فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الدمار في قرية كفرنوران نتيجة الحملة العسكرية الأخيرة

قرية كفرنوران.. عودة للسكان وغياب للخدمات

فاطمة حاج موسى

تتربع قرية كفرنوران في موقع يربط بين محافظتي حلب وإدلب وتعتبر صلة وصل بينهما ما منحها أهمية استراتيجية. وتتبع لمدينة الأتارب ناحية أبين وتبعد عن مدينة حلب نحو 35 كم […]

تتربع قرية كفرنوران في موقع يربط بين محافظتي حلب وإدلب وتعتبر صلة وصل بينهما ما منحها أهمية استراتيجية. وتتبع لمدينة الأتارب ناحية أبين وتبعد عن مدينة حلب نحو 35 كم وتمتد على مساحة تقارب خمسين هكتاراً.

يبلغ عدد سكانها اليوم نحو ستة آلاف نسمة، من أصل سبعة آلاف وخمسمئة نسمة كانوا بها قبل إطلاق قوات الأسد للحملة العسكرية ونزوح الأهالي بشكل كامل في شهر شباط الماضي.
يقول عبد الحكيم بركات رئيس مجلس قرية كفرنوران المحلي إن أكثر من ألف ومئة نازح يقيمون في القرية، رغم الأوضاع الأمنية المتوترة نتيجة قربها من مواقع قوات الأسد.

تتوسط القرية مضافتها القديمة والتي بنيت قبل مئة وخمسين عاماً وما تزال مشرعة أبوابها بوجه ضيوفها منذ ذلك الوقت، تديرها عائلة الدرويش وتعتبر مكاناً للمباحثة بأمور القرية وحل مشاكلها وعقد جلسات الصلح بين المتخاصمين.

من أهم معالم كفر نوران المندثرة سكة حديد حلب اللاذقية وتوقفت عن العمل منذ عام 2012 ولم يبق من معالمها إلا الحجارة بعد سرقة قضبانها الحديدية بحسب من التقيناهم من أهالي القرية.

يقول مثنى بركات “إعلامي” إن قريتهم كانت مزرعة صغيرة يطلق عليها اسم “نوران” في ظل الحكم العثماني، وبعد أن ازداد عدد سكانها تحولت لكفرنوران.

لهجة سكانها بين “الحلبية والإدلبية” وتحمل كل حارة من حاراتها اسم عائلة من عوائل القرية، يمتهن أهلها الزراعة وتربية المواشي، وفيها نحو عشرة آلاف دونم زراعي منها ألفي دونم أراضي مروية، بحسب زياد الرحال مدير المكتب الزراعي في المجلس والذي أرجع انخفاض نسبة الأراضي المروية لقلة الآبار الارتوازية والتي لا يتجاوز عددها سبعين بئراً، ناهيك عن ارتفاع أسعار المحروقات التي ساهمت بعزوف بعض المزارعين عن سقاية أراضيهم واعتمادهم على المحاصيل البعلية مثل القمح والشعير والكمون وحبة البركة والحمص.

يعمل حوالي 70٪ من سكان القرية بالقطاع الزراعي غالبيتهم من النساء ويرى الرحال أن قيام المنظمات بدعم البذور والأسمدة قد يساهم بالنهوض بالواقع الزراعي، حيث تم في العام الماضي إنجاز عدة مشاريع زراعية من قبل إحدى المنظمات و كان لها دوراً جيداً في تحسين الواقع المعاشي للمواطنين.

يعتمد سكان كفر نوران على الثروة الحيوانية لتحسين المعيشة مثل الأبقار التي تساهم رغم قلتها بإنتاج الحليب ومشتقاته للقرية، إضافة للأغنام التي يزيد عددها عن 200 رأس والماعز نحو 500 رأس ويعتمد السكان على تربية الدواجن خصوصاً الدجاج البلدي والذي لا يحتاج لتكاليف مرتفعة في رعايته.

