فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

صورة تعبيرية عن ارتفاع المهر -إنترنت

تحديد المهر بالدولار عقبة جديدة أمام الراغبين بالزواج في الشمال السوري

 محمود يوسف السويد

بين مجموعة من الأهل والأصحاب جلس علي  قبالة والد خطيبته، ممسكاً بكفه ليردد الكلمات التي لقنه إياها شيخ بجواره لإتمام مراسم عقد القران. اتفق الطرفان على تحديد قيمة المهر بالدولار […]

بين مجموعة من الأهل والأصحاب جلس علي  قبالة والد خطيبته، ممسكاً بكفه ليردد الكلمات التي لقنه إياها شيخ بجواره لإتمام مراسم عقد القران. اتفق الطرفان على تحديد قيمة المهر بالدولار الأمريكي، وهو ما درج اعتماده في إدلب ضمن كثير من عقود الزواج بعد تدهور قيمة الليرة السورية، وهو ما يراه بعض من تحدثنا معهم من الشباب الراغبين بالزواج عقبة جديدة أمام رغباتهم، نظراً لانخفاض المستوى المعيشي وقلة فرص العمل في إدلب.

يقول أحمد وهو شاب عشريني يعمل في أحد مطاعم إدلب، إن تحديد مهر العروس بالدولار الأمريكي منعه من التفكير بالزواج في هذه الفترة، حتى وإن كانت قيمة المهر مئتي دولار أمريكي، (كل مئة دولار تساوي ٨٤٢ ليرة تركية)، ويستحيل أن يجمعها من عمله الذي يتقاضى به خمسة عشر ليرة تركية يومياً.

يشكل المهر إحدى ركائز عقد القران المعمول بها، ويأتي ضمن مجموعة من تجهيزات العرس التي تقع على كاهل العريس، وزيادة هذه التكاليف والمهر على رأسها يزيد العبء على الشاب الراغب بالزواج.

المهر أو الصداق هو ما يدفعه الزوج لزوجته، ويكون معجلاً ومؤجلاً، ومقداره يتم بالتراضي بين الطرفين، ويختلف من بيئة لأخرى ومن أسرة لأسرة.

لا يرتبط ارتفاع المهور بفترة زمنية أو منطقة محددة، فقد انتشرت عشرات القصص عن آباء طلبوا مهوراً مرتفعة لبناتهن مخالفين الأعراف المعمول بها في مناطقهم.

يتقاضى ماهر “شاب عشريني من سلقين”، مئتي دولار شهرياً من إحدى المنظمات التي يعمل بها، لكنه صرف النظر عن فكرة الزواج في الوقت الحالي، يقول إنه ملتزم بمصاريف أسرته المؤلفة من ستة أشخاص وبالكاد يستطيع تغطية نفقاتهم، لذلك ربط مسألة زواجه بتحسن أوضاعه المادية أو عثوره على فرصة عمل إضافية.

بينما أسقط سامر “25عاماً” فكرة الزواج من حساباته في المدى المنظور حسب تعبيره، كونه عاطل عن العمل منذ نزوحه من جبل الزاوية قبل عام، يقول “أي فتاة ستقبل أن تسكن معي في خيمة، وتقاسمني سلة المعونة الشهرية، هذا في حال كان هناك سلة أساساً”.

بينما يرى آخرون ممن سمعنا آرائهم أن تحديد قيمة المهر بالدولار يأتي ضمن باب حفظ حق الفتاة، إذ باتت الليرة السورية تخسر قيمتها بشكل مستمر.

يقول الحاج أبو عبد الله إن المشكلة لا تكمن في تثبيت المهر بالدولار بل تكمن في قلة فرص العمل وانخفاض المستوى المعيشي، ويؤيد فكرته بالمقارنة بين قيمة المهور المعمول بها قبل الثورة وقيمتها اليوم، فكثير من السيدات كان مهرهن قبل عشر سنوات خمسين ألف ليرة سورية وكانت تساوي ألف دولار، بينما يعتبر ذات المهر مرتفعاً هذه الأيام.

تتفق الحاجة زكية المحمود مع أبو عبد الله في فكرته بتسجيل المهر بالدولار أو بالذهب، لكنها تقترح تخفيض قيمة المقدم ورفع المؤخر وبذلك تخفف من التكاليف على الشباب الراغبين بالزواج، وتحفظ حق الفتاة في حال لم يكتب النجاح لهذا الزواج.

تقول المحمود: “قد لا يمنع ارتفاع المؤجل من تطليق الزوجة لكن أقله تحصل في نهاية الأمر على ما يسد حاجتها ويقيها العوز”.

لا يختلف واقع المهور كثيرا بين أبناء الشمال السوري أو الوافدين إليه من المحافظات الأخرى، فالجميع يعيش ضمن ظروف موحدة.

تقول روجين الإبراهيم “مهجرة من دير الزور” إن الأسر الديرية تميل لمراعاة ظروف الشباب وخفض قيمة المهر”.
تطلب بعض العوائل الديرية نحو مئتي دولار أمريكي مهراً لبناتهن، في حين يقرن آخرون مهر بناتهن بعبارة “غير مقبوضة”، تيسيراً لأمر الزواج، ولحفظ حقوق بناتهن بحسب روجين.

لا يتعارض الشرع الإسلامي مع اعتماد الدولار أو الذهب في تقدير المهر سواء كان في المعجل أو المؤجل، بحسب الشيخ أيمن البيوش، والذي يدعم اعتماد المؤجل بالعملات الأجنبية كالدولار أو الليرة التركية، فالمهر بحد قوله “صون لحق المرأة في مؤجل مهرها، في حال وقع الطلاق أو توفى عنها زوجها”، مبرراً رأيه بأن المرأة التي مؤجلها خمسون ألف ليرة سورية لن تكفيها لنفقات أسبوع واحد في هذه الأيام.

يميل البيوش لفكرة التساهل في مقدار المعجل، مساعدة وتشجيعاً للشباب كي يقبلوا على الزواج، ويرى أن قضية غلاء المهور ترتبط بالأهل وبالتقاليد الاجتماعية، فقد قام بعقد قرانين في يوم واحد لأسرتين من ذات المنطقة، كان مهر القران الأول سبعمئة دولار بينما كان الثاني ألف وتسعمئة دولار ويدعم البيوش رأيه بالحديث النبوي : “إن من أعظم النساء بركة أيسرهن صداقاً”.

يرغب غالب من التقيناهم بفكرة تيسير المهور في هذا الوقت مع الحفاظ على حقوق الزوجة ،وذلك من خلال خفض قيمة المؤجل ورفع قيمة المؤخر أو عبر اعتماد عبارة “غير مقبوضة” في عقود القران المعمول بها.