فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

العُقل من عفرين والرمل من السويداء.. مزارعون ينتجون غراس الزيتون المحسنة

ٲسامة الشامي

 أنهى مزارعون في عفرين مراحل عملهم الأخيرة من إنتاج غراس الزيتون بطريقة التجذير بـ العُقل الغضة، أو ما يسميه الأهالي بطريقة العود والرمال البركانية التي جلبت من محافظة السويداء، منذ […]

 أنهى مزارعون في عفرين مراحل عملهم الأخيرة من إنتاج غراس الزيتون بطريقة التجذير بـ العُقل الغضة، أو ما يسميه الأهالي بطريقة العود والرمال البركانية التي جلبت من محافظة السويداء، منذ أيام، وبدؤوا بنقل الغراس للأكياس الترابية الخاص بها، بعد غرسها في الرمال السوداء والعناية بها لمدة شهرين داخل البيوت البلاستيكية.

تعتمد هذه الطريقة على وضع عُقل العيدان في وسط خشن مناسب وسقايتها وتعريضها للحرارة، ويمكنك أن تنتج عشرات الآلاف من غراس الزيتون دون اللجوء للطرق التقليدية كـزراعة البذرة، أو الفسائل، أو القرميات، كما أوضح لنا العاملون بها.

مرحلة غرس العُقل في الرمال البركانية.
مرحلة غرس العُقل في الرمال البركانية.

يبدأ العمل، مع نهاية كانون الثاني بداية كل عام، بجلب أعداد كبيرة من الفروع الغضة، تُؤخذ منها عُقل العيدان الصغيرة. يقول أبو يحيى أحد سكان منطقة جنديرس: “تمر زراعة العُقل بمراحل عديدة، تبدأ بأخذ العُقل من الأغصان التي يبلغ عمرها نحو عام، خلال شهري شباط وآذار، ويجب أن يكون طول العُقلة نحو عشرين سنتيمتراً وقطرها بين ميلمترين إلى أربع ميليمترات، ويُحرص على كون العقلة خالية من الأمراض، وتترك فيها ثلاثة إلى أربعة أوراق من الجانب العلوي لتساعدها على الغذاء”.

من مراحل غراس الزيتون اختيار العُقل المناسبة.
من مراحل غراس الزيتون اختيار العُقل المناسبة.

بعد قص العقل وتجميعها بشكل يومي “يقوم صاحب المشتل بغمر أطراف العيدان بمحلول دوائي يضم هرمونات زراعية وكحولاً ومياهاً لمدة من الوقت”. يكمل أبو يحيى، لكنه لا يعرف ماهية المحلول الدوائي، وبتتبعه والسؤال عنه، تبين أن الهرمون الزراعي المستعمل في هذه العملية هو “أوكسين صناعي”، وهو حمض “أندول بيوتريك” الذي يعد منظم نمو نباتي، يزيد من نسبة نجاح التجذير، وزيادة معدل عدد الجذور المتكونة، ويختزل الوقت اللازم لذلك.

خليط هرموني لتقوية العُقل.
خليط هرموني لتقوية العُقل.

استخدام التربة البركانية وكيفية تأمين الحرارة

 يحتفظ أصحاب هذه الطريقة بتربة رملية بركانية، جلبت من محافظة السويداء منذ عدة سنوات، لاستخدامها بتجذير العقل. ويرى العاملون بهذه الزراعة أن أهمية هذه التربة تأتي من توفيرها للتهوية الجيدة وقدرتها العالية على تصريف المياه، إضافة لقدرتها على الاحتفاظ بالمواد الغذائيّة وكمية كافية من المياه.

يقول أبو هيفين الخليل “صاحب مشتل في قرية كفرصفرة بريف جنديرس” إنهم يجهزون أحواضاً ضمن البيوت البلاستيكية، يفرشونها بطبقتين، الأولى بسماكة عشرين سنتيمتراً من السماد العضوي، لتوفير الحرارة المناسبة للعُقل من خلال ما ينتج عنه من تفاعلات، والطبقة الثانية بالسماكة ذاتها من التربة البركانية.

التربة البركانية المستخدمة لـ غراس الزيتون .
التربة البركانية المستخدمة لـ غراس الزيتون .

