فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الصورة لدخول سيارة إسعاف عبر معبر باب الهوى إلى تركيا -إنترنيت

في الشمال السوري: “الحالات الباردة” خارج التزامات المكتب الطبي و”الحرجة” دون مرافق

 محمود البكور

يعمل الفيصل مع مجموعة من الناشطين على تتبع الحالات الإنسانية التي تحتاج لدخول عاجل إلى تركيا وتصويرها بهدف إيصال الحالة للجهات التركية التي قد تستجيب في مثل هذه الحالات، لكن كثير من الحالات لم تتم الاستجابة لها، على حد قوله، مؤكداً أن التأخر في العلاج قد يهدد حياة المرضى، وهو ما أدى لوفاة طفلين خلال الأسبوع الماضي، حيث تمكن الطفل أبو بكر عباس بعد خمس محاولات من الدخول للأراضي التركية لكنه توفي بعد أسبوع نتيجة تفاقم إصابته بالسرطان. في حين توفي الطفل خالد زمزم نتيجة تأخر تحويله إلى تركيا للعلاج من مرض في قلبه

ظهرت الطفلة نور محاميد/ عشر سنوات/ في فيديو بثه ناشطون وهي تبكي وتطالب الحكومة التركية بالسماح لوالديها بالدخول إلى الأراضي التركية ليكونا معها أثناء تلقيها العلاج في مشفى أضنة.
سمحت الحكومة التركية للمحاميد  بدخول الأراضي التركية لتلقي العلاج من مرض السرطان الذي تعاني منه في السادس والعشرين من حزيران الماضي، لكنها لم تسمح لأحد أبويها بمرافقتها، الأمر الذي سبب لها أزمة نفسية أثناء العلاج.
حالة نور واحدة من حالات كثيرة لأطفال مرضى دخلوا الأراضي التركية دون أهاليهم بعد قرار الحكومة التركية الذي يمنع دخول مرافق مع أي حالة مرضية.
وكانت الحكومة التركية قد أغلقت معبر باب الهوى بشكل كامل منذ أربعة أشهر، ثم أعادت فتحه بشكل جزئي لتسمح بدخول عشر حالات يومياً مقسمة ما بين حالات ساخنة يكون المريض فيها بحاجة لتلقي العلاج بشكل فوري، وقد صنفت حالته ضمن الحالات المهددة بالوفاة، وحالات باردة اقتصرت على مرضى السرطان.
السماح بدخول أعداد قليلة من مرضى السرطان
أعلن معبر باب الهوى في الأول من حزيران الماضي عن توصله لاتفاق مع الجانب التركي يسمح بدخول خمسة مرضى من مصابي السرطان يومياً، وطالب المرضى بضرورة مراجعة المكتب الطبي في معبر باب الهوى مصطحبين معهم أوراقهم الطبية والثبوتية. الأمر الذي زاد من معاناة طوابير المرضى، إذ يتحتم عليهم الانتظار لفترات طويلة ليتمكنوا من الدخول إلى الأراضي التركية وتلقي العلاج من مرض لا يحتمل التأخير.
وقال مدير العلاقات الإعلامية في معبر باب الهوى مازن علوش “في الفترات السابقة وقبل جائحة كورونا، كان الجانب التركي يسمح بعبور ثلاثين حالة باردة يومياً، أما اليوم فقد اقتصر العدد على خمسة خلال الشهر الماضي وتم رفعه مؤخراً لعشر حالات من مرضى السرطان، في حين ينتظر عشرات المرضى من أصحاب الأمراض العصبية وأمراض القلب صدور قرار يسمح بدخولهم إلى تركيا”.
يضيف العلوش  إنه وخلال شهر حزيران الماضي وصل إلى المعبر نحو خمسمئة وخمسة عشر تحويلة من العيادات الخارجية لمشفى باب الهوى جميعه من مرضى السرطان، وسمح لمئة وتسعة وخمسين مريضاً فقط بالدخول، بينما ينتظر باقي الأشخاص دورهم والذي من الممكن أن يطول لما يزيد عن شهرين ما يزيد من مخاطر انتشار المرض وتفاقمه.
وتعمل فرق التتبع الخاصة بالمعبر على مرافقة المرضى داخل تركيا بهدف التواصل مع أهل المريض ومساعدته في المشفى، بعد قرار السلطات التركية بمنع دخول أي مرافق مع المرضى باستثناء الأطفال دون ثمان سنوات، بحسب العلوش.
أمراض نوعية لا تسمح تركيا بإدخالها ولا يتوافر لها علاج في إدلب
ارتفعت في الآونة الأخيرة مناشدات عديدة لمرضى طالبوا الجانب التركي باستقبالهم لتعذر علاجهم في الداخل السوري. منهم الطفلة راما بكور من مدينة سراقب والتي تعيش مع أهلها في ريف إدلب الشمالي، تعاني راما من تشوه خلقي في الإذنين مع تقرير سلبي لمجرى السمع حيث أثبت التصوير انسداده بشكل كامل من الطرفين.
يقول محمد بكور والد راما إنه راجع العيادات الخارجية في مشفى باب الهوى ومشفى “هاند” في أطمة، وكان الرد بأن الجانب التركي لا يسمح بدخول هذه الحالات الباردة!
وكان عدد من الناشطين قد نشروا مناشدات إنسانية لاستقبال حالة راما، دون جدوى، يقول والد الطفلة إنه يخشى فقدان الفرصة لإجراء التدخل الجراحي في الوقت المناسب، ما يعني أن تفقد راما سمعها.

