فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

عاملات مياومة بريف إدلب -إنترنيت

عاملات المياومة يغامرن بصحة أطفالهن الرضع من أجل لقمة العيش

رؤى زيدان

ينصح “صبحة” بعدم اصطحاب الأطفال إلى الحقول، وفي حال اضطرت عاملة المياومة لاصطحاب طفلها فيتوجب عليها إعطاء الطفل كمية جيدة من السوائل عبر إرضاعه أو منحه كمية من المياه كل ساعة أو ساعتين لضمان الحفاظ على السوائل في جسمه.

تحت ظل شجرة أو في “علاّقات” مربوطة على ظهر عاملات المياومة تجد أطفالاً رضع، لم يتجاوز عمرهم السنتين، تصحبهم أمهاتهم اللواتي اضطررن للعمل لتأمين ما يسد رمق عائلاتهن، في مختلف الظروف المناخية.

ليس العمل رفاهية وسط الأحوال الاقتصادية التي تعيشها العائلات في أرياف إدلب، بعد حملات النزوح والتهجير وغياب المعيل وقلة فرص العمل.

مجبرات على العمل

تتحين عاملات المياومة المواسم للعمل لأيام يستطعن من خلال ما يجنينه من نقود تأمين بعض المستلزمات للشتاء، كالمؤن والألبسة، وربما يسعفهن الحظ بالحصول على وقود تدفئة في شتاءات إدلب القاسية.

وتقول أم شهاب من ريف إدلب إنها تضطر لحمل رضيعها ذي السنة الواحدة إلى عملها ضمن “ورشة الفعالة” في الحقول الزراعية، بعد أن باتت المسؤولة عن تأمين قوت عائلتها المكونة من ستة أشخاص بعد وفاة زوجها.

ترفض أم شهاب استجداء عطف المنظمات الإنسانية، وترى في هذا العمل فرصة لسد جزء من احتياجات عائلتها اليومية، رغم الأجور الزهيدة التي لا تتناسب مع ساعات العمل الطويلة وارتفاع تكاليف الحياة في إدلب.

تخشى أم شهاب على طفلها من التعرض لأشعة الشمس، لكنها مضطرة لاصطحابه معها بهدف إرضاعه، ولأنها لا تستطيع تركه عند أخوته الصغار، وتستغل فترات الاستراحة لتعتني بطفلها. وحين يبكي أثناء قيامها بالعمل تحمله على ظهرها ضمن كيس الأطفال وتداعبه حتى يسكت.
أم شهاب واحدة من عشرات السيدات اللواتي يعملن في هذا المجال ويصطحبن أطفالهن معهن بهدف تأمين دخل إضافي يساعد أزواجهن على تحمل نفقات الحياة،
تتوجه أمينة المحمد من جبل الزاوية رفقة زوجها و طفلها (عام ونصف العام) صباح كل يوم للعمل في الأراضي الزراعية، ويمتد عملها من السابعة صباحاً حتى الثانية ظهراً مقابل أجر لا يتجاوز ألفاً وخمسمئة ليرة سورية في اليوم.

عاملات مياومة بريف إدلب -إنترنيت
عاملات مياومة بريف إدلب -إنترنيت

تخبرنا أمينة أنها تصطحب طفلها معها بشكل يومي لأنها لا تملك من يهتم به في المنزل، فكل أفراد العائلة يعملون معاً في نفس المجال، وأطفالها الصغار لا يمكنهم الاهتمام به فأكبرهم سناً لم يتجاوز الثمان سنوات وهم بحاجة لمن يهتم بهم.

أثناء انشغال أمينة في عملها تمنح طفلها بعض الألعاب، وتتركه تحت ظل شجرة لينام متجاهلة المخاطر التي قد يتعرض لها نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وإمكانية أن تلدغه الحشرات أثناء انشغالها عنه.

هناك من ينتظرنا في المنزل ليعيش، تقول أمينة وهي تلاعب طفلها بين يديها لإسكاته من نوبة بكاء.

مخاطر اصطحاب الأطفال للحقول

يقول الطبيب بديع صبحة أخصائي طب الأطفال، إن تعرض الطفل لأشعة الشمس المباشرة ودرجات الحرارة المرتفعة قد يسبب في إصابته بالتجفاف الناجم عن التعرض الزائد، والذي قد يؤدي بدوره لتسرع في نبضات القلب وضيق التنفس، ويمكن أن يصل لمرحلة فقدان الوعي نتيجة لنقص السوائل، ما يؤثر على دماغه.

كما يمكن أن يصاب الطفل بـ “ضربة الشمس”، والتي تترافق بأعراض التعب والصداع والإقياء. وتنشط الفيروسات المعوية في فصل الصيف عند الأطفال وتتسبب لهم بحالات إقياء وإسهال نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.

وينصح “صبحة” بعدم اصطحاب الأطفال إلى الحقول، وفي حال اضطرت عاملة المياومة لاصطحاب طفلها فيتوجب عليها إعطاء الطفل كمية جيدة من السوائل عبر إرضاعه أو منحه كمية من المياه كل ساعة أو ساعتين لضمان الحفاظ على السوائل في جسمه.

كما يجب أن يوضع الطفل في ظلٍ جيد لتخفيف التعرق عنده، كما ينبغي على الأم تخفيف ملابس طفلها، وأن تكون قطنية وليست بلاستر أو نايلون كي لا تحبس الحرارة داخل الجسم.
وأشار بيان نشرته منظمة اليونيسف في أيلول 2018، وفق دراسات عديدة، أن الرضع والأطفال الصغار أكثر عرضة للموت أو المعاناة من ضربة الشمس، لأنهم غير قادرين على تنظيم درجة حرارة الجسم والتحكم في البيئة المحيطة بهم.

لا يعترض أصحاب العمل على اصطحاب عاملات المياومة لأولادهن، طالما أن الأمر لا يوثر على إنتاجهن، وترغب من تحدثنا منهن باصطحاب صغارهن للعناية بهم، ولعدم وجود من يعتني بهم، يقلن إنهن يشعرن بالاطمئنان لوجودهم معهن، متجاهلات ما يمكن أن يحدث من مخاطر قد تؤثر على صحتهم العامة.