فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

العالم مشغول بكورونا و مريدو “الأسد” يبررون غيابه بالبحث عن علاج

ميس حمد

تداولت صفحات سورية على المواقع الاجتماعية صورة تبين فيه الطبيب الرئيس منكباً على منظار طبي في مختبر محاطاً بمرافقين بلباس أطباء، مذيلة بعنوان الأسد يبحث عن علاج لكورونا دون التثبت من حقيقتها أو تاريخ التقاطها، يلتمس ناشروها مبرراً عن غياب الرئيس الذي ما انفك يتحدث عن فيروسات وميكروبات أصابت المجتمع السوري داعيةً إياهم إلى ثورة على نظامه.

شارف فايروس كورونا على إتمام شهره الرابع من الانتشار مرغمًا ملايين سكان الأرض على المكوث في منازلهم بعد أن حصد أرواح نحو ثمانين ألف شخص ، معلنًا تخطيه حاجز المليون و581 ألف إصابة ، متجاهلًا حواجز الجغرافيا ينتشر في خط شبه أفقي من مدينة ووهان الصينية إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتحديث الأرقام ما يزال جاريًا كل بضعة دقائق.

وسائل الإعلام تلقفت بادئ الأمر خبر انتشار الفايروس بعين محايدة اقتصرت على متابعة أخبار طلبة البعثات الدراسية إلى الصين، وتأمين رحلات للراغبين منهم بالعودة إلى بلدانهم، ولكن سرعان ما تفشى الفايروس موسعاً رقعته الجغرافية وموصلاً “البل إلى الذقون” مع تفاقم الإصابات بالفايروس في إيران.

تغريدة لمسؤول العلاقات العامة في وزارة الصحة، كيانوش جهانبور، نشرها على تويتر في التاسع عشر من آذار الماضي قال فيها إن شخصًا واحداً يموت كل عشرة دقائق بسبب الفايروس، ويصاب نحو 50 شخصاً به كل ساعة”. في حين أن تعداد الوفيات حتى اليوم أقل مما ينبغي عليه أن يكون بحسب تقدير جهانبور.

وفق سياق التناقض ذاته، أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني بياناً عن أن المرشد الأعلى علي خامنئي سيصدر عفواً عاماً بحق عشرة آلاف سجين “لمواجهة كورونا”، لكن المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين أعلن عن إفراج السلطات عن 85 ألف سجين أي أضعاف ماهو معلن عنه.

بعض وسائل الإعلام العربية تلقفت أخبار تفشي الفايروس في إيران في مشهد لايخلو من “تشفٍ” سياسي بما حل بدولة تدخلت في إدارات دول المنطقة كلبنان وإيران واليمن وليس أخيراً سوريا التي استقطبت عشرات الآلاف من المقاتلين.

إعلام خليجي وآخر سوري معارض رصد إصابات متتالية لمسؤولين إيرانيين مع توضيح مدى صلتهم بممثلي النظام الحاكم في البلاد في محاولة اقتناص فرص للتشكيك في الروايات الرسمية للبلدين، فأول المصابين كان نائب وزير الصحة الإيرانية، إيرج حريرجي، تلته نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة، معصومة ابتكار، ومن ثم رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في إيران، مجتبى ذو النور عبر مقاطع فيديو معلنين فيه عن إصابتهم بفايروس كورونا. ورغم الحجر الصحي للنائب الأسبق عن مدينة قم، إلا أن وفاته كانت خبراً أول عن وفيات مسؤولين في إيران، بصفته “أبرز المقربين للمرشد الأعلى، علي خامنئي”، بحسب ما ذكرته قناة “العربية”.

“أين الطبيب؟”

يتساءل سوريون أين الطبيب الذي مافتئ يتحدث خلال الأعوام الأولى للثورة عن فيروسات ومكيروبات تخل بالنظام السائد وتعيث فيه فسادًا”ما إن كانت بلادهم بحكومتها الحالية قادرة ومستعدة لمواجهة الفايروس، فبلادهم أقرب إلى الصين منها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الدولة التي قدم فيها دونالد ترامب وزير الصحة في حكومته، أليكس أزار، إلى المنصة لإطلاع الأمريكيين على مقدرة حكومتهم في مواجهة فيروس قادم من أقصى الشرق، في مشهد لاقى ازدواجية بين الترحيب بخطوة الوزير ألكس، والتهكم على ولاة أمرهم.

