فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

في موسمه الجديد: السماق يتراجع في جبال حارم

ٲسامة الشامي

يقول من التقينا بهم من العاملين بجمع السماق إن الموسم تراجع بشكل كبير عن السنوات الماضية، نتيجة قطع الأشجار للتدفئة، وخاصة الأشجار الكبيرة التي توفر حطباً أكثر من غيرها. وبلغ التأثر أوجه في العامين الأوليين من الثورة عام 2011 و2012، حيث تراجع الموسم بنسبة 70%خلالهما، بحسب التاجر الجلو، لكن سرعة تكاثر السماق برياً، وإعادة زراعته من قبل الأهالي، ساهمت بتعديل النسبة إلى 50% في السنوات التي تلت، وكان ممكن أن يتعدل الإنتاج أكثر لولا الاستمرار في قطع الأشجار.

 يتنقل عدد كبير من سكان الشمال السوري، خاصة في المناطق الجبلية الوعرة، بين شجيرات السماق، لجمع عناقيده وبيعها في الأسواق، إذ يشكل هذا الموسم مردوداً إضافياً يساهم بتحسين دخل مزارعي المنطقة، كذلك الأشخاص الذين يسعون لقطافه من شجيراته البرية المتواجدة في أراضي المشاع (غير مملوكة لشخص)، ويعتبر في منطقة حارم بريف إدلب من المواسم الهامة إذ ينتشر وجوده وتكثر زراعته لفائدته المادية وقلة أكلافه.

والسماق نبات بري من أحاديات البذرة من الفصيلة البطمية، يتراوح ارتفاع شجيرته من متر لثلاثة أمتار، أوراقها خضراء متناوبة مركبة بتناسق تقابلي، ريشية الشكل،  تكون ثماره على شكل حبات صغيرة حمراء تغطيها شعيرات وبرية، تتجمع في عناقيد كثيفة.

يمتاز السماق بقدرة عالية على التأقلم مع المناخ وفي مختلف البيئات، وهو ما يفسر نموه على الجبال والتلال و في الأودية وعلى حواف الأنهار، وأحياناً في الصحارى، ولا يصنف ضمن الأشجار الموسمية الجيدة في كل المناطق، إذ يعمد بعض المزارعين لمكافحة نموه واقتلاعه ، كما في جبل الزاوية بإدلب، حيث يؤثر تواجده على موسم الكرز، بحسب المزارع محمود الخطيب،  في حين تهتم به مناطق أخرى وتسعى لزيادة أعداد أشجاره والاستفادة منها، كما في القلمون، وجبال إدلب الغربية في منطقة حارم، والتي تعرف بوعورتها إذ لا تصلح إلا لزراعة أشجار التين والزيتون، ما شجع الأهالي على الاهتمام بشجيرات السماق، التي لمسوا فيها مردوداً جيداً، خاصة مع إمكانية زراعتها على الجروف الصخرية والحواف المنحدرة التي يكثر وجودها في المنطقة.

ولزراعة السماق طريقتان، بحسب زارعيه، حيث يفضل عبد الله الحجي طريقة الشتل، التي تعتمد على اقتلاع نبتة صغيرة من الفسائل التي تنبت قرب الشجرة الأم في شهر كانون الثاني، وزراعتها ضمن أكياس أو عبوات بلاستيكية مليئة بالأتربة والسماد العضوي، والذي سيشكل بيئة جيدة للفسيلة لمدة عام كامل قبل أن يتم نقلها وغرسها في أرضها الجديدة.

أما الطريقة الثانية فتعتمد على زرع البذور، بعد نقعها في الماء، للتخلص من صلابة قشورها، ثم تنشيفها، وزراعتها ضمن أكياس صغيرة، والعناية بها لعمر السنة أو السنتين، قبل نقلها إلى المكان الجديد، بحسب الحجي.