ويعتمد منتجو غراس الزيتون على الكهرباء لتدفئة الأحواض عبر شبكة تدفئة مركزية، مكونة من خزان للمياه المسخنة عبر الكهرباء وشبكة أنابيب تمتد في الأحواض، تعطي التربة البركانية حرارة تقدر بين 40 إلى 50 درجة ، وهي الحرارة التي تلزمها عملية التجذير.
بعد انقطاع الكهرباء خلال سنوات الثورة اعتمد المزارعون على طبقات السماد العضوي لتمنح بعض الدفء للتربة والتي لا تتناسب مع دفء الأنابيب القديمة، لكنه يفي بالغرض مع حاجته لوقت أطول لنجاح العملية، إذ يضاعف المدة الزمنية تقريباً، على حسب تقدير المزارعين.

غرز العُقل في الوسط ورعايتها حتى النقل للتربة

 تغرز العيدان بالتربة البركانية بشكل كثيف يَسْمَح للمساحات الصغيرة استيعاب أكبر عدد ممكن من العُقل، وتُرْعَى نحو شهرين مع الاستمرار بالري.

يقول أبو هيفين: “تغرز نصف طول العيدان في الرمل البركاني، بحيث لا يصل إلى طبقة السواد العضوي، ثم ترش برذاذ الماء بشكل يومي، وكل عشرة أيام تروى بشكل جيد، بعد عشرين يوماً تبدأ تتشكل عقد مكان الجذر، وبعد شهرين تقريباً يتكون جذور طولها من ثلاثة حتى عشرة سنتيمتر”.

من مراحل غراس الزيتون غرس العُقل في الرمال البركانية.
من مراحل غراس الزيتون غرس العُقل في الرمال البركانية.

بعد تجذير العُقل يجهز أصحاب المشاتل أكياساً صغيرة لتنقل إليها الغراس، تقول خاتون إحدى العاملات بنقلها: “منجهز تراب خصب وجيد، نعبي ربع الكيس تراب، ونحط العودة، ونكمل تعبئة الكيس، مشان تنحفظ النصبة بشكل جيد”.

أخبرنا من التقيناهم من العاملين بهذه المهنة أن هذه العُقل ستصبح بعد ستة أشهر شجيرة يتراوح طولها بين خمسين إلى سبعين سنتيمتراً، وستبقى برعاية صاحب المشتل ضمن الأكياس البلاستيكية حتى يتم بيعها لأحد المزارعين بعمر سنة أو سنتين، بحسب الرغبة وحسب العرض والطلب.

من مراحل غراس الزيتون نقل العُقل المتجذرة لأكياس التراب.
من مراحل غراس الزيتون نقل العُقل المتجذرة لأكياس التراب.

الإنتاج المادي والتكاليف

 تختلف كمية الإنتاج من مشتل لآخر حسب عدد العُقل التي زُرِعت، وحسب عدد العُقل التي نجحت عملية تجذيرها، بحسب آراء العاملين بإنتاج غراس الزيتون .

تباع غرسة الزيتون بعد عامين من تجذيرها بثلاثمئة ليرة سورية، وابنة العام الواحد بسعر من مئة وخمسين إلى مئتي ليرة سورية، ويعتمد أصحاب المشاتل على إنتاج أعداد كبيرة من الغراس لذا تكون أعداد العُقل بمئات الألوف.

غراس الزيتون بعمر سنة.
غراس الزيتون بعمر سنة.

أنتجت قرية كفرصفرة في أحد الأعوام نحو عشرة ملايين غرسة بحسب أصحاب المشاتل، وهي القرية التي انطلقت منها الفكرة الأولى لإنتاج الغراس بتجذير العقل في منطقة عفرين، منذ أكثر من اثني عشر عاماً عندما أنجزها مهندس زراعي وعلم الناس طريقتها، ثم بدأت تنتشر في المنطقة.

لعملية تجذير العقل عدة تكاليف حاولنا إيضاحها بحساب كلفة تجذير عشرة آلاف عود.

تبدأ التكاليف بثمن سيارة الفروع التي تبلغ نحو مئة ألف ليرة سورية، وتنتج السيارة عشرة آلاف عود، تحتاج هذه الكمية لـنحو خمسة وعشرين ألف ليرة ثمن أدوية وكحول، عدا عن تكاليف السقاية والتغطية البلاستيكية”.

تزداد هذه الكمية مع ازدياد أعداد العقل وحجم المشروع، إذ تصل تكاليف بعض المشاتل لنحو مليون أو مليوني ليرة سورية، لكنها شكلت مصدر دخل جيد للعاملين بزراعتها.