فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

صورة تعبيرية -إنترنت

الوثائق الجامعية .. أعباء مادية ممزوجة بالنصب تحول دون عودة الطلاب المنقطعين إلى مقاعد الدراسة

حسن كنهر الحسين

أعادت وزارة التعليم العالي في مناطق النظام شرط الموافقة الأمنية للحصول على الوثائق الجامعية أو كشوف العلامات، ما يشكل عقبة أمام عشرات الطلاب المنقطعين عن تلك الجامعات ويحول دون قدرتهم […]

أعادت وزارة التعليم العالي في مناطق النظام شرط الموافقة الأمنية للحصول على الوثائق الجامعية أو كشوف العلامات، ما يشكل عقبة أمام عشرات الطلاب المنقطعين عن تلك الجامعات ويحول دون قدرتهم على إكمال دراستهم الجامعية في مناطق سيطرة المعارضة، بعد عجزهم عن تأمين الوثائق المطلوبة.

شروط عدة وضعتها وزارة التعليم العالي في مناطق النظام لقاء تسليم الوثائق الجامعية للطلاب الراغبين، يأتي في مقدمة تلك الشروط وجوب التسليم باليد لصاحب العلاقة أو لأحد أقربائه بموجب وكالة قانونية يتم مهرها من الكاتب العدلي والمحامي العام وحاصلة على موافقة أمنية، إضافة لإحضار البطاقة الجامعية والتبرع بالدم وبراءة ذمة.

شكل الحصول على كشف العلامات عقبة مادية أمام عشرات الطلاب في العودة الى مقاعد الدراسة ضمن الجامعات الحرة، بعد فرضه كشرط أساسي على الطلاب المنقطعين لإكمال تحصيلهم العلمي، وصعوبة تأمينه، إذ يتطلب ذلك كلفة عالية وعدم الوقوع في يد سماسرة التزوير.

مضر، طالب سابق في كلية التاريخ بجامعة حلب، قال إنه توقف عن الدراسة بشكل نهائي ضارباً ستة عشر عاماً قضاها في التحصيل العلمي عرض الحائط. قرار مضر جاء نتيجة لعجزه عن تأمين مبلغ يستطيع من خلاله تأمين كشف علامات منذ توقفه عن الدراسة في العام ٢٠١٤.

ثياب مضر الملطخة بالإسمنت بعد أن تحول لعامل مياومة في البناء تنهي حلمه بمستقبل كان يرجوه، يقول “أتقاضى نحو خمسمائة ليرة تركية شهرياً من عملي، وازيد كلفة كشف العلامات عن خمسمئة دولار، تضاف إليها رسوم التسجيل والمواصلات والسكن، وهو ما يعني أن أعمل سنة كاملة لتأمين ما يعينني على العودة لجامعتي”.

ويضيف “لن يتوقف الأمر عند ذلك، فكلفة التسجيل الجامعي والتنقل لا تتوافق مع قدرتي على دفعها، ولا يمكن أيضاً التوفيق بين دراستي وعملي في آن معاً”

تنوع تلك القرارات التي اتخذتها جامعات النظام على مر السنوات السابقة لم يغير من تكلفة الحصول على الوثائق الجامعية بالنسبة للطلاب المتوقفين عن دراستهم في المناطق المحررة، حيث سبق قرار الموافقة الأمنية قرار سابق صدر بتاريخ 15-10-2019 يقضي بالسماح لأشخاص من عائلة الطالب باستلام الوثائق والثبوتيات الجامعية دون الحصول على موافقة أمنية، إلا أن التكلفة لم تتأثر بتلك القرارات الصادرة.

مصطفى المنصور أحد طلاب اللغة الإنكليزية استغل ذلك القرار للحصول على كشف علامات من جامعة حماة أملاً في اختصار التكلفة، بعد التنسيق مع أحد الأشخاص ضمن المناطق المحررة، يقول إن أحد السماسرة طلب منه 300$ وهي التكلفة ذاتها التي طلبت منه أثناء قرار النظام الصادر بتاريخ 22-12-2016 والذي جعل الموافقة الأمنية شرطاً أساسياً لحصول الطالب على بياناته الجامعية بما فيها كشف العلامات.

