“الإمعان في الرقابة على ما يشاركه الناس عبر الإنترنيت سيكون بالتأكيد هدية لجميع الأنظمة الاستبدادية وسيكون هدية لبشار الأسد”
هادي خطيب مدير الأرشيف السوري في حديثه لصحيفة The Atlantic
فقد جزء هام من الأرشيف السوري في إدلب، كان يمكن أن يضيف فهماً أكبر لما حدث، كذلك تمكيناً أعلى للوصول إلى أدلة حاسمة عن الانتهاكات التي ارتكبت في المنطقة التي ما تزال تعاني يومياً، وحتى اللحظة، من التدمير والقصف بوصفها أكبر معاقل المعارضة السورية.
يجمع من تحدثنا معهم، في هذا القسم من الملف المخصص للحديث عن الأرشفة بوصفها سلاحاً للحقيقة في مواجهة قتل التاريخ، وعددهم أحد عشر إعلامياً يعملون في مراكز إخبارية أو مجلات ومواقع إلكترونية، كمستقلين أو تابعين لوكالات، على أهمية الأرشيف السوري وضرورة تنظيمه واستعادة ما فقد، إن أمكن، وكذلك يوضحون حجم الخسارة التي طالت ما أنتجوه من مواد خلال السنوات الماضية والتي وصلت في بعض الأحيان لفقدان الأرشيف كاملاً، وفي أفضل الأحوال تلف ما يزيد عن نصفه.
يقول أولئك إنهم جميعاً متفقون على تقديم ما لديهم لأي جهة أو منظمة تعمل على توثيق، تحليل، بناء الأدلة، من أجل تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين. ويظهر، خلافاً لما كان سائداً من عدم الخبرة بطرق الأرشفة الصحيحة والاعتماد على الأرشفة الإلكترونية والتخزين السحابي قبل عام 2016، تطوراً في عمليات هذه الأرشفة وقدرة أكبر على التعامل معها ورغبة في تحقيق ذلك ضمن الإمكانيات المتاحة.
ماذا نوثق.. وأين؟
شكلت الفيديوهات والصور التي نشرت على منصات الإنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي، منذ الأيام الأولى للثورة السورية، هاجساً للنظام السوري، وهو ما دفع كثير من الناشطين، الإعلاميين، المواطنين الصحفيين، الناس أيضاً، إلى ممارسة هذا الدور للضغط بشكل أكبر وإيصال الصورة للمجتمع الدولي من جهة، وللسوريين في مناطق أخرى لفضح الممارسات القمعية للنظام، ويجمع من تحدثنا معهم أنهم حاولوا توثيق كل شيء وبكل الطرق المتاحة.
يقول الكاتب والصحفي محمد السلوم، إنه بدأ رفقة زوجته العمل في الإعلام منذ مطلع العام 2013 في مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، كان ذلك بسبب “حلمهم بمرحلة ما بعد النظام”، ليبدأ رفقة ناشطين آخرين تأسيس جريدتي الغربال وزورق.
ويروي السلوم “«كان لدينا حينها أحلام، وكنت أملك كمبيوتراً محمولاً يساعدني في عملي كمعيدٍ في الجامعة، فضلاً عن طابعةٍ بالحبر الأسود اشتريتها من أجل مشروع الماجستير. بهذه الطابعة كنتُ أطبع المجلة، وفي بعض الاحيان كان صديقٌ لي يشتري لي الورق اللازم والأحبار والمحابر من مدينة حلب، وكنت أملاً الحبر يدوياً عبر تقليد فيديوهاتٍ في يوتيوب».
ضمن “مركز المعرة الإعلامي” بدأ الناشط حسام هزبر عمله مع بداية تأسيسه في العام 2014، يقول إن فكرة إنشاء المركز الذي أسسه الناشط الإعلامي الشهيد وسيم العدل جاءت بهدف أن يكون تجمعاً لبعض النشطاء الإعلاميين في المدينة، والتي كانت حينها محاطةً بمعسكرين كبيرين لقوات النظام السوري؛ هما وادي الضيف والحامدية، ليقوم هؤلاء الناشطين بتوثيق ما يحصل في معرة النعمان التي كانت تتعرّض للقصف المُكثّف شبه اليومي، وبمختلف أنواع الأسلحة، فضلاً عن تغطية حملات النزوح التي تسبّبها المعارك وعمليات القصف.
ويروي هزبر إن الاهتمام بالأرشفة بدأ بشكل شخصي، إذ كان «كل شخصٍ منا يحتفظ بالأرشيف الخاص به، أما بالنسبة لأرشيف المركز فكان موجوداً على صفحة فيسبوك الخاصة به، ولأنّ البداية كانت بمعدات بسيطة جداً وشخصية، فقد كان العمل في المركز تطوعياً بشكلٍ كامل، وهو ما أدى إلى الاقتصار في عملية الأرشفة على الأشياء شديدة الأهمية، من خلال توفير مساحات لها في الهارادت المحدودة العدد والمساحة التي كانت تتوفر في أيدينا».