ويشرح الدكتور محمد عبيدان مدير مشفى “هاند اطمه للأطفال” والمسؤول عن تحويل حالات الاطفال للمكتب الطبي في معبر باب الهوى أن الحالات الإسعافية أو الساخنة التي كانت تركيا تستقبلها قبل جائحة كورونا، هي الحالات الموضوعة على جهاز تنفس صناعي أو حالات القصور الكلوي الشديد أو المريض الذي يكون على وشك الوفاة والذي تستدعي حالته الدخول بشكل مباشر لإنقاذ حياته.

أما الحالات الباردة فهي للمرضى الذين لا تتوفر الإمكانيات لعلاجهم في المشافي داخل المنطقة أو الحالات التي تمت دراستها ولم يتمكن الأطباء من تشخصيها في حين قد يكون لها تشخيص في تركيا، لذلك تقوم المشافي بإرسالها إلى المكتب الطبي والذي يقوم بدوره بإرسالها إلى الجانب التركي الذي يعتمد في إدخالها على عدة أولويات، إذ يسمح بدخول مرضى السرطان بالدرجة الأولى ثم بقية الحالة بحسب خطورتها.
ويتحدث عبيدان عن أعداد كبيرة من المرضى تراجع المشفى بشكل يومي بهدف تحويلها إلى معبر باب الهوى، لكن سياسة الجانب التركي لا تسمح بهذا الإجراء في الوقت الحالي، ويأمل عبيدان بعودة الأمور لسابق عهدها، ليتمكن المرضى من الحصول على علاجاتهم في تركيا.

المناشدات تجدي نفعاً في بعض الحالات

يسلط عدد من الناشطين والصحفيين الضوء على بعض الحالات المرضية، ويكثفون الحديث عنها في وسائل الإعلام، كحل وحيد لنقل معاناة الأهالي على أمل أن تصل للسلطات التركية. يقول الصحفي محمد الفيصل إن المرضى يعانون بشكر كبير من أزمة إغلاق المعابر، وتسمح تركيا لأعداد قليلة بالدخول شريطة أن يدخل دون مرافق ما شكل معاناة جديدة للمرضى، ويتساءل الفيصل كيف سيتمكن طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره تولي أموره بنفسه في بلد يجهل أي طريقة للتواصل فيه مع من حوله، ويستشهد بقصة الطفلة هبة كفرطوني والتي  دخلت الأراضي التركية رفقة والدها بعد معاناة من تشمع بالكبد، لكن والدتها بقيت مع أخويها التوأم الذين يحتاجون للدخول إلى تركيا لإجراء التحاليل الطبية بهدف التبرع لإنقاذ شقيقتهم.
ويرى الفيصل أن هذه الحالات بحاجة لمتابعة مستمرة وضخ إعلامي عسى أن يستجيب الجانب التركي ويسمح بدخول مرافقي المريض بشكل طبيعي.

يعمل الفيصل مع مجموعة من الناشطين على تتبع الحالات الإنسانية التي تحتاج لدخول عاجل إلى تركيا وتصويرها بهدف إيصال الحالة للجهات التركية التي قد تستجيب في مثل هذه الحالات، لكن كثير من الحالات لم تتم الاستجابة لها، على حد قوله، مؤكداً أن التأخر في العلاج قد يهدد حياة المرضى، وهو ما أدى لوفاة طفلين خلال الأسبوع الماضي، حيث تمكن الطفل أبو بكر عباس بعد خمس محاولات من الدخول للأراضي التركية لكنه توفي بعد أسبوع نتيجة تفاقم إصابته بالسرطان. في حين توفي الطفل خالد زمزم نتيجة تأخر تحويله إلى تركيا للعلاج من مرض في قلبه.
وبحسب إحصائية ٢٠١٩ لمعبر باب الهوى، فقد سمحت الحكومة التركية بدخول ستة آلاف حالة باردة، بينها ألفي حالة قلبية، ومثلها من السرطان، وكذلك حالات لأمراض مختلفة، إضافة إلى أربعة آلاف حالة ساخنة لأشخاص أصيبوا نتيجة القصف الجوي للنظام وروسيا أو تعرضوا لحوادث مختلفة، وبحسب هذه الأرقام فإننا نقف أمام كارثة إنسانية تستدعي التدخل العاجل لإنقاذ المرضى الذين لا يجدون مكاناً للعلاج ولا تتوفر الأدوية والمعدات اللازمة لإنقاذهم.