فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

“محلب” جبل الزاوية معاناة في القطاف وصعوبة في التصريف

ٲسامة الشامي

وبسبب قطاف المحلب، أجبر أصحاب الأراضي الزراعية على العودة المؤقتة إلى قراهم لجمع المواسم، وهو ما زاد من أكلاف القطاف، يقول
محمد قنطار، ٲحد مالكي حقول المحلب في قرية عين لاروز “اضطررنا للعودة إلى جبل الزاوية من أجل الموسم، عودة تفتقد لكل ظروف الاستقرار مع الاحتفاظ بأماكن سكننا في المناطق الحدودية”.

يسعى أهالي جبل الزاوية لإنهاء قطاف موسم المحلب، هذا العام، في ظروف صعبة لا تخلو من مخاطر تعرضهم للقصف، إضافة لتخوفهم من نشوب معركة في المنطقة بعد الحشود التي جمعها نظام الأسد في المنطقة والمصير المجهول للقرى التي تقع جنوب الطريق الدولي ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في الخامس من آذار الماضي.

ويصنف المحلب (الكرز البري) من الأشجار المثمرة مستورة النواة، يتبع جنس البرقوق (الخوخ) وينتمي للفصيلة الوردية، ويعد من أهم الأشجار التي تستعمل كأصول لتطعيم اللوزيات (وبخاصة الكرز)، موطنه الأصلي وسط وجنوب غربي آسيا، ويزرع في المغرب العربي وبلاد الشافي المناطق الجبلية الباردة، وتتركز زراعته في سورية في جبل الزاوية جنوبي محافظة إدلب.

منذ خمسينات القرن الماضي، عرف أهالي جبل الزاوية شجرة المحلب، وانتشرت زراعته بكثرة في الفترة الممتدة بين عامي (١٩٨٠ -١٩٩٠)، إذ قدرت المجموعة الإحصائية السورية في تقرير لها نشر في عام ٢٠٠٩ المساحة المزروعة بالمحلب بنحو (٣٣٣٥ هكتاراً)، ومع بداية الثورة السورية استبدل عدد من المزارعين أشجارهم المثمرة، خاصة الكرز، بالمحلب، وذلك لمقاومة شجرته للظروف المناخية وقلة العناية، كذلك مواسمه التي بالإمكان الحفاظ عليها لفترة طويلة بعد تجفيفها، ناهيك عن أسعاره الجيدة، إذ ارتفعت المساحات المزروعة به لنحو ٥٧٣٨ هكتاراً تضم نحو ١.٣ مليون شجرة، وبمتوسط إنتاج يبلغ نحو ٢٥ طناً، بحسب إحصائية نشرتها مديرية الزراعة في إدلب عام ٢٠١٢.

اتساع رقعة زراعة المحلب حولت هذه الشجرة إلى أحد أهم المواسم التي يعتمد عليها السكان في جبل الزاوية، إلا أن قطافه في الموسم الحالي لم يكن يسيراً، كما تمنى الأهالي، إذ تعرض السكان في القرى التابعة لجبل الزاوية لحملة تهجير واسعة بسبب المعارك منذ بداية العام الحالي، وخلت معظم القرى والبلدات من أهلها وتوجهوا إلى مناطق أكثر أمناً في الشمال السوري بعد وصول قوات الأسد إلى تخوم جبل الزاوية وسيطرتها على بعض من قراه.

وبسبب قطاف المحلب، أجبر أصحاب الأراضي الزراعية على العودة المؤقتة إلى قراهم لجمع المواسم، وهو ما زاد من أكلاف القطاف، يقول محمد قنطار، ٲحد مالكي حقول المحلب في قرية عين لاروز “اضطررنا للعودة إلى جبل الزاوية من أجل الموسم، عودة تفتقد لكل ظروف الاستقرار مع الاحتفاظ بأماكن سكننا في المناطق الحدودية”.
اصطحب محمد معه إلى الحقل كل من يستطيع مساعدته بجني المحصول من أفراد عائلته، في محاولة لإنهاء العمل بأسرع وقت خوفاً من نشوب معركة تمنعهم من الدخول إلى المنطقة بسبب القصف.

