فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

مناجم الفوسفات السوري -إنترنيت

صربيا تدخل مناجم الفوسفات السوري بعد روسيا وإيران

هاني العبدالله

أقر مجلس الشعب التابع لنظام الأسد في الثاني والعشرين من تشرين الأول الجاري مشروع قانون يتضمن تصديق عقد شركة صربية، يتيح لها استخراج الفوسفات السوري من مناجم الفوسفات الشرقية في […]

أقر مجلس الشعب التابع لنظام الأسد في الثاني والعشرين من تشرين الأول الجاري مشروع قانون يتضمن تصديق عقد شركة صربية، يتيح لها استخراج الفوسفات السوري من مناجم الفوسفات الشرقية في تدمر وتصديره إلى صربيا، وزعم بسام طعمة وزير النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام، أن توقيع العقد جاء لتوفير القطع الأجنبي لتأمين احتياجات ومستلزمات المواطنين.

وقال طعمة: إن سوريا تملك ثلاثة مليارات طن من الفوسفات وغير قادرة على تصديرها نتيجة العقوبات المفروضة على النظام، مشيراً إلى أن سوريا ستأخذ 30% بشكل صافٍ من إجمالي الأرباح التي ستجنيها الشركة الصربية من تصدير الفوسفات.

وكانت شركة “ستروي ترانز غاز” الروسية، حصلت على جميع حقول الفوسفات السورية لمدّة 49 عاماً، بموجب عقدٍ مع النظام السوري على أن تحصل الشركة الروسية على 70% من عائدات الفوسفات، في حين تحصل “مؤسسة الأسمدة والفوسفات” السورية على 30% فقط.

صربيا تُخرج بوتين والأسد من المأزق

أثار تعاقد الأسد مع شركة صربية لاستثمار الفوسفات في سوريا، تساؤلاتٍ حول سبب تخلي روسيا عن جزءٍ من الفوسفات السوري لصالح صربيا، لكن الباحث في الشأن الاقتصادي يونس الكريم أرجع ذلك لعدة أسباب، أبرزها أن هناك ضغط دولي على موسكو نتيجة استحواذها على مقدّرات سوريا، والتي جعلت النظام على وشك الانهيار وعاجز عن تأمين المستلزمات الأساسية لمواطنيه، وهو ما يُفسر نشوب أزمات في الخبز والمحروقات مؤخراً، وللتخلص من هذا العبء سعت روسيا للتضحية بجزءٍ من حصتها من الفوسفات السوري لصالح صربيا”.

ويرى الكريم أن روسيا تقف خلف حصول الشركة الصربية على حق استثمار الفوسفات، لأن صربيا تقوم حالياً بإجراءات الانضمام للاتحاد الأوروبي، وبالتالي فهي رسالة من موسكو إلى الاتحاد الأوروبي لإشراكه في إعادة إعمار سوريا، إضافةً إلى أن الروس يُصدّرون إلى أوروبا ما قيمته 7.5 مليار دولار سنوياً من المواد المشعّة المستعلمة في تشغيل المفاعلات النووية، وبالتالي فإن استحواذ شركة صربية على استثمار الفوسفات، سيزيد توريد هذه المواد إلى أوروبا، وبنفس الوقت تتلافى روسيا العقوبات المفروضة عليها”.

وتابع الكريم قائلاً:  منحت روسيا حق استثمار الفوسفات لصربيا كي تتولى عمليات التنقيب وشحن الفوسفات، وبذلك تتخلص من التكاليف الكبيرة لاستثماره، والتي تصل 200 مليون دولار”.

من جهته ذكر المحلل الاقتصادي محمد بكور، أن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوعز إلى الأسد بضرورة إعطاء عقد استثمار الفوسفات لشركة (وومكو أسوشيتس دوو) الصربية، وذلك للإيحاء إلى المجتمع الدولي لاسيما الولايات المتحدة الأميركية، بأن موسكو ليست الطرف الوحيد الذي يستحوذ على المقدّرات السورية، وبالتالي تجنب العقوبات الأمريكية، وفي الوقت نفسه سينفي النظام السوري حينها الاتهامات الموجهة له بتسليم ثروات البلد للروس، وبذلك يُخفّف الضغط عليه خاصةً من الداخل”.

ويرجح البكور أن تكون الشركة الصربية مملوكة أصلاً من قبل شخصياتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ روسية، بينما تتم إدارتها شكلياً من قبل أشخاص من صربيا”.

إيران خارج المعادلة

الأهمية الكبيرة لمناجم الفوسفات في سوريا، دفعت روسيا وايران للتصارع عليها، وكانت طهران السبّاقة في ذلك، ففي مطلع 2017 حازت الحكومة الإيرانية على عقد استثمار مناجم الفوسفات في خنيفيس، خلال زيارة رئيس الوزراء في حكومة النظام عماد خميس إلى طهران، واتفق الطرفان حينها على آلية تسديد الديون، عبر منح إيران الفوسفات السوري بعد تأسيس شركة مشتركة لهذا الغرض، تشرف على التنقيب عن الفوسفات واستخراجه واستثماره لمدة 49 عاماً.

