وثقت “مديرية المقابر” في ولاية غازي عينتاب التركية وفاة مئة وثلاثين طفلاً سورياً من الأطفال الرضع وحديثي الولادة، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 الجاري، وقالت المديرية في الإحصائية التي نشرتها إن أرقام وفيات الأطفال مرتفعة مقارنة بالسنوات الماضية.
فقدت “فاطمة الأحمد” سورية مقيمة في غازي عينتاب طفلتها ذات الأشهر الثلاثة دون أن تعلم الأسباب التي أدت للوفاة. تقول إنها وصلت إلى تركيا منذ خمسة أشهر وعبرت الحدود بطريقة غير شرعية وهي حامل في شهرها السابع، وقد مشت في المناطق الوعرة لساعات طويلة قبل أن تصل إلى تركيا.
لا تملك فاطمة بطاقة الحماية المؤقتة “الكيملك” إذ تحتاج البطاقة لإجراءات محددة تستلزم وقتاً زمنيا للحصول عليها، لذا لا تتمكن فاطمة من الحركة ضمن المدن التركية بحرية كاملة، الأمر الذي منعها من الحصول على الرعاية الصحية الجيدة أثناء حملها، كما كانت عملية الولادة صعبة جداً حسب وصفها، دون أن تذكر المكان الذي تمت به العملية خوفاً على سلامتها، لأنها قد تتعرض للترحيل في حال ثبت إجراؤها لعملية الولادة في مركز غير قانوني.
كما تحدث إبراهيم النجار “سوري مقيم في غازي عينتاب” عن وفاة ولده بعد خمسة عشر يوماً من ولادته في شباط الماضي. حيث ولد الطفل في شهره السابع بعملية قيصرية وتم وضعه في الحاضنة بمشفى غازي عينتاب لكن صحته لم تتحسن ما أدى لوفاته.
يقول إن الأطباء طالبوا زوجته بالتوقف عن الحمل لأن جسمها لا يساعدها على تحمل متاعب الحمل، ولأنها أنجبت ثلاث ولادات سابقة بعملية قيصرية.
أسباب رئيسية
لخص محمد الأحمد “طبيب سوري يعمل في أحد المراكز الطبية السورية بولاية غازي عينتاب” من خلال متابعته لواقع السوريين في تركيا عدة أسباب قد تؤدي لازدياد أعداد وفيات الأطفال ، كالإقامة غير الشرعية وعدم حصول الأهل على الأوراق القانونية الخاصة بالوافدين الجدد إلى تركيا ما يعني أن تلك العوائل لن تتمكن من زيارة المشافي الحكومية ومتابعة حمل الأم قبل الولادة، كما يلعب الزواج المبكر دوراً في إهمال الواقع الصحي للمرأة الحامل، إذ يمنع القانون التركي هذا الزواج وهوما يحرم المرأة الحامل من الاستفادة من الخدمات الصحية المجانية خشية افتضاح أمرها بمخالفة القوانين.
يضيف الأحمد: إن جهل بعض السوريين باللغة التركية يدفعهم لمراجعة المراكز الصحية والتي تعمل بها قابلات قانونيات سوريات بدل المشافي المختصة بالأطفال ومراقبة الحمل وتقديم الرعاية الصحية للأم والجنين وهو ما قد يؤدي لتراجع صحة الجنين.
ويرى الأحمد أن الخطر الأكبر يتمثل بحوادث الولادات التي تتم داخل المنازل أو ضمن مراكز غير مسجلة في الصحة التركية.
التوعية الصحية حاجة ملحة
تقول عائشة تارلا “رئيسة الغرفة الطبية في غازي عينتاب التركية” يرتبط مقياس التنمية الصحية بأعداد الوفيات من الأطفال أو النساء وارتفاع هذه النسبة يعكس غياب الوعي الصحي لدى بعض السوريين، ويظهر ذلك من خلال إهمالهم لمراقبة الجنين أثناء الحمل أو بعد الولادة والتي تتم أحياناً في مراكز غير مرخصة إضافة إلى عمليات الانجاب المتكرر والزواج المبكر وقد تساهم تلك الأفعال في ارتفاع نسبة الوفيات.
وأضافت أن الحد من هذه المخالفات يحتاج لتكاتف جهود التوعية والصحية، مع الطب الوقائي والصحي في نشر التوعية لإظهار حجم المشكلة الناجمة عن إهمال الواقع الصحي للأم أو الجنين.
وبحسب بيانات المعهد الإحصائي التركي “TÜİK” في غازي عينتاب، فقد لوحظ ازدياد معدل وفيات الرضع في الولاية عام 2019 مقارنة بأعوام سابقة، فقد ارتفع معدل وفيات الرضع من 15.4 لكل ألف في عام 2018، إلى 16.2 لكل ألف في عام 2019، بينما توفي 681 طفلاً تحت سن 12 شهراً في عام 2019، وأشارت البيانات إلى أنّ 8.3 % من الوفيات حدثت عند الأطفال الرضع (دون الـ 12 شهراً). في حين بلغ عدد وفيات الرضع 16.2 لكل ألف مولود في غازي عينتاب، وبذلك تكون الولاية صاحبة أعلى معدل وفيات بين أطفال بين جميع الولايات التركية. كما لوحظ أنه منذ كانون الثاني 2020، لم تنخفض وفيات الرضع في غازي عينتاب، بل ازدادت، وأكثر من نصف وفيات الأطفال كانت من السوريين.