استبدل أبو كريم (مزارع من بلدة زردنا شمالي إدلب) ما كان يخزنه من شعير لعلف ماشيته بمحصوله من القمح، بعد انخفاض إنتاج الأخير وتراجع أسعار بيعه في العام الحالي.
سعّرت حكومة النظام طن القمح بنحو مئتين وثمانين دولاراً “تسعمائة ألف ليرة – سعر الدولار في دمشق 3220″، والإدارة الذاتية بنحو ثلاثمئة وسبعة خمسين دولاراً “مليون ومئة وخمسين ألف ليرة”، وحكومة الإنقاذ بثلاثمئة وثلاثين دولاراً، فيما أعلنت الحكومة المؤقتة استعدادها لاستلام محصول القمح بثلاثمئة وخمسة عشر دولاراً.
يزيد سعر القمح في الموسم الحالي عنه في العام الماضي، بحسب ما حددته حكومة الإنقاذ، بنحو تسعين دولاراً، لكن المحصول الضعيف نتيجة سوء الأحوال الجوية والجفاف انعكسا بشكل سلبي على مواسم المزارعين.
تحدد الجهات الحكومية المختلفة في سوريا سعر القمح، بينما يخضع الشعير وباقي المحاصيل العطرية والبهارية لقانون العرض والطلب وهو ما أدى لارتفاع سعره هذا العام.
إنتاج ضعيف وخسارة أكيدة
تجاوزت كلفة زراعة هكتار القمح في الشمال السوري ألفاً ومئة وخمسين دولاراً، ينقص منها خمسمئة دولار في حال لم يدفع المزارع إيجار الأرض، في حين بلغ متوسط إنتاج هكتار بعلي من القمح سدس ما ينتجه عادة والذي يصل إلى ثلاثة أطنان في الحقول البعلية وخمسة في المروية.
يقول أبو كريم “إنه لو تمكن من سقاية حقله في مرحلة انقطاع المطر لتحسن الإنتاج، لكنه لم يستطع تجهيز بئره بغاطس وألواح طاقة بديلة وتأمين معدات الري”، وقدر أبو كريم خسارة هكتار القمح البعل هذا العام بنحو خمسمئة دولار.
ويقول سامر يسوف رئيس الجمعية الفلاحية في بلدة زردنا: “إن 80% من الأراضي التي كانت تزرع بالقمح في البلدة زرعت بأنواع أخرى نتيجة التفات المزارع لمحاصيل ذات مردود أفضل، فسعر طن حبة البركة وصل إلى ألفي دولار والكمون إلى ألفين وأربعمئة دولار”.
وأضاف: “من العوامل الأساسية لضعف إنتاج القمح هذا العام انخفاض معدلات الأمطار، ما أجبر مزارعين على “تضمين” حقولهم لرعاة الأغنام قبل أن تصل لمرحلة السَبَل نتيجة يأسهم من إنقاذ موسمهم”.
لم تقتصر خسارة القمح في الشمال السوري على المردود الضعيف وقلة المساحات المزروعة به والتي لم تتجاوز20% من مساحة الأراضي، إذ لجأ المزارعون لحصاد القمح قبل أوانه وحرقه لتحضير “الفريكة”، شجعهم على ذلك أسعارها الجيدة مقارنةً بالقمح، حيث ضُمّن الهكتار الواحد بثلاثة آلاف دولار.
يحتاج القطاع الزراعي لتشجيع المؤسسات الحكومية والمنظمات الإنسانية لتحقيق نوع من الأمن الغذائي في إدلب، خاصة القمح باعتباره العمود الفقري لحياة السكان وقوتهم اليومي، وفقدانه يشكل أزمة غذائية لا يمكن تداركها.