بهاتف محمول بدأ هاني هلال (ناشط إعلامي من مدينة معرة النعمان) توثيقه لأحداث مدينته منذ نيسان 2011، كانت المظاهرات في معرة النعمان ومحيطها ما يسعى لتصويره ورفعه على وسائل التواصل، وفي آب من العام نفسه حصل على كاميرا بمواصفات “عادية” يشترك فيها مع صديقه عبد الله مسعود بتوثيق ما يحدث.
يحتفظ هلال بأرشيفه على هاردين، بسعة واحد تيرا 512 جيجا بايت، تضم المظاهرات واقتحام المدينة وتحريرها، البيوت التي تضررت جراء القصف، صور الشهداء، حواجز النظام التي غيرت زيها العسكري مع قدوم لجنة المراقبة الدولية إلى المدينة وإخفاء العربات المصفحة التي كانت تستهدف المدنيين.
يوضح من تحدثنا معهم أن أرشيفاً هائلاً أنجز في هذه السنوات، وفي مختلف المناطق، المدن الكبيرة، البلدات، القرى الصغيرة التي لم يكن يسمع باسمها، وجمع الانتهاكات والتدمير الذي طالها، صور القتلى، المنازل والمرافق العامة المدمرة، حياة الناس اليومية، كل ذلك أتيح له الظهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو قنوات اليوتيوب، لتشكل مكاناً لتخزين هذا المحتوى، دون إدراك بإمكانية ضياعه أو حذفه، أو في هاردات خارجية، بحسب ما هو متاح من أنواع، مع ما يمكن أن يسببه تلف صغير في فقد هذا المحتوى إلى الأبد.
حرب على الأرشيف
“إن بعض المحتوى الذي يقوم فيسبوك وتويتر ومنصات أخرى بإزالته له قيمة حاسمة، ولا يمكن تعويضها كدليل على فظائع حقوق الإنسان”
بلقيس والي “باحث في الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش”
يحتفظ هلال بأرشيفه في مكان إقامته بتركيا التي لجأ إليها في العام 2013، لكنه فقد قسماً منه على قناته الخاصة في يوتيوب بعد اختراقها وسرقتها من قبل شخص آخر، كما فقدت فيديوهاتٍ توثيقية تمّ حظرُها من قبل إدارة يوتيوب، على حد قوله.
يملك حسام هزبر أرشيفاً شخصياً وصفه بـ “المنظم”، بحسب التاريخ ونوع الحدث والمكان، كان ذلك بعد انطلاقة مركز المعرة بسنتين، يقول إنهم “قرروا أن يكون هناك أرشيف خاص بالمركز رغم غياب الدعم، بدأ ذلك بشراء هاردات خاصة وأرشفة الصور والفيديوهات الخام عليها، لكن العديد من الحسابات الشخصية للعاملين في المركز تعرضت للإغلاق من قبل إدارة فيسبوك، إضافة لصفحة المركز الرئيسية، وبذلك خسرنا معظم الأرشيف الذي لم يكن مخزناً على الهاردات قبل 2016”.
لم تفلح الجهود والتواصل مع إدارة فيسبوك وتقديم الطلبات عبر الإيميلات في استعادة الصفحات ومحتوياتها، جميعها قوبلت بالرفض والإهمال، يقول حسام «منذ ذلك الوقت قمنا بإنشاء صفحة جديدة، وبدأنا بتنظيم الأرشيف ضمن هارداتٍ خارجية لمنع خسارة كم هائل من الأرشيف في الصفحة مجدداً، وقررنا عدم الاعتماد مرة أخرى على الأرشفة ضمن مواقع التواصل الاجتماعي».
كذلك أغلق موقع فيسبوك، منذ العام 2012، تسع صفحات أنشأها العاملون في صفحة «المعرة اليوم»، دون أن يتمكنوا من حفظ منشوراتهم عليها. أما آخر صفحةٍ فقد تمّ إنشاؤها قبل سنتين، ولكن أيضاً دون أن يتم الاحتفاظ بنسخةٍ احتياطية عن المنشورات الموجودة فيها، حسب ما يذكره الناشط مصطفى الغريب، أحد العاملين في الصفحة.
ويضيف الغريب إنهم يعانون أيضاً من عمليات التبليغ أو الحذف الذي يواجهه المحتوى الذي يقومون بتخزينه على مواقع التواصل الاجتماعي، فسبق أن حذف يوتيوب العديد من المقاطع التي تحتوي على صور أشلاء، ولكنهم تمكنوا، بحسب الغريب، من استرجاع هذه المقاطع.
