فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

خريطة توزع النقاط التركية -إنترنيت

عقود تأجير النقاط التركية منقوصة قانوناً وأصحاب الأرض يطالبون بالمستحقات

فرحات أحمد

إخلاء نقطة المراقبة التركية قرب مدينة مورك شمال مدينة حماة، أعاد إلى الواجهة الحديث عن عقود الإيجار والالتزامات القانونية المتعلقة بتلك النقاط التركية في الشمال السوري. إذ أن معظم الذين […]

إخلاء نقطة المراقبة التركية قرب مدينة مورك شمال مدينة حماة، أعاد إلى الواجهة الحديث عن عقود الإيجار والالتزامات القانونية المتعلقة بتلك النقاط التركية في الشمال السوري. إذ أن معظم الذين أقيمت في أراضيهم نقاط عسكرية لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية، وفق العقود الموقعة بحضور ممثلين عن الفصائل العسكرية المنتشرة في المنطقة.

وتنتشر في الشمال السوري، وعلى وجه التحديد في أرياف محافظات إدلب وحماة واللاذقية وريف حلب الغربي 69 نقطة مراقبة، الـ 12 نقطة الأولى تمّ نشرها بعد مباحثات “أستانة” بين روسيا وتركيا وإيران، وهي الدول الضامنة لما يسمى “اتفاق خفض التصعيد” الذي تم التوصّل إليه 15 أيلول 2017.

ونصّ حينها على وقف إطلاق نار بين قوات النظام والمعارضة ونشر نقاط روسية في مناطق سيطرة النظام، وأخرى تركية في مناطق سيطرة المعارضة لمراقبة تنفيذه.

أولى النقاط التركية الـ 12 تمّ تثبيتها في تشرين الأول عام 2017 فوق أرض مساحتها 50 ألف متر مربع. مزروعة بأشجار الزيتون تابعة لقرية “صلوة” شمالي مدينة إدلب. وبعد ذلك بفترة قصيرة تمّ تثبيت 5 نقاط في ريف حلب هي، قلعة سمعان، والشيخ عقيل، وتلة العيس، وعندان، والراشدين، و3 في إدلب هي، تل الطوكان، والصرمان، واشتبرق، واثنتين في ريف حماة هي، مورك، وشير مغار، وواحدة في ريف اللاذقية قرب قرية الزيتونة.

الأرض التي أقيمت فيها نقطة صلوة تعود ملكيتها لستة إخوة من القرية، فاوضهم ممثل عن هيئة تحرير الشام يدعى عبد الرحمن سلامة على تأجيرها مقابل 55 ألف دولار سنوياً، يدفع بدل إيجار السنة الأولى على ثلاث دفعات آخرها في 30 شباط 2018.

يقول الأخ الأكبر الذي فضّل عدم ذكر اسمه “تسلّمت إيجار السنة الأولى كاملاً، لكن عند انتهاء العقد في تشرين الأول عام 2018 راجعت نقطة تفتيش تتبع لهيئة تحرير الشام وتتولى حراسة النقطة التركية، من أجل تجديد العقد، فلم يتم السماح لي بالوصول إلى النقطة التركية، وطالبت بمقابلة عبد الرحمن سلامة الذي وقّع على العقد فلم يسمح لي أيضاً، حاولت التواصل معه هاتفياً لكنّه اختفى ولم أره بعد ذلك”.

وبحسب ما ذكره الأخ الأكبر فإنه لم يترك طريقة للوصول إلى القيادي في الهيئة، لكن دون جدوى. وكان في كل مرة يراجع فيها نقطة التفتيش يمنع من الوصول إلى النقطة التركية. وبعد ذلك جمع العشرات من أهالي القرية وتظاهروا أمام النقطة لكنّ العناصر أطلقوا النار في الهواء، وفرّقوا المتظاهرين.

ويلفت إلى إن الجرافات العسكرية اقتلعت المئات من أشجار الزيتون، وأحدثت في الأرض حفراً كبيرة ولم تعد صالحة للزراعة. ويشير إلى أنه حاول الوصول إلى الأشجار التي تمّ قطعها من أجل الاستفادة من حطبها لكنه منع من ذلك من قبل عناصر هيئة تحرير الشام.

مصطفى الفواز صاحب الأرض التي أقيمت فيها النقطة التاسعة قرب مورك في نيسان 2018، يقيم في خيمة قرب الحدود التركية. يقول الفواز: “ساد اعتقاد بين المدنيين عند بدء نشر النقاط التركية أنها ستحمي المناطق التي ستتمركز فيها، ظناً منهم أنها ستخفّف من قصف قوات النظام للمناطق السكنية. وقد زارني وفد من فيلق الشام برفقة ضابط تركي لاستئجار أرضي المزروعة بالفستق الحلبي، فوافقت. وتمّ تشكيل لجنة لتقدير قيمة بدل الإيجار السنوي للأرض”.

قدّرت اللجنة المشكّلة حينها بدل إيجار الدونم (ألف متر مربع) بـ 700 دولار أميركي للعام الواحد، على أن يتم استخدام 28688 متراً مربعاً من الأرض، بما فيها من بئر ماء ومعدات، ويكون تاريخ بدء العقد في الأول من أيار من عام 2018، وينتهي في آخر يوم من الشهر نفسه في العام 2019، بحسب ما ذكر الفواز.

