فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

من تدريبات "فريق سوريا للبحث والإنقاذ" في جبال عفرين

“فريق سوريا للبحث والإنقاذ”…جهود متطوعين استجابة لحالات الطوارئ في الشمال السوري

هاني العبدالله

يخضع “فريق سوريا للبحث والإنقاذ” إلى سلسلة تدريباتٍ عملية في مجال الاستجابة الطارئة، بهدف تجهيز فرقٍ احترافية قادرة على القيام بالإسعافات الأولية وانقاذ المصابين والغرقى، وإطفاء الحرائق والتعامل مع الغازات […]

يخضع “فريق سوريا للبحث والإنقاذ” إلى سلسلة تدريباتٍ عملية في مجال الاستجابة الطارئة، بهدف تجهيز فرقٍ احترافية قادرة على القيام بالإسعافات الأولية وانقاذ المصابين والغرقى، وإطفاء الحرائق والتعامل مع الغازات السامة، وغيرها من المخاطر والكوارث الطبيعية التي قد يتعرّض لها الأهالي ضمن مناطق الشمال السوري.

أكدت “جمعية الفرات”، المسؤولة عن التدريب، عبر صفحتها الرسمية على الفيس بوك، أن إنقاذ حياة البشر بغض النظر عن أي اعتبارٍ آخر، من الأهداف الأساسية للجمعية في مجال العمل الإنساني، وسعياً لتطبيق تلك الرؤية على أرض الواقع، بدأت بسلسلة من الدروس النظرية والعملية، بهدف تجهيز “فريق سوريا للبحث والإنقاذ”.

وقال رئيس نواف الصادق رئيس الجمعية: “مع استمرار الحرب في سوريا، مازالت المناطق المحررة عُرضة للقصف والدمار والحرائق، ما يزيد من أهمية وجود فرق مدرّبة على إنقاذ العالقين تحت أنقاض القصف وسحب الجثث، وإخماد الحرائق في المخيمات والغابات والتي زادت مؤخراً، والمشاركة في إنقاذ الغرقى من الأنهار والبحيرات والسيول، لذلك بدأنا بتدريب المتطوعين ضمن جمعية الفرات للوصول إلى فريقٍ احترافي، جاهز للاستجابة لحالات الطوارئ في الشمال السوري، والمساعدة في إنقاذ حياة البشر”.

يضيف الصادق لفوكس حلب: “سعياً منا للحصول على تدريباتٍ احترافية في مجال الاستجابة الطارئة، قمنا بالتشاور مع جمعية أنضة التركية لتتولى الإشراف على تدريب الفريق، بالتعاون مع إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، وبالفعل تمت الموافقة، وهو ما زاد من حماسنا أكثر، خاصةً أن منظمة آفاد وجمعية أنضة لديهما خبرة طويلة في التعامل مع الكوارث الطبيعية، من حرائقٍ وسيولٍ وزلازل، ما يُساعد في حصول فريقنا على تدريباتٍ عملية وفق أعلى المستويات”.

تدريبات احترافية لإنقاذ حياة البشر

توجّه المتطوعون من الداخل السوري الى العاصمة التركية أنقرة قبل أربعة أشهر، للبدء بالتدريبات العملية، حيث تدرّب 20 متطوعاً لمدة أسبوعٍ كامل، ضمن ما يُسمى منطقة “إدارة الكوارث”، للتدرّب على كيفية التعامل مع الضحايا والعالقين تحت أنقاض القصف والزلازل.

بعد نهاية التدريبات في أنقرة، عاد الفريق الى الداخل السوري، ليبدأ تدريباتٍ جديدة لمدة أسبوع في مدينة قباسين بريف حلب، حيث تدّرب المتطوعون على تسلّق الأبنية عبر الحبال، وكيفية التشبّث بالحبل للصعود والنزول من طوابق مرتفعة.

آخر التدريبات التي خضع لها المتطوعون كانت في الأسبوع الماضي، حيث انطلق خمسون متطوعاً نحو جبال عفرين في رحلةٍ تدريبية استمرت لثلاثة أيام، وكان هدف تلك التدريبات أن يتمرّن الفرق على كيفية البحث عن مفقودين وسط الجبال والغابات وتقديم الإسعافات الأولية لهم.

يقول عروة بيازيد، أحد المتدربين في “فريق سوريا للبحث والإنقاذ”: “استيقظنا منذ الساعة الرابعة فجراً، وتوجّهنا فوراً إلى جبال عفرين، دون أن يكون لدينا أي وقت لتناول الفطور أو شرب القهوة في المنزل، حيث تناولنا فطوراً خفيفاً على الطريق، وكان الهدف من ذلك أن نعتاد لاحقاً على الاستجابة السريعة لأي حالة طارئة في أي وقت، حتى لو في منتصف الليل أو الفجر الباكر”.

من تدريبات "فريق سوريا للبحث والإنقاذ" في جبال عفرين
من تدريبات “فريق سوريا للبحث والإنقاذ” في جبال عفرين

يضيف بيازيد: “رغم أن التدريبات في جبال عفرين كانت شاقّة ومتعبة، لكنها كانت تدريبات عملية تحاكي الواقع، حيث قام أحد المتدربين بالتوجه إلى وسط الجبال والاستلقاء أرضاً محاكاة لجريح تعرض للإغماء، ومن ثم نبدأ بالبحث عنه وسط الجبال، وحين نجده نقدّم الإسعافات الأولية له، ومن ثم يقوم أحد المتطوعين بحمله على ظهره دون أن يجعله يقع أرضاً، بحيث ينقله الى مكانٍ معين، تستطيع سيارات الإسعاف الوصول له، لنقله إلى المشفى”.