وتعرضت الصفحات الرسمية لشبكة دراية الإخبارية على منصتي فيسبوك وتويتر إلى الإغلاق مراراً، ولم تُفلح مراسلة المنصتين في استعادة محتويات الصفحات فكان مصيرها الضياع. يقول عمر كشتو أحد القائمين على الشبكة «فقدت شبكة دراية ما يقارب 4000 صورة، و1200 مقطع فيديو، جميعها يوثّق المظاهرات السلمية وعمليات القصف التي تعرضت لها المحافظات السورية التي شهدت احتجاجاتٍ مناهضةً لنظام الاسد»، مضيفاً بأنّ هذا النوع من الخسارة «يوضح مدى أهمية عمليات الأرشفة للحفاظ على ذاكرة البلاد خلال السنوات الفائتة».
ويروي يقول جهاد شام، العامل في شبكة شام، إن لدى الشبكة «أرشيفٌ محفوظٌ في هاردات، ولكنه لا يتضمّن كامل المواد التي وثّقوها منذ انطلاق الشبكة، فقبل البداية بعملية الأرشفة كان قد ضاع قسمٌ من المواد التي صوّرها العاملون في الشبكة مع قيام موقع يوتيوب بحذف العديد من المقاطع المنشورة من قبل شبكات وناشطين سوريين، والتي شملت بشكلٍ خاص أرشيف بداية الثورة». أمّا اليوم فتحتفظ الشبكة بأرشيفٍ «موثّق ومُفهرس بنسبةٍ تتجاوز 85 بالمئة على أساس التاريخ والمكان وطبيعة الحدث الموثّق، كما يوجد القليل من محتوى الأرشيف بحاجة للتنظيم» حسب ما ذكره جهاد شام.
ومن المشاكل التي اعترضت جهود شبكة شام في عملية الأرشفة هي إغلاق صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من مرة، نتيجة التبليغات ونشر محتوىً مخالفٍ لسياسية مواقع التواصل، إذ كثيراً ما تحتوي المقاطع التوثيقية على دمار أو دماء وعمليات قصف، ولكن جهاد شام يؤكّد على أنهم «تمكّنوا من استعادة بعض هذه التوثيقات بفضل مساعدةٍ قدّمها بعض التقنيين المختصين». من المشاكل الأخرى التي يشير إليها جهاد هي «عدم وجود فريقٍ كافٍ في شبكة شام للقيام بعملية الأرشفة، فضلاً عن عدم قدرة الشبكة على تحديد حجم المواد التي فقدتها في يوتيوب وفيسبوك نتيجة حذفها، ولكنه يقّدر أنها تتجاوز ألفي صورة ومقطع فيديو».
عبد القادر الهيب ناشطٌ إعلامي ومصورٌ سابقٌ من مدينة معرة النعمان بريف إدلب، ويعمل حاليا مذيعاً في إذاعة وطن إف إم في إسطنبول. يقول عبد القادر إنّ بداية عمله في التصوير والتوثيق «كانت مع انطلاق التظاهرات في مدينة معرة النعمان في العام 2011، حين كان يصور المظاهرات رفقة أخيه الكبير محمد اللهيب، وواصل عمله هذا إلى أن اقتحمت قوات النظام مدينة معرة النعمان في الشهر الثامن من العام 2011».
خلال هذه الفترة قام عبد القادر بتصوير الكثير من المظاهرات بواسطة الهاتف المحمول، لا سيما المظاهرات التي كانت تخرج بأعداد كبيرة يوم الجمعة من كل أسبوع، وكانت جميع الفيديوهات التي صورها محفوظةً في كمبيوتر شخصي، ولكن بعد أيام من اقتحام الجيش اعتقلت قوات الأمن الشقيق الأكبر لعبد الله، وصادرت الكمبيوتر الذي كان يحتوي على كامل أرشيف المظاهرات التي صُوّرت بهواتف نوكيا هامر وM/G2. يقول عبدالقادر: «بعد خروج أخي من المعتقل، الذي بقي فيه مدة ثلاثة أشهر، لم يتسلّم جهاز الحاسوب، وبذلك يكون قد ضاع أرشيفي الخاص بتغطية أحداث الثورة عام 2011».
أما الناشط الإعلامي والمصور نصر العكل، من أبناء بلدة كفرنبل، فيقول إنه «فقد أرشيفه عندما كان مقيماً في كفرنبل جنوب إدلب، حيث خزّن أرشيفه الذي بدأ ببنائه منذ العام 2013 على هاردات خاصة، وتضمّنَ توثيقاتٍ لخروقات النظام المشتملة على استهداف المنشآت الصحية والسكنية، إضافةً لتوثيق المجازر التي ارتكبها النظام في مدن وبلدات جبل الزاوية وريف حماة وريفي إدلب الشرقي والجنوبي. الفقدان جاء نتيجة قصفٍ تعرض له منزله في مدينة كفرنبل بصاروخ من نوع «سمريتش» روسي الصنع، وذهب نتيجته الأرشيف المُخزّن على هاردين.
