة لتكون خلافات في منطقة ذات سمة عشائرية وفيها صراعات عرقية وإثنية مما يهدد السلم الأهلي مستقبلاً.

بسبب ظروف الصراع توقفت مديرية المصالح العقارية الحكومية في الرقة عن العمل، وتوقفت معها خدمة التوثيق العقاري الرسمية رغم بقاء السجلات العقارية الأساسية في المدينة، ونظراً لحاجة الناس لهذه الخدمة ظهرت إدارات عقارية بديلة في الرقة أنشأتها القوى المسيطرة، كما فُعّلت السجلات المؤقتة التي بحوزة البلدية.

ورغم استمرار جميع القوى التي سيطرت على الرقة بالعمل وفق القرار رقم (188) تاريخ 15/3/1926 المتضمن (قانون السجل العقاري) السوري، إلا أن تلك القوى كان لها اجتهاداتها في إدارة المسألة العقارية التي أثرت تأثيراً كبيراً على حقوق الملكية.

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة١٢-فوكس حلب

البدايات: نشطاء وموظفون يحفظون السجلات العقارية:

 في بدايات شهر أذار 2013 مع سيطرة فصائل المعارضة على المدينة أطلق “المجلس المحلي لمدينة الرقة” نداءً عاجلاً طالب فيه الأهالي والنشطاء والقوى الثورية بالحفاظ على المؤسسات الحكومية وحمايتها من أي تعديات.[30] ولكن بعد سيطرة الفصائل العسكرية التابعة للمعارضة على المدينة، بدأت قوات النظام بقصفها، وخشية على السجلات العقارية الموجودة في المجمع الحكومي وسط المدينة المُعرض للقصف، نقل، نشطاء وعناصر من الجيش الحر وموظفون سابقون في مديرية السجل العقاري،السجلات العقارية الأساسية إلى مقر البلدية القديم بعد شهرين من خروج النظام.

وخلال الفترة القصيرة لسيطرة المعارضة السورية لم تفعل مديرية السجل العقاري، والخدمة الوحيدة التي قدمها موظفوه كانت منح وثائق بيان الملكية العقارية والبيانات المساحية فقط بمعرفة “مجلس مدينة الرقة” و”حركة أحرار الشام”.[31] وذلك قبل أن يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على الرقة.

الإدارة العقارية في الرقة زمن تنظيم الدولة: “ديوان السجل العقاري”

كان الأمر مختلفاْ بالنسبة لتنظيم الدولة الذي سيطر على المدينة مطلع عام 2014، فقد عمل على إنشاء كافة أنواع الإدارات ومنها السجل العقاري الذي سماه “ديوان السجل العقاري”.

ونظراً لنقص خبرة التنظيم في هذا المجال، لجأ إلى تشغيل عدد من الموظفين السابقين، الذين قبلوا بالعمل معه حفاظاً على السجلات وحقوق أهل الرقة من أي تغيير، دون الاهتمام بشرعية التنظيم الذي كان سلطة أمر واقع.[32] و وصلتنا شهادة واحدة تقول أن الموظفين تعاونوا مع داعش بموافقة الحكومة السورية حفاظاً على السجلات.[33]

بعد تعرض مقر البلدية القديمة للقصف حيث السجلات العقارية، جرى نقلها إلى أقبية مدرسة ابن خلدون. كما نُقلت إلى المكان نفسه السجلات المؤقتة التي كانت بحوزة البلدية و ملحقاتها كافة من عقود وغيرها من سجلات السكن الشبابي والادخار والجمعيات السكنية. هذا وقد وضعت كل من السجلات الأساسية والمؤقتة في غرف منفصلة وكانت كاملة ولم يصبها أي أذى.

يقول أحد المشاركين في النقل إنهم قاموا بهذا العمل تطوعاً وحفاظاً على حقوق أهل الرقة.[34] ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم ما زالت السجلات في مكانها بعهدة مجموعة من الموظفين السابقين في مديرية السجل العقاري استمروا في عملهم مع السلطات المختلفة التي سيطرت على المدينة.

الإدارة العقارية التابعة للتنظيم أنشأت سجلات عقارية موازية مطابقة للسجلات الرسمية من حيث المحتوى لكن باسم وأختام التنظيم. وعين أميراً. مسؤولاً للسجلات العقارية[35]

والسجلات الموازية الجديدة كانت للسجل العقاري الأساسي، بالإضافة إلى السجل المؤقت التابع للبلدية، وهذه السجلات هي التي تمَّ تسجيل عمليات نقل الملكية الجديدة عليها.[36] التي لم يستوف التنظيم عليها ضرائب العقارات التي كانت معروفة سابقاً واكتفى بتحصيل رسوم خدمة فقط. وعلى ما يبدو خشية من تلف السجلات بالقصف على المدينة بدأت إدارة التنظيم العقارية بتصوير السجلات العقارية ولكنها لم تنتهي منها.[37]

تردد الأهالي في توثيق عمليات البيع والشراء لدى التنظيم لعدم الثقة في مؤسساته واستمراريته، لكنه كان السلطة الوحيدة المسيطرة على الأرض والتي لها وصول للسجلات العقارية الأصلية في مدينة تشهد تبدلات سكانية كبيرة، لذلك قام الأهالي بمراجعة إدارة التنظيم العقارية التي عملت لمدة عامين من عام 2015 حتى سقوط حكمه عام 2017.

ونتيجة الخوف من شرعية الوثائق الصادرة عن التنظيم لجأ الأهالي لتوثيق إضافي للبيوع من خلال عقود عرفية بين البائع والمشتري بحضور شهود، تنظمها مكاتب عقارية خاصة. كما لجأ الأهالي إلى طرق غير تقليدية لضمان حقوقهم، ففي بعض الحالات، عندما يقوم شخص بشراء بيت، يقوم بتنظيم عقد، وفي حال كانت هناك عدة عمليات بيع على العقار نفسه فإن المالك الجديد يطلب العقود القديمة كافة حتى يصبح عنده سلسلة المالكين التي تنتهي عنده، بالإضافة إلى الوثيقة التي بين مالك الأرض ومتعهدي البناء.[38]

لم نتمكن من الوصول إلى معلومات حول عدد السجلات الموازية ومحتواها في فترة التنظيم، ويقدر بعض الخبراء وجود آلاف المعاملات التي وُثِقت في السجلات الموازية لداعش والتي ما زالت سليمة هي ووثائقها الملحقة بعد أن وضعت قسد يدها عليها، وهي محفوظة حالياً إلى جانب السجلات العقارية الأساسية في الرقة.[39] لكن غير مُعترف بها من قبل سلطات “الإدارة الذاتية”.

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة١٠-فوكس حلب

تحوي السجلات الموازية حقوق الكثير من الناس ممن لا ذنب لهم في الإدارة التي كانت قائمة، لذلك يجب النظر في إمكانية إدماجها مستقبلاً ضمن قاعدة بيانات شاملة للملكيات العقارية في المدينة رغم الصعوبات المصاحبة للعملية. والأمر نفسه ينطبق على محتوى السجلات الموازية التي أنشأتها قسد والتي يجري العمل بها حالياً.

