تتنافس مطاعم الشمال السوري لجذب زبائنها بابتكار أساليب جديدة لخدمتهم وتلبية طلباتهم. أخيراً، كان الطبخ ضمن الأواني الفخارية أحد هذه الطرق المتبعة لتعود هذه الأواني إلى رفوف المطابخ بعد سنوات من هجرها.
تأثر المطبخ السوري بمحيطه الجغرافي
يقول علاء سلطان “صاحب مطعم” إن استعمال الأواني الفخارية جاء تلبية لطلبات الزبائن القادمين من المغرب العربي ودول الخليج، ممن اعتادوا على هذه الوجبات في بلدانهم، وذلك ما شجعه على التركيز في مطعمه على تحضير الوجبات بها .
يقصد مطعم علاء عشرات الزبائن يومياً بهدف التمتع بوجبة ضمن آنية فخارية، يقول من التقيناهم من الزبائن إن الطهي ضمن الفخار صحي أكثر من الأواني المعدنية ويحافظ على النكهة الحقيقية للوجبة.
تتنوع الوجبات المحضرة ضمن هذه الأواني تبعاً لحجم الفخارة وطريقة تحضير الوجبة، فلكل أكلة آنيتها الخاصة مثل الكبسة والشوربات واللحم ولكل منها طريقة تحضير مختلفة عن الأخرى.
يقول حسين بكري “صاحب مطعم في إدلب” نحضر ضمن الأواني الفخارية “مسقعة اللحم مع الخضار ومسقعة الخضار مع الدجاج والسمك وأطباق الأرز وغيرها، ولكل من تلك الأطعمة آنية فخارية تختلف عن الأخرى من حيث الشكل والحجم”.
يعتبر الطهي في الفخار من الطرق الجيدة لتحضير الأطعمة الدسمة كونها تحافظ على مذاق تلك الأطعمة، ويعتمد مستخدموها على ضغط البخار ضمن تلك الآنية لطهيها، حيث يتم تغطيتها بشكل محكم مع القليل من الماء دون زيت أو سمن أو بهارات تؤثر في نكهتها، بحسب البكري.
بعد وضع الوجبة داخل الآنية الفخارية يتم وضعها ضمن تنور مخصص لذلك النوع من الطبخ، وتعريضها لحرارة واحدة من جوانبها كافة لتفادي تعرض جزء دون الآخر للنار، ما يؤدي إلى تشقق الفخارة وعدم شي ما بداخلها بالشكل المطلوب، كما أن إحاطتها بالنار من الجوانب كافة يكسبها سرعة في الطهي وذلك ما يفضلها عن بقية الأواني.
تقدم الوجبة ضمن آنية فخارية للزبون ما يضمن الحفاظ على حرارتها لفترة أطول وذلك ما جعلها أمراً محبباً للكثير من الزبائن.
يتجه عدد من مطاعم إدلب للتخصص بتحضير تلك الوجبات دون غيرها بسبب زيادة الطلب عليها، ولأنها توفر على أصحاب المطاعم بعض المعدات المستهلكة بشكل يومي.
يقول ماهر عبد العليم والذي قام مؤخراً بافتتاح مطعم مختص بتحضير الطعام بواسطة الفخاريات في مدينة سلقين “تعتبر الأواني الفخارية حلاً لمشكلة برودة الطعام في شهر رمضان، لأنها تحافظ على حرارتها لحين تسليم الوجبات للأهالي عند الإفطار، كما أنها توفر علينا بعض مستلزمات المطبخ مثل السمن والزيت والبهارات وتوفر على عمال المطعم وقتاً جيداً في تنظيفها إذ يتم غسلها بالماء والملح فقط وذلك لمنع تسرب المنظفات لداخل مسام الفخاريات ما يغيّر طعمها”.
أوانٍ فخارية على مشابك ربات المنازل
لا تقتصر عودة استعمال الأواني الفخارية على المطاعم فقط، بل شاع استخدامها أخيراً لتدخل مطابخ المنازل بديلاً عن أدوات طهي أخرى كالألمنيوم والكروم وغيرها.
تفضل أم عمار استعمال الأواني الفخارية في تحضير وجبات منزلية معينة، كونها تساعد أكثر من الأواني المعدنية على إنضاج الخضار واللحوم، وحفظ الخضروات بشكلها ولونها الطبيعي وقوامها المُتماسك وتمنع اهتراءها”.
يرى بعض من تحدثنا معهم أن هناك مبالغة من قبل مستخدمي الأواني الفخارية بتقدير ما تقدمه من زيادة على الطعم في الأواني الأخرى، ويرجعون اختلاف الطعم “لمهارة من يطبخ ونوع الطعام المقدم ولا علاقة للأواني التي يتم تحضير تلك الأطعمة فيها “.
انتعاش سوق الفخار
انعكس استخدام الأواني الفخارية في إنتاج الطعام بشكل إيجابي على سوق الفخار في الشمال السوري، حيث باتت الأواني المستخدمة في الطبخ من أبرز القطع التي يتم إنتاجها بعد أن توقف لسنوات طويلة.
يقول حسن وتي “بائع فخار من سلقين” إن “أكثر من 70 % من مبيعاته الحالية هي الأواني والقوارير الفخارية المستخدمة في إعداد الطعام، حيث تضاعف الطلب عليها مع إقبال شهر رمضان، وقد ساهم انخفاض سعرها مقارنة بالأواني المعدنية بإقبال الناس على شرائها، حيث تتراوح أسعارها بين العشرين والخمسين ليرة تركية الأمر الذي جعلها سلعة قابلة للتجديد بين الحين والآخر بالنسبة لزبائنها”.
يرى من التقيناهم أن الأواني الفخارية آمنة صحياً أكثر من الأواني المعدنية لأنها لا تصدأ كالحديد أو النحاس ولا تتفاعل مع الوجبات المحضرة بداخلها مثل الألمنيوم، وتساهم في حفظ العناصر الغذائيّة المُهمة والفيتامينات الموجودة في الطعام فهي مصنوعة من مواد صحية وطبيعيّة بشكلٍ كامل.