يشر محمد سلوم إلى نقطة هامة، على حد قوله، وهي أنّ الكثير من القنوات أُغلقت بسبب نشرها محتوى عنيف أو صور لأشلاء وضحايا. كان الهدف من نشر هذه الصورة توثيق المجازر وعمليات القصف، ولكن تعارضها مع سياسات مواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى فقدانها، وهنا لا بد من الوعي بما يمكن نشره حتى يبقى صالحاً ومتاحاً مع مرور الوقت.
ويتضمن تقرير لهيومن رايتس ووتش بعنوان “منصات التواصل الاجتماعي تزيل أدلة جرائم الحرب” نشر في أيار 2020، إن المنظمة سألت الشركاء عما إذا كان بإمكانها استعادة الوصول إلى المحتوى الذي تم حذفه لأغراض الأرشفة، لكن هذا الطلب لم يتم قبوله.
إن الإزالة الدائمة والمستمرة لمثل هذا المحتوى يعيق جهود المساءلة، ويجعل من الصعب الوصول إلى الأدلة اللازمة، تقول هيومن رايتس ووتش في تقريرها “إن محاسبة الأفراد على الجرائم الجسيمة قد يساعد في ردع الانتهاكات المستقبلية وتعزيز احترام سيادة القانون، واستعادة الكرامة للضحايا من خلال الاعتراف بمعاناتهم والمساعدة في إنشاء سجل تاريخي يحمى من التحريف من قبل أولئك الذين ينكرون وقوع الفظائع”
ويخلص التقرير إلى أنه “لا يوجد آلية، حتى الآن، لحفظ وأرشفة عمليات الإزالة على وسائل التواصل الاجتماعي التي يمكن أن توفر أدلة مهمة على الانتهاكات، ناهيك عن ضمان وصول أولئك الذين يحققون في الجرائم الدولية”.
ويقول ضياء الكيالي مدير برنامج الدعوة التكنولوجية في Witness وهي منظمة لحقوق الإنسان تعمل مع الأرشيف السوري، بحسب تقرير The Atlantic إن “الشركات تعارض السماح للمجتمع المدني بالتحدث مباشرة إلى المهندسين لديها.. وهذا شيء حاربت كثيراً لأجله”.
ويقول هادي الخطيب مدير الأرشيف السوري، بحسب ما ترجمته قناة الجزيرة “على أرض الواقع في سوريا، يبذل الأسد قصارى جهده لتدمير الأدلة المادية على انتهاكات حقوق الإنسان، والأدلة الرقمية أيضاً، سيكون لمجموع هذه الأشياء، الفلترات وخوارزميات التعلم الآلي والقوانين الجديدة، أثر سيجعل من الصعب علينا توثيق ما يحدث في المجتمعات المغلقة، وهذا، كما يخشى، هو تماماً ما يريده الديكتاتوريون.
الحرائق والكهرباء والتهجير شركاء في قتل الأرشفة
انقطعت الكهرباء عن معظم محافظة إدلب خلال السنوات الماضية، جزئياً أو كلياً، ويعتمد سكانها على المولدات الكهربائية أو الطاقة الشمسية مؤخراً، وهو ما تسبب بأعطال جسيمة في الأجهزة الالكترونية، وفي موضوع الأرشفة نخص الحواسب وأجهزة الهاتف والهاردات الخارجية.
يقول عبد القادر الهيب إنه فقد أرشيفه للمرة الثانية بسبب عطل في الحاسب، ولم تفلح الجهود بإصلاحه، بعد أن تسبب المولدة بتلفه. كذلك حالت كثافة النيران دون قدرته على استعادة هاتفه المحمول الذي يضم أرشيفاً وصفه بـ “الهام” خلال معارك “مورك” مع قوات النظام.
وفي العام 2016 «تعرضتْ المنطقة لمشاكل داخلية سببها حدوث ُخلافٍ بين جبهة النصرة والفرقة 13، قبل تلك الأحداث، كنت أوثّق مع الفرقة المعارك على جبهات ريف حلب، وما تضمّنته من قصف مدفعي وبقذائف الهاون، ثم تابعتُ توثيقي للمظاهرات التي خرجت في مدينة معرة النعمان لمناهضة تصرفات جبهة النصرة. صورتُ مقاطع مرئية للتظاهرات وصور ثابتة في كل أيام التظاهر التي امتدّت إلى ما يقارب 260 يوماً، كما تضمّن توثيقي لافتاتٍ كانت تُرفع خلال هذه المظاهرات، وقد بلغَ عدد اللافتات التي وثّقتها حوالي 800 لافتة جميعها موجودة ضمن قناتي في تلغرام، كما وثّقتُ مظاهراتٍ تعرّض فيها المدنيون لاعتداءاتٍ من قبل عناصر الجبهة وإطلاق نارٍ في الهواء لتفريقها».
ويضيف عبد القادر: «كل هذه التوثيقات احتفظتُ بها على الحاسوب الشخصي لأحد أصدقائي حتى لحظة مغادرتي إلى تركيا بسبب ضغوطاتٍ تعرضت لها من عناصر جبهة النصرة. طلبتُ من صديقي الاحتفاظ بالأرشيف الخاص بأعمالي التي غطيت بها 260 يوماً من التظاهر ضد جبهة النصرة وصوراً للافتات التي رفعها المدنيون بالإضافة إلى صوتياتٍ كثيرة، وذلك خوفاً من مصادرة حواجز الجبهة لهاتفي».
