فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

استهداف الدوريات الروسية -التركية مشتركة -إنترنيت

الأطراف المتهمة باستهداف الدوريات الروسية -التركية على m4

فرحات أحمد

معظم الاستهدافات التي حصلت لم ينتج عنها قتلى في صفوف القوات التركية أو الروسية، وهذا إن دل فيدل على أن الاستهداف مدروس بحيث يثير البلبلة فقط، وهذا لمسناه حقيقة فقد أعلنت روسيا عدة مرات عن تعليق الدوريات، وعادت وقصفت المنطقة بالطائرات، وكانت توجه التهم لتركيا بعدم قدرتها على ضبط سير العملية، كما أن الاستهداف الذي قيل إنه تمّ بحشوة قاذف “آر بي جي” يثير شكوكاً كثيرة، بحسب القيادي، إذ أن حشوة القاذف لا يزيد مداها عن 150 متراً، ما يعني أن الرامي قريب، فكيف وصل إلى المنطقة، ولماذا لم يتم القبض عليه.

لقد بلغ عدد المرات التي استهدفت فيها الدوريات الروسية -التركية المشتركة على طريق حلب -اللاذقية (إم 4) أربعاً من إجمالي 26 دورية أعلنت عن تسييرها وزارة الدفاع التركية، وفي كل مرة كانت تتهم الفصائل الراديكالية بالوقوف خلف تلك الاستهدافات، لكن الدلائل لا تشير إلى تورطها في كل المرات أو ربما في جميعها، وربما تشير إلى وقوف أطراف أخرى بعيدة عن الشك في افتعال الاستهداف أو تسهيله.

ثلاث جهات مستفيدة

بالنظر من ناحية المتضرر والمستفيد من استهداف الدوريات الروسية -التركية فإن هنالك ثلاث جهات مستفيدة بحسب الباحث في مركز جسور وائل علوان، الذي يرى أن النظام السوري والقوات الإيرانية والتنظيمات المتشددة، التي لم تكن راضية عن اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب الذي تمّ التوصل إليه بين كل من روسيا وتركيا في آذار الفائت، هي المستفيدة من إحداث بلبلة في المنطقة، لإفشال الاتفاق وشنّ عمل عسكري، تقضم خلاله المزيد من الأراضي في إدلب.

ويشير “علوان” في حديثه لـ”فوكس حلب” إلى أن التنظيمات الراديكالية في إدلب تعتبر مستفيدة أيضاً من هذه الفوضى، إذ يرتبط وجودها بوجود الأعمال القتالية وتستمد شرعيتها من خلالها.

وكانت وجّهت العديد من الانتقادات لهيئة تحرير الشام التي قبلت ضمنياً بالاتفاق الروسي -التركي، ونفّذت بنوده حرفياً، وهذا بحسب “علوان” يندرج أيضاً على الميليشيات الإيرانية، التي تعلم أن الاستقرار ليس لصالحها، وهو بداية النهاية لوجودها.

كما يؤكد أن هذه الاستهدافات تقف وراءها جهات لا تخرج عن الأسماء السابقة، ويبرّر اتهامه لها بقدرتها على افتعال الفوضى في كل مكان، فميليشيات النظام وإيران لها أذرعها في المنطقة، ويرى ذلك من خلال عمليات الاغتيال والتجارة، أما التنظيمات المتشدّدة فقد هدّدت في وقت سابق باستهداف الدوريات، وبخاصة أن مناطق تمركزها دائماً تتموضع قرب خطوط القتال، وهذا ما يسهل القيام بمثل هذه العمليات.
وتعتبر هيئة تحرير الشام مستفيدة جداً من هذا الاتفاق وفق ما ذهب إليه “علوان” وهذا يبعد الشك في تورطها، إذ أنها تمشي في خطوات جدية لحذفها من التصنيف كمنظمة إرهابية، وتنفيذها بنود الاتفاق ومحاولتها إبعاد الفصائل المتشددة من المنطقة، وإنهاء غرفة عمليات “فاثبتوا” التي كان يقودها تنظيم “حراس الدين” ما هي إلا خطوات جادة نحو هذه الرغبة.