خلال التدريبات في جبال عفرين خضع “فريق سوريا للبحث والإنقاذ” أيضاً، لتدريباتٍ نظرية وعملية في اللياقة وتسلّق الجبال، كما تعلّموا طريقة نصب الخيام وسط الجبال والغابات، بحيث تكون مجهّزة للمبيت والنوم فيها، وبذلك يستطيع الفريق لاحقاً التعامل بشكلٍ جيد مع عمليات بحثٍ حقيقية في الجبال دون أن يواجه أي عوائق.

تدريباتٍ مليئة بالخوف والمشقّة

واجه المتطوعون خلال التدريبات في مجال البحث والإنقاذ الكثير من الصعوبات، منها قلة الدعم اللوجستي اللازم لتأمين معدات التدريب، أو لنقل أعضاء الفريق من مكان إقامتهم في الشمال السوري، الى أنقرة أو إلى مناطق التدريب في قباسين وعفرين، وإعادتهم إلى مناطقهم بعد انتهاء التدريب، لذلك تكفّل بعض المتطوعين ممن لديهم سيارة بنقل باقي زملائهم إلى أماكن التدريب، أو يقوم عدة متطوعين باستئجار سيارة مشتركة لنقلهم.

ولم تقتصر الصعوبات على الموضوع المادي، حيث أن ظروف التدريبات العملية بحد ذاتها كانت مصدر رعبٍ وقلقٍ للمتطوعين، فخلال التدريب في مدينة أنقرة، توجه أعضاء الفريق إلى منطقة تسمى “إدارة الكوارث”، حيث قامت منظمة “آفاد” هناك بإنشاء بناء مكون من خمسة طوابق، وتم تصميمه كأنه تعرّض لزلزال، حيث يدخل الفريق إلى البناء المهدّم عبر أنفاقٍ مظلمة، ويمرون ضمن أبوابٍ وأدراجٍ مهدّمة أو على وشك السقوط.

من تدريبات"فريق سوريا للبحث والإنقاذ"
من تدريبات”فريق سوريا للبحث والإنقاذ”

سيدرا محي الدين، إحدى المتدربات ضمن “فريق سوريا للبحث والإنقاذ”، تحدثت عن تجربتها قائلةً: “التدريبات كانت مفيدة وتعلّمنا منها الكثير، لكنها لم تخلو من لحظات الخوف والرعب. أصعب لحظة كانت حين يتم ربط الحبل حولك وتصبح معلّقاً في الهواء، وتشعر أن هذا الحبل الرفيع هو من يفصلك عن الحياة والموت، والأصعب حين تنظر إلى الأسفل وأنت معلّق في الهواء من على مكانٍ مرتفع، لكن مع تكرار التدريبات كُسر حاجز الخوف لدينا”.

وكانت التدريبات في عفرين الأكثر صعوبةً، حيث اضطر المتدربون للسير على أقدامهم لمسافاتٍ طويلة وتسلّق الجبال العالية، بينما كانت التدريبات في قباسين أقل مشقة، حيث كان المتطوعون يتوجّهون إلى مقر “جمعية الفرات” في قباسين، لأخذ قسطٍ من الراحة والاستحمام وتناول وجبات الطعام.

فرق طوارئ في عشر مدن شمال سوريا

يُخطط “فريق سوريا للبحث والإنقاذ” خلال الفترة القادمة، لاستكمال عمليات التدريب في مجالاتٍ أخرى، حيث سيخضعون لتدريباتٍ لاحقة في إطفاء الحرائق، والإنقاذ تحت الماء، والتعامل مع الغازات السامة، إضافةً إلى مواصلة التدريبات في مجالات الاسعافات الأولية والبحث عن المفقودين وتسلّق الأبنية والجبال، وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض.

من تدريبات"فريق سوريا للبحث والإنقاذ" في جبال عفرين
من تدريبات”فريق سوريا للبحث والإنقاذ” في جبال عفرين

يقول الصادق، إنه “بعد إكمال الفريق لجميع التدريبات النظرية والعملية، سيبدؤون العمل على أرض الواقع، من خلال توزيعهم على عشر نقاطٍ أساسية في مدن: الراعي، الباب، اخترين، إعزاز، عفرين، جرابلس، ودارة عزة بريف حلب، إضافةً إلى مدن حارم، كفرتخاريم، وسلقين بريف إدلب”، مشيراً إلى “إمكانية توسيع نشاط الفريق لينتشر في مناطق أخرى في الشمال السوري”.

وأضاف الصادق أنه “سيتم توقيع بروتوكولات مشتركة مع المجالس المحلية ومنظمة آفاد، ليكون “فريق سوريا للبحث والإنقاذ” مناوباً بشكلٍ دائم في تلك المناطق، وجاهزاً للاستجابة بشكلٍ سريع، لأي حالة إبلاغ عن تفجير أو حريق أو كارثة طبيعية أو فقدان شخص”.