بعد تزايد الضغوط على الهيب من قبل جبهة النصرة، قرر السفر إلى تركيا، ولكنّ الطريق المليء بحواجز الجبهة من معرة النعمان وحتى معبر باب الهوى الحدودي دفعه لترك أرشيفه وديعةً عند صديقٍ له، محتفظاً ببعضٍ من هذا الأرشيف على هاتفٍ نقال بسعة ٦٤ جيجا بايت، وعند وصوله إلى تركيا نقل إلى هارد خارجي بعض ما وصله من أرشيفه، لكنّ هذا الأرشيف لم يسلم كلُّه من التلف، إذ تعرّض منزل صديقه لحريقٍ في العام 2016 وهو ما أدى إلى ضياع الأرشيف. يقول عبد القادر إنّه «يحتفظ اليوم بما مقداره 400 غيغا بايت من كامل أرشيفه الذي يفوق هذا الحجم بأضعاف»
أما عن حال ما تبقّى من الأرشيف اليوم، فيقول الهيب إنه «اتّبع نظام الأمن المعلوماتي للمحافظة على ما تبقى بحوزته خوفاً من القرصنة والاختراق، غير أنّ هذا الأرشيف غير مُنسّق، ويحتوي على صور ومقاطع مرئية للمظاهرات وتوثيقاً لهجمات متكررة شنتها جبهة النصرة على معرة النعمان، فضلاً عن صوتيات كثيرة وصور شهداء ومقاطع توثّق بعض المجازر التي ارتكبتها قوات النظام في معرة النعمان».
تلف الهاردات مشكلة أخرى يعاني منها الناشطون بحسب مصطفى الغريب، إذ لا يوجد في المنطقة مختصون بإصلاحها أو إصلاح الحواسيب التي تعرضت للتلف.
يخبرنا عبد المتين خليفة ناشط إعلامي من جبل الزاوية إنه «فقد أرشيفه بالكامل، إذ كان يحتفظ به على هاردات مساحتها حوالي 1 تيرا بايت، ولكنّ عطلاً أصابها أثناء نزوحه الأخير أدى إلى ضياع محتوياتها بالكامل، وذلك رغم سعيه لاستخدام الهاردات بشكلٍ مخفّفٍ وصحيح».
ويحتوي الأرشيف الذي كان خليفة قد وثّقه صوراً ومقاطع فيديو تبدأ منذ الشهر العاشر في عام 2015، حين شهدت منطقة ريف حماة الشمالي الشرقي أول تدخّلٍ روسي في بلدة «عطشان»، حيث قام «بتصوير غارات الطيران الروسي وقصف المدفعية والقصف المكثف على القرى والبلدات من قبل الروس». ويُضيف عبد المتين إنه «بعد انتقاله إلى الريف الجنوبي لحلب، كان قد وثّق تقدم النظام بإسنادٍ جويٍّ روسي، حيث كان الطيران الروسي آنذاك يشنّ غاراتٍ مكثفةً تستهدف قرىً بأكملها».
وفي وقتٍ لاحق من العام 2016 وثّق عبد المتين خليفة سقوط بلداتٍ في ريف اللاذقية بيد قوات النظام، مستفيداً من اتباع سياسة الأرض المحروقة التي تكفّلت بها الطائرات الروسية والسورية، حيث «أحرق الطيران كل شيء، خصوصاً في بلدة سلمى وقرية كنسبا» بحسب تعبيره، مضيفاً أنه «وثّق كل بالصور والفيديو الدمار الذي تسبّبت به الغارات التي أحرقت الأخضر واليابس». كما وثّق خليفة في الفترة الممتدة من شهر حزيران (يونيو) وحتى تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2016 المعارك الضارية التي شهدها ريفا حلب الجنوبي والغربي، فضلاً عن القصف الشديد الذي تعرّضت له هذه المنطقة من جانب قوات النظام وروسيا. وشملت توثيقاته، بحسب ما يقول، مناطق «ريف المهندسين وكفرداعل والمنصورة والعيس وكفرجوم وخان طومان»، وهي المناطق الواقع على أوتوستراد حلب_اللاذقية.
وعن طريقة الأرشفة التي اتبعها عبد المتين، يقول: «مطلع العام 2017 قمتُ بشراء هارد ونقلتُ إليه كل ما وثّقتُه من صور ومقاطع فيديو كانت مُخزّنةً على حاسوبي الشخصي، ولكن وبسبب كثرة التنقل من مكانٍ إلى آخر تعرّض الهارد إلى عطل حُذفَ بموجبه كل ما أرشفتُه ووثقتُه أثناء عملي. وتوقفتُ بعدها عن التوثيق والأرشفة بسبب خسارة الهارد».
