خاطرت أم محمد، وهي سيدة تقيم في قرية حرزة التابعة لناحية الدانا شمالي إدلب، بنقل ابنها الذي تعرض للدغة عقرب إلى مشفى أطمة، متجاهلة بعد المسافة بينها وبين المشفى، بهدف الحصول على المصل المضاد لسمّ العقارب والأفاعي مجاناً.
تقول أم محمد إنها أُجبرت على المجازفة بنقل طفلها مسافة بعيدة للحصول على العلاج المجاني، لتعذر وجود المصل في المشافي المجانية القريبة من مكان سكنها، وارتفاع ثمنه في المشافي الخاصة، إذ طلب منها مبلغ مئتي ليرة تركية ثمناً للمصل إضافة لدفع كلفة الإقامة في العناية.
تفتقر غالبية المشافي العامة لهذا النوع من المضادات، ويتوفر بكميات قليلة في بعضها مثل مشفى أطمة، ويتوافر بكثرة في المشافي الخاصة وبأسعار مرتفعة لا يقوى على تحملها كثر من سكان المنطقة، ما يجبرهم على المخاطرة بحياة المصابين في رحلات طويلة بين المشافي المجانية للبحث عن المصل المضاد.
يقول عماد زهران رئيس شعبة الإعلام في مديرية الصحة “إن ندرة المصل أو غيابه عن المشافي العامة جاء نتيجة ارتفاع ثمنه وتكاليف إنتاجه العالية، وتعمل مديرية الصحة على التواصل مع داعمين لتوفير المصل مجاناً”.
يتراوح سعر الحقنة الواحدة المضادة لسم الأفاعي والعقارب من نوع ” Anti-venom” في المشافي الخاصة، بين مئة وخمسين إلى مئتي ليرة تركية، ويقدم بشكل مجاني في بعض المشافي التي حصلت عليه عن طريق المنظمات الإنسانية.
يطلب غالبية المرضى الذين تعرضوا للدغات العقارب والأفاعي والمراجعين للنقطة الطبية في باريشا نقلهم إلى المشافي العامة رغم تدهور حالتهم الصحية للتخلص من تكاليف العلاج في المشافي الخاصة، بحسب أيمن السيد (سائق سيارة إسعاف في أحد النقاط الطبية في بلدة باريشا).
ويقول السيد “نعمل بشكل روتيني على إسعاف المصابين إلى أحد المشافي الخاصة في مدينة الدانا التي تبعد نحو ثلاثة عشر كيلو متراً عن البلدة، والتي تتوفر فيها مصول مأجورة، إلا أن ذوي المريض يطلبون من السائق متابعة الطريق إلى مشفى أطمة المجاني الذي يبعد نحو ثلاثين كيلو متراً، رغم الحالة الحرجة للمرضى”.
يتم تحديد درجة السمية التي تعرض لها المريض بعد مراقبة جملة من الأعراض، مثل الألم الشديد في المنطقة المُصابة مع تورّم واحمرار، وزيادة في نشاط الغدد اللعابية، والتعرّق وصعوبة في التنفّس وارتفاع درجة حرارة موضع الإصابة، والتقيّؤ والإسهال وارتفاع ضغط الدم وتسرع ضربات القلب وعدم انتظام نبضاته إضافة لتحرك العين والرأس والرّقبة بطريقة غير طبيعية وانقباض وارتعاش العضلات والبكاء اللا إراديّ.
اتخذت بعض إدارات المشافي الخاصة خطوات استباقية قبيل اللجوء لإعطاء المصل للمريض بهدف تجنيبه دفع قيمة المصل المرتفعة، عبر اللجوء إلى الأدوية المُسكّنة لتخفيف الألم وعلاج التشنّج العضليّ، وكذلك الحقن الطبيّة الوريدية التي تعالج ارتفاع ضغط الدم، ووضع المريض تحت المراقبة لمدة ثلاث ساعات، يراقب خلالها ضغط الدم إضافة للوضع الصحي للمريض للاطمئنان عليه قبل خروجه من المستشفى.
تستخدم تلك الخطوات مع الشبان أو الأشخاص اللذين يتمتعون ببنية جسدية جيدة، أما فيما يخص الأطفال وكبار السن فيتم إعطاؤهم المصل المضاد على الفور، بحسب الممرض عمر عساكر.
يقول عساكر إن “إعطاء المصل بشكل فوري للأطفال وكبار السن يرجع لعدم وجود مناعة كافية لديهم تمكننا من مراقبة وضعهم لساعات وحمايتهم من تدهور الأعراض، كما أن إعطاء مُضادّات السمّ تكون فعاليتها أفضل عند تقديمها بشكل مُباشر قبل ظهور الأعراض على المريض، ولذا فإن استعمالها الأساسيّ بالنسبة لتلك الشريحة يكونُ وقائيّاً”.
يتفاقم خطر الإصابة بلدغات الأقارب والأفاعي في مناطق المخيمات نتيجة توفر البيئة لوجودها وفقدان وسائل الحماية، ويعمل بعض الأهالي على مكافحتها والحد من انتشارها عبر استعمال المبيدات الحشرية والتي شكلت كلفة إضافية للسكان.
يقول الطبيب البيطري عماد الخطيب، إن أنجع طرق الوقاية تكمن في استخدام المبيدات الحشرية فيما يخص العقارب، وأهما مادة الـ “سيفين”، والتي تخلط مع “بودرة” بواقع ثلاث غرامات لكل مئة غرام، وترش حول الخيمة، ويصف الخطيب هذه المادة بـ “الآمنة”، وهي تقتل مختلف الحشرات إضافة للعقارب.
وينصح باستخدام مادة القطران حول الخيمة، ووضعها في عبوات صغيرة على كل طرف فيها، وتحتاج كل خيمة إلى نحو خمسين سنتيمتراً من القطران، توزع في أرجاء المكان فتمنع اقتراب العقارب والأفاعي، لما يصدره القطران من رائحة منفرة لهذه الآفات، وهو حل “جيد”، بحسب وصفه، خاصة وأن القطران لا يتلف ولا يتعرض للتبخر بحرارة الشمس. ويبلغ سعر الكيلو غرام من القطران نحو ثلاث دولارات ونصف الدولار، ويكفي لأربعة خيام على أقل تقدير.