فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الأرشفة والتوثيق في سوريا.. هناك ما يمكن إنقاذه

فريق التحرير

تمثل الأرشفة والتوثيق “مرصداً” لمعرفة الحقائق الصحيحة ونقلها إلى الأجيال القادمة أو إلى أماكن أخرى في العالم لتشكيل فهم موضوعي، يخضع للتحليل والتدقيق، حول زمن معين أو قضية أو انتهاك. […]

تمثل الأرشفة والتوثيق “مرصداً” لمعرفة الحقائق الصحيحة ونقلها إلى الأجيال القادمة أو إلى أماكن أخرى في العالم لتشكيل فهم موضوعي، يخضع للتحليل والتدقيق، حول زمن معين أو قضية أو انتهاك.

وتراكمت، في الحالة السورية، هذه الوثائق وتمددت مساحتها إلى المكان الذي لم يعد متاحاً فيه استخدام طرق الأرشفة البدائية اليدوية أو تلك التي تعتمد على “ذواكر” في الأجهزة المحمولة أو الحواسيب، كذلك الهاردات الخارجية، وكان لا بد من إيجاد حلول بديلة لـ الأرشفة  كالتخزين عبر المنصات أو اعتماد الحوسبة السحابية، لكن ذلك كله اصطدم بضعف الموارد والخبرة، وكذلك شبكات الإنترنيت السيئة، إضافة لساسة المنصات المفتوحة كـ “يوتيوب” والتي حذفت قسماً كبيراً من هذه التوثيقات يصعب تعويضه.

نحذف بحسب الأهمية

إن المساحة المحدودة التي يمتلكها الناشطون والإعلاميون على هواتفهم أو في حواسيبهم دفعت عدداً منهم، خاصة في السنوات الأولى، إلى حذف جزء من أرشيفهم. هذا الحذف اتسم بالعشوائية وفقاً لعدة أولويات، منها الحداثة والقدم، الأهمية، كذلك ما تم نشره وتداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

يقول الناشط الإعلامي محمود الحموي من مدينة اللطامنة، وهو واحد من الذين وثقوا آلاف الغارات على الريف الحموي «فقدت قسماً كبيراً من أرشيفي نتيجة ضعف الإمكانيات والضغط الكبير الذي عايشته في تلك الفترة».
ويروي: “وثّقتُ ما يقارب من تسعة آلاف غارة على مدينة اللطامنة، وعشرين ألف غارة على مناطق ريف حماة الشمالي، لكن قد لا أملك من توثيقي اليوم أكثر من ألف مقطعٍ مخزّنٍ على اليوتيوب وضمن أرشيفي الخاص”.

يبرر الحموي تعرّض أرشيفه للضياع بكونه «كان مشغولاً بالتصوير، إذ لم يكن يملك الوقت الكافي والدراية المطلوبة لأرشفة تلك الفيديوهات، ولطالما قام بحذف الفيديوهات التي صوّرها نتيجة امتلاء هارد الحاسب، في حين قام في بعض الأوقات بحذف فيديوهات من كاميرته دون حفظها بسبب امتلاء ذاكرة الكاميرا ورغبته في تصوير فيديوهات جديدة، إذ وصلت به الحال في بعض الأوقات إلى توثيق نحو 100 غارة جوية في اليوم الواحد. يقول: “تخزين هذا الحجم من التوثيقات كان فوق طاقتي المادية، إذ لم يكن بوسعي شراء هاردات ولابتوبات للأرشفة”.

الأرشفة القاتلة

«ساهم الاحتفاظ بأيّ أرشيفٍ ينتمي للثورة خطراً كبيراً على حامليه، لذا عمد كثيرون للتخلي عن أرشيفهم خوفاً من مداهمات الأمن وقوات الأسد لمنازل الناشطين»، هذا ما يخبرنا به صابر العلي (اسم مستعار)، والذي جرى اعتقاله في مدينة حماة، وبعد تفتيش حاسبه تمكنتْ قواتُ الأمن من اعتقال عددٍ من الثوار الذين كانوا يعملون في الظل في ذلك الوقت نتيجة اطلاعهم على الأرشيف.

