فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

جهاز القسطرة القلبية في إحدى مشافي إدلب

قسطرة القلب في إدلب.. التكاليف “بتجلط” ومشفى مجاني في الانتظار

ٲسامة الشامي

تعمل مديرية صحة إدلب على تجهيز مركز مجاني لجراحة القلب، وقال الدكتور محمد الدغيم (الناطق باسم المديرية) إنه وبسبب الصعوبات التي يعيشها مرضى القلب والشرايين، يتم الآن تجهيز مركز عام لجراحة القلب، في مشفى الهداية ببلدة قاح شمال إدلب، بدعم من منظمة الإغاثة الإسلامية، وبإشراف مديرية الصحة، وسيقدم المركز خدمات التداخل العلاجي كافة إضافة للشبكات والجراحة بشكل مجاني

في إحدى المشافي الخاصة بإدلب كان على أبناء (أبو أحمد -٥٥ عاماً) تأمين نحو ألفين وأربعمائة دولار، بعد قرار الأطباء بلزوم إخضاع والدهم لعملية توسيع الشرايين عبر آلية التداخل بالشبكات القلبية، لمعالجة تضيق في شرايين قلبه الرئيسية.

يقول أبناء الرجل إن محاولاتهم بإدخاله إلى تركيا للعلاج باءت بالفشل، ما اضطرهم لاستدانة المبلغ الذي يزيد عن خمسة ملايين سورية، وهو ما يفوق قدرتهم، لإتمام العملية، ومن ثم التفكير بطريقة سداد النقود للمدينين.

ليست حال “أبي أحمد” خاصة، فأكلاف القسطرة القلبية شبه واحدة في كافة مشافي المنطقة، وهي مبالغ وصفها من تحدثنا معهم بـ “الباهظة”، إذ يعجز كثير من المرضى عن دفعها، بينما يلجأ آخرون للاستدانة أو الاعتماد على الجمعيات الخيرية أو المتبرعين للمساعدة في مثل هذه الحالات، وينتظر القسم الأكبر منهم قدره دون علاج، خاصة في ظل الواقع الاقتصادي السيء الذي يعيشونه، وعدم وجود مشافٍ مجانية لهذا النوع من التداخلات العلاجية.

ويقول الدكتور مصطفى العيدو (نائب مدير صحة إدلب) إن عملية تركيب الشبكات القلبية كانت متوافرة ضمن مناطق المعارضة وفي تركيا، وكان المريض مخيراً بين العلاج بالداخل (على حسابه الشخصي) أو تسجيل دور عبر معبر باب الهوى للدخول إلى تركيا، لكن وبعد إغلاق المعبر وجد المريض نفسه مجبراً على تحمل نفقات العلاج في الداخل، إذ يسعى كثير من المرضى للتسجيل في جمعيات خيرية أو منظمات لتأمين هذه المبالغ. وبتواصلنا مع مازن علوش (مدير المكتب الإعلامي في معبر باب الهوى) قال إن المكتب الطبي في المعبر وبالتعاون مع الحكومة التركية سمح بدخول ١٩٧٢ مريضاً يعاني من شكايات قلبية خلال العام الماضي وحده.

فاتورة لتركيب شبكة وقسطرة قلبية في مشفى ظلال بإدلب
فاتورة لتركيب شبكة وقسطرة قلبية في مشفى ظلال بإدلب

ويوجد في مناطق المعارضة خمسة مراكز قلبية تعالج تضييق الشرايين، ثلاثة منها في محافظة إدلب، “المجد، ظلال، العيسى” واثنان في ريف حلب الشمالي في مدينتي إعزاز والباب.

آلية العلاج 

يخضع المريض الذي يعاني من اضطراب في عمل القلب لمجموعة من الفحوصات، مثل التخطيط واختبار الجهد وتصوير الإيكو وفي حال عجز الأطباء عن تشخيص الحالة يتم تحويله إلى أحد المراكز القلبية لإجراء التشخيص والتصوير عبر جهاز القسطرة، لمعرفة أماكن الانسداد.
ويقول من التقيناهم من مختصين بأمراض القلب إن القسطرة بهذا المفهوم هي عملية تشخيص وليست علاجاً، كما يظن البعض، وتتم عن طريق تلوين الشرايين بمادة ظليلة، وتصويرها عن طريق جهاز القسطرة، فيحدد الأطباء حالة شرايين القلب، وأماكن التضييق والانسداد إن وجدت.

والقسطرة القلبية، وفقاً لجمعية القلب الأمريكية، هي إجراء تشخيصي وعلاجي يجرى للقلب، ويتم عبر إدخال أنبوب دقيق اسمه (catheter)، ويستخدم لفحص ما إذا كانت هناك مشاكل في عضلة القلب أو صماماته أو الشرايين التي تغذي عضلة القلب (التاجية).

ويسود مفهوم خاطئ لدى الناس حول كون مصطلح القسطرة القلبية مخصصاً لإجراء عملية الكشف الأولى عن المشكلة، في حين يوضح أخصائي القلبية الطبيب محمد رشيد أن مصطلح القسطرة أوسع من ذلك بكثير ويتضمن إجراءات تشخيصية (تصوير الشرايين الإكليلي الظليل)، وعلاجية (زرع شبكة قلبية للشرايين الاكليلية المتضيقة).

