فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

دبس البندورة البلدي -فوكس حلب

“دبس البندورة البلدي” تراث تنتهك مذاقه المعلبات التركية

حسن كنهر الحسين

مع ارتفاع ثمن دبس البندورة البلدي الجاهز، وارتفاع كلفة صناعته منزلياً لجأ الأهالي للتحايل على المعلبات التركية لتعديل نكهتها بما يتوافق مع ما ألفوه من طعم، تقول أم حسين إنها تقوم بشراء خمس كيلو غرامات من معلبات الدبس التركي وتخلطه باثنين كيلو غرام من الدبس البلدي ضمن قدر، وتعمد على تحريكهما ودمجهما بشكل جيد مع إضافة القليل من السماق المطحون وحمض الليمون المذاب وبتلك الطريقة تصبح نكهة الدبس قريبة بشكل كبير إلى نكهة الدبس البلدي وبتكلفة أقل.

لم يعد رغيف الخبز المدهون بـ دبس البندورة أكلة “أبو عمر” المفضلة والتي رافقته لسنوات أثناء عمله كمعمار في ريف إدلب الشمالي.

إذ فرض النزوح على زوجته استعمال معلبات دبس البندورة التي تدخل من تركيا، وهو مالم يستسغه أبو عمر حيث فقد النكهة المميزة لهذه الأكلة وبات يطالب زوجته بتحضير أي أكلة “كزوادة” باستثناء دبس البندورة التركي.

دبس البندورة مكون أساسي في المطبخ السوري

يدخل دبس البندورة في إعداد كثير من الأكلات السورية مثل المحاشي وبعض أكلات الخضار والمعكرونة وغيرها.

وبالاعتماد على المعلبات التركية وندرة البلدي، فقدت هذه الأكلات مذاقها المألوف والمميز الذي كان يمنحه لها الأخير.

كذلك فقد البنية المتماسكة للأول والتي كانت تسهم في التوفير، فملعقة واحدة من البلدي تغني عن أربعة ملاعق من التركي، تقول من التقيناهن من ربات المنازل.

ويحضر دبس البندورة كأكلة رئيسية على موائد الإفطار في إدلب، ويعتبر الخبز المدهون به من أبرز الأكلات الشعبية، خاصة في مساءات الشتاء، و”زوادة” يصحبها العمال والمزارعين والطلاب إلى مدارسهم، إلا أن تحول المصدر وتغير اللون وفقدان ذلك الطعم المميز لم يجد طريقه الى أولئك الأشخاص اللذين تعتق في ذاكرتهم طعمة الدبس المحلي الذي يصنعونه بأيديهم كل عام.

تقول أم عمر” تعتبر أكلة دبس البندورة الأكلة المفضلة لأبو عمر، إلا أن ذلك التفضيل انقلب بعد نزوحنا حيث لم تسعفنا ظروف النزوح من تحضير دبس البندورة البلدي بسبب ارتفاع تكاليف صناعتها وغياب المساحات المكشوفة التي تحتاجها لتجفيفها، ما دفعنا للجوء إلى معلبات دبس البندورة من محلات الإغاثة، إلا أن طعمها يختلف بشكل كلي عن الدبس البلدي الذي يتميز بنكهته اللذيذة ولونه الأحمر القاني المخالف لمعلبات الدبس التركية المستوردة والتي تتميز بلونها البني الداكن وطعمها المالح.

أنواع مختلفة في الأسواق

يقول شاكر السلوب تاجر مواد غذائية في مدينة سلقين “تختلف أنواع الدبس المستورد فمنها المعلبات التي يتم بيعها في محلات الإغاثة حيث تزن الواحدة ثمانمائة غرام ويساوي سعر العلبة الواحدة ألف وستمائة ليرة.

مجمل تلك المعلبات تدخل ضمن سلل الإغاثات التي تقدمها المنظمات والجمعيات للأهالي، يقوم بعض الأهالي ببيع الفائض منها لتلك المحلات، وغالباً ما تكون تلك المعلبات قد شارفت على انتهاء صلاحيتها، في حين قد يصل بعضها مغشوشاً عبر إضافة بطاطا مسلوقة وصباغ أحمر للعلب.

