فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

محطة الكوثر لفلترة مياه الشرب في جنديرس -فوكس حلب

مياه الشرب في جنديرس كلسية و “الفلترة” حل مكلف

فداء الصالح

أمضت الطفلة جنان ثلاثة أيام في مشفى الأطفال بجنديرس نتيجة إصابتها بالتهاب أمعاء حاد. يقول الأطباء إن السبب يعود لـ مياه الشرب “الملوثة” التي يعتمد عليها الأهالي في حياتهم اليومية. […]

أمضت الطفلة جنان ثلاثة أيام في مشفى الأطفال بجنديرس نتيجة إصابتها بالتهاب أمعاء حاد. يقول الأطباء إن السبب يعود لـ مياه الشرب “الملوثة” التي يعتمد عليها الأهالي في حياتهم اليومية.

تقول والدة جنان إن الأطباء نصحوها باستخدام “مياه الشرب المفلترة”، وإنها ستحاول الحصول عليها رغم عجزها عن دفع ثمنها. حالها كحال معظم العائلات في منطقة أغلب سكانها من النازحين والمهجرين قسرياً.

ويعتمد سكان جنديرس لتأمين مياه الشرب على مياه الشبكة الرئيسية الواصلة إلى المنازل والمغذاة من الآبار الارتوازية الموزعة في القرى المحيطة بالمدينة، مثل “كفرصفره وكوران”، إضافة للمياه المنقولة عبر الصهاريج، لكن نسبة الكلس المرتفعة في المياه وتلوثها في بعض المناطق يجبر الأهالي على دفع تكاليف إضافية لشراء المياه المفلترة.

المياه نقية والعلة في شبكات التوصيل

يقول محمد نويحي “مسؤول وحدة المياه في جنديرس”: إن مصدر مياه جنديرس يقع بعيداً عن الملوثات لتواجده في مناطق قروية جبلية، ما يقلل من خطر تعرضها للتلوث بمياه الصرف الصحي، ويتواجد الخزان الرئيسي المغذي لجنديرس في قرية “كفرصفره” حيث يتم مراقبة مياه الشرب وإجراء الفحوصات اللازمة لها دورياً ومعالجتها بالكلور من قبل منظمة “يداً بيد” وتحت إشراف من المجلس المحلي في المدينة.

وأكد” محمد نويحي” أن مياه جنديرس “صالحة للشرب ومعالجة بالكلور”، لكن “قدم شبكات المياه العامة يسبب في انخفاض جودتها قبل وصولها إلى المنازل، كما يؤثر الاعتماد على الخزانات القديمة والقساطل المعدنية على جودة المياه”.

وقد قام المجلس المحلي بالتعاون مع منظمة يداً بيد بتجديد وتوسيع عدة أجزاء من شبكات المياه في جنديرس بغية تحسين الخدمات المقدمة للناس.

المياه المفلترة تكاليف إضافية

تدفع عائلة مكونة من خمسة أشخاص نحو مئة وخمسة وعشرين ألف ليرة شهرياً للحصول على “مياه الشرب المعدنية”، إذ تحتاج العائلة لخمسة عشر ليتراً يومياً ويبلغ سعر اللتر الواحد نحو ثلاثمائة ليرة سورية.

لا تستطيع أغلب العائلات دفع ثمن هذه المياه، إذ يبلغ متوسط دخل الفرد العامل والموظف أقل من خمسة آلاف يومياً، وهو ما يدفعهم لشرب مياه الشرب الواصلة من الشبكة الرئيسية أو الاعتماد على المياه المفلترة محلياً، إذ تباع الأخيرة بنحو خمسة عشر ليرة سورية للتر الواحد.

يقول زياد الصالح “رب أسرة مكونة من خمسة أشخاص”: “نحتاج يوميا لقرابة ١٥ ليتر من مياه الشرب ثمنها ٢٢٥ ليرة سورية، فيكون المجموع الشهري قرابة ٧٠٠٠ ليرة سورية”.

لا يمثل الفارق الكبير في السعر سعة عند العائلات لشراء مياه الشرب المفلترة محلياً، إذ تحصل العائلات بنفس الثمن على نحو عشرين برميلاً (٤٠٠٠ لتر) من مياه الصهاريج تستخدم في كافة الاحتياجات المنزلية كالاستحمام والتنظيف والشرب، وتقوم عائلات تحدثنا معها بتنقية وتعقيم هذه المياه بـ “حبوب كلور” يحصلون عليها من قبل المنظمات الإنسانية.