لم تتغير طريقة العمل في السجل العقاري زمن التنظيم، ولم تسجل عمليات البيع على الصحيفة العقارية الأساسية، إلا أن مسألة الملكية تأثرت بسبب تطبيق التنظيم بعض القواعد المستمدة من الشريعة الإسلامية غير المطبقة في القانون السوري.

نتج عن ذلك استرداد المُلاك الأصليين لعدد كبير من عقاراتهم وخاصةً في الأسواق القديمة، وذلك لأن محاكم داعش لم تعترف بـ “الفروغ” و “الرهن” باعتبارهما مخالفان للشريعة الإسلامية. بموجب ذلك ألزمت المستأجرين برد العقارات إلى المُلاك الأصليين. لكن بعد سيطرة قسد عاد المستأجرون القديمون ورفعوا دعاوى أمام محاكم قسد مطالبين بعودة الأمور إلى طبيعتها لأن ما جرى زمن داعش مخالف للقوانين السورية، خاصة وأن بعض تلك العقارات قديمة وغالية الثمن.

في البداية نظرت المحاكم في هذه القضايا ونقضت أحكام محاكم التنظيم مما خلق بلبلة ونزاعات بين الناس، ولهذا السبب قررت الإدارة الذاتية عدم البت في هذه القضايا، بالإضافة إلى تجميد “لجنة النقض” التي شكلتها للنظر في هذه القضايا التي بلغت نحو عشرة آلاف قضية أمام محاكم “لجنة العدالة” في الرقة.[40] وهكذا كان الخوف من البلبلة في المجتمع، بالإضافة إلى نقص خبرة المحاكم وغياب السجل العقاري سبباً في تجميد آلاف القضايا التي تنتظر الحل.

من جهة أخرى وضع التنظيم يده على كل الأملاك العامة والمؤسسات الحكومية، واعتبر نفسه وريثاً للدولة السورية، كما قام بمنح رخص البناء في المدينة ومنع التعدي على الأملاك العامة.[41]

الإدارة العقارية زمن قسد: تردد وضبابية وانتهاكات

خلال الهجوم على مدينة الرقة في عام 2017 لإخراج تنظيم الدولة منها تعرضت المدينة لدمار واسع بسبب القصف الجوي خاصةً، وخشية من تلف السجلات العقارية الأساسية الورقية وحيدة النسخة، قام رياض سيف رئيسالائتلاف الوطنيلقوى الثورة والمعارضة السورية” بإرسال مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وسفراء “أصدقاء الشعب السوري”، طالب فيها بضرورة حماية السجلات العقارية الموجودة في الرقة.[42] كما قام نشطاء داخل المدينة بإرسال إحداثيات مكان حفظ السجلات العقارية للتحالف وقسد لعدم قصفها.[43]

ومع استيلاء قسد على المدينة أُعلن أن السجلات العقارية فيها في مكان آمن، وأصبحت تحت سيطرة قوات التحالف وقسد. ولكن منذ البداية عبر سعد شويش رئيس مجلس محافظة الرقة التابع لـ “الحكومة السورية المؤقتة” عن عدم الثقة بقسد، وخشيته من ضياع السجلات ومعها حقوق الناس، لأن قسد من الممكن أن تتعمد ذلك لخلط الأوراق وتغيير البنية الديموغرافية في الرقة.[44]

بعد الاستيلاء على الرقة أصدرت قسد القرار رقم 3 القاضي ببطلان كافة القرارات والمعاملات التي جرت خلال سيطرة تنظيم الدولة، وأنه إذا ما كان هناك خصومات على القضاء النظر فيها، وأن تترك الأمور التي تمت بالتراضي كما هي.[45]

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة٢-فوكس حلب

وفي حزيران 2018 أعاد “مجلس الرقة المدني” تفعيل الإدارات في المدينة، ومنها إدارة السجلات العقارية بشكل جزئي في بلدية المدينة، وذلك بالتعاون مع موظفي السجل العقاري الحكوميين الذين طلبت منهم حكومة النظام الاستمرار في عملهم، بينما اقتصر دور قسد على تعيين موظفي الاستقبال وقبض الرسوم فقط.[46]

قسد كتنظيم الدولة أيضاً لم تمس السجلات العقارية الأصلية التي تديرها تقليدياً مديرية المصالح العقارية واكتفت بإعطاء بيان قيد عقاري وبيان مساحي فقط، كما أنها لم تنشئ سجلات موازية لها. بينما سمحت بإنشاء سجلات موازية للسجلات المؤقتة التي تديرها البلدية عادةً، وهي التي يجري العمل عليها داخل المدينة رغم أنها لا تغطي أكثر من 30% من الملكية العقارية فيها.[47]وهكذا مرة أخرى نشأت سجلات موازية لتوثيق المعاملات الجديدة، بينما بقيت السجلات الأصلية الدائمة والمؤقتة على الحالة التي تركها عليها الموظفون الحكوميون عام 2013 عندما توقف العمل بالدوائر الحكومية.

مشروع تفعيل سجلات موازية للسجلات العقارية الدائمة قد يبصر النور قريباً في الرقة، ففي اجتماع عُقِد بدايات عام 2021، نُوقشت فيه إمكانية نسخ كل السجلات العقارية الأصلية على سجلات جديدة ليجري العمل عليها، وأبدى مدير سابق للسجل العقاري كان حاضراً الاجتماع استعداده للقيام بالعمل خلال ستة أشهر إذا ما وُضع تحت تصرفه 15 موظفاً، ولكن المشروع لم يتمَّ حتى الآن.[48]

أ-المرجعيات وآليات العمل في إدارة قسد العقارية:

أسست قسد مكاتب تنفيذية تقابل الوزارات، مــن بينهــا مكتــب العدل، الــذي يقابل وزارة العدل، وهو الذي أُلحقت به السجلات العقارية بمسمى “مكتب السجل العقاري”. وأنشأت مكتباً للتوثيق العقاري في “مقاطعة الرقة” حسب التقسيمات الإدارية التي تعتمدها الإدارة الذاتية رسـمياً. لهذا المكتب دائرتان فرعيتان: الأولى دائرة الداخليـة التـي تقـوم بالإشراف الإداري العام على عمـل مكتب السجل العقاري، والثانية دائـرة الماليـة والمراجعـة، التـي تنظيـم الأمور الماليـة مثل تحصيل الرسوم على بيانـات القيـد العقاريـة والمساحي، كما ألحق بالمكتب قسـم خـاص بالمساحة، يضم مهندسين ومعاوني مهندسين مهمتهم تسـجيل وتثبيت خرائط ِ الملكيات العقارية، فـي المنطقـة التي يتبع لها المكتب. [49]

تتشابه التقسيمات الإدارية وطريقة العمل والإجراءات المتبعة في السجل العقاري مع سابقتها المعمول بها في دوائر النظام الحكومية، ويعود ذلك إلى عاملين، الأول استمرار عـدد كبيـر مـن الموظفين السابقين بعملهم في الإدارة الجديدة، والثاني رغبة الإدارة الذاتية بالحصول على ثقة الناس وضمان المصداقية الرسمية للوثائق التي تصدرها من خلال الحفاظ علــى آليات العمل والموظفين، على الرغم من أن وثائقها غيـر معترف بها خارج مناطق سيطرتها، كما أن محاكمها لا تعتـرف سـوى بالوثائـق الصـادرة عـن مكتـب السـجل العقــاري التابع لها.