يقول مصطفى ” اضطررت لإخراج الكشف بعد توقفي لمدة خمس سنوات عن الدراسة تخللها محاولات عدة لإحضاره، بما فيها توكيل خطي من قبلي لأحد أقاربي في مدينة حماة وجميعها باءت بالفشل”.

قوانين خاصة بالطلاب المنقطعين

اتخذت إدارة جامعة ادلب قوانين قالت إنها سنت لأجل تلك الشريحة من الطلاب، مثل افتتاح برنامج النظام الإكمالي لمدة خمس سنوات والذي تم وضعه بشكل استثنائي مراعاة لظروف الطلبة المنقطعين عن الدراسة.

كما سن قانون التقديم الشرطي كإجراء تسهيلي من قبل الجامعة، والذي يعتبر أقصى ما تستطيع الجامعة تقديمه للطلاب المنقطعين عن دراساتهم الجامعية في مناطق النظام، لحين حصولهم على الوثائق الجامعية المصدقة من لجنة تصديق الوثائق.

يقول أحمد أبو حجر رئيس جامعة إدلب “في حال عجز الطالب عن تأمين الوثائق الجامعية يحمّل جميع المواد التي لم يقدمها”، وقد لاقت تلك الخطوة إقبالاً من قبل عدد كبير من تلك الشريحة، حسب قوله، إذ بلغ عدد الطلاب الجامعيين المسجلين في جامعة إدلب بعد انقطاعهم عن جامعات النظام نحو خمسمائة طالب وطالبة.

لم تشكل تلك القرارات طوق نجاة لتلك الشريحة من دفع رسوم الكشف الذي تتراوح تكلفته بين ثلاثمئة إلى ستمائة دولار، بعد أن فرضته الجامعات ضمن مناطق المعارضة كـ شرط أساسي لنيل شهادة التخرج.

صفحات مزورة وضحايا نصب

تزايدِ الطلب على كشف العلامات أفسح المجال لظهور صفحات وأشخاص يدّعون قدرتهم على تأمينها مقابل مبالغ مالية، وتنافست فيما بينها، إذ تفاوتت أسعار الوثائق بين شخص وآخر وجامعة وأخرى.

معظم السماسرة والصفحات اتخذوا من هذه الوثائق واحتياج الطلبة لها لإكمال تحصيلهم العلمي باباً من أبواب “النصب” الجديد، وقع فيه العشرات من الطلاب ضحية وثائق مزورة أو إغلاق هذه الصفحات وعدم الرد بعد الحصول على المبلغ المالي أو جزء منه.

يخبرنا رياض، طالب سابق في كلية التربية معلم صف جامعة حلب، إنه وقع ضحية واحدة من صفحات الفيسبوك شاركها أحد أصدقائه، وتعرف عن نفسها بأنها صفحة لشركة معتمدة تعمل على التنسيق بين جامعات النظام والمعارضة لاستخراج الوثائق الجامعية.

يقول رياض إنه توقف عن الدراسة منذ سنوات لصعوبة الحصول على الوثائق وتأمين الكلفة المالية لاستخراجها وخوفه من عمليات التزوير والاحتيال، لكن ما عزز ثقته بتلك الصفحة التعليقات التي رافقت المنشورات، والردود المباشرة عبر الماسنجر من قبل القائمين على الصفحة على تساؤلات مراسليها وإقناعهم بصدقها.

ويتابع “زاد من ثقتي بالشركة تواصلي مع الشخص الذي قام بمشاركة المنشورات، والذي أكد لي أنها شركة متعارف عليها في جامعات المعارضة والنظام”.

