ارتفعت أسعار التبغ وملحقاته في محافظة إدلب خلال الشهرين الماضيين نتيجة تشديد إجراءات تهريبه إلى محافظة إدلب والمناطق التابعة لها، وكان يجري دخول مختلف أصناف التبغ من منطقة عفرين، وتهريبه إلى الشمال السوري عن طريق معبر الغزاوية الذي يفصل بين حكومتي الإنقاذ والمؤقتة بعد غض الطرف عن دخوله أو تهريبه بطرق غير شرعية.
يقول تاجر تبغ في إدلب إن الارتفاع جاء نتيجة للضرائب التي تفرضها الحواجز في منطقة عفرين على مرور سيارات التبغ حتى وصوله إلى حاجز الغزاوية، بوابة الدخول إلى محافظة إدلب، والذي بدوره منع مرور تلك الشاحنات إلى محافظة إدلب.
ويضيف “ضاعف أسعار التبغ، إضافة للضرائب، اضطرار تجار التبغ الموجودين في ريفي حلب الشمالي والشرقي إلى تهريب بضائعهم عبر حملها والسير بها على الأقدام مسافات طويلة بواسطة عدد من المهربين، تمهيداً لتسليمها لتجار التبغ في المنطقة المقابلة، بعد تشديد الرقابة على معظم المواد التي تدخل من المعبر وهو ما دفع تجار التبغ في تلك المناطق الى إضافة كلفة النقل المرتفعة وتقسيمها على البضائع التي يتم إدخالها وفرضها على التجار في محافظة إدلب”.
ويقدر تجار التبغ ارتفاع سعره بنسبة تتراوح بين عشرين إلى ثمانين بالمائة مقارنة بأسعارها قبل تحول طرق تهريبها إلى المحافظة، وتتراوح أجور تهريب كرتونة التبغ الواحدة بين 22 و45 دولاراً، وذلك تبعاً لطول المسافة التي يقطعها المهرب سيراً على الأقدام وطبيعة المادة المحمولة داخل تلك الكراتين وتسليمها.
يرجع تجار تحدثنا معهم تشديد الرقابة على التبغ وملحقاتها إلى اكتشاف كميات من المواد المخدرة والحشيش يتم إدخالها ضمن كراتين التبغ التي يتم تهريبها إلى المنطقة ما دفع الحواجز لتشديد الرقابة على عبور كافة المواد بما فيها التبغ وفرض غرامات مالية على المهربين بالإضافة لإتلاف الكميات التي يتم اكتشافها.
تراجع الطلب على مختلف أنواع التبغ في الفترة الأخيرة بعد ارتفاع سعره بشكل ملحوظ، يقول أحمد حلاق أحد تجار التبغ “إن تراجع الطلب على الدخان والمعسل جاء نتيجة ارتفاع أسعاره بشكل ملحوظ” ويضرب مثالاً بارتفاع سعر “كرز المعسل من 8 الى 12 دولاراً، ودخان الماستر من 37 إلى 57 والجيتان من 44 إلى 77 دولاراً، كذلك الأمر بالنسبة لبعض اصناف دخان القشق التي يجري دخولها من تلك المناطق، فقد تعدى سعر الكيلو 225 ليرة تركية”.
وسائل بديلة اتبعها أصحاب المحلات في الشمال السوري لتفادي تكلفة التهريب التي ساهمت في رفع أسعاره وحدّت من مبيعاتهم اليومية، عبر التعاقد مع عدد من معارفهم الذين يترددون إلى المنطقة باستمرار، لتزويدهم بكميات محدودة من التبغ لتسيير مبيعاتهم كون غالبية المسافرين لا يخضعون لعمليات تفتيش مشددة، لحين إعادة السماح لشاحنات التبغ بالدخول من جديد.
في الوقت ذاته أضحت تجارة التبغ المحدودة فرصة عمل لدى بعض المسافرين يستطيعون من خلالها تسديد أجور النقل والمحروقات على الطرقات. عمار والذي يعمل ممرضاً لدى أحد المستشفيات في مدينة عفرين وفر على نفسه ثمن المحروقات بعد تعاقده مع أحد الباعة في إدلب على تهريب ما يستطيع من المعسل والدخان بكميات قليلة وربح محدود في سيارته الخاصة، مستغلاً عدم التدقيق الأمني عليه من قبل الحواجز.
يقول عمار إن المنفعة متبادلة بيني وبين صاحب المحل، “أقوم بتهريب ما أستطيع من تلك المواد وأضع عليها مرابح ضئيلة وأستطيع من خلال تلك المرابح البسيطة تغطية ثمن المحروقات لحين وصولي إلى عملي”.
انعكس ارتفاع أسعار التبغ على المدخنين ورواد النرجيلة في الشمال السوري. يقول من التقيناهم إن ارتفاع سعر الدخان جاء نهاية لحقبة طويلة من التدخين، مثل الحاج أحمد ذي الخمسة والستين عاماً والذي توقف عن التدخين أخيراً بعد ارتفاع سعره، يقول الحاج أحمد “رب ضارة نافعة، ما أقدرت بطلوا طوعا بس لما ارتفع سعروا بطلنا بالغصب”.
فيما لجأ مدخنون منهم إلى الأقارب والمعارف الذين يترددون إلى عفرين لتأمين حصتهم من المعسل أو الدخان بين وقت وآخر. واتبع قسم آخر سياسة التقنين عبر خفض عدد أنفاس النرجيلة أو علب السجائر إلى النصف لتفادي الارتفاع الحاصل. واضطر آخرون لتغيير نوع دخانه إلى نوع آخر تأثر طفيفاً بأجور التهريب، لكن كثيراً من المدخنين ما يزالون يشترون سجائرهم بأسعار مرتفعة، يقولون إنهم “لا يستطيعون الإقلاع عن التدخين أو تقليل كميته، أياً كان سعره”.