وعلى الرغم من احتفاظ قسد بالموظفين القدامى إلا أنها عينت بعض العاملين من صفوفها أو مقربين منها في مفاصل إدارية حساسة.[50] وهذا الأمر ينطبق على كل الهياكل الإدارية الأخرى لضمان السيطرة والتحكم بها وهو ما أجمع عليه جميع من تحدثنا إليهم.

لا يقتصر التدخل في الشأن العقاري والملكية على “مكتب السجل العقاري” التابع للإدارة الذاتية، فهناك جهات أخرى سمح لها التدخل فيه، مثل لجنة الزراعة والري، الموجودة في كل “المقاطعات”، التي تسيطر على الأراضي الزراعية المملوكة للدولة وتنظم استثمارها. ولجنة الأملاك العامة التي تدير الأملاك العامة الأخـرى وتستثمرها، مثـل الأبنية الحكومية والبنية التحتية والأراضي التابعة لها.

هذه اللجـان تتبـع إلـى السـلطة التنفيذيـة (مجالـس المـدن أو المقاطعـات، المجلـس التنفيـذي فـي الإدارة الذاتيـة) وتمتلك صلاحيات شبه مطلقة في التصرف بالأملاك العامة، وفي الرقة تتبع لـ “مجلس الرقة المدني”.[51]

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة١١-فوكس حلب

مشكلة أخرى تسبب بها غياب وجود إدارة عقارية متكاملة، تتعلق بحركة البناء الواسعة التي يقوم بها أهال ومتعهدي بناء في الرقة وسط نسب دمار مرتفعة جداً في أحياء المدينة التي بعضها عشوائية والملكيات فيها على الشيوع، وبعض الأبنية مهدمة وضاعت معالمها. يقول محام يعمل مستشاراً لدى محاكم الإدارة الذاتية، إنه لاحظ تعدد عمليات البيع للعقار نفسه، وأن هناك فوضى بحيث لا يوجد إشارات على السجلات العقارية، وهناك مشكلة تخص الأبنية المدمرة حيث يقوم بعض ملاكها ببيعها لأكثر من تاجر بناء والهرب خارج المنطقة.[52]

تحاول “بلدية الشعب في الرقة” مواكبة حركة البناء عبر منح رخص البناء، على الرغم من عدم امتلاكها لإدارة عقارية متكاملة ولا يوجد تحت يدها سوى السجل المؤقت للبلدية الذي لا يعكس سوى 30% من عقارات المدينة.

تمنح الرخصة بعد استكمال صاحبها للأوراق المطلوبة، وقبل منحها تكتفي البلدية بالإعلان عن الرخصة واسم طالبها وإعطاء مهلة 15 يوم لمن يود الاعتراض على طلب الترخيص شرط امتلاكه الوثائق التي تثبت ملكيته، وتنشر الإعلان عبر صفحتها على فيسبوك.[53] مدة الاعتراض هذه غير كافية في ظل مقتل ونزوح أعداد كبيرة من سكان المدينة. كم أن وتيرة منح الرخص قد تراكم المشاكل مستقبلاً بسبب حركة البناء الواسعة التي تشهدها الرقة فخلال شهر ونصف الشهر (من 1/7/2022 إلى 15/8/2022) منحت البلدية 20 رخصة بناء غالبيتها على الشيوع.[54] هذا عدا البناء بدون ترخيص والذي ما زال منتشراً، خاصةً مع وجود أصحاب النفوذ لدى السلطات الحالية.

كذلك طرحت بلدية الرقة مخططاً تنظيمياً للأحياء الشمالية من المدينة في حزيران 2020، وفتحــت باب الاعتراضات بما يشبه الإجراءات القانونية المتعارف عليها في النظام السوري في مثل هذه الحالة. لكن نزوح جـزء كبيـر مـن سكان المدينة يحول عملياً دون قدرتهم على توجيه أي اعتراضات علــى المخطط، أو معاينــة تأثيره على حقوقهم، مما يعني احتمالات كبيرة لانتهاكات حق الملكية العقارية.[55]

حاولت البلدية قمع التعديات على الأملاك العامة وعلى المخطط التنظيمي للمدينة، ففي بداية سيطرة قسد حصلت تعديات من الأهالي على الشوارع وسرير نهر الفرات، وذلك قبل أن تضبط البلدية الأمر، نوعاً ما، وتزيل بعض المخلفات، مع ذلك تستمر المخالفات بفضل أصحاب النفوذ وضعف إمكانات البلدية. كما أن البلدية نفسها تتغاضى عن بعض الانتهاكات على الأملاك العامة، يقول أحد النشطاء هناك ثلاث حدائق في المدينة تم البناء فيها، منها “الحديقة البيضا” قرب “أبنية المعلمين” التي بني فيها سوق تجاري بعد سيطرة قسد على المدينة، والبلدية هي من تستوفي أجرة المحلات.[56]

ب-قوانيين قسد: محاولة قوننة الانتهاكات من سلطة غير قانونية:

المُعلن أن “مكتب السجل العقاري” فــي مناطق الإدارة الذاتية، يعمل وفق (قانون السجل العقاري) السوري رقم (188) تاريخ 15/3/1926 وتعديلاته. رغم ذلك فـإن هـذه المرجعية القانونية طرأ عليها استثناءات كثيـرة، مصدرها مراكز قوى غير رسمية متداخلة مع هياكل الإدارة الموجودة،[57] والتي ذكرنا سابقاً مدى تداخلها وتشابكها وسيطرة كوادر حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) عليها. ولكن حتى الآن لم تصدر الإدارة الذاتية قوانين جديدة أو تعديلات فيما يخص عمليـة تنظيم السجلات العقارية. لكنها تتدخل في الشأن العقاري والملكيات بطرق أخرى كالاستيلاء وإصدار قوانين تمس الملكية الخاصة.

حاولت قسد والإدارة الذاتيــة عــام 2015،[58] إصـدار قانـون يعالج مسألة الممتلكات العقارية للنازحين والمُهجرين واللاجئين، باسـم “قانـون حماية وإدارة أملاك الغائب” لكنها تراجعت عــن إصداره آنذاك بســبب الجدل والاعتراضات عليه لمساسه بحقوق الملكية، لكنها عادت مرة أخرى إلى إصدار القانون 7 لعام 2020،[59] الذي حمـل الاسـم القديم ذاته. ومثل القانون السابق أعلنت الإدارة إيقاف العمل وإعادة النظر به وبصياغته،[60] التي لم تتم حتى الآن. وكان ذلك نتيجة الاعتراضات والرفض الواسع له، وشبهه بالقوانين التي يصدرها نظام الأسد، والتي تستهدف أملاك النازحين واللاجئين والمعتقلين.