تعرّض العلي لتعذيبٍ شديد، وقُتِلَ زميلُه تحت التعذيب أمام عينيه بسبب الأرشيف الذي كان يمتلكه، إذ عمل مع مجموعةٍ من أصدقائه على «رصد تحركات طيران قوات الأسد وإقلاعها من مطار حماة، وتالياً نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي». ويضيف العلي: «من سوء حظّ زميلي أنّ تلك المقاطع والفيديوهات كانت موجودةً على حاسبه».

القبضة الأمنية وإمكانية اعتبار هذه التوثيقات كأدلة اتهام من جهة، وما تسببه من كشف لأسماء وهويات أشخاص من المشاركين في الثورة السورية دفعت أهالٍ ممن جرى اعتقال أبنائهم أو ملاحقتهم، للتخلص من أرشيفهم عبر حذفه أو إخفائه في ظروف غير ملائمة، ما تسبب بدمار وضياع قسم كبير منه.

يقول الناشط الإعلامي قاسم المحمد من ريف حماه إنه فقد أرشيفه كاملاً بعد تعرضه للاعتقال، إذ قامت أسرته بإخفاء حاسوبه خوفاً من عودة الأمن وتفتيش المنزل. خرج محمد بعد شهرين من المعتقل وقام فوراً بنسخ عدة نسخٍ من أرشيفه على أقراص “دي في دي وذواكر خارجية”، وقام بعدها بتحطيم الهارد الأساسي خوفاً من تعرضه للاعتقال مرة أخرى ومحاولة استعادة الملفات التي كانت بداخله، لكن تجربة القاسم لم تكن ناجحة لأن بعض الأقراص تعرضت للتلف نتيجة العوامل الجوية، وبعضها الآخر ضاع في أحد المنازل التي تعرضت للقصف، فلم يعثر على أيّ أثرٍ لها.

أضاع المحمد أرشيفاً يراه «مهماً جداً»، فقد وثّق الشهورَ الأولى من الثورة، كما صوّر الحياة اليومية في تلك الفترة في كامل ريف حماة عبر كاميرا مخفية موضوعة في سيارته، يقول المحمد: «صورتُ في تلك الفترة فيديوهات لمظاهرات وصور عامة كان لها أثرٌ في ذلك الوقت، كما صوّرتُ مُعتقلين بعد خروجهم من المعتقل، ناهيك عن تصوير فيديوهات لحواجز النظام وطرق تعاملها مع المدنيين». ويضيف المحمد: «كنت أعلم أن بعض الصور والفيديوهات ليس لها أهمية كبيرة في لحظتها، ولكن في المستقبل سيكون لها دورٌ كبير، وحدثَ ما توقعته، لكن للأسف ضاع أرشيفي بالكامل».

حال أحمد صباح (إعلامي من مدينة حماه) لم يكن أفضل من حال المحمد، إذ تعرض هو الآخر للاعتقال، الأمر الذي دفع ذويه إلى إخفاء هارد خاص به عند أحد الأصدقاء خوفاً من تفتيش المنزل، ومن باب الحرص «قام ذلك الصديق بحذف كامل محتويات الهارد دون أن يعلم بأهميتها»، كما يقول صباح. وحين خرج أحمد من المعتقل لم يجد شيئاً من أرشيفه الذي «ضمّ عشرات المظاهرات وصور المعتقلين وتوثيق لحظات خروجهم من المعتقل».

تهجير. سرقة. ابتزاز

هادي العبد الله أحد الصحفيين والناشطين الإعلاميين الذين خسروا جزءاً كبيراً من أرشيفهم، يقول العبد لله: «للأسف خسرتُ القسم الأول من أرشيفي الذي صوّرته في القصير نتيجة استهداف البيت الذي كنت أقيم به، ثم عدتُ للتصوير من جديد، لكن لم يكن الأرشيف بمأمن من الضياع، حيث تعرضتُ مرة ً أخرى للقصف مع زميلي طراد الزهوري، وانشغلتُ بإسعافه ومن ثمّ جنازته، فضاع جزءٌ من الأرشيف وتبقى جزءٌ آخر مع أهل طراد، في حين خسرت القسم الثالث الذي تم تصويره في إدلب، إذ جرت سرقة الهاردات من الشقة التي كنا فيها بعد استهدافي مع الشهيد خالد العيسى».

