شهدت سوريا خلال الأيام الماضية مرتفعاً جوياً تجاوزت فيه درجات الحرارة أربعين درجة مئوية، وهو ما ضاعف معاناة نحو مليون لاجئ يعيشون في مخيمات شمال غرب سوريا.
تأثرت المنطقة بالتقاء امتداد المنخفض الموسمي الهندي الحراري مع مرتفع جوي شبه مداري علوي على ارتفاع خمسة كيلو مترات، ترافق مع كتلة هوائية حارة علوية، بحسب الراصد الجوي أنس الرحمون.
يقول الرحمون إن تلك الأسباب ساهمت بوصول درجة الحرارة في إدلب لدرجة تزيد عن أربعين درجة مئوية، ويتوقع أن ينتهي تأثير المرتفع الجوي شبه المداري اليوم الأحد، ويبقى أثر المنخفض الهندي.
تقول أم سعيد (مقيمة في مخيمات أطمة شمالي إدلب) إن سقف خيمتها لا يرد حرارة الشمس، ومع ارتفاع درجات الحرارة تحولت الخيمة “لفرن بلاستيكي” حسب تعبيرها “عم ننشوي شوي تحت هالشوادر”.
أحمد العبد الله مدير مخيم عدوان في سهل الروج وصف حالة المقيمين في المخيمات بالمأساوية، فالخيام غالبها مهترئة والشمس تخترقها لتصل أشعتها للأطفال، وطالب بتدخلات انسانية إسعافية كاستبدال الخيام وعزلها بشكل جيد.
أسقف لا ترد الحر والمراوح بحاجة لكهرباء
تتفاوت نسبة العزل التي تمنحها أسقف المخيمات، بحسب المادة المستعملة في السقف وبحسب نوعية الخيام فالمخيمات ذات الجدران البيتونية تسقف بالشوادر (عوازل بلاستيكية تحتها بطانيات)، أو ألواح الزنك، بينما يلجأ قلة من أصحابها لسقفها بـ “صبة بيتونية” بسماكة لا تتجاوز سبعة سنتميترات.
غالب هذه الأسقف ماعدا البيتوني لا تقاوم ارتفاع درجات الحرارة وتخترقها حرارة الشمس، ويزيد الحال سوءً في المخيمات العشوائية التي ما تزال تستعمل الخيام القماشية.
يقول محمود الطاهر أحد سكان مخيمات قاح: إن خيمته مسقوفة بشادر يمتص حرارة الشمس ويحبسها ضمن الخيمة “سقفنا شادر بلاستيك بدل ما يرد الحر بتحسو يزيدو، وضيق المساحة بزيد الخيمة خنقة والشوب”.
في حين يتمنى عبد الله العوادي (مقيم في خيمة) أن يحصل على منزل بجدران اسمنتية فهي جنة لمن يعيش في خيمة حسب تعبيره. “مهما وصفت تأثير الشوب مارح عبر عن الحال”.
يستخدم سكان المخيمات مراوح أرضية لتحريك هواء الخيمة ومنحها بعض البرودة، لكنها لا تفي بالغرض في كثير من الأوقات لاستهلاكها لكهرباء المدخرة التي يعتمد عليها صاحب المنزل، ولاقتصار فائدتها على الشخص الذي يجلس أمامها.
يقول مصطفى الوليد: “إن غياب الأسقف في الخيام يجبرهم على استعمال المروحة الأرضية لكن أثرها محدود ولا تغيير كثيراً من واقع الحال”.
بينما لم يتمكن حمود النبيل من اقتناء مروحة بسبب ظروفه المادية فسعر المروحة مئة وخمسة وثلاثين ليرة تركية كما يحتاج لبطارية كبيرة لتشغيلها لفترة طويلة وهو ما يعجز حمود عن تأمينه ويصف ساخراً حياته في خيمته “كأنك بغرفة ساونا”.
من ناحية أخرى يعجز غالب سكان المخيمات عن اقتناء البراد بسبب ضيق مساحة الخيمة وعدم توفر الكهرباء اللازمة لتشغيله.
تقول أحلام أم خالد: “غياب البرادات يحرمنا الماء البارد، والثلج الذي نشتريه يذوب بسرعة نتيجة ارتفاع الحرارة داخل الخيمة.
حلول صعبة التنفيذ
يرى سكان في المخيمات أن الحل الأفضل يكمن بسقف الخيام البيتونية بالإسمنت واستبدال الخيام بمساكن بيتونية.
ويقول محمد البريوي: “إن الحياة في الخيام لا تصلح إلا للإقامة المؤقتة، ومن غير الممكن أن تطول الإقامة بها لسنوات، وينبغي على الجهات الداعمة استبدالها بمساكن دائمة.
“فوق الموتة عصة قبر” عبارة شرحت بها أم خالد حال أسرتها اليوم، فمرارة النزوح عن الديار رافقها الإقامة في الخيام. وطالبت المنظمات الانسانية بالاهتمام بما ينقذ المهجرين من حرّ الصيف وبرد الشتاء، تقول إن مشاريع سقف المساكن أولى بكثير من مشاريع أخرى تنفذ في المنطقة.
نظمت جمعيات خيرية أنشطة وفعاليات صيفية لمواجهة موجة الحر عبر توزيع مسابح بلاستيكية على بعض المخيمات لمنح الأطفال بعض الترفيه، لكن هذه الأنشطة وصفت من قبل بعض المختصين بالخاطئة، إذ يخرج الأطفال للسباحة في فترة الظهيرة ما يعرضهم للخطر، بحسب الطبيب خالد الهادي.
يقول الطبيب خالد إن المرتفع الحالي زاد من أعداد الإصابات بضربة الشمس وأمراض الحمّى الناجمة عن ارتياد المسابح والتهاب المعدة والأمعاء والإسهال، إضافة لتعرض بعض الأطفال للتجفاف.