رأى بعض الناشطين السياسيين الأكراد مثل فريد سعدون أن ما أصدرته الإدارة الذاتية لا يمكن تسميته قانوناً بل هو قرار لأنه لا يوجد قانون يسمح لأي جهة بالاستيلاء على أملاك أي شخص غادر البلاد لسبب ما، واعتبر أن القرار يخدم شخصيات معينة في “الإدارة الذاتية” للاستيلاء على أموال الآخرين.[61]

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة٩-فوكس حلب

تعرّف المادة الأولى من القانون، الغائب، بالسوري ومــن في حكمه ويقيم إقامة دائمة خارج سوريا، ولا يمتلك أقارب من الدرجة الأولى أو الثانية من المقيمين في سوريا. المادة نفسها تضع ممتلكات الغائبين تحـت تصرف “لجنة حماية أملاك الغائب” التي تتبع للإدارة الذاتية.

تشمل هذه المادة كل اللاجئين والنازحين خارج منطقة سيطرة قسد، وبما أن الإدارة الذاتية لا تُعتبر حكومة فهي لا تملك سفارات وقنصليات، وبالتالي لا تستطيع الوصول إلى السوريين في الخارج وخاصة لاجئي الرقة والحسكة الذين في تركيا، بالإضافة إلى مئات آلاف النازحين في مناطق سيطرة المعارضة السورية والنظام.

ومن ناحية أخرى فإن محاكم الإدارة الذاتيـة لا تعترف إلا بالوثائق الصادرة عنهـا وبالتالي كيف يمكن للاجئين المتحدرين مـن المنطقـة تنظيم وكالات عبــر سفارات وقنصليات حكومة النظام الســوري أو محاكم الحكومة السورية المؤقتة.

مواد هذا القانون أغلبها إشكالية من ناحية صعوبة تطبيقها في الظروف الحالية لسورية ومناطق سيطرة الإدارة الذاتية الجهة المناط بها تنفيذ القانون، لذا يمكن القول إنه، في حال تطبيقه، قد يتسبب بانتهاكات واسعة لحقوق الملكية الخاصة المصانة بكافة الشرائع والقوانين بما فيها “وثيقة العقد الاجتماعي” التي تتبناها الإدارة الذاتية.

وبالنظر إلى المهل القانونية التي أعطاها القانون في المواد (7،8،9) لمراجعة المتضررين والمعترضين من أصحاب الأملاك الغائبين، وفي سياق الحالة السورية فخلال عدة شهور يمكن أن تصبح ممتلكات غالبية اللاجئين والنازحين تحت تصرف قسد التي يعتبرها الكثيرون سلطة غير حيادية وتطبق تمييزاً ضد خصومها.

وتلافياً للاعتراضات المحتملة من الدول الأوروبية فيما يخص الأقليات، وتثبيتاً لوضعها القائم، فقد نصت المادة 19 من القانون على وجود لجنة خاصة لأملاك السريان والآشوريين والسريان مهمتها بيع وشراء واستثمار أملاكه، رغم وجود دائرة تابعة للإدارة الذاتية اسمها “دائرة حماية أملاك السريان الآشوريين الكلدان والأرمن” كانت تعمل منذ عام 2015، كما تقول، على حماية أملاكهم من التعديات واسترجاع المغتصب منها، وخصوصاً المهاجرين منهم. وقد نشرت هذه الدائرة بياناً اعترضت فيه على تجميد “قانون حماية وإدارة أملاك الغائب” لأسباب وجدتها غير منطقية، وأن ذلك يحرمها من الوصول إلى أملاك السريان والآشوريين والأرمن في محافظتي الرقة دير الزور.[62]

تعتمد محاكم الإدارة الذاتية (دواوين العدالة) في مرجعيتها القانونية، مزيجاً مـن قوانيـن صـادرة عـن “المجلـس العـام” للإدارة، وبعـض القوانين السـورية، مثـل قانـون أصول المحاكمات، الــذي تبنته تحـت مسـمى آخر، على الرغم من ذلك نجد الإدارة تطبق بعض القوانين التي تختلف جذرياً عــن القوانين السورية، وبعضها يؤثر على حقوق الملكية، مثل قانون الأحوال الشخصية المعتمد في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، التي لا تطبقه أحياناً مراعاة لبعض الحساسيات الاجتماعية والدينية،[63] وعدم استثارة الناس ضدها.

إضافة إلى أن قرارات محاكم قسد فيما يتعلق بحصر الإرث وتوزيعه لا يمكن تثبيتها على الصحيفة العقارية الأساسية نظراً لتوقف التسجيل في السجلات العقارية الأساسية واقتصار عملها حتى الآن على إعطاء بيان عقاري أو مساحي فقط.[64]

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة٨-فوكس حلب

الضبابية والتردد في إصدار القوانين وتطبيقها وتعدد المرجعيات واختلافها، يجعل من الصعب ضبط الإطار القانوني للعمل في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، وهو ما يُعتقد أنه في جزء منه متعمد ويسهل التملص من المسؤولية، ولكنه في الوقت ذاته سبباً لعدم ثقة الأهالي بالإدارة والوثائق الصادرة عنها، هذا عدا عن وضعها الاستراتيجي المهتز بسبب الضغوط التركية ومخاوف السكان من عودة النظام والخوف من تخلي الأمريكان عن قسد.

كل ذلك جعل الناس يلجؤون إلى طرق إضافية لحماية حقوقهم ومنها تسجيل الأملاك، فلجؤوا إلى العقود التي ينظمها المحامون أو المكاتب العقارية بين البائع والمشتري بحضور الشهود. كما يقوم بعض الأهالي بمراجعة المؤسسـات التي أعادت حكومة النظام افتتاحها في المناطق التي أعادت سيطرتها عليها في محافظة الرقة حيث أنشأت مراكز حكومية في منطقة السبخة عام 2019.[65]ومنها مكتب تسجيل عقاري، مع أننا لا نعلم إن كان النظام يملك نسخة من السجلات سواء كانت ورقية أو إلكترونية. اُفتتح هذا المكتب بهدف استصدار وثائق ملكية موثقة لدى حكومة النظام رغم صعوبة تنفيذ قرارات محاكم النظـام خاصةً الصـادرة بعــد تأسيس الإدارة الذاتية. وهذا ما يدفع بعض أهالي الرقة لاستصدار أحكام محاكم ووثائـق مرتيـن من حكومـة النظام والإدارة الذاتية،[66]  لزيادة ضمان حقوقهم رغم التكاليف الباهظة لهذه العملية.