وهناك أيضاً استخدامات عديدة أخرى للقسطرة القلبية كـ “سد الثقوب وإصلاح التشوهات الولادية الأخرى وتوسيع الشرايين الإكليلية وإصلاح اضطرابات النظم القلبي، والتقييم الهيموديناميكي ويعني قياس ضغط الدم وتركيز الأكسجين ضمنه عند عبوره كل جوف من أجواف القلب، ناهيك عن التصوير الوعائي وتصوير البطينات القلبية..”

وأوضح الرشيد أنه وبعد إجراء التصوير الإكليلي الظليل (الاستقصائي)، يكون الطبيب أمام ثلاث خيارات، بحسب نتائج التشخيص، أولها أن المريض طبيعي ولا يحتاج لعملية تداخل ويكتفى بالعلاج بالأدوية، والخيار الثاني أن المريض بحاجة لتداخل إما عن طريق الشبكات، أو عن طريق الخيار الثالث وهو الجراحة، وهذا يعتمد على عدد التضيقات الموجودة لدى المريض ونسبتها والأمراض المرافقة كقصور القلب والداء السكري.

شبكات القلب أنواعها.. تكاليفها.. وطريقة علاجها

لشبكات القلب نوعان (المعدنية والدوائية) في الشبكة المعدنية تكون الدعامة للشريان عادية، أي مكونة من الشبكة المعدنية فقط، أما الدوائية فتكون الدعامة مطلية بدواء يصلح لإطالة عمر الشبكة، وتقليل عودة الخثار على الشبكة، بحسب ما أوضح لنا المختصون.

يقول الطبيب ياسر هشوم (اختصاصي أمراض القلب في إدلب)، إن الأطباء يستخدمون في الغالب الشبكة الدوائية، فهي الأفضل علمياً وعملياً، لكنها الأكثر تكلفة، حيث يبلغ سعر الشبكة الدوائية ألف وأربعمئة دولاراً، يضاف لها تكاليف القسطرة نحو مئتين وخمسين دولاراً، لتصبح الكلفة الكاملة نحو ألف وستمئة وخمسين دولاراً، في حال تركيب شبكة واحدة، أما إذا احتاج المريض لشبكة ثانية يضاف للمبلغ نحو خمسمئة دولاراً، أما الشبكة المعدنية فيبلغ سعرها ألف دولار، يضاف إليها تكاليف القسطرة مئتان وخمسون دولاراً، لتصبح التكلفة الكاملة لشبكة واحدة نحو ألف ومئتين وخمسين دولاراً. وتتوزع التكاليف، بحسب الهشوم، على المواد الطبية المستعملة ضمن العمل، وأجور الطبيب، يضاف إليها أجور جهاز القسطرة.

وعن كيفية علاج الشبكة للشريان، يقول الهشوم إن الشبكة عبارة عن دعامة أو “راصور” محمول على بالون، يتم نفخ البالون بواسطة منفاخ خارجي، فتفتح الشبكة، وتقوم بتكسير الكلس المتواجد على جدار الشريان في منطقة الإصابة، ثم يتم وصف الأدوية المضادة لإطلاق الصفيحات كالأسبرين والكلوبيدوغريل، لمدة تتراوح بين ستة أشهر للسنة لتبطين الشبكة بخلايا تشبه الخلايا المبطنة للشريان في المناطق غير المصابة.

مركز عام لجراحة القلب سينطلق قريباً

تعمل مديرية صحة إدلب على تجهيز مركز مجاني لجراحة القلب، وقال الدكتور محمد الدغيم (الناطق باسم المديرية) إنه وبسبب الصعوبات التي يعيشها مرضى القلب والشرايين، يتم الآن تجهيز مركز عام لجراحة القلب، في مشفى الهداية ببلدة قاح شمال إدلب، بدعم من منظمة الإغاثة الإسلامية، وبإشراف مديرية الصحة، وسيقدم المركز خدمات التداخل العلاجي كافة إضافة للشبكات والجراحة بشكل مجاني.

تجهيز مركز لجراحة القلب في مشفى الهداية ببلدة قاح شمال إدلب

ويكمل الدغيم إن أعمال التجهيز الفني للبناء قد اكتملت، كذلك تمت دراسة مواصفات وعروض أسعار الأجهزة والمستهلكات (الجديدة)، بإشراف مباشر من الفريق الجراحي المؤسس، واعتماد المناسب منها. وحالياً، تم وصول نسبة 90% من الأجهزة الطبية اللازمة، رغم معوقات جائحة الكورونا، وما فرضته من صعوبات في شراء و توريد الأجهزة عبر الحدود، حيث وصل مؤخراً جهاز دارة القلب، وجهاز الرئة الصنعية و ملحقاته، وجهاز التخدير، وطاولة العمليات، وقسم جيد من المستهلكات، في حين تنتظر المديرية  وصول ما تبقى من التجهيزات، آملين الانطلاق بالعمليات خلال الشهرين القادمين، للتخفيف من معاناة الأهالي في إدلب، بحسب الدغيم.
وتم حالياً تفعيل عيادة جراحة القلب والتي تعمل على استقبال كافة استشارات جراحة القلب للمرضى، بشكل يومي، حيث يتم تشخيص الحالات، وتحويل الإسعافي و المستعجل منها إلى المراكز الخاصة، و تجميع الحالات الباردة وجدولتها  تحضيراً لانطلاق العمل.