بدأ عمر البم عملية التوثيق والأرشفة مطلع العام 2013، حيث «احتفظ بكلّ ما صوره على حاسوبه الشخصي، ولكن بعد امتلاء الهارد اضطُر إلى شراء هارد إضافي رديء النوع لتخزين الملفات عليه». ويتابع عمر البم: «بعد مدةٍ من الزمن أردتُ استرجاع فيديو من أرشيفي يوثّق ضربةً جويةً تعرّضت لها مدينة معرة النعمان، فاكتشفتُ أن هناك خطأ بالقرص، فحاولتُ تبديل الوصلات دون جدوى، ما أدى لفقداني قرابة 50 إلى 60 جيجا بايت، تضمنت أعمالي التي كنت أزوّد بها الوكالات. ما تبقى اليوم هو عبارة عن أرشيف يتضمّن لحظات القصف الجوي على مدينة معرة النعمان ولحظات النزوح وصور المخيمات، إضافةً إلى توثيق لمعارك جرت بين قوات النظام والجيش الحر، وتوثيق للمظاهرات ضد النظام وضد جميع الجهات التي اعتدت على المدنيين».
أما المرة الثانية التي خسر فيها هارد ثالث كانت في العام 2020، نتيجة حريقٍ اندلعَ في البيت الذي نزح إليه في مدينة إدلب، والذي كان يحتوي جميع توثيقاته لأحداث العام 2019». يقول البم إنه خسر نحو ٦٠٠ جيجا بايت من الأرشيف الذي يضم سنوات عمله.
ويُقدّر نصر العكل مساحة الأرشفة التي فقدها بحوالي 6 تيرا، ويقول إنه «لم يستطع تحميلها على غوغل درايف لأنّ الأمر مكلف للغاية، عدا عن أن هذه المواقع، برأيه، قد تتعرض للانتهاكات والخروقات كما حدث مع راديو فرش الذي خسر أرشيفاً كاملاً على تطبيق ساوند كلاود بسبب نوع من الموسيقى أضافها الراديو دون مراعاة حقوق مالكيها، فقام الموقع بحذف كامل الأرشيف».
داعش الحاضرة دوماً في كل انتهاك
يخبرنا محمد السلوم إنه احتفظ بأرشيف عمله مدة عامٍ كاملٍ تقريباً، ولكن في الثلاثين من شهر كانون الأول (ديسمبر) من عام 2013، داهم عناصرٌ من تنظيم داعش منزل عائلته الذي حوّله إلى مكتبٍ لجريدة الغربال التي أسّسها. يستذكر السلوم ما حدث قائلاً: «دخلوا إلى المكتب وأخرجوني مقيداً، ثمّ وضعوني في السيارة وصادروا جميع المعدات الموجودة في المكتب. استغرقت عملية مصادرة محتويات المكتب قرابة نصف ساعة، حيث لم يتركوا فيه شيئاً. خرجت من سجنهم بعد أربعة أيام، وكنت مطمئناً إلى أنهم لم يجدوا الهاردات الأربعة ذات سعة تخزين 500 جيجا التي خبأتها جيداً خلف خزانةٍ في المكتب، لكنهم كانوا قد وجدوها وصادروها، بالإضافة إلى كمبيوترات محمولة كان مُخزناً فيه الكثير من عملنا المتنوّع الذي يصوّر ويوثّق مختلف أشكال الحياة التي كنا نعيشها، وطابعة ملونة ومحابر وميكروفونات وعدد من الكاميرات ومعدات العمل. لقد أخذوا كل شيء».
يقول السلوم إن القناعة بأهمية عملية الأرشفة كانت موجودة منذ اللحظة الأولى التي بدأ بالعمل فيها، ولكن بعد خسارته للأرشيف أول مرة عندما داهمت داعش مقر جريدة الغربال انخفضت الهمّة، وكذلك هناك الكثير من المشاريع، مثل الغربال وزورق التي أسسهما كانت مشاريع ضعيفة التمويل وتوقفت عن العمل في وقت لاحق، هذا الشكل من عدم الاستقرار في المشاريع وتعرّضها لأزمات تمويلية أدى إلى ضياع الكثير من الأرشيف.
التخزين السحابي حاضر في إدلب والدورات التدريبية واجب لحماية الأرشفة
يرى السلوم أنّه من المهم تقديم معرفة للناشطين والناشطات بالتقنيات الرقمية لعمليات الأرشفة، إذ أننا «دخلنا في عصر رقمي يجب الإحاطة بآليات توظيفه في عملية الأرشفة، فضلاً عن ضرورة التركيز على التخزين السحابي، لا سيما بالنسبة للمقيمين في الداخل السوري، حيث إنّ التنقّل المستمر رفقة الهاردات أمرٌ صعب، كما أنّ الهاردات مهددة دوماً بالتلف نتيجة القصف أو التخزين بشروط غير صحية وغيرها من الأسباب. في هذه النقطة من المفترض التفكير بتوفير آلية تخزين سحابي للناشطين، لا سيما أنّ الكثير منهم ليس بمقدوره تحمل التكلفة المادية المترتبة عن هذا النوع من التخزين، وهذه معاناة حقيقية للناشطين الذين يشكّل تأمين اشتراك سنوي بـ 100 جيجا في غوغل أمراً عظيماً».