تواجه الإدارة الذاتية فيما يتعلق بحقوق الملكية تحديات كثيرة ما جعلها في كثير من الحالات تتراجع عن قراراتها أو توقف النظر في بعض القضايا، مثل إصدارها القرار رقم /6/ لعام 2021،[67] الذي منع جميع دواوين العدالة (المحاكم) في مناطق سيطرة قسد من النظر في أي دعوى عينية عقارية (الدعاوى المتعلقة بأصل الحق) بالنسبة للعقارات الأميرية، أي الواقعة خارج المخطط التنظيمي،كما منع القرار البت بالدعاوى المتعلقة بالحقوق العينية الأصلية، وأوجب رد جميع الدعاوى المتعلقة بها. كما جاء في القرار منع سماع دعاوى الحيازة المتعلقة بأملاك الدولة، وربط الموافقة عليها بالحصول على إذن أو عقد إيجار من الجهة الإدارية المختصة، بما يتعلق بالعقارات الواقعة خارج المخططات التنظيمية أو لجنة البلديات والإدارة المحلية والبلدية المختصة بالنسبة للعقارات داخل المخططات التنظيمية. وعُلل إصدار القرار بأنه للحفاظ على حقوق المواطنين، ومنع النزاعات المستقبلية والحفاظ على المصلحة العامة وعلى حق الملكية وخاصة العقارات الأميرية الواقعة خارج المخططات التنظيمية للمدن والبلدات.[68] وأشارت الإدارة أن القرار مؤقت لحين إنشاء سجل عقاري موازي.[69]

تحتاج القوانين الصادرة عن قسد والإحاطة بها إلى دراسة مستقلة لكن المتابع لطريقة إصدار هذه القوانين، يلاحظ تعدد الجهات التي تصدر القوانين والتعاميم، فرسمياً أمام العالم ، تصدر القوانين عن “المجلس التشريعي”، لكن هناك جهات أخرى في المشهد، كما أن إصدار القوانين لا يعني تنفيذها كما اعترف أعضاء من المجلس التشريعي.[70] وهذا يدفعنا إلى افتراض أن إلغاء القوانين أو وقف تنفيذها مثل قانون أملاك الغائبين لا يعني توقفها على أرض الواقع، وهي نفس النتيجة التي وصل تحقيق حقوق الملكية في الحسكة إليها، إذ وجد أنه على الرغم من إعلان تعليق القانون إلا أن تطبيقه جار، واستولت قسد بموجبه على أراضي ومنازل عائدة لغائبين من أبناء المنطقة، وتستثمرها لصالحها.[71]

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة٥-فوكس حلب

ثالثاً: التدمير وعدم التعويض انتهاك صارخ لحقوق الملكية في الرقة:

يعتبر تدمير المساكن والأملاك الخاصة والعامة، نتيجة العمليات الحربية والقصف، الانتهاك الأكبر والأوسع لحقوق الملكية والأبعد أثراً في عموم سـوريا، لأنه خلق أوضاعاً يصعب تجاوزها إلا بتقديم تعويضات ومساعدات للمتضررين. كما أثر التدمير على البيئة العامة للحياة والسكن في المدن والبلدات نتيجة تضرر البنى التحتية، بالإضافة إلى تدمير أو تضرر مؤسسات الخدمات العامة من مستشفيات ومدارس وغيرها، مما يجعل عودة الناس إلى منازلهم محفوفة بصعوبات كبيرة.

وفي الرقة تضررت البنى التحتية بالإضافة إلى آلاف المباني السكنية والملكيات الخاصة والعامة نتيجة قصف قوات “التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل طرد تنظيم الدولة من المدينة، حتى قُدرت نسبة الدمار بـ 80% من المدينة، عدا باقي المناطق في عموم محافظة الرقة.

مع الدمار الكبير في المدينة تضيع حقوق كثير من أصحاب الممتلكات العقارية، خاصة تلك التي بنيت في مناطق المخالفات وعلى الشيوع، لعدم وجود مستندات ملكية تثبت أحقية أصحابها بها، كذلك تغيب المؤسسات الداعمة في إعادة البناء وعمليات الترميم.

حتى اليوم لم يفكر أحد بدفع أي تعويضات للسكان الذين تركوا لمصيرهم، رغم وجود قوات التحالف الدولي في محافظة الرقة، مع العلم أن دول التحالف تتحمل مسؤولية كبيرة عن عمليات الدمار بالإضافة إلى مقتل آلاف المدنيين في الغارات الجوية للدول الغربية التي أرادت طرد داعش من المدينة دون تحمل خسائر بشرية كبيرة، فحولت المدينة إلى مكان لا يمكن أن يسكنه أحد كما قال مراسل (بي بي سي) عندما تجول في شوارعها خلال عملية طرد التنظيم.[72] وإذا ما كان تنظيم الدولة تنظيماً إرهابياً حاربه كل العالم وقد انتهت سيطرته وبما أنه ليس دولة لا يمكن أن يُطلب منه دفع تعويضات، كما أن السكان المدنيين لا يتحملون أي مسؤولية عما جرى، فيجب على الدول الغربية الغنية التي دمرت المدينة خلال حربها مع التنظيم أن تدفع تعويضات عادلة للمدنيين المتضررين، وهي قادرة على فعل ذلك.

لقد تسببت المعارك التي استمرت خمسة أشهر للسيطرة على مدينة الرقة بدمار 80٪ من البنية العمرانية في المدينة.[73] وقدر تقرير دولي أن هناك 12780 مبنى مدمر كلياً أو جزئياً في المدينة.[74] وقد تركز الدمار في مركز المدينة أكثر من الأطراف بسبب كثافة البناء كما يظهر في الشكل المرفق، وكان حي المنصور أكثر الأحياء تضرراً، حيث أفادت التقارير أن هناك 13 مبنى مدمراً كلياً أو جزئياً في كل هكتار من الحي، وقُدرت أقل أضرار في حي اليرموك بمعدل 1.3 بناء في كل هكتار. وبلغ معدل الدمار الوسطي في المدينة 6 مبان في الهكتار، وما بين 10- 15 مبنى في الأحياء الأكثر دماراً، كما دُمرت أو تضررت معظم مدارس المدينة،[75]وبلغت أكثر من 40 مدرسة وخمس جامعات، بالإضافة إلى 8 مستشفيات، و29 مسجداً، ونظام الري في المدينة.[76]

الأرقام السابقة في مدينة الرقة فقط، ولكن إذا ما نظرنا إلى ريف المحافظة فستصبح الصورة أكثر مأساوية حيث ألحق قصف طائرات التحالف ومدفعيته أضراراً بالغة في القرى والبلدات.

 الدمار في مدينة الرقة عام 2017- المصدر: Reach & others, Syrian cities damage atlas, 2017
الدمار في مدينة الرقة عام 2017- المصدر: Reach & others, Syrian cities damage atlas, 2017

جميع من تمت مقابلتهم وبعضهم ممن عادوا إلى الرقة بعد سيطرة قسد عليها قالوا إنهم وباقي الأهالي تحملوا تكاليف ترميم بيوتهم بأنفسهم ولم يحصلوا على أي مساعدات أو تعويضات.