مالبث أن تداولت صفحات سورية على المواقع الاجتماعية صورة تبين فيه الطبيب الرئيس منكباً على منظار طبي في مختبر محاطاً بمرافقين بلباس أطباء، مذيلة بعنوان الأسد يبحث عن علاج لكورونا دون التثبت من حقيقتها أو تاريخ التقاطها، يلتمس ناشروها مبرراً عن غياب الرئيس الذي ما انفك يتحدث عن فيروسات وميكروبات أصابت المجتمع السوري داعيةً إياهم إلى ثورة على نظامه.

حتى الرابع عشر من آذار الماضي أبقت وزارة الصحة السورية بحسب موقعها الرسمي على موقفها نافيةً وجود إصابات بفايروس كورونا، لكن الحكومة سلكت نهج “خبر الإصابة كاذب حتى يثبت دفنه” فوزير الصحة السوري، نزار يازجي، نفى في مقابلة له في الثاني عشر من آذار الماضي تسجيل إصابات بفايروس كورونا لدى السوريين، وإن ثبت وجوده فالجيش ومقاومة “حزب الله” مستمرة”، رغم إعلان وزارة الصحة في إقليم السند في وقت يسبق تصريح يازجي عن إصابات جنود لها قادمين من سوريا بفايروس كورونا، بالتزامن مع تسجيل لبنان والأردن وتركيا لحالات إصابات بالفايروس، والعراق التي أكدت على لسان محافظ مدينة كربلاء، في حسابه على “فيس بوك” وجود إصابات لدى العائدين من سوريا إليها.

أيام قليلة تلت نفي الصحة، حتى توصي الوزارة عبر موقعها الرسمي بضرورة اتباع الإجراءات الوقائية للحد من انتشار كورونا والابتعاد عن سوق “الحميدية” وأي أماكن شبيه بازدحاماتها وصلت حد إنزال مدرعات عسكرية لمراقبة سير حظر التجوال في شوارع العاصمة دمشق وفرض حظر تجوال مرفق بغرامة على مخالفيه بدء من 50 ألف إلى 500 ألف ليرة سورية، خلفت أزمة غذاء وازدحام أمام أفران الخبز أو التماسه من قبل معتمدي التوزيع تسهل للفايروس طريقه للإكمال على من تبقى من السوريين قيد الحياة.

إعلاميًا، تلقي مذيعة قناة “سما” نشرة الأخبار مرتديةً كمامة وبدافع “التوعية” تخبر المشاهدين عن اكتشاف إصابة..اثنتان، عشر إصابات في مناطق سورية مختلفة في معادلة رياضية يصعب فهمها دون محرر وكالة الأنباء السورية “سانا” حيث مصدر الخبر.

في الوقت الذي يستقصي فيه أحد المذيعين التابع لإعلام النظام في آراء من صادفهم في طريقه بمدينة حلب عن سبب خروجهم من المنازل رغم فرض حظر التجوال في مشهد بدا “استخباراتياً” أقرب منه أن يكون “صحفياً”، أخذت صحيفتي “نيويورك تايمز” و”التايمز” الأمريكيتين على عاتقيهما متابعة كل حالة إصابة مؤكدة في الولايات المتحدة ثالث أكبر دولة في العالم بتعداد سكاني بلغ 330 مليون نسمة، من مسؤوليين فدراليين أو على مستوى الولايات والمقاطعات.

وبحسب تعبير “نيويورك تايمز”، “جهود الحكومة معيبة للغاية لإجراء اختبار واسع النطاق للفيروس الذي ترك البلاد عمياء لدرجة الأزمة”، مفندةً بحسب ما أسمته “سلسلة من الأخطاء والفرص الضائعة” كالفشل في أخذ الوباء الذي استحال جائحة على محمل الجد، ونقص في الكمامات والأجهزة والمعدات الطبية وأجهزة التنفس لذوي الحالات الحرجة، والعاملين في القطاع الطبي عموماً.

في حين انكبت الصين، مصدر الفايروس، على إجراء دراسات كان أكبرها من حيث عدد الحالات المرضية دراسة نشرها مركز مكافحة الأمراض في الصين في التاسع عشر من شباط الماضي، أجريت على 72  ألف حالة، خلصت إلى أن أكثر من 80% من حالات الإصابة كانت بسيطة، وأن الفايروس يشكل خطورة أكبر على المرضى بأمراض أخرى بالفعل والمسنين.