“انتهت فترة العقد ولم أتسلّم دولاراً واحداً، وعندما طالبت بتجديد العقد بدأت المماطلة، وكان عناصر فيلق الشام هم من يؤجلني إذ لم أكن أستطيع الوصول للضباط الأتراك. ولكثرة مطالبتي بحقي تمّ تشكيل لجنة من الفيلق لتحصيل المستحقات بشرط ألا أنشر التفاصيل عبر الإعلام. لكنني كنت في كل مرة لا ألقى إلا الوعود والتأجيل، وفي آب من ذات العام سيطرت قوات النظام على المنطقة وحاصرت النقطة، ونزحت مع عائلتي إلى المخيمات القريبة من الحدود التركية”.

يؤكد الفواز أنه راجع نقاطاً تركية في الشمال وراجع قيادة فيلق الشام لكن دون جدوى، إذ كان يقال له “علاقتك مع النقطة التي استأجرت الأرض منك”. ويشير إلى أن ما زاد الوضع سوء أن القوات التركية جرّفت مئات أشجار الفستق خارج المنطقة المتفق عليها، وأقامت سواتر مرتفعة بعد تجريف التربة.

تحاصر قوات النظام اليوم 14 نقطة تركية، تتوزّع على محافظات إدلب وحلب وحماة، من أبرزها نقطة مورك التي أنهت عمليات الترحيل اليوم الاثنين/ الثاني من تشرين الثاني، ونقطة شير مغار التي بدأت القوات التركية بتفكيكها استعداداً لنقلها إلى منطقة جبل الزاوية.

يقول الصحافي أحمد عليان “كانت الفصائل المنتشرة في الشمال السوري تتولى مهمة التنسيق مع أصحاب الأراضي والتوقيع على عقود الإيجار، ففصيل “فيلق الشام” كان مسؤولاً عن النقطتين اللتين تم تثبيتهما قرب مدينة مورك وقرية اشتبرق، و”جيش إدلب الحر” تولّى تنسيق الإجراءات المتعلقة بنقطة شير مغار”.

ويؤكّد أن القوات التركية توقّفت عن توقيع العقود مع أصحاب الأراضي بعد أن زاد عدد النقاط على 12، وباتت تثبّت النقاط في الأراضي دون الرجوع إلى أصحابها، ونشرت عدة نقاط في مدارس ومقرات حكومية، ومن النقاط التي وضعت في مدرسة نقطة شير مغار في منطقة جبل شحشبو شمال غربي مدينة حماة.

وبحسب عليان فإن القوات التركية توسّعت إلى أرض مزروعة بأشجار الزيتون قرب المدرسة، ووقّعت بالتنسيق مع جيش إدلب الحر عقداً على دفع 150 دولاراَ بدل إيجار لكل دونم من 28 دونماً تم استئجارها هناك، ودفع المبلغ لمرة واحدة فقط. وهذا ما حصل أيضاً مع صاحب الأرض التي ثبّتت فيها نقطة اشتبرق، لكنّه لم يتسلم أي دفعة من المبلغ المتفق عليه.

وفي سؤال وجّهه معدّ التقرير لقياديين في الجبهة الوطنية للتحرير هما محمد حوران القائد العسكري في فيلق الشام، وعمر حذيفة الشرعي العام للفيلق عن الجهة المسؤولة عن دفع المستحقات لأصحاب الأراضي، ردّا بأن الأمر متعلق بالقوات التركية ولا علاقة للفيلق ولا للجبهة الوطنية للتحرير بهذه المسألة.

وبعد الاطّلاع على 3 عقود للأراضي التي تنتشر فيها النقاط التركية يتبيّن أنه لا وجود لأي طرف تركي بين الموقّعين على العقود، كما أنها لم تثبّت في محكمة أو عند كاتب بالعدل. وهذه ثغرة كبيرة بحسب مدير “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية” المحامي أنور البني الذي يرى أنها لا تصلح للتقاضي بتاتاً.

ويعتبر البني “أن هذه العقود مع توثيق الجهات التي وقّعت عليها والأضرار التي لحقت بالأراضي قد تفيد مستقبلاً في عمليات التعويض بعد أن يستقرّ الوضع الأمني والسياسي في سوريا”.

أما رئيس “المكتب التنفيذي لـ”الهيئة الوطنية للقانونيين السوريين” القاضي والمستشار حسين حمادة، فيرى أن مجرد إشغال الأرض من قبل هذه الجهات يمنح أصحابها الحق بالمطالبة بالتعويض، والضابط التركي الذي حضر التوقيع هو ممثل للجمهورية التركية، وحضوره في جلسات التوقيع يترتب عليه آثاراً قانونية تتحملها الدولة التركية.

ويشدّد القاضي حمادة على ضرورة الاحتفاظ بكل الوثائق لعرضها على المحاكم التي من المتوقع إنشاؤها بعد توقف الصراع في سوريا. ولكنه يقلّل في الوقت نفسه من الفوائد التي قد يحصل عليها أصحاب الحقوق في حال لجؤوا إلى المحاكم التركية أو إلى محاكم سلطات الأمر الواقع في الشمال السوري.