فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الشعيبيات تستعيد صدارتها للحلويات الشعبية في إدلب المدينة

محمد الأسمر

تنافست مدينتا إدلب وأريحا على صناعة الشعيبيات خلال عقود طويلة، لكن شهرة أريحا فاقت إدلب نتيجة موقعها الاستراتيجي على طريق حلب اللاذقية ما جعلها ممراً للمصطافين الذين يتملكهم الفضول لتذوق […]

تنافست مدينتا إدلب وأريحا على صناعة الشعيبيات خلال عقود طويلة، لكن شهرة أريحا فاقت إدلب نتيجة موقعها الاستراتيجي على طريق حلب اللاذقية ما جعلها ممراً للمصطافين الذين يتملكهم الفضول لتذوق هذه الأكلة وحملها لأصدقائهم أثناء عبورهم من المنطقة، وربطت أريحا بهذا الاسم الذي رافقها كعلامة تجارية تدل على الإتقان والطعم المميز.

مؤخراً ونتيجة نزوح السكان من أريحا، ولأن طريق m4  لم يعد يملك أهميته القديمة، تفوقت إدلب للصدارة على أريحا بعدد محال الشعيبيات ولتأخذ شهرتها مرة أخرى.

الشعيبيات لوغو المدينة

على طاولة رخامية يتناوب أبو عبدو مع مجموعة من العاملين في محله على تمسيد رقائق العجين بالسمن تمهيداً لتوريقها وتحويلها لحلوى الشعيبيات ، التي تتصدر قائمة الحلويات المفضلة في إدلب، وباتت من الموروث الشعبي لهذه المدينة.

التوريق -من مراحل تصنيع الشعيبيات في إدلب -فوكس حلب
التوريق -من مراحل تصنيع الشعيبيات في إدلب -فوكس حلب

عند دخولك لمدينة إدلب من الطرف الشرقي وبعد عبورك لدوار المحراب ستصادفك على جانبي الطريق لوحات لمحال مختصة بصناعة هذه الأكلة، وكأنها توجه دعوة لزوار المدينة لتذوق أشهر حلوياتها.
قضى الحاج عبد القادر حبوش نحو أربعين عاماً من حياته في صناعة الشعيبيات وقد ورّث المهنة لأولاده الأربعة كما ورثها عن والده الذي عمل بها في ستينات القرن الماضي، ويرى أن أدواتها تطورت اليوم فلم يعد العامل يقضي ساعات طويلة في عجن الوجبة وتم الاستعاضة عن ذلك بالعجانة الآلية، كما حلت الأفران الحديثة بدل التنور أو فرن الحجر.

التقطع -من مراحل تصنيع الشعيبيات في إدلب -فوكس حلب
التقطيع -من مراحل تصنيع الشعيبيات في إدلب -فوكس حلب

تمر الشعيبيات قبل وصولها لمائدة الزبون بسبع مراحل تبدأ بعجن الطحين ثم عركه ثم تقطيعه لقطع كبيرة وزن الواحدة قرابة الكيلو غرام، ليدخل بعدها مرحلة الرق ثم التوريق وهي المرحلة الأهم في هذه الصناعة حيث يعمل الحبوش على فرش على فرد العجين على شكل طبقات ودهنها بالسمن بشكل جيد ثم لفها على شكل قطع صغيرة تمهيداً لحشوها وإدخالها الفرن ليتم شواؤها قبل وضع القطر عليها وتقديمها للزبون ساخنة.

الرق -من مراحل تصنيع الشعيبيات في إدلب -فوكس حلب
الرق -من مراحل تصنيع الشعيبيات في إدلب -فوكس حلب

تعتبر القشطة العربية الحشوة الرئيسية لحلوى الشعيبيات لكن ارتفاع سعرها دفع صانعيها لاستبدالها بقريشة الحليب. وتأثرت تلك المهنة بسنوات الحرب التي مرت على إدلب لكن الحبوش يرى أن شعبية الأكلة أدت لاستمرارها وزيادة الإقبال عليها رغم الأوضاع الاقتصادية السيئة، ويقول إن الإقبال على محله ارتفع بعد حركات النزوح الأخيرة لأن إدلب أصبحت مدينة مكتظة بالسكان ومن الطبيعي أن يتذوق الزوار الجدد حلوى المدينة.

تاريخ المهنة

انتقلت الشعيبيات إلى المطبخ الإدلبي منذ مئة عام تقريباً، عبر صانع الحلويات ناجي عاشور بحسب المؤرخ فايز قوصرة، والذي قال إن العاشور شارك في حرب السفر برلك، ثم غادر المعركة ليعود إلى سوريا وفي طريقه توقف في أحد المدن التركية ليعمل ويجمع المال وعمل هناك في مطعم للحلويات وهناك تعلم صناعتها، وقرر بعد وصوله فتح محله في السوق الغربي قرب جامع الأقرعي.

وتعلم على يديه عدد من رواد هذه المهنة في إدلب والتي انتشرت لاحقاً بشكل واسع وأحبها أهل المدن المجاورة وخاصة أهل حلب وقد شهد (خير الدين الأسدي)في موسوعته عن حلب بجودة شعيبيات إدلب، أما شهرة أريحا بذلك فقد أتت متأخرة بعد شهرة إدلب بسبب تحول طريق اللاذقية-حلب من المرور في ادلب بعد عام 1980م،و تدشين الطريق الدولي المار بجوار أريحا فقد تم فتح مطاعم على أطرافه لتبيع شعيبيات للمسافرين بحسب القوصرة.

لم نصل إلى مصادر دقيقة تؤكد كلام “قوصرة” بدخول الشعيبيات إلى إدلب من المطبخ التركي، يوضح ذلك عدم وجود هذا النوع من الحلويات وغيابها أو ما يشبهها في المحال التركية.

وتعتبر الشعيبيات في محافظة إدلب أكلة مناسبة لجميع الأوقات ولا تقترن بمناسبة محددة كغيرها من الحلويات، يقول أبو زاهر الإدلبي، “قرص الشعيبيات حاضر بكل مفاصل الحياة عند أهل إدلب” فيأكله العامل المتجه إلى عمله بدلاً من وجبة الفطور، ويتناولها الأصدقاء أثناء تنزههم في المدينة، وتحضر في الأفراح والأحزان.

ومن النداءات المأثورة التي اعتاد أصحاب المهنة على استعمالها “طابو ودابو، شعيبية بالقيمق، بالقيمق ياحلو، طيبة ياشعيبية، طيبة بالسمن العربي طيبة”.

تباع القطعة الواحدة من شعيبيات القشطة بليرتين تركيتين وهو ما يعادل ثمن كيس الخبز، وهو ما يراه السكان سعراً مرتفعاً مقارنة بالأسعار التي اعتادوا عليها، بينما يرى أصحاب المهنة أن أسعارها حافظت على نفسها مقارنة بالدولار لكن تدهور العملة السورية وانخفاض دخل المواطن في سوريا شكلا الفارق الكبير الذي يشعر به الزبون.