إحدى السيدات ممن تمت مقابلتهم قد نزحت مع أهلها عن الرقة بعد سيطرة داعش على المدينة بفترة، لتعود بعد سيطرة قسد على المدينة وترى منزلهم وقد تضرر بالعمليات الحربية، ولكن بناءهم ما زال قابلاً للترميم مما جعلها تعتبر نفسها محظوظة بالمقارنة بما شاهدته من بنايات قد سويت تماماً بالأرض، وعندما فكرت العائلة بترميم البيت لم يكن هناك من خيار أمامهم سوى الاعتماد على أنفسهم وهو ما لم يكن ممكناً لولا مساعدة بعض أفراد العائلة اللاجئين في أوروبا، لأن السيدة تعيش مع والديها العجوزين وتعمل موظفة حكومية وراتبها لا يكفي في الأساس، وقالت إن كل من تعرفهم قاموا بالترميم على نفقتهم الخاصة.[77]

كما أوضح أحد أعضاء “مجلس الرقة المدني” أن “لجنة إعادة الإعمار” التابعة للمجلس، والممولة من التحالف الدولي لم تتلقى أي تمويل كتعويضات للمتضررين رغم مطالبتها التحالف بدعم إعادة إعمار البيوت وترميمها. وقال إن اللجنة ركزت قبل حلها عام 2020 على فتح الطرقات وإزالة الركام وإصلاح البنى التحتية كشبكة المياه والصرف الصحي وبعض المدارس، ولكنها لم تُعطى أي تمويل لإعادة شبكة الكهرباء وإعادة بناء الجسور والطرق التي دمرتها طائرات التحالف، حتى أن اللجنة لم تجري أي تقييم لخسائر البنى التحتية ولم يُطلب منها أحد ذلك.[78] في دليل على عدم وجود خطة للتحالف أو نية لإعادة إعمار المدينة، وهو عكس ما كان يعتقده الكثير من أهل الرقة أو ما حاولت بعض الجهات إيهامهم به. وقد أشار تقرير مؤسسة “رند” متأخراً (2022) إلى أن ارتفاع مستوى الدمار ونقص الدعم الأمريكي لإعادة إعمار الرقة دفعا بكثير من السكان إلى التنديد بالطريقة التي تم بها تحرير مدينتهم.[79] وقد جاء تقرير رند متأخراً ودون إشارة إلى ضرورة تعويض سكان الرقة عن ممتلكاتهم، على الرغم من تأكيده أن الجيش الأمريكي كان يمكنه تقليص الخسائر بالأرواح والممتلكات، ولكن القيادة العسكرية الأمريكية لم تضع هذا الأمر بالحسبان وركزت على حماية جنودها فقط.

ومن المفارقات التي تدل على ترك الولايات المتحدة الأمريكية المنطقة لمصيرها، إيقاف وزارة الخارجية الأمريكية تمويل “فريق الإستجابة الأولية” (الدفاع المدني)، رغم أنه كان مكلفاً باستخراج جثث القتلى من تحت أنقاض قصف طيران التحالف وتوثيقها ودفنها، وقد حصل الفريق لاحقاً على دعم من الاتحاد الأوروبي.[80]

كما تبين لاحقاً أن ما تم إنجازه من البنى التحتية والذي قُدِر بـ 70%،[81] من أجل عودة الحياة إلى الرقة كان مبالغاً فيه، لأنها ما تزال في حالة مزرية جعلت موقع لوريون لو جور الفرنسي يسأل في تقرير له من الرقة، “لماذا نسي العالم الرقة؟” التي كانت مركز اهتمام العالم عند طرد التنظيم منها.[82]

وإذا كان التدمير أثناء العمليات الحربية يعتبر انتهاكاً لحقوق الملكية فهناك تدمير متعمد حدث خارج العمليات العسكرية، وهو ما قامت به قسد في بعض المناطق في ريف الرقة حيث دمرت قرى بأكملها كعقوبة جماعية للسكان بتهمة “الداعشية” الانتماء لتنظيم الدولة أو فصائل المعارضة السورية المسلحة.

فخلال صراع قسد مع تنظيم الدولة الإسلامية استولت “وحدات الحماية الشعب” في حزيران 2015، على بلدة سلوك الواقعة على بعد 20 كم إلى الجنوب الشرقي من تل أبيض، كما استولت على عدد من القرى المحيطة بها أيضاً. ومارست في تلك المنطقة انتهاكات لحقوق الملكية بالإضافة إلى التهجير القسري، مما جعل منظمة العفو الدولية في تموز و آب 2015، تجري استقصاء للوقوف على تفاصيل تهجير سكان 10  قرى وبلدات، أي بلدة سلوك والقرى المحيطة بها، الغبينن ورنين وحمام التركمان والمغات وملا برهو وأصيلم وكذلك قريتي عبدي كوي في ريف تل أبيض. وتأكدت المنظمة أن وحدات حماية الشعب الكردية قامت بعملية تهجير للسكان، وهدمت كامل منازل بعض القرى أو معظمها مثل قريتي أصيلم ومشيرفة جنوبي سلوك.[83]

وقد جرى تنفيذ هذه الانتهاكات انتقاماً من الناس جراء تعاطفهم المفترض أو الفعلي مع من يُشتبه في أنهم عناصر في الدولة الإسلامية أو الجماعات المسلحة الأخرى المناهضة لقسد أو لوجود قرابة تجمعهم بأولئك العناصر، كما عُوقبت إحدى السيدات بحرق بيتها لأنها رفضت الانضمام إلى حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD). وكان أغلبية من جرى معاقبتهم من العرب والتركمان مع قليل من الأكراد. تُعتبر هذه الممارسات عقاباً جماعياً يخالف أحكام القانون الإنساني الدولي، لذا طلبت منظمة العفو الدولية الإدارة الذاتية بوقف هذه الممارسات والسماح للنازحين بالعودة إلى منازلهم وتعويضهم. كما طلبت من الدول الداعمة للإدارة ضرورة الإدانة العلنية لهدم المنازل والتهجير القسري، والحرص على عدم إساءة استخدام المساعدات العسكرية من أجل ارتكاب انتهاكات لأحكام القانون الإنساني الدولي.[84] وهذا لا يعتبر غريباً إذا ما علمنا أن قسد قد هدمت وأحرقت ١٤٥٠ منزل في محافظة الحسكة التي تسيطر عليها.[85]

حالة العقارات وحقوق الملكية في الرقة٧-فوكس حلب

استنتاجات وتوصيات

من خلال الاطلاع على آراء الخبراء القانونيين والباحثين في المصادر المفتوحة، ومن خلال مناقشة القضايا المطروحة في هذا التحقيق مع من تمت مقابلتهم (محام، قاض، خبير وموظف عقاري، بالإضافة إلى موظفين في أعلى الهرم الإداري في السلطة القائمة حالياً في الرقة). وصلنا إلى ما يلي:

1- ضرورة مناقشة القضية العقارية في سورية حقوقياً وقانونياً بعيداً عن أي اعتبارات سياسية، وإعطاء الأولوية لحماية حقوق ملكية السكان.

2- تطبيق أي مقترحات أو حلول يتوقف على انتهاء الصراع في سورية وإيجاد حل سياسي عادل، وقيام نظام سياسي مستقر بعيداً عن المحاصصة العرقية والطائفية.

3- استمرار إدارة الشأن العقاري بالطريقة القائمة حالياً، بالإضافة إلى استمرار انتهاكات حقوق الملكية بمختلف أنواعها في مناطق مثل الرقة والحسكة ذات حساسيات وانقسامات سياسية وإثنية وعرقية عميقة، بالإضافة إلى المظالم السابقة فيها، يمكن أن يؤدي إلى صراعات عنيفة.

