فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

نخور وتهالك في أسنان أطفال المخيمات السورية

فداء الصالح

يعالج الفريق، ضمن إمكانياته، النخور السنية ويعمل على تجريف التسوس كواحد من الطرق العلاجية، كذلك وضع حشوات لاصقة وحشوات زجاجية بالإضافة للعلاج الوقائي بإزالة الأسنان المخلخلة لدى الأطفال مع بداية ظهور الأسنان الدائمة، لمنع حدوث مشاكل تقويمية مستقبلاً، وسد “الأثلام” بين الأسنان لمنع تراكم الأطعمة فيها، ما يعتبر مقدمة لظهور تسوس في الأسنان.

على كرسي بلاستيكي، بعيداً عن الوحل الذي يملأ المكان يكمل طبيب الأسنان محمد ربيع الخطيب علاج “نخر” في أسنان واحد من أطفال المخيمات، بمعدات بسيطة وفريق تطوعي، بهدف تقديم الرعاية والتوعية الصحية للحفاظ على الأسنان وسلامتها.

تأسس الفريق الذي أطلق عليه اسم “أرض الأحلام” في الأول من تشرين الثاني ٢٠١٩، في مدينة أريحا (جنوب إدلب) من قبل أربعة متطوعين بينهم الطبيب محمد ربيع الخطيب الذي انتشرت صوره سابقاً على وسائل التواصل الاجتماعي خلال إسعاف الجرحى أثناء استهداف المدينة منتصف العام الماضي، وهو طبيب أسنان مهجر من جنوب دمشق، إضافة لعمله في الصحة المدرسية لنحو عشرين عاماً.

يقول الطبيب محمد إن فكرة الفريق انطلقت من الواقع الصحي الذي يعيشه أبناء المخيمات من الوافدين والمهجرين، وتقديم الخدمات “السنية” لهم، إضافة لبعض الاستشارات الطبية، خاصة مع النقص الحاد في هذا المجال من قبل المنظمات التي تعنى بالصحة، وبإمكانيات محدودة يقدمها الفريق نفسه لاستمرار هذا العمل.

ليست الفكرة جديدة، يكمل الطبيب محمد، الذي قال إن محاولات عديدة قام بها من خلال جولات صحية على المدارس، إلا أن صعوبات كثيرة أجلت إطلاق هذا المشروع. ليبدأ من جديد بتشجيع من “الممرضة” التي تعمل في عيادته، إضافة لمرشدة نفسية تمتلك “خبرة جيدة في التعامل مع الأطفال”، كذلك ناشط إعلامي يعرف تفاصيل وتوزع المخيمات، جميعهم تطوعوا لتحقيق هذه الفكرة رفقة نور ومحمد من أبناء مدينة أريحا والمتطوعان لتسهيل عمل الفريق خلال الجولات. ويستهدف الفريق الأطفال بين سن السادسة والثالثة عشر، كما يقدم بعض الخدمات لكبار السن ضمن الإمكانيات والأدوات المتاحة.

بدأت الجولة الأولى لفريق أرض الأحلام من مخيمات كفرلوسين، يشرح الطبيب الصدمة الكبيرة من سوء الحالة الصحية للأطفال هناك عموماً، والأسنان بشكل خاص، يقول إن الأمر لا يتعلق فقط بقلة العناية ونظافة الأسنان، بل يرتبط أيضاً بسوء النظام الغذائي الذي فاقم المشاكل السنية نتيجة نقص الفيتامينات.

يعالج الفريق، ضمن إمكانياته، النخور السنية ويعمل على تجريف التسوس كواحد من الطرق العلاجية، كذلك وضع حشوات لاصقة وحشوات زجاجية بالإضافة للعلاج الوقائي بإزالة الأسنان المخلخلة لدى الأطفال مع بداية ظهور الأسنان الدائمة، لمنع حدوث مشاكل تقويمية مستقبلاً، وسد “الأثلام” بين الأسنان لمنع تراكم الأطعمة فيها، ما يعتبر مقدمة لظهور تسوس في الأسنان.

كذلك يعمل الفريق على تنظيم جلسات توعية لكيفية الاعتناء بالأسنان ونظافتها في كل جولة، وسيكون هنالك جولات لمتابعة الحالات ضمن المخيمات التي تمت زيارتها سابقاً، ونحن الآن نقوم بجولات أسبوعية على المخيمات الأقرب فالقرب، بحسب الخطيب الذي قال إن تسعة مخيمات ومركزين تعليميين كانت حصيلة الجولات خلال شهرين من العمل، وفي حال صعوبة تقديم الخدمة للمريض يتم إحالته إلى أحد المراكز المتعاونة مع عمل الفريق بأجور رمزية.

صعوبة نقل كرسي العلاج أبرز الصعوبات التي تواجه الطبيب محمد وفريقه، وهو ما أدى لاقتصار عملهم على الحالات الممكن علاجها بالأدوات التي يمكن حملها، يضاف إلى ذلك كلفة التنقلات وثمن المواد المستخدمة التي يغطيها الآن الفريق، يقول الطبيب إنه يقسم إيراد عيادته إلى قسمين، نصفه لعائلته والنصف الآخر لتأمين المعدات اللازمة للفريق، وهو ما يحول دون الوصول إلى مخيمات بعيدة أو تقديم الخدمات العلاجية لأعداد أكبر من الأطفال.

تندر خدمات العلاج السنية في المخيمات، وتنعدم الفرق الجوالة التي تصل إليها، بحسب مشاهدات الطبيب محمد الذي أخبرنا أن ما يتم نقله من سوء الحالة الصحية في المخيمات من خلال الصور والتقارير الإعلامية لا يمثل سوى نسبة قليلة مما شاهده وعايشه خلال جولاته، ويأمل الطبيب الخطيب بتوسيع رقعة المناطق المدرجة في جدول فريقه التطوعي لزيارتها، خاصة المخيمات البعيدة، وتوفير أدوات تنظيف الأسنان من (معجون وغسولات فموية وفراشي للأطفال)، إلا أن الأمر يحتاج لتضافر الجهود وتعاون أكبر لتحقيقه.

بشار الشيخ ناشط متطوع في فريق أرض الأحلام يقول إن السكان لم يعتادوا زيارة الأطباء لهم في المخيمات، كذلك الاهتمام بعلاج الأسنان إلا بعد تفاقم الألم والمشكلة، وغياب فرق الصحة المدرسة الوقائية، إلا أنه لاحظ تفاعلاً كبيراً من قبل الأهالي مع فريق أرض الأحلام.

يجتمع الأطفال حول الطبيب محمد في كل زيارة له للمخيمات، يفتحون أفواههم بوجوه مبتسمة وخائفة في آن معاً، بحسب الشيخ الذي قال إن المرشدة النفسية في الفريق “حياة محمد” تخفف من وطأة الخوف الذي يرافق الأطفال خلال فحصهم وعلاجهم، ما يشكل عملاً متكاملاً شاهدنا أثره الإيجابي خلال الفترة القصيرة التي قضيناها في جولاتنا الميدانية، مؤكداً على الاستمرار في هذا العمل ضمن الإمكانيات المتاحة والصعوبات الكثيرة التي يأمل في مواجهتها وتعميم التجربة ومحاكاتها ودعمها.