تثمر أشجار السماق بعد ثلاث سنوات من زراعتها، و تنتج الشجرة الواحدة من السماق ما بين ثلاثة إلى خمسة كيلو غرامات ، بحسب حجمها، ويرتبط إنتاج الفلاح بأعداد الأشجار التي يمتلكها، يقول مصطفى الحسن “مزارع ” إن موسم السماق يبدأ في شهر تموز ويستمر لمنتصف شهر آب تقريباً، حيث يقوم الأهالي بقطاف عناقيد السماق غالباً بعد بلوغها اللون الأحمر، ونضجها بشكل كامل، وأحياناً يقطفونها بلون أخضر تشوبه الحمرة قبل النضج حتى لا يسبقهم إليه مزارع آخر، إذ يقطف هذا الصنف من الأماكن الجبلية ذات الملكية العامة، ويباع للتجار على شكل عناقيد خضراء، حيث يعمل التاجر على فرشها وتيبيسها، ثم فرط حبات السماق عن العناقيد، إما عن طريق آلة خاصة مصممة للفرط، أو عبر دقه بالعصي ثم غربلته والتخلص من العيدان، ثم يُعبَأ بأكياس، ويجهز للتصدير الذي سيكون في غالبه إلى تركيا أو إلى لبنان عبر مناطق النظام، ويرغب كثير من التجار بتصديره نحو الأخير لأن أسعاره أفضل، بحسب التاجر أنس جلو، والذي قال: “تختلف أسعار السماق ما بين عام وآخر بحسب الإنتاج وحركة المعابر وإمكانية التصدير”

يباع الكيلو غرام الواحد من عناقيد السماق الأخضر هذا العام بسعر ألف وخمسمئة ليرة سورية، في حين يبلغ سعر الكيلو غرام اليابس المفروط نحو ألفين وخمسمئة، أي أن سعر الطن الواحد لهذا الموسم يبلغ حوالي مليونين ونصف ليرة، وهو ما يعادل نحو ألف دولار بسعر اليوم في حين بلغ سعر الطن في السنوات التي توفر فيها سوق التصريف نحو ألفي دولار.

يقول من التقينا بهم من العاملين بجمع السماق إن الموسم تراجع بشكل كبير عن السنوات الماضية، نتيجة قطع الأشجار للتدفئة، وخاصة الأشجار الكبيرة التي توفر حطباً أكثر من غيرها. وبلغ التأثر أوجه في العامين الأوليين من الثورة عام 2011 و2012، حيث تراجع الموسم بنسبة 70%خلالهما، بحسب التاجر الجلو، لكن سرعة تكاثر السماق برياً، وإعادة زراعته من قبل الأهالي، ساهمت بتعديل النسبة إلى 50% في السنوات التي تلت، وكان ممكن أن يتعدل الإنتاج أكثر لولا الاستمرار في قطع الأشجار.

 

 

 

تأتي أهمية السماق من كونه أحد أهم التوابل الشرقية،  بسبب مذاقه الحامض واللاذع ، إذ يضاف للعديد من المأكولات ، كالمقبلات والسلطات والعديد من الأطعمة الأخرى، كما يستخدم  ببعض الصناعات الغذائية، كصناعة الزعتر والتي يدخل فيها بشكل أساسي، كما يدخل في أنواع الصّباغة والدباغة المختلفة، لأنه يعطي صباغاً جيداً يستخدم في تحضير الجلود، وعلى الصعيد الطبي يعد السماق مضادً قوياً للأكسدة لاحتوائه على فيتامين c، وله خواص مضادة للالتهابات، ومقاوم جيد  للبكتيريا والميكروبات.

يشكل السماق مردوداً مادياً جيداً لكثير من المزارعين في جبل حارم، ويقول من التقيناهم إن مقاومة السماق الكبيرة للأمراض ونموه بشكل بري وفر كامل تكاليفه على المزارع ، لذا يبقى مربح الموسم  كاملاً له، كما يشكل مصدر رزق لكثير من العائلات التي لا تمتلك الأشجار لكنها تخرج للجبال والأماكن العامة لقطافه، وهو ما يساعد في تأمين دخل يومي لعدد من السكان طيلة فترة موسمه.