ما دفع روسيا للتحرك في هذا المجال أيضاً فأرسلت­­ نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين مع وفدٍ اقتصاديٍ إلى دمشق، بعد يومين فقط من زيارة خميس إلى طهران، وتوصلت إلى تفاهمات مع بشار الأسد بمنح الفوسفات لها، وفي نيسان 2017 تمت المصادقة على تلك التفاهمات بشكلٍ رسمي، عبر الإعلان عن اتفاقية بين المؤسسة السورية وشركة “ستروي ترانس غاز” الروسية، بهدف تنفيذ أعمال الصيانة اللازمة للمناجم، وتقديم خدمات الحماية والإنتاج والنقل إلى مرافئ التصدير، رغم وجود اتفاقٍ سابق مع إيران لاستثمارها الفوسفات.

وقال يونس الكريم: “بعد طرد تنظيم داعش من مناجم الفوسفات بريف حمص في أيار 2017، أرسلت إيران ميليشياتها إلى تلك المناجم للسيطرة عليها تنفيذاً للتفاهمات السابقة مع الأسد، لكن روسيا أرسلت قوات سهيل الحسن ومنعت الميليشيات الايرانية من الاستحواذ على الفوسفات، وقصفت حمولة كانت تحاول تلك الميليشيات إخراجها من المناجم، ما أجبر الأخيرة على الانسحاب”.

وأضاف الكريم “روسيا أرسلت رسالة إلى إيران بأن الاقتراب من مناجم الفوسفات السورية يعتبر خطاً أحمراً، وذلك تنفيذاً لتعهداتٍ روسية تجاه الغرب، لأن طهران قد تستفيد من مناجم الفوسفات لسد احتياجاتها في تشغيل مفاعلاتها النووية، كما أن وجود قاعدة التنف تحت السيطرة الأميركية كان أحد أهدافها منع إيران من تهريب الفوسفات إلى العراق، لهذا ألغت طهران الفكرة مبدئياً، لأن محاولة السيطرة على تلك المناجم يُدخلها في صدامٍ مباشر مع موسكو، وقد يتسبّب بخسارة إيران للملف السوري”.

من منتِجٍ الى مستورد

احتلت سوريا المرتبة الخامسة عالميا بإنتاج الفوسفات سنة 2011، وتملك ثالث أكبر احتياطي عربي بعد المغرب والجزائر، ويُقدّر الاحتياطي لديها بأكثر من 2.2 مليار طن، ويعتبر منجميّ “الشرقية” (45 كيلومترًا جنوب غرب مدينة تدمر)، و”خنيفيس” (60 كيلومترًا جنوب غرب تدمر) من أبرز مناجم الفوسفات السورية، وبلغ إجمالي إنتاج المنجمين من الفوسفات قبل عام 2011 قرابة 3.5 مليون طن سنوياً، كان يُصدّر منها حوالي ثلاثة ملايين طن، والباقي يُوجّه إلى مصنع الأسمدة في مدينة حمص، بحسب أرقام “المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية”.

وعقب اندلاع الثورة بدأ انتاج الفوسفات السوري بالتراجع، لاسيما بعد سيطرة تنظيم داعش على مناجم الفوسفات بريف حمص في 2015،، حيث بلغ الإنتاج في عام 2018، حوالي 2.4 مليون طن سنوياً، بحسب تصريح غسان خليل مدير “الشركة العامة للفوسفات والمناجم” التابعة للنظام.

عادت “الشركة العامة للأسمدة” في حمص للعمل منتصف عام 2017، بعد توقف استمر لأكثر من عامين بسبب عدم توفر مستلزمات الإنتاج من غاز وفوسفات وكهرباء وقطع تبديل، إلا أن الشركة لا تنتج كفاية السوق الزراعية من السماد، ما اضطر حكومة النظام للإعلان في تموز 2019، عن بدء استيراد 75 ألف طن من السماد الآزوتي (يوريا)، و25 ألف طن من السماد الفوسفاتي، ما أثار استياء كثيرٍ من السوريين، الذين استهجنوا قيام سوريا باستيراد الفوسفات، بعد أن كانت تحتل المرتبة الخامسة ضمن قائمة الدول المصدّرة للفوسفات في العالم سنة 2011.

يتواجد الفوسفات السوري في عدة مناطق، أبرزها مناجم (خنيفيس والشرقية والرخيم) الواقعة ضمن السلسلة التدمرية، حيث تعتبر من أغنى المناطق السورية بالفوسفات، كما يتواجد في بلدات (الجفيفة والثليثاوات والسيجري والحباري) ضمن منطقة الحماد، إضافةً إلى وجود كميات من الفوسفات الخام في بلدات (عين ليلون وعين التينة وقلعة المهالبة وحمام القراحلة) التابعة للمنطقة الساحلية، ويعتبر الفوسفات السوري عموماً من الأنواع الغنية بمادة اليورانيوم المشعّ، الأمر الذي كان له أثر كبير في زيادة صادرات سوريا من الفوسفات، وفي الوقت نفسه تسبب بظهور أطماع القوى الدولية بهذه الثروات