4- تعدد السجلات العقارية التي أُنشأتها السلطات المختلفة تعني تشتت قاعدة بيانات الحقوق العقارية للسكان بين ثلاث سجلات وربما عشرات آلاف العقود العرفية التي لا تعتبر وثائق رسمية، لذلك كل منها مرشح لأن يكون دعوى قضائية شائكة أو خلافاً أهلياً.

5- أي إدارة عقارية مستقبلية تتمتع بالشرعية ستجد نفسها مضطرة لمعالجة وضع السجلات الموازية، وإيجاد طريقة ما لدمجها ضمن قاعدة بيانات عقارية موحدة حافظاً على حقوق المواطنين.

6- تسيطر “قوات سورية الديمقراطية” سيطرة شـبه كاملة علــى كافة المؤسسـات المدنية المسؤولة عــن الشأن العقاري وحقوق الملكية، مما يؤثر علــى دور تلك المؤسسات.

7- جميع قوى الأمر الواقع في الرقة بما فيها التحالف الدولي لمحاربة داعش بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية مارست أنواعاً مختلفة من انتهاكات حقوق الملكية من تدمير واستيلاء على الأملاك، ويجب عليها جميعها إيقاف انتهاكاتها وتعويض المتضررين.

8- يُعتبــر النازحون واللاجئون والمعتقلون أضعف الفئـات أمــام انتهاك حقوق الملكيـة في الرقة وعموم سوريا، خاصة من تعتبرهم سلطات الأمر الواقع معارضين لها، وتحاول بمختلف الوسائل بما فيها القوانين والقرارات تجريدهم من حقوقهم العقارية، وبالتالي منع عودتهم.

9- لا بد من إدراج ملحق خاص بأي اتفاق سياسي أو دستور جديد يتناول بشكل مفصل قضايا الأرض والملكية وعودة اللاجئين والنازحين كما حدث في دول شهدت صراعات مماثلة.

الدكتور عمار السمر 


المصادر والمراجع

[1]-اليوم التالي، الإجراءات العقارية في المناطق خارج سيطرة النظام، كانون الأول 2020، الإجراءات العقارية في المناطق خارج سيطرة النظام، كانون الأول 2020،آخر مشاهدة 5-7-2022.

[2]– Jihad Yazijy, Destruct to Reconstruct, How the Syrian regime Capitalises on properties destruction and land legalization, Friedrich Ebert Steftung, 2017, Page13.

[3]-السكن وحقوق الملكية، برنامج الأجندة الوطنية لمستقبل سورية، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) ESCWA)، الأمم المتحدة، بيروت، 2018، ص 26.

[4]-المرجع نفسه، ص 31.

[5]-محمد هزاع العلي (رئيس دائرة التشريع العقاري) و محمد وضاح قطماوي (المدير العام للمصالح العقارية في سورية)، ورقة عمل مقدمة من الخبراء في الجمهورية العربية السورية: التشريع العقاري السوري آفاق وتحديات، ص 11. التشريع العقاري السوري آفاق وتحديات ،آخر مشاهدة 27/6/2021.

[6]-عمار السمر، الإدارة العقارية في دوما وحقوق الملكية 2012-2018.. نموذج عن شرعية القوانين وحرب النظام على الأملاك”، 30/4/2022، موقع فوكس حلب، التشريع العقاري السوري آفاق وتحديات ، آخرمشاهدة 24-8-2022.

[7]-أعلنت (قسد) فـي نيسـان 2017، عن تشكيل “مجلـس الرقـة المدنـي” فـي بلـدة عيـن عيسـى. ومهمته تولي إدارة محافظة الرقة بعد طرد تنظيم الدولة منها. كما أُعلن عن انتخاب رئاسة مشتركة عربية – كردية للمجلس، مؤلفة من ليلى مصطفى (كردية من الرقة) والشيخ محمود شواخ البورسان (من شيوخ عشائر الرقة). وقالت قسد إن تشكيل المجلس ثمرة مشورات مع وجهاء من الرقة. كما تمَّ تشكيل 14 لجنة لتسيير شؤون المحافظة. وقد تخوفت المعارضة السورية أن يكون المجلس عبارة عن غطاء عربي لوحدات حماية الشعب الكردية للسيطرة على المحافظة، وضمها للفيدرالية التي أعلنها الأكراد سابقاً. بولا أسطيح ، تشكيل «مجلس الرقة المدني» برئاسة مشتركة عربية ـ كردية، الشرق الأوسط، 19 نيسان 2017، على الرابط: تشكيل «مجلس الرقة المدني» برئاسة مشتركة عربية ـ كردية، الشرق الأوسط، ،آخر مشاهدة 27-7-2022.

[8]- مقابلة مع ناشط مجتمع مدني وهو محامي في الرقة، نيسان 2021.

[9]-مقابلة مع أحد أعضاء مجلس الرقة المدني، نيسان 2021.

[10]- Hussam Hammoud, Syria’s Raqqa homeowners fight against illegal confiscation of their properties, Middle East Eye, 30/8/2020, accessed on 10/7/2022, at: Syria’s Raqqa homeowners fight against illegal confiscation of their properties

[11]-ا-هاني العبدالله، عقارات في الحسكة..

[12]-اليوم التالي، الإجراءات العقارية.

[13]-الرقة: لواء “الشمال الديمقراطي” يستولي على أكثر من 80 منزلاً تعسفياً، منظمة :سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة  آخر مشاهدة 25-7-2022.

[14]-المرجع نفسه، ص9.

[15]-وفد أميركي يزور لواء الشمال الديمقراطي في مدينة الرقة، موقع تلفزيون سوريا، آخر مشاهدة 31-7-2022.

[16]-الرقة: لواء “الشمال الديمقراطي” يستولي على أكثر من 80 منزلاً تعسفياً، منظمة :سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، آخر مشاهدة 25-7-2022.

[17]-الرقة: قسد تستولي على جمعيات السكن الاجتماعي وأملاك نازحين، 9/8/2022، موقع سیریا ریبورت، آخر مشاهدة 25-8-2022.

[18]-المرجع نفسه.

[19]- الرقة: لواء “الشمال الديمقراطي” يستولي على أكثر من 80 منزلاً تعسفياً، منظمة :سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، آخر مشاهدة 25-7-2022.

[20]-المرجع نفسه.

[21]- ما حقيقة استيلاء قسد على عقارات مدنيين في الطبقة؟، فيديو يحوي الشهادات المذكورة في المتن، 16/11/2020، موقع عنب بلدي، آخر مشاهدة 1-8-2022.

[22]-المصدر نفسه.

[23]-مقابلة مع محامي وناشط مدني من الرقة. كذلك منظمة العفو الدولية.

[24]-المصدر نفسه.

[25]-مقابلة مع محامي وناشط مدني من الرقة.

[26]-اليوم التالي، الإجراءات العقارية.

[27]-المرجع نفسه.

[28]-المرجع نفسه.

[29]-نور القاسم، الرقة.. “ب ي د” يستولي على عشرات المنازل لإسكان عائلات عناصره، 29/1/2021، شبكة الخابور، آخر مشاهدة 31/07/2022.

[30]-نداء عاجل من المجلس المحلي لمدينة الرقة – المكتب الصحفي، 4-3-2013، صفحة المجلس المحلي على الفيسبوك، آخر مشاهدة 15-8-2022.