سوء الواقع الخدمي

انقطعت مياه الشرب عن الشبكات الرئيسية منذ بداية الحملة العسكرية، ويدفع أهالي كفرنوران ليرة ونصف ليرة تركية ثمناً لكل برميل مياه لا يكفي العائلة ليوم كامل ما يجبرهم على دفع نحو خمسين ليرة تركية في الشهر وتساوي أجرة ثلاثة أيام لعامل مياومة في إدلب، بينما كانت تدفع كل عائلة ألفي ليرة شهرياً مقابل وصول المياه إلى منازلهم بحسب حسين جبلاوي مدير المكتب الخدمي، والذي قال إن تكلفة تشغيل الآبار مرتفعة ولم تتكفل أي منظمة بمشاريع المياه في القرية بعد عودة سكانها، ما أدى لتوقف ضخ المياه في الشبكة.
كما تقطعت  كابلات الكهرباء نتيجة القصف ولم تقم أي جهة بإصلاحها ما حرم الأهالي من خدمة الأمبيرات.
يجمع عمال النظافة القمامة مقابل أجور رمزية ويتم نقلها لمكب النفايات القريب من القرية، والذي تسبب بانتشار الروائح الكريهة والحشرات، لكن ضعف إمكانية المجلس تقف عائقاً أمام نقله إلى مكان آخر. 

تعرض المركز الصحي الموجود في القرية للقصف خلال الحملة العسكرية، ولم تقم أي منظمة بترميمه، ويقتصر عمله اليوم على الحالات الإسعافية والتي يصار لاحقاً لنقلها إلى أقرب مشفى، بينما كان يقدم خدماته لأكثر من مئة وخمسين مريضاً ضمن أقسام الإسعاف والنسائية والصيدلية بحسب محيو خلاصي مدير المركز، والذي يرى أن قرب القرية من خطوط المواجهة منع المنظمات من ترميم المركز الصحي ودعمه.

أطفال المدارس في قرية كفرنوران يتجهون إلى المنزل الذي خصص كمدرسة
أطفال المدارس في قرية كفرنوران يتجهون إلى المنزل الذي خصص كمدرسة

في كفر نوران أربع مدارس جميعها خارجة عن الخدمة نتيجة القصف ما أجبر أهالي الطلاب على نقل أثاث المدارس إلى ثلاثة منازل وتحويلها لمدرسة لتعليم ما يقارب 2000 طالب وطالبة.

يعمل المدرسون بشكل تطوعي في حين كانت جميع مدارس القرية قبل الحملة الأخيرة تتلقى الدعم، ويحصل فيها التلاميذ على القرطاسية واللوازم المدرسية بحسب مصطفى خلاصي مدير المكتب التعليمي في المجلس. والذي قال إن قطاع التعليم بحاجة لحلول إسعافية يتم من خلالها تقديم الكتب المدرسية للطلاب وترميم المدارس المدمرة وتزويدها بالخدمات اللوجستية.

الواقع الإغاثي والمعيشي:

لا تتوفر أهم احتياجات السكان بالقرية ويعيش غالبية سكانها تحت خط الفقر، يصف خالد الخالد رئيس المكتب الإغاثي الواقع المعيشي مقارنة بالأوقات التي عاشها السكان قبل النزوح الأخير، يقول كانت المعيشة جيدة تصل للمواطن سلة منظفات وسلل غذائية ومشاريع “الكاش” التي تدعم بعض العائلات الفقيرة بالنقود، أما بعد التهجير وعودة جزء من السكان لم تقم أي منظمة بتقديم خدمات مشابهة رغم مناشداتنا المتكررة للمنظمات والجمعيات الخيرية، لكن دون تجاوب بحجة أن القرية خارج خطة عملهم نتيجة قربها من نقاط تمركز قوات النظام. يرى الخالد أن هذا العذر غير منطقي فجميع القرى القريبة من كفرنوران تتلقى الدعم من ذات المنظمات.

الدمار في قرية كفرنوران نتيجة الحملة العسكرية الأخيرة
الدمار في قرية كفرنوران نتيجة الحملة العسكرية الأخيرة

شهدت قرية كفرنوران خلال سنوات الحرب نوبات متكررة من القصف أدى لدمار كبير في بنيتها التحتية حيث تعرضت القرية لأول قصف بالبراميل المتفجرة في منتصف شباط ٢٠١٢، بحسب مثنى بركات، بينما شهدت القرية قصفاً مكثفأ خلال الحملة الأخيرة في شباط الفائت  من ضمنها أكثر من ستين غارة جوية بالصواريخ والبراميل المتفجرة.