 

لكن الواقع في سوريا لا حاجة فيه لأرقام أو حالات سريرية.. حالة وفاة ألبست مدينة تل منين بريف دمشق حداداً على امرأة أصيبت بكورونا، سبب في عزل المدينة برمتها وإقصائها عن معونات طبية، تماماً كإقصاء منظمة الصحة العالمية لاحتياج نحو خمسة ملايين سوري في شمال غربي البلاد لمعونات طبية تقيهم خطر الإصابة بفايروس إلى جانب سلسلة من الأخطار الصحية كالكوليرا والسل وداء اللشمانيا الذي بات يفتك في حيوات السوريين شمالًا، والمنظمة تبرر “إدلب ليست دولة!”.

بينها السل والكوليرا

بالنظر إلى الأرقام المعلنة يومياً عن جديد أرقام المصابين بفايروس كورونا، تقدر نسبة الوفيات من إجمالي عدد الإصابات المتزايدة والبالغة مليون و5٨1 ألف بنحو 5.29% فقط، في حين أن حالات التماثل للشفاء من الجائحة يقدر بـ 20.57%، وذلك بحسب بيانات موقع World Meters المعني بتحديث حالات الإصابات بالفايروس وتراتبية الدول الأكثر إصابة به.

إذا ماتمت المقارنة بين ضحايا فايروس كورونا بصفته مرض معدٍ مع أرقام وفيات مرضى السل والكوليرا ومعدلات الوفيات منها، نجد أن الأخيرتين تتقدمان على كورونا في ثبات تقاريرهما حد التعايش مع وجود الأوبئة والاقتصار على نشر التوعية للحد من تفاقمه ورصد معدلات الوفاة والإصابة مع الأعوام السابقة.

فعلى مستوى مرض السل، خلص تقرير منظمة الصحة العالمية World Health Organization لعام 2018 إلى إصابة حوالي 10 ملايين شخص بالسل، “لا يتلقى ثلاثة ملايين منهم الرعاية الصحية التي يحتاجونها، يتركز معظمهم في دول كـالصين والهند وإندونيسيا ونيجيريا وباكستان والفلبين وجنوب أفريقيا، منوهةً إلى أن عام 2018 “يبقى أفضل حالاً” عن العام الذي سبقه.

في حين استحوذ كورونا على منصات الإعلام بعد إعلانه وبحسب ما جاء على لسان رئيس منظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في 12 من آذار أن الفايروس أضحى “جائحة”، بعد أن دام “وباءً” لبضعة أشهر.

على المقلب الآخر، صبت وسائل إعلام دولية اهتمامها على رصد تجارب أناس تجاهلوا دعوات الحجر الصحي ليكتشف بعد فترة وجيزة إصابتهم بالفايروس كـ “عقوبة” في حين تتجاهل أخرى وضع إحصائيات التعافي الكبيرة.

الخلل الحكومي والتأخر، دون البحث عن مسببات جعلت دولاً كإيطاليا وإسبانيا في صدارة الدول المصابة بالفايروس.

في بحث بسيط، أصدرت منظمة الصحة العالمية، قبيل انتشار كورونا، تقريرًا بعنوان “Worlad Population Ageing 2019″، قالت فيه إن نسبة الأشخاص من أعمار 65 عامًا فما فوق يقدر بنحو 200 مليون 400 ألف شخص، وسط توقع بارتفاع الرقم إلى 296 مليون ومئتي ألف شخص مع حلول عام 2050 مشكلة قرابة ثلث نسبة كبار السن حول العالم والمقدرة بتعداد 700 مليون وتسعة آلاف.

وبحسب البيانات الأخيرة التي أظهرها موقع Index Mundi الخاص برصد بيانات مختلف الدول فإن نسبة الإيطاليين ممن تتراوح اعمارهم بين 55 و 65 فما فوق 34.98% من إجمالي السكان، ليكون مسوغاً كافياً لأن تسجل إيطاليا ثالث أكثر دولة في عدد الإصابات بنحو 120 ألف حالة مؤكدة أي ما يعادل 10.54% من إجمالي الإصابات حول العالم، في حين تأتي إسبانيا في مرتبة متقدمة عليها بنسبة 12% من إجمالي الإصابات بحسب موقع World Meters Info، ورغم أن كلا البلدين سجلا حالات تعافٍ من كورونا بنسب أعلى من معدلات الوفاة إلا أن الأخيرة استحوذت على قصص الدول في حربها مع الفايروس.

ميس حمد