فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

العقارات في حلب.. المهجرون أمام خيارين “بيع بيتك أو بتاخدو الدولة”

منصور حسين

تنتعش تجارة العقارات في مدينة حلب، حيث تشهد المدن والأحياء التي طالها الدمار بشكل كبير نشاطاً غير مسبوق لشراء عقارات المهجرين بمختف الطرق والاستخواذ عليها ، من قبل التجار والوكلاء […]

تنتعش تجارة العقارات في مدينة حلب، حيث تشهد المدن والأحياء التي طالها الدمار بشكل كبير نشاطاً غير مسبوق لشراء عقارات المهجرين بمختف الطرق والاستخواذ عليها ، من قبل التجار والوكلاء المرتبطين بإيران ورجال أعمال سوريين من أثرياء الحرب.

تشمل عمليات الشراء جميع أنحاء المدينة، إلا أنها تتركز بشكل أكبر في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، وأغلبها مناطق عشوائية لا يمتلك أصحابها أوراقاً ثبوتية (طابو أخضر)، الأمر الذي ساعد التجار على استغلالهم والضغط عليهم  لبيع عقاراتهم، في حين يتعرض الرافضون لهذه العملية لعمليات التهديد والابتزاز.

الترهيب والاستيلاء

يستغل تجار العقارات (يعتقد من تحدثنا معهم  أنهم يرتبطون بالحرس الثوري الإيراني)، غياب المخطط التنظيمي عن أحياء حلب الشرقية للاستحواذ على تلك العقارات ، إذ ماطل مجلس مدينة حلب منذ سبعينات القرن الماضي في إصدار مخطط تنظيمي جديد للمنطقة التي ما تزال موثقة في السجل العقاري ككروم وبساتين.
يهدد هؤلاء التجار صاحب العقار أو أقارب المهجرين بنقل ملكية العقارات لصالح الدولة في حال رفضهم لبيعها. يقول عباس العلي، مهجر من حي المرجة جنوب حلب، يبدأ الأمر باتصال هاتفي من أحد التجار والوكلاء في الحي مع صاحب العقار، ويتم التركيز على العائلات المعارضة والمهجرين ممن فقدوا الأمل بعودة قريبة إلى منازلهم، أو العائلات التي حصلت على إقامة دائمة أو جنسية في البلاد التي لجأت إليها، الأمر الذي يزيد من فرص موافقتهم على بيع منازلهم المخالفة أصلاً.

إذ تعتبر معظم منازل الحي مخالفة ومبنية على أرض تعود ملكيتها إما للدولة أو ماتزال باسم مالكها القديم عندما كانت تحمل صفة الأرض الزراعية، حيث جرى بيع هذه الأراضي بدون عقود أو توثيق، وقد بدأت المليشيات والسماسرة باستخدام هذه الورقة للضغط على الملاك،  فـ “في حال رفضنا البيع يبدأ مختار الحي بالإبلاغ عن وجود أحد ورثة المالكين “القدامى” الذين ما تزل هذه العقارات باسمهم رسمياً في السجلات الحكومية من أجل التفاوض معه مباشرة للتنازل عن الملكية، وهذا يعني فقدان المالك الحالي لمسكنه نهائياً”.

من يدفع مقابل أطلال مدمرة

لا تقتصر سياسة التوسع والاستملاك التي تنتهجها العديد من الأطراف المحلية والأجنبية على الأبنية السكنية أو الأراضي، بل تطال المنازل المدمرة، كما هو الحال في أحياء “الشعار، السكري، الفردوس، طريق الباب، ومساكن هنانو” حيث حصل أصحاب هذه المنازل التي باتت مجرد أنقاض على عروض مغرية مقابل التنازل عنها، ما أثار الشكوك حول دوافع المشتري الذي يقبل بدفع مبالغ طائلة من المال مقابل هذا الركام.

يقول أبو إحسان وهو سمسار ومعقب معاملات في مدينة حلب، إن إيران توسع من سيطرتها على حلب، وغالبية عمليات البيع والشراء تكون لرجال أعمال أو سماسرة ممولين منها، وقد شهد العامان الماضيان سيطرة شبه مطلقة لسماسرة من بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين على سوق العقارات في حلب وريفها، من خلال التعاون مع  مليشيات متخصصة بالاستيلاء على المنازل والأراضي الزراعية، ماساهم بتفاقم ظاهرة سلب الأملاك واتباع أساليب “مافياوية” لإجبار المالكين على البيع، أو إغرائهم بعرض سعر مضاعف، وهذا ما ساهم بارتفاع أسعار المنازل خلال الأشهر القليلة الماضية.

اقتصر الطلب سابقاً على عقارات موثقة الملكية، ثم تطور الوضع ليشمل الأملاك التي تقتصر أوراقها الثبوتية على عقد محكمة، واليوم أصبح الطلب يشمل كل أنواع العقارات والعروض التي تقدم للغائبين بالشراء مقابل الكلمة فقط، وبالنسبة للمقيمين فيقبل المشترون المرتبطون بإيران مجرد عقد غير مسجل، بحسب أبو إحسان.

ويضيف أبو إحسان “إن الموقع يلعب العامل الأكبر في ارتفاع سعر العقار أو انخفاضه، فالطلب منخفض على العقارات في مناطق صلاح الدين والفردوس والمعادي، حيث لا يتجاوز سعر الشقة فيها الثلاثة ملايين ليرة، مقابل ارتفاع ملحوظ في أحياء هنانو وطريق الباب والشعار، والأبنية المهدمة في سيف الدولة والمناطق القريبة من ملعب الحمدانية، التي لا يقل سعر الشقة فيها عن العشرين مليون ليرة، وذلك بسبب الآمال المعلقة على عملية إعادة الإعمار التي ستؤدي إلى تضاعف الأسعار في مركز المدينة والحزام العشوائي”.

تمثل الأحياء الجنوبية والشرقية من مدينة حلب ، مناطق عشوائية وغير مستملكة بشكل رسمي وفق مستندات ومحاضر فراغ معترف عليها، ما يجعلها هدفاً للسماسرة المرتبطين بمؤسسات دينية ورجال أعمال ايرانيين، مثل مؤسسة المهدي وجمعيات أخرى مرتبطة بوزارة الثقافة الإيرانية والتي تنشط في محافظتي حلب ودير الزور فضلاً عن دمشق، إضافة إلى مؤسسة رجل الأعمال الآغا خان الذي بات يمتلك مئات الهكتارات والعقار السكنية في حلب ومحافظات أخرى منذ عشرين عاماً بتسهيلات من نظام الأسد.