من جانبٍ آخر، لعب التهجير دوراً بارزاً في خسارة أرشيف بعض الناشطين أثناء تنقّلهم من مناطقهم التي نزحوا منها، بالإضافة للعوامل الأخرى التي قد يتعرّض لها كلُّ ناشط. إياد الحسن ناشطٌ من ريف حماة الجنوبي، وقد تعرّض للتهجير نحو محافظة إدلب، ما تسبب بخسارته لجزءٍ كبيرٍ من أرشيفه نتيجة تركه لأحد حواسيبه في ريف حماة، فضلاً عن قيامه بحذف كافة محتوياته قبل التهجير، وكان قبلها قد واجه خللاً في حاسبه ما أدى لخسارة جزء كبير من الأرشيف.

يقول الحسن: «في ذلك الوقت كانت شبكات الإنترنت ضعيفة، ولم يمكنّا ذلك من رفع مساحات كبيرة على مواقع التخزين السحابية، وهو ما أسهم بخسارتي للأرشيف».

أيضاً، لم يسلم ما تبقى من أرشيف الحسن بعد انتقاله إلى إدلب «حيث تعرّض حاسبه لفيروس يعرف بفيروس ‘الفدية’، وقام هذا الفيروس بتشفير كافة الملفات، وطالبه “الهَكر” بدفع مبالغ ضخمة مقابل فكّ التشفير»، وهو ما عجز عنه الحسن فأدّى ذلك إلى فقدان باقي أرشيفه.

ويقول الناشط أنس الأحمد، الذي كان يعمل إعلامياً ومراسلاً لقناة الجسر الفضائية في حمص، إنّه بدأ بتوثيق المظاهرات من خلال جواله، ولكن بسبب قلة مساحة التخزين كان ينقل ما يقوم بتوثيقه إلى الديسك توب، مضيفاً: «كنتُ أجمع كامل التوثيقات على الديسك توب بسبب عدم قدرتنا على إبقاء الصور والفيديوهات على الجوالات خوفاً من النظام ونتيجة قلة مساحة التخزين التي لا تتجاوز 8 غيغا حينها، ومن ثمّ بدأت بالتصوير بكاميرا منزلية عادية، حيث فقدتُ العديد من وحدات التخزين (كروت الذاكرة) وديسك توب كنتُ أخزّن عليه ملفاتي. عموماً كانت الصور رديئةً بالمقارنة مع دقة الفيديوهات والصور التي نقوم بإنتاجها اليوم».

ويتابع الأحمد: «بقيتُ أصوّر بكاميرا منزلية من منتصف سنة 2012 وحتى نهاية العام 2013. عندها أعطاني أحدهم كاميرا كانون من طراز X52، وبدأتُ التوثيق بها، ولاحقاً اشتريت لابتوب لأخزّن عليه عملي، ولكنّ قسماً من التوثيقات تعرّض للضياع بعد أن نقلتُها إلى هاردات اكتشفتُ في وقتٍ لاحقاً أنّ خللاً ما أصابها».

لاحقا أصبحت الأحجام كبيرة، بحسب الأحمد، وأصبح هناك قصف ومجازر بشكلٍ متصاعد، فلم «يعد الاهتمام بالتخزين على الهاردات حلاً ناجعاً بسبب رداءتها»، مضيفاً: «بدأتُ حينها بالتوثيق على قناتي في يوتيوب، وفي عام 2015 بدأتُ العملَ في قناة الجسر، وأصبح الأرشيف موجوداً لدى قناة الجسر وفي قناتي على يوتيوب، ولكن في العام 2018 فقدتُ كلمة المرور الخاصة بقناتي، وكنتُ حينها في تركيا، بينما كانت القناة مربوطةً برقم جوّال سوري لم يعد بحوزتي. الآن القناة ما زالت موجودة، ولكنّي لا أستطيع الدخول إليها».