كما يوجد نوع آخر يتم استيراده بشكل رسمي ويأتي غالبها ضمن “مرطبانات” كبيرة بوزن 4 كغ وبسعر 10000ليرة سورية، كما يوجد نوع آخر يتم استيراده ضمن عبوات كبيرة حيث يتم بيعه بحسب الكمية التي يريدها الزبون، ويعتبر ذلك النوع من أفضل الأصناف نظراً لطعمه القريب من الدبس البلدي وحداثة صنعه”.

صناعة الدبس البلدي مصدر رزق

يبيع حاتم الأخرس (أحد العاملين بصناعة الدبس البلدي) الكيلو غرام حالياً، بـ ثلاثة آلاف وثمانمائة ليرة سورية بعد التجفيف، ويعتبر هذا العمل مصدر رزق إضافي لحاتم، يشجعه على الاستمرار به طلب الأهالي المتزايد على هذه المادة.
وعن الطريقة التي يتبعها الأخرس بصناعة منتجاته يقول: “يتم تقطيع كمية البندورة المراد عصرها إلى قطع صغيرة بعد غسلها وفرز التالف منها، ويتم تمليحها بشكل جيد ونشرها ضمن أوانٍ كبيرة تحت أشعة الشمس لمدة يوم كامل.

وفي اليوم التالي يتم تصفيتها من الماء بواسطة مصافٍ كبيرة، حيث يتم فيما بعد عجنها بشكل جيد ووضعها على النار لفترة من الوقت ليتم تنشيفها ثم يتم صبها ضمن قوالب خاصة تحت أشعة الشمس ويتم تحريكها بواسطة ملعقة كبيرة كل نصف ساعة حتى تتعرض جميع الأجزاء للتنشيف، ويتم تغطيته بواسطة سطح بلاستيكي لمنع ملامسة الحشرات والغبار له، وبعد أن ينشف الدبس يتم إفراغه ضمن عبوات خاصة وتباع للأهالي الذين يقومون  بتخزينه لباقي العام واستخدامه في تحضير العديد من المأكولات”.

تعديلات على المعلبات التركية لاستعادة المذاق

ومع ارتفاع ثمن دبس البندورة البلدي الجاهز، وارتفاع كلفة صناعته منزلياً لجأ الأهالي للتحايل على المعلبات التركية لتعديل نكهتها بما يتوافق مع ما ألفوه من طعم.

تقول أم حسين إنها تقوم بشراء خمس كيلو غرامات من معلبات الدبس التركي وتخلطه باثنين كيلو غرام من الدبس البلدي ضمن قدر، وتعمد على تحريكهما ودمجهما بشكل جيد مع إضافة القليل من السماق المطحون وحمض الليمون المذاب وبتلك الطريقة تصبح نكهة الدبس قريبة بشكل كبير إلى نكهة الدبس البلدي وبتكلفة أقل.
في حين تعمد بعض السيدات لفتح معلبات الدبس، ونشرها ضمن أوعية في الشمس مع إضافة ملح الليمون المذاب والملح إلى الدبس وخلطه جيداً لتعديل نكهته قبل أن تعيد تعبئته في عبوات بلاستيكية لضمان الحفاظ عليها مدة أطول.

وتخبرنا أم حسين أن الفائدة الأكبر التي تجنيها من معلبات الدبس التركية، هي من العبوات الفارغة التي تحولها لأصص زريعة على شرفتها لتزيينها بالورد، بعد أن بات استخدام محتواها “اضطراراً لا محبة”، نظراً للواقع الاقتصادي الذي يعيشه السكان.

لكل بيئة اجتماعية سماتها العامة، وتختلف المطابخ بين مدينة وأخرى، كذلك بين دولة وثانية، إلا أن الدبس البلدي في سوريا، وإن اختلفت طريقة تصنيعه بين من يغليه على النار أو ينشفه تحت أشعة الشمس، وكذلك اعتماد مقدار الحموضة والملوحة، يبقى مختلفاً عن غيره من البلدان، ويدخل في كثير من أكلات ربات المنازل، إضافة لكونه وسيلة “إسعاف” لعشاء سريع، وفطور صباحي لطلاب المدارس.