ويشير السلوم إلى ضرورة أن تكون هذه المساحات المُوفّرة للناشطين آمنة، ليس من الناحية الأمنية التي يُقصد بها حفظ الملفات من السرقة، ولكن أيضاً «باستدامة توفّر محتويات أرشيفهم دون أن تكون مهددة بالضياع». ويذكر السلوم في هذا الإطار «عدداً من مشاريع التخزين السحابي العربية التي ظهرت خلال فتراتٍ معينة وكان مصيرها الإغلاق، ومعها ضاعت المحتويات التي خزنها الكثير من الأشخاص. هذا الأمر ينطبق أيضاً على مئات قنوات اليوتيوب السورية التي اختفت وضاع معها أرشيف كبير ومهم»
قلة الوعي امتدت بحسب السلوم إلى الإحساس بعدم أهمية عملية الأرشفة، ويستعيد هنا لافتات كفرنبل. يقول محمد السلوم إن البعض كان يعتبر أن هذه اللافتات يتم صناعتها أسبوعياً، وبالتالي فهو أمر اعتيادي كثير الحدوث مع استمرار الثورة، لم يكن أحد يتصور أننا سنصل إلى وقت يضيع فيه الكثير من توثيق هذه اللافتات وتصبح مهمة البحث عنها شديدة الصعوبة.
يؤكّد محمد السلوم على أهمية تزويد الناشطين بمعرفة نظرية حول أهمية الاحتفاظ بأرشيف للعمل، وكذلك بتدريب عملي عن كيفية وآليات الأرشفة وطرق التعامل مع الأرشيف. ويقول إنه «على صعيدٍ شخصي كان مهتماً بتجميع مكتبة إلكترونية منذ العام 2012، كان فيها الكثير من الكتب المُصنفة ضمن ملفاتٍ مُخزنة على هاردات خارجية رفقة ملفات إكسل تسهّل عملية البحث، ولكن هذه المكتبة كانت من بين الأشياء التي سرقتها داعش، فصرت بعدها لا مبالياً بطريقة تخزين الصور والكتب التي أملكها، إذا كان عملي يقتصر على وضعها ضمن هاردات خارجية دون أرشفتها». ينطلق محمد السلوم من هذا المثال للتدليل على أهمية تقديم المعرفة النظرية والتدريبات العملية حول أهمية عملية الأرشفة «خصوصاً للمصوّرين المتواجدين على الأرض، والذين يملكون أرشيفاً كبيراً، فضلاً عن وكالات الأنباء وغيرها من المؤسسات الإعلامية والإخبارية».
ويقول حسام هزبر إن التخزين السحابي لم يكن ممكناً بالنسبة لحسام وزملائه، لأنّ «غوغل درايف، مثل باقي مساحات التخزين المأجورة، يحتاج إلى بطاقة بنكية لدفع مبالغ سنوية من أجل حجز المساحة، وهو ما لم يكن متوفراً لنا. كذلك الأمر بالنسبة لحجز مساحة في دروبوكس، وما جعل المهمة أكثر تعقيداً هو عدم حصولنا على دعم مالي يمكننا من القيام بذلك حتى لو توفّر لنا حساب بنكي».
بعد فترةٍ من انطلاق المركز بدأ المتطوعون بالتوافد للعمل فيه، وهو ما أدى إلى ازدياد الإنتاج ومساحات الأرشفة، ودفع المركز، بحسب هزبر، إلى «تخصيص شخص من ضمن الفريق ليكون مختصاً بعملية الأرشفة، حيث يتلقّى الصور والفيديوهات من المراسلين، ليقوم بأرشفتها بشكلها الخام»، وتزامن هذا التغيير مع إطلاق تسمية جديدة على المركز بعد توسيع الكادر ليصبح اسمه «المركز الإعلامي العام»، حيث وصل عدد المتطوعين فيه إلى أكثر من 40 متطوعاً في أماكن مختلفة من أرياف إدلب وحماة وحلب واللاذقية.
يتفق حسام مع ما قاله الصحفي محمد السلوم عن ضرورة تأمين مساحة تخزين سحابي لحفظ الأرشيف لأي ناشط يعمل في المركز، لا سيما أنّ هذا الأمر مكلف، ولم يجد المركز إلى الآن الجهة التي تستعد لتأمين تكاليف تلك المساحة، وهو ما ينطبق على غالبية المراكز الإعلامية ذات الطبيعة التطوعية الموجودة في محافظة إدلب.