[31]-مقابلة مع ناشط ومحامي في الرقة، كان شاهداً على  التجربة، نيسان 2021.

[32]-مقابلة مع موظف في السجل العقاري، أيار 2021.

[33]مقابلة مع قاضي في الرقة، نيسان 2021.

[34]-مقابلة مع موظف في السجل العقاري.

[35]-مقابلة مع موظف في السجل العقاري.

[36]-مقابلة مع موظف في “بلدية الشعب في الرقة”، نيسان 2021.

[37]-مقابلة مع محامي وناشط مدني من الرقة، أيار 2021

[38]- مقابلة مع محامي وناشط مدني من الرقة.

[39]-مقابلة مع موظف في السجل العقاري، أيار 2021.

[40]- مقابلة مع محامي وناشط مدني من الرقة.

[41]-عدد ممن تمت مقابلتهم.

[42]-سامر الأحمد، السجلات العقارية في الرقة تنتظر المنقذ، 15/10/2017، موقع جيرون، آخر مشاهدة 15-8-2022

[43]-مقابلة مع قاضي سابق في الرقة. كذلك مقابلة مع محامي وناشط مدني من الرقة.

[44]-الأحمد، السجلات العقارية في الرقة.

[45]-مقابلة مع قاضي سابق في الرقة.

[46]-المصدر نفسه.

[47]-مقابلة مع موظف سابق في بلدية الرقة.

[48]- مقابلة مع قاضي سابق في الرقة.

[49]-اليوم التالي، الإجراءات العقارية.

[50]-المرجع نفسه. كذلك مقابلة مع موظف في السجل العقاري.

[51]-اليوم التالي، الإجراءات العقارية.

[52]- مقابلة مع محامي مستشار في محاكم قسد من الرقة، أيار 2021.

[53]- تنشر صفحة الفيسبوك الرسمية لبلدية الشعب في الرقة إعلانات رُخص البناء بشكل دائم ، آخر مشاهدة 7-8-2022.

[54]-وصلنا إلى هذه الأرقام من خلال متابعة الباحث لصفحة الفيسبوك الرسمية لبلدية الشعب في الرقة، آخر مشاهدة 7-8-2022.

[55]- اليوم التالي، الإجراءات العقارية.

[56]-مقابلة مع محامي و ناشط من الرقة.

[57]- اليوم التالي، الإجراءات العقارية.

[58]-صدر هذا القانون في “إقليم الجزيرة”(الحسكة) عام 2015، ولم تكن قسد قد سيطرت على الرقة، كما أن تسمية الإدارة الذاتية لم تكن مستخدمة آنذاك.

[59]-نص القانون 7 لعام 2020- قانون حماية وإدارة املاك الغائب، أصدره المجلس العام في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في الجلسة رقم 30 التي عقدت في 5/8/2020، الموقع الرسمي للإدارة الذاتية، آخر مشاهدة 1-7-2022.

[60]-القرار رقم (3) تاريخ 12/8/2020، القاضي بوقف تنفيذ القانون رقم (7) لعام 2020 قانون حماية وإدارة أملاك الغائب، صادر عن المجلس العام للإدارة الذاتية، صفحة فيسبوك الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، آخر مشاهدة 23-8-2022.

[61]-عدنان الأحمد، توتر شرقي الفرات… و”قسد” تتجه للاستيلاء على أملاك الغائبين، 27/8/2020، صحيفة العربي الجديد، آخر مشاهدة 10-8-2022.

[62]-بيان الى الرأي العام، دائرة حماية أملاك السريان الأشورين الكلدان والأرمن، 28/8/2020، صفحة الدائرة على الفيس بوك.آخر مشاهدة 1-7-2022.

[63]-اليوم التالي، الإجراءات العقارية.

[64]-مقابلة مع محامي وناشط مدني من الرقة.

[65]-يظهر في جدول المناطق العقارية السورية أن مديرية المصالح العقارية في الرقة تنقسم إلى ثلاث دوائر: دائرة الرقة المدينة ويتبع لها مكتب التوثيق العقاري الأول والثاني، وهناك دائرة الكرامة ويتبع لها مكتب التسجيل العقاري في الكرامة، ودائرة سلوك ويتبع لها مكتب التسجيل العقاري في سلوك، ولم يكن هناك أية مكتب في السبخة. مديريات المصالح العقارية في المحافظات والدوائر التابعة لها مع المكاتب، موقع المديرية العامة للمصالح العقارية، آخر مشاهدة 15-8-2022.

[66]-اليوم التالي، الإجراءات العقارية.

[67]-القرار رقم /6/ الصادر بتاريخ 28/1/2021، مصدر سبق ذكره.

[68]-قرارات جديدة حول الدعاوى العقارية في شمال شرقي سوريا، عنب بلدي، 29/1/2021، آخر مشاهدة 20-7-2022.

[69]-اللائحة التفسيرية للقرار رقم /6/ ، مصدر سبق ذكره.

[70]-جانو شاكر، تحقيق: بعد 4 سنوات من حكم المنطقة: قوانين الإدارة الذاتية من التفاوت إلى الانتقائية في التطبيق، صحيفة روك- أونلاين الإلكترونية، 26/07/2018. آخر مشاهدة 31/07/2022.

[71]- هاني العبد الله، عقارات في الحسكة.. مصير تحكمه المنفعة وقوانين قسد الجائرة، 2022-06-30، موقع فوكس حلب، آخر مشاهدة

[72]-كوينتين سومرفيل ورهام دالاتي، الرقة: المدينة التي لا يمكن أن يسكنها أحد، موقع bbc عربي، آخر مشاهدة 25-7-2022.

[73]- OCHA, Northeast Syria Situation Report No. 16, 2017, last seen 28-7-2022.

[74]- Reach & others, Syrian cities damage atlas, 2017, P.14, last seen 24-8-2022.

[75]-14 .Reach & others, P

[76]-سوريا: تقرير يكشف أن الجيش الأمريكي لم يفعل ما يكفي للحد من تدمير الرقة، 2/4/2022، موقع FRANCE 24، آخر مشاهدة 26-8-2022.

[77]-مقابلة مع سيدة من سكان الرقة، تموز 2022.

[78]-مقابلة مع أحد أعضاء مجلس الرقة المدني، صيف 2021.

[79]-سوريا: تقرير يكشف أن الجيش الأمريكي لم يفعل ما يكفي للحد من تدمير الرقة

[80]- مقابلة مع أحد أعضاء مجلس الرقة المدني.

[81]- المصدر نفسه.

[82]-    Édith BOUVIER et Céline MARTELET, « Pourquoi le monde a-t-il oublié Raqqa ? », 24 février 2021, Lorient-Le Jour, last seen 26-7-2022.

[83]-منظمة العفو الدولية، “لم يكن لنا مكان نذهب إليه” النزوح القسري وعمليات هدم المنازل في شمال سوريا، رقم الوثيقة MDE24/ 2503/ 2015، الأمانة الدولية لمنظمة العفو الدولية، المملكة المتحدة، 2015.

[84]-منظمة العفو الدولية.

[85]-هاني العبد الله، عقارات في الحسكة.