فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

صورة تعبيرية -إنترنيت

نقص الكادر التدريسي.. يعيق العملية التربوية في إدلب

محمد جميل

لم يستمر تواجد هبة، وهي طالبة في الصف الثاني الثانوي، في مدرستها أكثر من ساعة إذ اضطرت للعودة لمنزلها بسبب غياب الكادر التدريسي عن المدرسة، وتخشى أن يطول غياب المدرسين […]

لم يستمر تواجد هبة، وهي طالبة في الصف الثاني الثانوي، في مدرستها أكثر من ساعة إذ اضطرت للعودة لمنزلها بسبب غياب الكادر التدريسي عن المدرسة، وتخشى أن يطول غياب المدرسين ما سينعكس على تحضيرها للشهادة الثانوية.

وكانت مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب قد أعلنت عن افتتاح المدارس واستقبال الطلاب وإعادة التعليم الفيزيائي اعتباراً من يوم السبت 26/9/2020، مشيرة إلى ضمان اتخاذ إجراءات وتدابير الوقاية اللازمة والتقيد بالتعليمات من أجل المحافظة على سلامة الطلاب والكوادر التعليمية.

غياب الكادر التدريسي ونقص المدرسين كان سمة بارزة في عدة مدارس بإدلب الأمر الذي دفع أهالي الطلاب لانتقاد الواقع التعليمي. يقول عبد الله الحسون “أستاذ في معهد الإعلام بجامعة إدلب” في بوست ناقد على صفحته في فيسبوك ” عاد أبناؤنا لمدارسهم اليوم لتضج الشوارع بالحركة والأصوات ويسود الفرح على وجوههم من جديد، إلا أنه سرعانما شاهدنا عودة الكثير منهم إلى منازلهم وذلك بعد مضي أقل من نص ساعة على وصولهم، ولدى سؤالهم عن سبب عودتهم المسرعة من مدارسهم أجابوا بأن المعلمين والمعلمات قالوا لهم من يريد منكم العودة للمنزل فليعد”،
طالب الحسون هؤلاء المدرسين باحترام مهنة المعلم والالتفات للأجيال التي بات كثير منهم لا يجيدون القراءة والكتابة رغم وصولهم للصف الرابع الابتدائي.

يرى من أن انقطاع الدعم عن مديرية التربية ساهم بشكل كبير بابتعاد الكادر التدريسي عن مدارسهم، يقول محمد العمر: لا يمكن لأي مدرس اليوم أن يعمل بشكل طوعي، ولا يمكن أن نفرض عليهم عملاً دون أجر، ومن الطبيعي أن يبحث المدرس عن المدارس الخاصة أو عن عمل بديل ليؤمن قوت عائلته.
بينما يرى آخرون أن قرار مديرية التربية القاضي بإيقاف عمل المجمعات التربوية التابعة للنظام، ساهم بخلق فجوة جديدة يصعب على المديرية ترميمها نتيجة غياب الدعم.

وكانت مديرية التربية قد أصدرت أواخر شباط الماضي قراراً يقضي بإلغاء المجمعات التربوية التابعة للنظام بحسب البيان الذي نص أيضاً على منع إقامة أي نشاط تحت طائلة المسؤولية.

ويبلغ عدد المدرسين المرتبطين بمديرية التربية التابعة للنظام حوالي ستة آلاف معلم بحسب تقرير سابق لعنب بلدي وارتباطهم لا يتعدى قبض الراتب الذي يعادل حوالي خمسة عشر دولار، عدا عن رحلة شاقة إلى حماة تستغرق خمسة أيام من أجل الحصول على الراتب.

تعينت سارة “معلمة صف خريجة جامعة إدلب عام 2014” منذ تخرجها في مدرسة بلدتها، ولم تتلق أي راتب منذ عام “لا من النظام ولا من غيره”.
انقطعت سارة عن التدريس منذ كانون الثاني العام الماضي بسب قصف النظام والحملة الشرسة التي شنها النظام وحليفه الروسي مطلع العام وما نتج عنها من نزوح وإغلاق للمدارس، لتأتي بعدها جائحة كورونا حتى نهاية العام الدراسي الذي انتهى فعلياً مع نهاية الفصل الأول.

تقول سارة إن التربية الحرة في ذلك الوقت خيرتهم بين الانضمام لها أو التوقف عن التعليم، إلا أن سارة رفضت مع مجموعة من زميلاتها الانضمام للتربية الحرة، لأن غالبية المعلمين لديهم رواتب لم يتمكنوا من قبضها في مناطق النظام نتيجة إغلاق الطرق، ويخشى هؤلاء المدرسون من حرمانهم منها إذا انضموا للتربية الحرة، كما أن المديرية لم تعدهم بأي دخل أو راتب وأخبروهم أن عليهم التدريس لأشهر بشكل تطوع.

في مطلع أيلول الجاري قررت سارة التقدم لمسابقة أعلنت عنها مديرية التربية، إلا أن طلبها قوبل بالرفض رغم استكمالها الأوراق المطلوبة، بذريعة أنها لم تضع نفسها تحت تصرف مديرية التربية قبل العاشر من نيسان الماضي وهو التاريخ الذي حددته المديرية يومها.

تقول سارة إنها تشعر بالذنب إذا جلست في المنزل ولم تذهب إلى المدرسة وهي مقتنعة بأن تعليم الطلاب واجب بغض النظر عن التبعية أو من يقدم الراتب وهو أكثر ما دفعها للتقدم للمسابقة.
من جانبه قال عبد الله العبسي “مشرف مجمع إدلب التربوي”: إن المديرية لم تصدر أي قرار بطرد معلمي النظام، بل قامت بتعيين من بقي منهم على رأس عمله بشكل مباشر، أما المدرسين الذين تركوا مدارسهم فقد توقفوا عن العمل بعد إلزام تلك المدارس بتدريس منهاج الحكومة المؤقتة الذي فرضته المديرية، ما دفعهم لترك المهنة خوفاً من عقاب النظام الذي لا يسمح لهم بتدريس منهاج آخر.

ليبقى طلاب إدلب ضحية أوضاع أمنية وسياسية وتجاذبات وحرب لن تقف آثارها على أجيال عايشتها بل تتعداهم لأجيال لاحقة، ولتصبح المدارس الخاصة ملاذ الباحثين عن العلم رغم أجورها المرتفعة التي تصل لأربعمئة دولار في السنة ما يحرم كثير من الطلاب من دخولها.