بعلم تركيا

لكنّ فكرة وقوف جهات خارج نطاق الاتفاق وراء الاستهدافات تبدو شبه مستحيلة بحسب قيادي في “الجبهة الوطنية” التابعة لـ”الجيش الوطني” فضّل عدم الكشف عن اسمه، إذ يؤكد بحكم وجوده في تلك المنطقة الساخنة الممتدة بين مدينتي أريحا وسراقب أن استهداف الدوريات تقف وراءه تركيا لأسباب لا يستطيع فهما على حد قوله، ربّما الهدف منها توجيه رسالة إلى الروس بأن مهمة القضاء على التنظيمات المتشددة عملية صعبة، وتحتاج المزيد من الوقت.

ويؤكد القيادي ما يراه بأن القوات التركية رفقة مقاتلين من فيلق الشام وهيئة تحرير الشام تبدأ بتمشيط مسار الدوريات قبل 24 ساعة من موعدها، وتسيّر عدة طائرات لرصد أي تحرك على المسار الممتد ما بلدة النيرب قرب سراقب شرقاً، وقرية عين الحور قرب مدينة جسر الشغور غرباً.

كما يشير إلى أن معظم الاستهدافات التي حصلت لم ينتج عنها قتلى في صفوف القوات التركية أو الروسية، وهذا إن دل فيدل على أن الاستهداف مدروس بحيث يثير البلبلة فقط، وهذا لمسناه حقيقة فقد أعلنت روسيا عدة مرات عن تعليق الدوريات، وعادت وقصفت المنطقة بالطائرات، وكانت توجه التهم لتركيا بعدم قدرتها على ضبط سير العملية، كما أن الاستهداف الذي قيل إنه تمّ بحشوة قاذف “آر بي جي” يثير شكوكاً كثيرة، بحسب القيادي، إذ أن حشوة القاذف لا يزيد مداها عن 150 متراً، ما يعني أن الرامي قريب، فكيف وصل إلى المنطقة، ولماذا لم يتم القبض عليه.

روسيا مستفيدة أيضاً

أما الباحث والكاتب أحمد الرمح فيرى أن روسيا تعتبر مستفيدة أيضاً من حدوث هذه البلبلة وهي تعطيها شرعية للخروج من الاتفاق مع تركيا، ودعم النظام في شنّ عمل عسكري، وما يجعلها متهمة ربّما بالتسهيل لذلك، محاولتها توجيه رسائل إلى الولايات المتحدة، التي أعلنت أخيراً عن دعمها تركيا في أي عمل عسكري تقوم به في إدلب، ومحاولتها إقناع واشنطن أن هناك تنظيمات في المنطقة لا يمكن التعامل معها إلا بالنار، وهذا تشير إليه تصريحات وزارة دفاعها واتهامها تلك التنظيمات بتهديد الأمن وقصف قاعدة حميميم بشكل متكرر.

ويشير الرمح إلى أن هيئة تحرير الشام ربما تكون وراء الاستهدافات أيضاً، وذلك بهدف تحسين ظروف وجودها، وإظهار نفسها على أنها حامية لتلك الدوريات في وجه التيار المتشدّد الذي لم يكن راضياً يوماً عن خط سيرها الأخير، ولا يخفى على أحد أنها تعمل بشكل علني على استئصال رواده وبخاصة من غير السوريين، الذين باتوا على خلاف واضح مع قائدها أبو محمد الجولاني.

إن استمرار تسيير الدوريات الروسية -التركية يضمن بقاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار ولو بشكل جزئي، إذ أن قوات النظام لم تتوقف منذ يومه الأول عن استهداف مناطق في جبل الزاوية جنوبي إدلب، وسهل الغاب بريف حماة، لكنّه يضمن أيضاً عدم حدوث أزمة نزوح جديدة، قد تجبر نحو مليون إنسان على الانتقال إلى المناطق الواقعة شمالي الطريق الاستراتيجي.

والخوف من حدوث هذه الأزمة له ما يبرّره إذ إن عين قوات النظام على منطقة جبل الزاوية، بهدف إبعاد مصادر النيران عن المدن الاستراتيجية كمعرة النعمان وخان شيخون، وقطع الطريق على الفصائل التي تستهدف قاعدة جورين التي تعتبر أهم قاعدة للنظام في الشمال السوري، كما أن وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو قد قال في تصريحات سابقة إن القوات الروسية ستنتشر جنوبي طريق “إم 4” والقوات التركية شماليه، وبالتالي سيؤدي ذلك إن حدث إلى نزوح كافة المدنيين من منطقة النفوذ الروسي.