أما عن باقي محتويات أرشيفه، فيذكر الأحمد أنه يملك أرشيفاً مخزّناً على هارد بسعة واحد تيرا، اشتراه في العام 2015. ولكنّه يخبرنا بأنّ أكثر ما يحزنه هو «فقدان المقاطع القديمة التي تم تصويرها في بداية الثورة، والتي ضاعت منه أثناء خروج المُحاصَرين من مدينة حمص بسبب تلف الكاميرا وذاكرتها الداخلية». فضلاً عن ذلك، فقد الأحمد «توثيقاتٍ لمجزرة الزعفرانة بعد أن كُسرت كاميرته وتعرّض للضرب».

من بين الأمور الأخرى التي اعترضت عمل أنس الأحمد في التوثيق هو تعرّضه إلى مضايقاتٍ ومصادرة للأرشيف خلال عمله على توثيق تهجير الدفعة الاولى من ريف حمص الشمالي، إذ «قام عناصر ملثّمون من فصيلٍ عسكري بكسر الكرت المحتوي على مقاطع الفيديو هذه» حسب قوله.

هناك ما يمكن إنقاذه.. الأرشفة الإلكترونية

يخبرنا عبد الحميد الشحنة من ناشطي حماة الأوائل، أن «أرشيفه القديم ما يزال محفوظاً في أحد الأماكن، لكنه غير متاحٍ بالنسبة له»، متمنياً «ألا يتعرض للتلف نتيجة السنوات الطويلة التي مرّت على تخزينه». أما الصور التي قام بإرسالها للنشر فهو «ما زال محتفظاً بها».

يحدثنا الشحنة عن مراحل الأرشفة والتوثيق التي مر بها خلال عمله، والتي أسهمت بحفظ قسم كبير من مواده، يقول «بداية الثورة لم يكن لدينا الخبرة الكافية للتوثيق والأرشفة، وكان هدفنا الأول نقل الأخبار والمظاهرات التي شغلت المدينة. اعتمدتُ على هاتفي في عملية التصوير، وكنت أخزّن الصور والفيديوهات على كرت ذاكرة الهاتف، ثم أقوم بنقلها وأرشفتها على الحاسب بعد تشفير الملف وإخفائه ضمن أحد المجلدات خوفاً من مداهمة قوات الأمن، ثم أختار بعض الصور وأقومُ بإرسالها إلى صديقٍ خارج سوريا، ليقوم بدوره بنشرها عبر الصفحات، ويحتفظ بما تبقى ضمن أرشيفه».

ترك الشحنة مدينة حماة وانتقل إلى الريف الحموي، فتمكن من تطوير مهاراته وحصل على كاميرا، وبدأ بتوثيق المعارك والقصف على المدن، كما بدأ النشر بنفسه على قناته الموجودة على يوتيوب، غير أنه لم يتمكن من التعامل مع المواقع السحابية لتخزين أرشيفه فيها، وذلك «نتيجة عجزه عن دفع مبالغ الاشتراك في هذه المواقع»، ولذا اعتمد على التخزين التقليدي على الهاردات، ما عرّضه لفقد بعض أرشيفه نتيجة تلف بعض الهاردات، وهو يملك اليوم «نحو واحد تيرا من الميديا المصورة ما بين 2012 – 2017» بحسب قوله، وهو التاريخ الذي توقف به عن التصوير بعد تعرضه لحادث سير.

ويخشى الشحنة اليوم من فقدان أرشيفه نتيجة استخدامٍ خاطئٍ للهارد أو تعرضه للسرقة أو الاعتقال من أحد الفصائل العاملة في الشمال، ولذا «عمد إلى حفظ نسخةٍ ثانيةٍ منه».

فضلاً عن ذلك، عمد الشحنة إلى رفع بعض الفيديوهات والصور المهمة على مساحات التخزين السحابية، وذلك حتى يتمكّن من الوصول لها في أي مكان، كما قام بحفظ كافة الفيديوهات المنشورة على قناته وقناة «التجمع الوطني لأحرار حماة» بالتعاون مع مشروع الأرشيف السوري؛ خوفاً من تعرّض القنوات للحذف كما حدث مع كثير من الناشطين.