يقول النويحي “بالنسبة لمحطات فلترة المياه حالها حال كل المهن تحتاج إلى ترخيص من المجلس المحلي، لكن ضعف الإمكانيات لدى وحدة المياه يمنع إجراء رقابة دورية على جودة المياه في هذه المحطات”.

 فلترة المياه محلياً

تنتشر في ناحية جنديرس عدة محطات لتنقية المياه، نتيجة توجه الناس للاعتماد عليها، يدير محمد العلي “مهجر من دير الزور” إحدى هذه المحطات ويقول إن عملية تحلية المياه تمر بمراحل تهدف جميعها إلى إزالة الأملاح المذابة والمعادن الزائدة في الماء وإزالة الرواسب والبكتيريا.

وتعتمد محطات الفلترة على مياه الآبار الارتوازية القريبة يتم تنقيتها بداية عبر تمريرها في “فلتر” يحتوي رمالاً وحصى مهمتها التخلص من الشوائب كبيرة الحجم كـ الطحالب والأخشاب، ثم تنتقل المياه إلى فلتر يحتوي مادة “الريزين” يقوم بسحب اﻟﻜﺎﻟﺴﻴﻮم والمغنيزيوم المذاب في الماء والتي تسبب الترسبات الكلسية غير المرغوب بها.

محطة الكوثر لفلترة مياه الشرب في جنديرس -فوكس حلب
محطة الكوثر لفلترة مياه الشرب في جنديرس -فوكس حلب

تتم هذه العملية على مبدأ التبادل الشاردي حيث تستبدل شوارد الكالسيوم والمنغنيزيوم بشوارد الصوديوم. إذ ترتبط شوارد الكلس والمنغنيز بالريزين أثناء مرورها عليها وينطلق بدلاً منها الصوديوم.
تنتقل المياه بعد مرحلة الريزين إلى “فلتر الكربون” ليقوم بإزالة الكلور والشوائب من الماء ما يؤدي لتحسين طعم المياه، وتكون الخطوة الأخيرة بمرور المياه على جهاز الأشعة فوق البنفسجية التي تقوم بقتل البكتيريا والجراثيم المتبقية، وبهذا الشكل تنتهي عملية تنقية المياه وتصبح صالحة للشرب والاستخدام اليومي الآمن.

تعبأ مياه الشرب المفلترة في عبوات خاصة أو تنقل عبر سيارات لمراكز التوزيع حيث يتم إفراغها في خزانات كبيرة وتقوم تلك المراكز ببيعها للمواطن من تلك الخزانات.

فحص غير رسمي للمياه المفلترة

يعتمد الأهالي طريقة تقليدية لفحص المياه عبر تجربتها بتحضير الشاي، يقول خالد الحسين “صاحب بقالية” نأتي بالمياه من محطات الفلترة ونتيجة عدم معرفتنا بدرجة نقاوة المياه بالطريقة العلمية فإن صفاء “كاسة الشاي” وهو المقياس الرائج بين الناس.

بينما يقوم محمد العلي بفحص نقاوة المياه في محطته من خلال قياس نسبة الأملاح المتواجدة فيها، ويعرف بفحص ” TDS “، بشكل مستمر لضمان بقاء المياه ضمن النسب الصحية ولمعرفة مواعيد استبدال فلاتر المياه. حيث يتم غسل المحطة آلياً بعد إنتاج ٤٠٠٠ ليتر و استبدال الفلاتر كل ٢٠ أو ٣٠ يوم. ، في حين تبلغ الطاقة الإنتاجية للمحطة ٤٠٠ ليتر/الساعة.

ويشرح العلي هذه العملية بقوله: تحتوي المياه على العديد من المكونات الصلبة غير العضوية، إذ لا تقتصر ملوحة الماء على نوع واحد فقط من الأملاح، بل هي نسبة التركيز الكلي للأملاح الذائبة معاً، مثل البوتاسيوم، المغنيسيوم، كالسيوم، صوديوم،  تقاس نسبة ملوحة مياه الشرب بوحدة ملغ/لتر.

وحددت منظمة الصحة العالمية سقفاً أعلى لملوحة الماء وهو 1000 ملغ لكل لتر (مع تفضيل أن يكون أقل من 500).

وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن المياه الملوثة بالكائنات الدقيقة والمواد الكيماوية تؤدي لجملة أمراض مثل البلهارسيا والملاريا أو حمى الضنك التي تسببها نواقل المرض التي تعيش في المياه؛ وأمراض أخرى مثل داء الفيلقيات المنقول بواسطة الرذاذ الحاوي على بعض الكائنات الحية الدقيقة.