عبد الله الحلاق صاحب بستان محلب في جبل الزاوية، وافق القنطار بتخوفه من نشوب معركة، لكن مخلفات القصف تشكل الخطر الأكبر بالنسبة له لاسيما أن منطقة جبل الزاوية تعرضت لقصف متكرر بالقنابل العنقودية وتركز في كثير من الأوقات على البساتين الموجودة في الجبل ما يشكل خطراً على العاملين في القطاف.
يشكو الحلاق من قلة الأيدي العاملة بعد نزوح أهالي المنطقة، ورفض كثير من الشبان العمل في منطقة خطرة ما دفعه للاعتماد على عائلته الأمر الذي يؤخر عملية القطاف.

يبيع جميع أصحاب الحقول نتاجهم من المحلب مباشرةً، كل يوم في يومه، معتمدين على الطريقة الأولى في بيعه (البيع أخضراً)، والتي يكون السعر فيها أقل بكثير من طريقة البيع يابساً، إذ يباع الكيلو غرام الأخضر حالياً بنحو 2000 ليرة سورية وهو ما يعادل تسعون سنتاً، في حين كان يباع الأخضر بنحو خمسمائة وخمسين ليرة سورية وهو ما يعادل بالدولار نفس السعر الحالي، بينما وصل سعر المحلب اليابس إلى نحو تسع دولارات للكيلو غرام الواحد.

يرى من التقيناهم من المزارعين أنهم لا يملكون الوقت أو الأجواء المناسبة لتجفيف المحلب، إذ تحتاج العملية لنشره في مساحات مكشوفة لمدة تتراوح بين عشرين يوماً حتى الشهر، ثم يدق بالعصي لفصل الثمار عن الأوراق والأغصان، وبعدها تبدأ مرحلة الغربلة لفصل الثمار عن بقية مخلفات القطاف، وهذا كله يحتاج لوقت واستقرار وأمان يفتقده سكان الجبل.

يتسم موسم هذا العام بنظر المهندس الزراعي خضر أبو حسن بعدة مشاكل، أهمها سوء الوضع الأمني، وعدم توفر أسواق عالمية للتصريف بسبب إغلاق المعابر والاعتماد فقط على التجار المحليين، ما أدى لانخفاض أسعار هذا المنتج لأقل من دولار واحد، في حين بلغ سعره في عامي ٢٠١٧، ٢٠١٨ نحو دولارين ونصف الدولار، كما تضرر مزارعو قرى كنصفرة، وأرنبة، والموزرة، وعين لاروز، ومعراته، وجوزف، وانخفض إنتاجهم، بسبب موجة الصقيع الذي تعرضت له أشجار المحلب هذا الشتاء والتي أدت لخفض نسبة الإخصاب، وأثرت على نوعية الثمار.

تنتج شجرة المحلب نحو خمسة وعشرين كيلو غراماً بشكل متوسط ويزرع في الدونم الواحد نحو أربعين شجرةً تنتج نحو طن واحد، بحسب المهندس خضر، والذي قال إن المزارع يتكلف على الدونم نحو أربعمائة ألف ليرة سورية موزعة بين “حراثة وتقليم وأسمدة ورش مبيدات، إضافة لأجور عمال المياومة في القطاف”

وعن أهمية زراعة المحلب، قال المهندس الزراعي خالد طقو لفوكس حلب، إن شجرة المحلب هي النبات الأصل الذي يطعّم منه نبات الكرز، وهي شجرة قوية الإنبات تقاوم الظروف الطبيعية، وتحتمل العطش، وثمارها مرة ما يجعلها أقل عرضة للأمراض وغالباً ما تتجنبها الحشرات، و لثمارها أهمية كبيرة، حيث تدخل في كثير من الاستخدامات الطبية، لعلاج أمراض جهاز الهضم، وجهاز التنفس، وتساهم بتنقية الجسم من السموم ، وتساعد في معالجة مشاكل جهاز البول كتفتيت الحصى، كما يدخل المحلب في العديد من الصناعات الغذائية، كـ “منكّه” مميز، وأحد  أبرز أنواع التوابل ، لصناعة  المعجنات والحلويات وغيرها.

والمحلب شجرة متساقطة الأوراق، تاجها كروي الشكل كثيف ذو فروع منفرجة، يتراوح ارتفاعها بين 2-10م، أوراقها خضراء بيضاوية مدببة قليلاً تحمل البراعم الزهرية جانبياً، في فترة ما بين منتصف آذار لأواخر نيسان، يعطي البرعم الزهري عند تفتحه 3 ـ 5 زهرات بيضاء اللون، ثمارها خضراء يتدرج لونها إلى الأحمر ثم الأسود عند النضج، وللبذرة شكل بيضوي خشبي يحيط بنواتها.