تتجدد أزمة فقدان وارتفاع أسعار المحروقات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، ما ينعكس سلبياً على الحياة عامة وعلى قطاع المواصلات بشكل خاص.
وبحسب مواقع موالية، فإن أزمة المحروقات الأخيرة جاءت جراء تأخر وصول الناقلات الإيرانية المحملة بالنفط إلى مصفاة بانياس، وتخفيض إيران لكمية المحروقات المصدرة إلى سوريا، ما أدى لزيادة الاعتماد على الوقود المهرب من لبنان عن طريق المعابر غير الشرعية التي يسيطر عليها حزب الله على الحدود السورية_اللبنانية.
بينما تحدث موقع “أثر برس” عن وصول ثلاث ناقلات إيرانية محملة بالنفط الخام والغاز في الثاني عشر من تموز الجاري إلى ميناء بانياس في طرطوس، وعلى متنها 2,6 مليون برميل نفط، وذلك بعد أكثر من شهر على انطلاقها من إيران.
رفع الأسعار لتخفيف الطلب
مع عجز النظام عن تلبية احتياجات السكان من الوقود، رفع أسعار المحروقات مجدداً للتقليل من حجم الطلب. وأعلنت حكومة النظام للمرة الرابعة منذ بداية العام الجاري، رفع سعر ليتر المازوت إلى 500 ليرة، بدلاً من 180 ليرة لقطاع المواصلات، و138 ليرة للمخابز، إضافة لرفع سعر ليتر البنزين من نوع “أوكتان 95” إلى 3000 ليرة بدلاً من 2500 ليرة.
الارتفاع الأخير دفع العشرات من الموظفين الحكوميين إلى تقديم استقالتهم، لعدم تناسب رواتبهم الشهرية مع نفقات النقل، فضلاً عن تضرر طلاب جامعيين وعدم قدرتهم على الوصول إلى قاعات الامتحان في الوقت المحدد نتيجة فقدان المواصلات.
بدأ موظفون في العاصمة السورية دمشق وفي عدة مناطق أخرى، إضراباً غير معلن عن العمل من خلال رفضهم التوجه إلى وظائفهم، نتيجة فقدان المواصلات وارتفاع أجورها في حال توفرت.
بلغ راتب أبو سارية وهو من سكان دمشق بعد مرسوم الزيادة الأخير ثلاثة وسبعين ألفاً مع “الحوافز والإضافي”، يقول إنه يدفع عشرين ألف شهرياً أجور نقل، وطبيعة عمله تفرض عليه شراء الخبز غير المدعوم، ما يعني دفع حوالي أربعين ألف ليرة شهرياً ثمن الخبز، وبالتالي يخسر أكثر من ثلثي راتبه.
وأكد أبو سارية في حديثه لـ”فوكس حلب”، “أن معظم موظفي دائرته بدؤوا احتجاجاً من نوع خاص على الأوضاع الحالية ورفض الدوائر الحكومية توفير باصات نقل لهم، من خلال التغيب عن العمل والخروج قبل ساعة أو اثنتين من وظائفهم.
ويشير أبو سارية إلى سبب آخر دفع الموظفين لتعليق عملهم وتمثل بارتفاع سعر ربطة الخبز في السوق السوداء، حيث وصلت إلى ثمانمئة ليرة سورية، ما دفع الموظفين للوقوف في طوابير الانتظار أمام الأفران لتوفير ثمن الخبز غير المدعوم والذي يتجاوز ما يجنوه من وظائفهم.
وقال عضو المكتب التنفيذي في محافظة السويداء وائل جربوع، “إن فرع الشركة “السورية للاتصلات” في المدينة، أكد استقالة كثير من موظفي الشركة بسبب عجزهم عن دفع أجور النقل المرتفعة. وذلك بعد توقف الحافلات المتعاقد معها على نقل الموظفين من الريف إلى المدينة، لعجزها عن توفير مادة المازوت.
في حين لم يتمكن عدد من طلاب الجامعات من حضور امتحاناتهم نتيجة انعدام المواصلات وارتفاع أجور النقل الخاص، تقول سلام طالبة جامعية: بعد قرار رفع أسعار المحروقات زادت أجور النقل ضعفين، فطلب التكسي الذي كان ثلاثة آلاف بات اليوم تسعة آلاف .
وتضيف: هناك تساهل كبير من قبل المراقبين مع الطلاب المتأخرين، لكن قسماً كبيراً من الطلاب فضل البقاء في المنزل بسبب عدم توفر المال، وانعكاس الأوضاع السيئة على دراستهم.
قرارات تعجيزية
أعلنت وزارة الداخلية في حكومة النظام، تسيير دوريات لمراقبة الخطوط ورصد خطوط الازدحام وملاحقة “الميكروباصات” المتغيبة لاتخاذ الإجراءات بحق سائقيها، الأمر الذي أثار غضب السائقين واعتبروه انفصاماً عن الواقع.
يقول عباس صاحب مكروباص في دمشق: إن غالبية الرسائل التي تصل لتزويد السيارات تكون من محطات خارج العاصمة دمشق، أو محطات بعيدة، وهو ما جعل قسماً كبيراً من السائقين يتوقف عن العمل ويفضل بيع حصته من المحروقات أو تركها نهائياً.
ويضيف: من تبقى من السائقين يعتمدون على السوق السوداء في الحصول على الوقود، ودفع مبلغ يصل إلى 4500 ليرة سعر ليتر البنزين، ما يعني اضطرارهم للعمل في خطوط مزدحمة وقصيرة، ورفع تعرفة الراكب إلى ثلاثمئة أو أربعمئة ليرة بدل المئتين.
لبنان مصدر المحروقات
تشير المعطيات إلى توجه حكومي نحو رفع الدعم عن المحروقات التي تعتبر عصب الحياة، وتقليص الفارق مع سعرها في السوق السوداء.
تصاعدت وتيرة عمليات تهريب الوقود من لبنان إلى الأراضي السورية، خلال الأشهر القليلة الماضية، رغم محاولات السلطات اللبنانية منع عمليات التهريب، إلا أنها لاتزال عاجزة عن فرض سلطتها على المناطق التي ينتشر فيها عناصر حزب الله.
وقال أبو جمال صاحب محل لبيع المحروقات في دمشق، إن ريف حمص القريب من الحدود السورية اللبنانية تحول إلى سوق سوداء ضخم للمحروقات، ومركز توزيع مادتي المازوت والبنزين إلى جميع المناطق السورية.
ويوضح أبو جمال، أنه قبل عدة أشهر كانت الكميات التي تدخل سوريا من مدينة القصير وقرية معربو بريف تل كلخ تتراوح بين 100_1500 خزاناً محملاً بالبنزين والمازوت والغاز، أما اليوم وبعد انتشار حرس الحدود اللبناني وملاحقتهم المهربين الذين لا يخضعون للحماية، فقد انخفضت الكميات إلى حوالي 40 خزاناً، تعبر بترفيق عناصر حزب الله اللبناني وحواجز النظام العسكرية.