تتصدر تسعيرة المواد الاستهلاكية المحلات التجارية بعد فرضها من قبل الرقابة التموينية إثر مطالبات السكان بضبط الأسعار التي أرهقتهم نتيجة استغلال بعض الباعة المترافق مع سوء في الأحوال الاقتصادية التي يعيشونها.
وكانت وزارة الاقتصاد والموارد في حكومة الإنقاذ قد فرضت وضع تسعيرات واضحة على رفوف المحال التجارية، ومخالفات من مديرية الرقابة أو التموين المنتدبة على غير الملتزمين.
المخالفة التموينية الأولى التي فرضتها الرقابة التموينية على أبو محمد صاحب محل للمواد الغذائية، ومهجر إلى ريف حلب الغربي قبل نحو ثلاثة أشهر، وهو ما دفعه لوضع التسعيرة وعدم إزالتها، يقول إن المخالفة كانت محقة وإن ضبط الأسعار يشعر المواطن بالطمأنينة، خاصة مع اختلاف الأسعار بين محل وآخر، واحتكار المواد من قبل بعض التجار وأصحاب المحلات.
ويرى منصور أبو الوليد، صاحب محل لبيع الألبسة الرجالية في مدينة إدلب، أن هذه الخطوة جيدة للسلع الغذائية على وجه الخصوص، لكنها لن تكون بذات التأثير والأهمية بالنسبة لمحال الألبسة، معتبراً أن اللباس في المناطق المحررة لم تعد من السلع الأساسية في المنطقة.
مزاجية الفرق التموينية
يستطيع الباعة تمييز سيارات فرق الرقابة التموينية من الستر المخصصة للمؤسسة التي يتبعون لها، لم يكن أبو محمد يخشاهم لأنه التزم بالتعليمات من الفريق الأول الذي زاره قبل أشهر إلا أنه بات يتحسب لهذه الزيارة المفاجئة (الكبسة) بعد أن وقع في المخالفة الوحيدة قبل ثلاثة أشهر، فبعد اتباعه لتعليمات الفريق الأول الذي زاره أول مرة وطلب منه وضع لائحة أسعار تشمل جميع المواد في مكان واضح للزبائن، رفض فريق آخر هذا الإجراء وخالفه لأنه لم يكتب السعر على كل سلعة، وبالرغم من محاولات أبو محمد غير المجدية لإقناعه بالتزامه بتعليمات الفريق الأول إلا أنه أصر على مخالفته بمبلغ 100 ليرة تركية، وهذا ما جعله يعيش حالة من التوتر عند زيارة فريق المراقبة.
توحيد الأسعار خطوة غير مجدية لبعض السلع
التزم منصور أبو الوليد بتسعير بضاعته من خلال لائحة تُعلّق على باب المحل، لكنه يعتبر أن هذا الإجراء لا يساهم في حماية المستهلك من ارتفاع الأسعار لأنها تختلف من محل لآخر، إذ تلعب مكان المحل وقيمة الإيجار دوراً في تحديد مرابح صاحب المحل، وكذلك لمصدر البضاعة دور كبير في ذلك، والأهم من ذلك كله هو أن فرق الرقابة لا تحمل الخبرة الكافية لتحديد الأسعار التي من السهولة التلاعب بها في حال أراد صاحب المحل عدم الالتفات لهموم الناس ووضعهم السيء.
كذلك سعى أبو الوليد لتسعير بضاعته بعد ضبط المخالفة الأولى بحقه لأنه لم يلتزم بوضع تسعيرة للألبسة ودفع مبلغ 100 ل.ت قيمة المخالفة.
تأييد شعبي للرقابة التموينية رغم تفاوت أسعار السلعة الواحدة
جاءت خطوة تفعيل الرقابة بعد نداءات متكررة واستياء من تلاعب الكثير من الباعة بالأسعار، تقول روعة حسن: “في إدلب كانت الأسعار تتفاوت من محل لآخر لنفس السلعة فعلبة المناديل المعطرة كانت تباع في محل بسعر 4 ليرات تركية بينما تجدها في محل آخر بسعر 7 ليرات، وتكثر الأمثلة المشابهة” تتابع “هذا فارق كبير بالنسبة لسلعة صغيرة كهذه، من هنا جاءت ضرورة ضبط الأسعار إن لم يكن بالإمكان توحيدها”
ويقول خالد الخضر، المدير العام للتجارة والتموين في وزارة الاقتصاد والموارد، إذ لاقى قرار تفعيل دور الرقابة التموينية قبولاً من قبل أصحاب الفعاليات خاصة أنه جاء استجابة لطلب الأهالي.
ويضيف الخضر “بدأت مديرية الرقابة التموينية حملات الرقابة والتفتيش على المحلات منتصف عام 2019، وخلال فترة الإعداد النظري وإعداد القانون والتحضير للمخبر تم زيارة الأسواق والفعاليات التجارية وحثهم على الالتزام بالقواعد التموينية، بعد استكمال وضع الأسس النظرية ووضع قانون التموين رقم 15.
تجهيز المخبر لتحليل المواد استمرت فترة زمنية أُبلِغ خلالها أصحاب الفعاليات والتجار في غرفة التجارة وصناعة سوريا الحرة، وكان تفعيل التموين بناء على مطالب أصحاب الفعاليات والإخوة المواطنين.
وتعود أسباب المخالفات التموينية لطمع وجشع بعض ضعاف النفوس من التجار إما بهدف الغش أو زيادة الأرباح، بحسب الخضر. هذه المخالفات يتم التعامل معها بشكل تسلسلي من مكان ضبط المخالفة إلى المصدر إن كان منتِجاً أو مستورداً والوصول إليه والوقوف على طبيعة المخالفة. وتشمل الرقابة التموينية جميع السلع والخدمات التي يكون المستهلك طرفاً فيها فهي حماية له.
وأشار الخضر إلى أن متابعة السلع الأساسية الضرورية للمواطنين وهي مادة الخبز والمحروقات كانت بداية العمل التمويني ومن ثم الانتقال إلى الأمور الأخرى من الرقابة التموينية.
وعن تنبيه التجار والباعة بتفعيل القرار قال الخضر “بشكل عام لا يتم تنظيم الضبط إلا بعد تنبيه صاحب المحل وخاصةً بالأمور الخدمية كالإعلان عن الأسعار، يلي التنبيه إنذاره ومن ثم كتابة الضبط، أما المخالفات التي لا تحتمل التأجيل مثل انتهاء الصلاحية والغش فينظم بها ضبط مباشرة وفي حال تكرار المخالفة فقانون التموين يعتمد عقوبات تحذيرية، فمع تكرار المخالفة لصاحب الفعالية تزداد العقوبة وتتدرج من العقوبات المالية إلى السجن إن لم تردعه المخالفات السابقة، وتتوقف قيمة ونوع المخالفة على حجمها والتأثير على السوق وعلى الصحة العامة.
ماتزال أسعار السلعة الواحدة متفاوتة السعر من مكان لآخر إلا أن الفارق لم يعد كبيرا كالسابق، إذ لعبت الرقابة التموينية دوراً في تحديد الأرباح، وفتح عدم توحيد الأسعار مجالاً للمنافسة بين المحال التجارية وخاصة في الأسواق الشعبية.