تلك المغريات دفعت رياض للتواصل مع القائمين على الصفحة، إذ طلب منه تحويل ثلاثمئة وخمسة وسبعين دولاراً، بحجة دفعها قيمة معاملات وأجور للطلاب القائمين على تأمين الكشف في تلك الجامعات، وهو ما دفعه إلى تحويل المبلغ بشكل فوري ليحصل بعد ثلاثة أشهر على كشف علامات تبين له بعد التسجيل بعدة أشهر أنه مزور، بعد إبلاغه من قبل إدارة الجامعة، والتي قامت بإحالته إلى النيابة العامة في الجامعة والتي أصدرت قراراً بإيقافه عن إكمال دراسته لحين جلب كشف حقيقي بعلاماته.

خسر رياض فرصته في إكمال تعليمه واتهم بالتزوير، إضافة لخسارة المبلغ الذي دفعه، يقول رئيس الجامعة الذي أجاب عن سؤال حول حالة رياض ومن يقع مثله ضحية لعمليات التزوير أنه “في حال اكتشاف أي عملية تزوير يتم إحالة الطالب الى النيابة العامة في الجامعة لتبت في أمره بعد التحري، إذا ما كان الطالب وقع ضحية للتزوير حيث يتم التقصي عن الشخص الذي قام بالتزوير لإحالته الى القضاء بشكل فوري، أو إن كان الطالب لجأ إلى تزوير الكشف عمداً حيث يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة بحقه بعد إحالته الى النيابة العامة للجامعة”.

سماسرة وموظفون

تواصلنا مع سماسرة للاستفسار عن الطريقة المتبعة للحصول على الوثائق الجامعية رغم قرار جامعات النظام بعدم تسليمها إلا باليد لصاحب العلاقة، واقتصرت الإجابات على أقوالهم بأنهم مجرد صلة وصل بين الطالب والمسؤول الذي يستطيع الحصول على الوثائق المطلوبة من خلال علاقاته القوية مع كثير من الموظفين، ويتقاضى المعقب النسبة الأقل من المبلغ فهو الوسيط الذي يسلم ويستلم من الطرفين.

وبحسب أحد العاملين في ذلك المجال، فإن أسعار تلك الوثائق تختلف من جامعة لأخرى نتيجة القوانين والتشديدات التي تحكم كل جامعة، إضافة للتاريخ الذي توقف فيه الطالب عن الدراسة، ووضعه الأمني ضمن مناطق النظام.

وحول آلية استخراجه تابع “يستغرق إخراج الوثائق الجامعية، مثل كشف العلامات، أكثر من ثلاثة أشهر لتأمينه من قبل الشخص الذي يتم التعامل معه ضمن مناطق النظام.

ويتم التأكد من مصداقيته عبر صورة يتم إرسالها عبر الواتس آب لصاحب الوثيقة، ليتسنى له التأكد من صحة علاماته والأختام الموجودة عليه، يتم بعدها استلام المبلغ المتفق عليه وتحويله الى ذلك الشحص في مناطق النظام، والذي بدوره يقوم بإرسال الوثيقة الأساسية بعد استلامه للمبلغ إلى الوسيط في مناطق المعارضة.

يقول من التقيناهم من الطلاب، إن معظم السماسرة يطلبون جزء من المبلغ في البداية، وإنهم يعتمدون على عدم قدرة الطالب على تذكر علاماته للتأكد منها، كما أن صورة عبر الواتس آب لا يمكن التحقق منها، فيما إن كانت الوثيقة مزورة أم غير ذلك.

ويضيفون، من الممكن أن يكون هناك تعاون بين أشخاص في الجامعات وسماسرة يقومون بتصوير النسخة الأصلية وبعد ذلك يستبدلونها بأخرى مزورة، كما أكد طلبة على حصولهم على نسخ أصلية استطاعوا من خلالها إكمال تحصيلهم العلمي بعد التحقق من صحتها.

ما يزال الحصول على الوثائق الجامعية مشكلة تؤرق مئات الطلبة في المنطقة، وهي شرط لا يمكن الاستغناء عنه لإعادة قبولهم في فروع الجامعة التي كانوا يدرسونها، إذ كيف يمكن التأكد في الأصل من سنوات دراستهم وكشوف علاماتهم دون الحصول عليها.