بدوره، عمل الناشط أدهم الحسين على تغطية أحداث ريفي حماة وإدلب منذ عام 2014، وتتملكه مخاوف كبيرة من فقدان أرشيفه نتيجة عارضٍ ما. يقول الحسين إنه «عانى بداية العمل بشكلٍ كبير نتيجة ضعف الإمكانيات، وفقد هادر واحدٍ من حواسيبه الذي كان يتوفر عليه أرشيفه نتيجة خللٍ في الكهرباء أدى إلى تلف الهارد».

مخاوف الحسين من تكرار الحادثة دفعه لحفظ أرشيفه الذي يضمّ أكثر من 2 تيرا في أكثر من موقع، وذلك حتى يضمن بقاء نسخةٍ سليمةٍ منه، ولكنه يرى أن الطريقة الأفضل هي «الحصول على اشتراك سنوي في أحد المواقع السحابية، غير أنّ ضعف الإمكانيات يحول دون ذلك».

يخالف حيان أبو رشيد، الذي يعمل كناشط إعلامي منذ العام 2012، الحسين الرأي حول الأرشفة عبر التخزين السحابي، يقول إن التخزين على هاردات خارجية «أفضل بكثير من المواقع السحابية أو قنوات اليوتيوب»، ولذلك هو يحتفظ بكامل أرشيفه، بما في ذلك المواد التي كان يرسلها إلى بعض الوكالات، في هاردات خارجية. كما أنّ أبو رشيد فقد أكثر من عشر حسابات في فيس بوك نتيجة ما أسماها «القوانين الجائرة التي يفرضها الموقع»، وقد قام موقع يوتيوب بحذف فيديو له يوثّق مجزرة عابدين التي قام بتوثيقها، ومدته ست دقائق، هو الأمر الذي دفعه لفقدان الثقة بهذه المواقع، بما فيها المواقع السحابية، وذلك «خوفاً من التهكير أو فقدان الحساب» وفق رأيه.

ويرى إياد الحسن أنّ التخزين السحابي «جيد، لكن قد يكون المُشترِك عرضةً لإغلاق حسابه أو ضياعه أو نسيان كلمة السر»، ومن الأفضل برأيه أن يكون هناك «تخزين مزدوج على المواقع السحابية وعلى الذواكر الخارجية».

ويعزو أنس الأحمد، سبب عدم لجوئه إلى التخزين السحابي، إلى «عدم توفر الإنترنت بشكلٍ جيدٍ حينها في ريف حمص»، ويقول: «لم يكن يفكّر بموضوع الأرشفة إلا بعض الناشطين القلائل، كما أننا لم نكن نملك المعرفة الكافية بالتخزين السحابي، وأيضاً لم يقم التقنيون بتدريبنا وتعريفنا بأهمية عمليات الأرشفة. علاوةً على ذلك، لم يكن لدينا ثقة كبيرة بالتخزين السحابي بسبب اختراق الحسابات وإغلاقها وتعطيلها من قبل شبيحة النظام، وهو ما دفعنا إلى حفظ أرشيفنا بيدنا مستخدمين الطريق البدائية وغير الآمنة».

مازال هادي العبد الله يملك ملفاتٍ ضخمةً على وسائل التواصل الاجتماعي رغم قيام تلك المواقع بحذف كثيرٍ من الفيديوهات، لكن بعد حصوله على جائزة حرية الصحافة تمكّن من توثيق صفحاته بشكلٍ رسمي على وسائل التواصل، وهو ما يراه أكثر أمناً. ويرى هادي أنّ «النظام وأنصاره يحاولون بشكلٍ مستمرّ حذفَ كامل مقاطع الفيديو والصور المتواجدة على شبكة الانترنت، وذلك وفق مساعيهم لتوثيق التاريخ بالشكل الذي يريدونه، وتشويه تاريخ الثورة، وأخشى أن يأتي اليوم الذي يقرأ فيه أولادنا أننا كنا عصاباتٍ مسلحة كما يروج النظام، ولذلك فإنّ الأرشفة هي الضامن الوحيد الذي يظهر حقيقة ما عشناه».

 

تم دعم هذا التحقيق (الذي سينشر تباعاً) من قبل صندوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتمويل الأعمال الاستقصائية NAWA -IF