ويرى مصطفى الغريب أنّ أفضل طريقة للاحتفاظ بالأرشيف هي شراء مساحات في المواقع المخصصة لعمليات الأرشفة مثل غوغل درايف، ولكن يجب تأمين جهة تسدّد المبالغ المترتبة على هذا الأمر، إذ ليس بإمكان صفحة المعرة اليوم فعل ذلك بمفردها نتيجة ارتفاع الأسعار مقارنةً بالإمكانيات التي تملكها الصفحة، وهو ما يُضطر بعض العاملين فيها لاقتطاع مبالغ من دخلهم الشهري لشراء مساحاتٍ يخزنون عليها عملهم.
ويشير الغريب إلى أنهم في صفحة المعرة اليوم لم يخسروا الكثير من الصور ومقاطع الفيديو التي وثّقوها، لأنهم يحتفظون بنسخ احتياطية على هاردات خارجية، ولكن الخسارة الأكبر كانت في المنشورات على موقع فيسبوك.
يذكر الغريب أنه تلقى دورة تدريبية على عملية الأرشفة خلال عمله مع رابطة المحامين السوريين الأحرار في العان 2012، وهو ما نظم عمله بتقسيم أرشيفه وفهرسته ما يجعل عمليه البحث سهلة داخله،كذلك، يملك الغريب «مساحةً محدودة للتخزين السحابي، مقدارها مئتي جيجا، وهو يدفع لقاء هذه المساحة 125 ليرة تركية سنوياً».
ويخبرنا عمر كشتو إن شبكة دراية انتقلت إلى التخزين السحابي بعد أن فقدت عدداً من الهاردات دون أن تتمكن من استعادة محتوياتها، يقول “لدينا اليوم أرشيف منظّم بحسب نوع الحدث وتاريخ حصوله والمنطقة التي شهدته”. وكان التوجه للتخزين السحابي ضرورياً للشبكة بعد أن تعرّض أرشيفها المُخزّن على هاردات للسرقة، بحسب ما يذكره كشتو، وذلك «حين دخلت قوات النظام وميليشياته إلى مدينة معرة النعمان، حيث كان المكتب الرسمي للشبكة، إذ لم يتمكن العاملون في الشبكة من إخراج معداتهم بشكلٍ كامل نتيجة كثافة القصف ودخول قوات النظام».
ويعتبر كشتو أنّ «أفضل طريقة للأرشفة الكفيلة بالحفاظ على ما وثّقه الناشطون هي تأمينها في مساحات تخزين سحابية مثل غوغل درايف وغيره من المواقع المخصصة لهذا الأمر، حيث يبقى الرابط متاحاً ويمكن فتحه واستعادته في أيّ لحظة».
يجمع من تحدثنا معهم على أهمية التخزين السحابي والثقة بهذا النوع من الأرشفة الإلكترونية لحماية أرشيفهم، باستثناء عبد المتين خليفة الذي قال إنه «ليس لي ثقة بتخزين الملفات عبر الإنترنت، فالأفضلية والأولوية بالنسبة لي هي الاحتفاظ بالأرشيف على أقراص الهارد ديسك، بحيث لا يستطيع أحدٌ الوصول إلى محتواها إلا باقتنائها».
الأرشفة في خدمة العدالة
لم يعترض أحد من أحد عشر إعلامياً تحدثنا معهم ويعملون في وكالات ومراكز متنوعة على تقديم ما يملكونه من أرشيف للمحاكم الدولية أو الجهات المختصة بإثبات الانتهاكات.
ويرى جهاد شام أن أفضل الطرق لتحقيق ذلك تكمن في «تأمين فريق متخصص في هذا المجال، يكون على دراية كاملة بتاريخ الثورة السورية، ويتكفل بالعمل على أرشفة الفيديوهات والصور والتقارير المرتبطة بالثورة السورية، ليس على صعيد شبكة واحدة أو صفحة أو وكالة، وإنما المحتوى الكامل الذي يمكن تقديمه للمحاكم وكوثيقة تاريخية للأجيال القادمة».
يشدّد السلوم في هذا السياق، رغم صعوبة الأمر، على «ضرورة اتباع نمط موحّد في آلية الأرشفة بين أكبر قدرٍ من المؤسسات السورية، حتى بالنسبة للمؤسسات التي تسعى إلى تقديم أرشيفها لقاء مبالغ معينة، حتى يكون من اليسير على المحاكم والباحثين والمؤرخين وشركات الإنتاج المهتمة بتقديم محتوى عن مجريات الأحداث في سوريا، البحث في هذا الأرشيف المُصنّف لمعرفة الجهة التي ينبغي قصدها للحصول على المواد المطلوبة».
ويقول مصطفى الغريب أنهم يبذلون جهوداً في حفظ أرشيفهم ونقله وحمايته «من أجل هذه اللحظة تحديداً؛ أي لحظة تقديم هذه المواد لمحاسبة مرتكبيها».
تم دعم هذا التحقيق (الذي سينشر تباعاً) من قبل صندوق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتمويل الأعمال الاستقصائية NAWA -IF